عادت الليرة التركية إلى مسار التراجع في تعاملات أمس (الجمعة) مع ظهور بوادر ضغوط جديدة على العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا بسبب التوتر حول ملف صفقة الصواريخ الروسية «إس 400» المبرمة بين أنقرة وموسكو، لتنخفض العملة لليوم الثاني على التوالي بعد سلسلة مكاسب استمرت 10 أيام، ومثلت أطول موجة ارتفاع منذ مايو (أيار) 2014.
واستأنفت الأسواق التركية عملها أمس، ليوم واحد بعد عطلة لمدة 3 أيام بمناسبة عيد الفطر المستمرة في القطاع العام حتى بعد غد (الاثنين). وكانت الليرة واصلت مكاسبها يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين بفضل ضعف الدولار، وتوقعات بأن يخفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) أسعار الفائدة، ما قد يعزز الاقتصاد العالمي المتباطئ.
وتحول مسار الليرة إلى التراجع، وخسرت 0.8 في المائة من قيمتها أول من أمس، ليجري تداولها عند مستوى 5.78 ليرة للدولار، وعمقت من خسائرها أمس، ليجري تداولها عند نحو 5.85 ليرة مقابل الدولار، فيما كانت بلغت أعلى مستوياتها في شهرين الثلاثاء الماضي (يوم عيد الفطر)، عند 5.66 ليرة للدولار.
وأمس، نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤولين أميركيين أن الولايات المتحدة قررت عدم قبول المزيد من الطيارين الأتراك، كان من المقرر استقبالهم للتدريب على المقاتلات «إف 35»، وذلك في مؤشر واضح على تصاعد الخلاف بخصوص اعتزام أنقرة شراء صواريخ «إس 400» الروسية.
وتراجعت الليرة التركية بنحو 15 في المائة مقابل الدولار منذ بداية العام الحالي، بعد أن هبطت بنسبة 30 في المائة في 2018.
في الوقت ذاته، قالت وكالة «ستاندرد آند بورز» الدولية للتصنيفات الائتمانية، في تقرير لها أمس، إن الليرة التركية مقدرة بأقل من قيمتها الحقيقية وفقاً للعوامل الأساسية، وإنها ستواصل دعم قطاع التصدير التركي.
وقال فرانك جيل، المدير في «ستاندرد آند بورز»، متحدثاً عن المحركات المحتملة للنمو الاقتصادي: «الصادرات أبلت بلاءً حسناً بالفعل، وتواصل ذلك، بما فيها صادرات الخدمات، وتلك نقطة مضيئة في الاقتصاد التركي، لأن العملة تبدو وفقاً للعوامل الأساسية أقل من قيمتها الحقيقية».
وحققت صادرات تركيا نمواً بنسبة 11.46 في المائة على أساس سنوي، خلال مايو (أيار) الماضي، حسب ما أعلنت وزيرة التجارة التركية روهصار بكجان، الاثنين الماضي. وقالت الوزيرة التركية في بيان، إن قيمة صادرات تركيا في مايو الماضي، بلغت 16 ملياراً و813 مليون دولار، وهو «الرقم الأعلى في تاريخ البلاد على المستوى الشهري».
ولفتت إلى أن فترة الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي، شهدت زيادة في الصادرات بنسبة 5.37 في المائة، مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، إلى 76.6 مليار دولار، وأن الواردات في مايو الماضي، سجلت تراجعاً بنسبة 19.85 في المائة مقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي، إلى 18 ملياراً و588 مليون دولار.
وقالت بكجان إن عجز التجارة الخارجية في مايو الماضي، تراجع بنسبة 78.11 في المائة، مقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي، إلى مليار و774 مليون دولار. ولفتت إلى أن حجم التجارة الخارجية تراجع في الفترة نفسها بنسبة 7.51 في المائة، وبلغ 35.4 مليار دولار، موضحة أن الانخفاض السريع في عجز التجارة الخارجية العام الحالي قلّل من حاجة الاقتصاد للتمويل الخارجي، وقدّم إسهاماً استراتيجياً للاقتصاد.
في الوقت ذاته، حذّرت وكالة «موديز» العالمية للتصنيفات الائتمانية من أن التضخم في تركيا سيثقل كاهل القوة الشرائية للمواطنين. وأضافت في تقرير لها أول من أمس، أنها تعتقد أن «التضخم الكؤود» في تركيا سيظل يثقل كاهل القوة الشرائية في البلاد.
وأعلنت هيئة الإحصاء التركية، الثلاثاء الماضي، تراجع التضخم إلى مستوى نحو 18.8 في المائة، ليواصل بذلك البقاء عند مستويات مرتفعة منذ الربع الثالث من 2018. والتضخم المرتفع في تركيا يأتي مدفوعاً بانهيار أسعار صرف الليرة مقابل الدولار.
وسجلت مجموعة أسعار المواد الغذائية والمشروبات غير الكحولية، في مايو الماضي، أعلى زيادة في أسعار المستهلك على أساس سنوي، بنسبة 28.44 في المائة، كما ارتفعت أسعار مجموعة السلع والخدمات المتنوعة بنسبة 26.75 في المائة، والأثاث والأدوات المنزلية بنسبة 24.54 في المائة، والترفيه والثقافة بنسبة 20.06 في المائة، والفنادق والمقاهي والمطاعم بنسبة 19.77 في المائة.
ويمر الاقتصاد التركي بأزمة خانقة نتيجة انهيار الليرة منذ العام الماضي، وسط عجز الحكومة المحلية والمؤسسات الرسمية عن وقف تدهورها، ما دفع إلى هبوط مؤشرات اقتصادية كالعقارات والسياحة والقوة الشرائية والتضخم وثقة المستثمرين والمستهلكين بالاقتصاد.
وفي ظل الأزمة التي يعانيها الاقتصاد، كشفت المعارضة التركية عن أن الرئيس رجب طيب إردوغان، طلب هدم وإعادة بناء بعض من أجزاء قصره الرئاسي الصيفي، الذي يشيّد حالياً في منتجع مرمريس في ولاية موغلا جنوب غربي البلاد، وهو ما سيكلف خزينة الدولة ملايين الدولارات.
وقدّم النائب عن حزب الشعب الجمهوري المعارض محرم أركيك، طلباً لإجراء تحقيق برلماني حول تقارير بشأن قصر الإقامة الصيفية لإردوغان، الذي لا يزال قيد الإنشاء، في خليج أوكلوك ببلدة مرمريس. وقال أركيك إن الدولة أنفقت حتى الآن 330 مليون ليرة (57.6 مليون دولار) على بناء قصر الإقامة الصيفية، منذ بدء عملية الإنشاءات قبل 3 سنوات.
وخصصت الحكومة التركية 30 مليون ليرة (5.2 مليون دولار) للمبنى في عام 2019. بحسب النائب أركيك.
وبحسب صحيفة «جمهوريت»، فإنه «وفقا للادعاءات، فإن الرئيس وأسرته لم يعجبهم بعض أجزاء القصر الصيفي، وسيتم هدم تلك الأجزاء وإعادة بنائها بما يتماشى مع مطالبهم».
كان القصر الصيفي لإردوغان أثار سخطاً شعبياً قبل البدء في تشييده؛ حيث تم قطع 50 ألف شجرة على مساحة تزيد على 100 ألف متر مربع من أجل تخصيص مساحة للقصر.
ويقع القصر الرئاسي التركي الرئيسي، الذي يطلق عليه «القصر الأبيض»، في ضواحي العاصمة أنقرة، وهو بناء حديث افتتحه إردوغان عام أكتوبر (تشرين الأول) عام 2014. ويضم 1150 غرفة، ويبلغ حجمه 4 أضعاف مساحة قصر فرساي الشهير في باريس، وهو مبنيّ على أرض محمية طبيعية في تحدٍ للمخاوف البيئية وأوامر المحكمة. وتكلف بناء القصر نحو 615 مليون دولار، وهو ما اعتبرته المعارضة إهداراً لموارد البلاد.
الليرة التركية تعود للتهاوي... والقوة الشرائية مهددة بضغط التضخم
إردوغان يجري تعديلات بقصره الصيفي متجاهلاً الأزمة الاقتصادية
الليرة التركية تعود للتهاوي... والقوة الشرائية مهددة بضغط التضخم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة