تركيا تعزز قواتها ونقاط المراقبة على الحدود مع سوريا

TT

تركيا تعزز قواتها ونقاط المراقبة على الحدود مع سوريا

دفع الجيش التركي بمزيد من التعزيزات العسكرية من الجنود والأسلحة إلى المناطق الحدودية مع سوريا في جنوب البلاد. وقالت مصادر عسكرية إن أكثر من 30 عربة مصفحة تحركت من بلدة كيركهان، التابعة لولاية هطاي، إلى النقاط المنتشرة على الحدود السورية.
ويرسل الجيش التركي باستمرار تعزيزات عسكرية إلى الحدود السورية، لتعزيز وجود قواته المنتشرة هناك، التي تمت زيادتها بشكل كبير العام الماضي استعداداً لعملية عسكرية كان من المخطط تنفيذها ضد مناطق سيطرة الأكراد في منبج وشرق الفرات، قبل أن يتم تجميدها، إثر اقتراح واشنطن إقامة منطقة آمنة فيها، ترغب تركيا في السيطرة المطلقة عليها.
وتأتي هذه التعزيزات في الوقت الذي تواصل فيه قوات النظام السوري قصفها المدفعي والصاروخي على مدن وبلدات ريف حماة.
ودفعت تركيا بتعزيزات جديدة إلى نقطة مراقبة تابعة لها في ريف حماة الشمالي، بعد أن قصفت قوات النظام بالمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ مدن كفر زيتا واللطامنة، وقرى الزكاة وحصرايا والزقوم ودوير الأكراد والسرمانية. كما وصلت تعزيزات إلى نقطة المراقبة التركية بالقرب من مدينة مورك، عبارة عن آليات عسكرية ودعم لوجستي وتقني، ضمن رتل ضم 21 سيارة دخلت من معبر كفر لوسين.
في الأثناء، بثّت وسائل إعلام روسية مشاهد لعربتين مدرعتين تركيتين، وهما تحترقان بنيران قصف قوات النظام، في إطار المعارك في ريفي إدلب وحماة. والمدرعتان من ضمن أسلحة وزّعتها تركيا على الفصائل المسلحة الموالية لها في سوريا، وقد دُمرتا بالكامل أثناء محاولة الفصائل منع تقدم قوات النظام في ريف إدلب. وهذه هي المرة الثانية التي تظهر فيها مشاهد لمدرعات تركية دمرتها قوات النظام في العمليات الدائرة في ريفي حماة وإدلب، منذ 26 أبريل (نيسان) الماضي.
في السياق ذاته، اعتبر مركز «جيوبوليتيكال فيوتشرز» الأميركي أن الهجوم الذي شنّته قوات المعارضة السورية المدعومة من تركيا على قوات روسية خاصة، والهجمات التي تشنها قوات النظام مدعومة بالطيران الروسي على معاقل المعارضة يكشف أن المصالح التركية - الروسية في سوريا لا تزال متناقضة، على الرغم من تعاونهما في قضايا أخرى.
واعتبر الباحث في المركز زايدر سنايدر، في تحليل للتطورات في إدلب، أن الهجوم الذي شنّه مقاتلون من «الجبهة الوطنية للتحرير»، وهو تحالف للمعارضة السورية المدعومة من تركيا، على القوات الخاصة الروسية المتمركزة في محافظة حماة السورية، هو أكثر من مجرد حدث في معارك الحرب الأخيرة في سوريا، وله آثار أوسع على العلاقات بين تركيا وروسيا والولايات المتحدة.
وأضاف أن تفاصيل هذا الهجوم لا تزال نادرة. لكن 3 مصادر أكدت أن الهجوم حدث بالفعل، وأن «الجبهة الوطنية للتحرير»، وليس أياً من جماعات المعارضة الأخرى، شنّت الهجوم بتاريخ 27 مايو (أيار) الماضي، على بعد 7.5 كيلومتر من المكان الذي تنشط فيه القوات الروسية الخاصة.
ولفت سنايدر إلى أن الهجوم يأتي في الوقت الذي تشنّ فيه قوات النظام السوري بدعم جوي روسي، هجوماً محدوداً على المحافظات الشمالية الغربية في سوريا، كما أن هجمة «الجبهة الوطنية للتحرير» لم تستهدف قوات النظام السوري أو الوكلاء المدعومين من روسيا، لكنها استهدفت القوات الروسية نفسها.
ووفقاً للباحث، فإن هذا الهجوم يمكن أن يعني بضعة أشياء. الأول أن تركيا التي كانت طرفاً فعالاً في تشكيل الجبهة بدأت تفقد السيطرة عليها، وقامت إحدى وحدات «جبهة التحرير الوطني» بهذا الهجوم منفردة. ومن المحتمل أيضاً أن تكون تركيا قد أجازت الهجوم، أو على الأقل لم توقفه، في محاولة للضغط على روسيا لإجبار النظام السوري على التراجع.
وأوضح أنه على الرغم من صعوبة ترجيح أي من هذين التفسيرين، فإن أياً منهما ستكون له عواقب تمتد إلى ما هو أبعد من سوريا، مشيراً إلى أنه إذا فقدت تركيا السيطرة على بعض المجموعات الفرعية في شمال غربي سوريا، فسيكون من الصعب على تركيا وروسيا العمل سوياً للتوصل إلى حل لعمليات التفجير الأخيرة.
وتابع أن لدى تركيا عدداً من المصالح في محافظتي إدلب وحماة، وربما كان أكثرها إلحاحاً هو منع التدفق الجماعي للاجئين عبر الحدود إلى تركيا، والذي قد ينجم عن هجوم بري واسع النطاق. كما أن مركز ثقل تركيا في مواجهة روسيا هو الحفاظ على موقعها كوسيط في إدلب، وهو ما يرجح أن تركيا لم تدعم الهجوم.
ولفت الباحث إلى أن هناك تقارير في الأسبوع الماضي تحدثت عن إعادة تزويد تركيا لحلفائها في المعارضة في الشمال الغربي بالسلاح من أجل صدّ هجوم قوات الأسد، ولذلك فمن الصعب أن نتخيل أن تركيا ستفقد نفوذها على أي من هذه المجموعات إذا زادت إمداداتها من الأسلحة إليهم.
وأضاف أن تركيا لا تريد تخريب العلاقة مع روسيا، نظراً لأنها ستتسلم بعد بضعة أسابيع فقط منظومة الصواريخ الروسية «إس 400»، التي وترت علاقات أنقرة مع واشنطن، ودفعت الأخيرة إلى التلويح بمنع تسليم تركيا مقاتلات «إف 35».
واستدرك أنه ربما كانت لدى تركيا خطة احتياطية يمكن الاعتماد عليها. فما زال الحوار مستمراً بين تركيا والولايات المتحدة حول بدائل «إس 400». لذلك من الممكن أن يكون الطرفان قد توصلا إلى نوع من التوافق، يطلق يد تركيا لمواجهة القوات البرية الروسية بقوة أكبر. وهذا يعني مزيداً من الأخبار السيئة بالنسبة لروسيا التي كانت تأمل أن تلحق مزيداً من الضرر بالعلاقات الضعيفة بين أنقرة وواشنطن.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.