إرثها أسقطه «بريكست»

TT

إرثها أسقطه «بريكست»

كانت تيريزا ماي تنوي صنع التاريخ كرئيسة وزراء نجحت في إخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لكنها غادرت، أمس (الجمعة)، مهامها مكسورة بسبب «بريكست». وطمأن وصول ماي إلى السلطة في يوليو (تموز) 2016 البريطانيين بعد استفتاء اختاروا فيه الخروج من الاتحاد الأوروبي. وبدت ابنه القسّ المرشح الأفضل لقيادة المملكة المتحدة، المنقسمة بعد حملات الاستفتاء، في أكثر الفترات الحساسة في تاريخها. لكن بعد ثلاث سنوات، يبقى البلد الذي كان من المفترض أن يغادر الاتحاد الأوروبي في 29 مارس (آذار)، مقسوماً، مع برلمان غير قادر على التوافق حول العلاقات المستقبلية مع الاتحاد الأوروبي، وقاعدة شعبية منقسمة.
ويقول الباحث من جامعة سوري سيمون آشروود لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن مهمة تفكيك روابط مع الاتحاد الأوروبي عمرها أكثر من 40 عاماً ليست بالأمر السهل. ويضيف أن «أي شخص في مكانها كان سيواجه صعوبات كبرى»، موضحاً أن ماي من جهتها «لم تقدّم المقاربة الأفضل» باختيارها الاعتماد فقط على حزبها، خصوصاً الجناح الأكثر تشدداً فيه، الذي يريد قطع كل الروابط مع الاتحاد الأوروبي. وقد أجبرت على التحالف مع الحزب الوحدوي المحافظ الصغير في شمال آيرلندا «دي يو بي» الذي أملى عليها متطلباته بشأن «بريكست». ومنذ ذلك الحين، وجدت نفسها تتنقل من أزمة لأخرى، وشهدت التفكك التدريجي لحكومتها مع تتالي أكثر من 30 استقالةً، وتصويتين على سحب الثقة، ورفض النواب ثلاث مرات لاتفاق «بريكست» الذي توصلت إليه مع بروكسل في نوفمبر (تشرين الثاني). وغالباً ما لقّبها الصحافيون بـ«مايبوت» أي «ماي الروبوت»، بسبب الفتور الذي تبديه في تصريحاتها التي تكرر فيها مراراً وبشكل آليّ الخطاب نفسه. ويرى مراقبون أن «صورتها في التاريخ لن تكون جيدة»، مشيراً إلى «النتيجة الضعيفة التي حققتها» خلال ولايتها.
وفي حين سبقتها مارغريت تاتشر على هذا اللقب، فإن ماي أصبحت أول امرأة تتسلم الأمانة العامة لحزب المحافظين بين عامي 2002 و2003. وقالت حينها في خطاب لأعضاء الحزب إن عليهم تغيير صورتهم كـ«حزب الأشرار»، في حين كان المحافظون حينها أكثر يمينية. وعام 2005، ساندت كاميرون في حملته لتسلُّم زعامة الحزب. وعندما أصبح رئيساً للحكومة عام 2010 كافأها بتسليمها وزارة الداخلية إذ انتهجت لستّ سنوات سياسة شديدة الحزم تجاه المهاجرين غير الشرعيين. عام 2016، خلفت ماي كاميرون. وبعدما كانت قد أبدت دعماً للبقاء في الاتحاد الأوروبي، قبلت بسرعة نتيجة الاستفتاء، وأكدت: «نحن الآن كلنا مؤيدون للخروج من الاتحاد الأوروبي».



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.