سياسيون: الاستفتاء يمهد لاستقرار مصر

نائب المجلس القومي لحقوق الإنسان أكد لـ («الشرق الأوسط») أنه لا توجد تجاوزات

سياسيون: الاستفتاء يمهد لاستقرار مصر
TT

سياسيون: الاستفتاء يمهد لاستقرار مصر

سياسيون: الاستفتاء يمهد لاستقرار مصر

نفى الدكتور عبد الغفار شكر نائب رئيس «المجلس القومي لحقوق الإنسان» في مصر، لـ«الشرق الأوسط»، وجود مخالفات كبيرة خلال اليوم الأول من عملية الاستفتاء على الدستور، التي بدأت أمس، مؤكدا أن كل الشكاوى التي جرى تسجيها هي «أخطاء غير جوهرية لم تؤثر على عملية التصويت».
ويأتي هذا بينما عد سياسيون مصريون عملية الاستفتاء على الدستور أولى خطوات تطبيق خارطة المستقبل، وأنها تمهد لعودة حالة الاستقرار للبلاد.
وقال شكر إن «المشاركة العالية للمواطنين في عملية الاستفتاء، أمس، تؤكد وبوضوح أن الشعب المصري يدرك أننا مقبلون على مرحلة جديدة، تقوم على الأمل والاستقرار والأمان، من خلال الدستور الذي يعقبه انتخابات رئاسية وبرلمانية، وهو ما سينعكس بدوره على تحسن المستوى الاقتصادي للبلاد».
وأوضح شكر، في تصريحات خاصة، عقب الإدلاء بصوته في الاستفتاء، أمس، أن «هذا الاستفتاء يختلف عن سابقيه بنسبة المشاركة العالية للمواطنين، وهو ما يؤكد أمام العالم كله أنه استفتاء حقيقي وليس شكليا، كما كان يجري في العهود السابق»، منوها بأن «رغبة المواطنين في تحقيق الأمن وعودة الاستقرار للبلاد دفعتهم للتصويت بـ(نعم) على الدستور».
وأشار نائب المجلس القومي لحقوق الإنسان إلى أن «تقديرات بعض المراقبين تؤكد ارتفاع نسبة المشاركة إلى 70 في المائة. وإذا حدث ذلك، فستكون هذه نسبة غير مسبوقة في تاريخ الاستفتاءات بمصر».
وحول رصد المجلس القومي أي اختراقات أو انتهاكات جرت خلال اليوم الأول من عملية التصويت، قال شكر إن «المجلس دشن غرفة عمليات خاصة لرصد أي تجاوزات تحدث وتسجيلها، وحتى الآن تلقى عدة بلاغات تتحدث عن أخطاء غير جوهرية لم تؤثر على عملية التصويت من ضمنها تأخر فتح اللجان، وناخب لم يجد اسمه في كشوف الناخبين، أو توجيه أحد الموظفين لمواطنين بالتصويت بـ(لا)، وكلها أمور جرى حلها وتوقيف المخالفين»، منوها بأن «وجود وعي كبير بين المواطنين وحرصهم على تأدية أصواتهم بأمانة».
من جانبه، طالب نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية ياسر برهامي جماعة الإخوان بسرعة مراجعة أفكارها، وتغيير قياداتها، حتى لا تخسر مزيدا من الأصوات الشعبية، في ظل الأحداث التي وقعت خلال الفترة الأخيرة.
ودعا برهامي، خلال تصريحات على هامش إدلائه بصوته في الاستفتاء، جموع الشعب للنزول دون خوف، والمشاركة بكثافة، والتصويت بـ«نعم» على التعديلات الدستورية للوصول إلى مرحلة الاستقرار، تمهيدا لبناء مؤسسات الدولة.
وأثنى على الحشود المشاركة في اليوم الأول، عادّا ذلك انعكاسا للحملات التي تبناها حزب النور لدعم وحشد المواطنين للمشاركة في الاستفتاء.
وفي السياق ذاته، طالب الأنبا بولا أسقف طنطا، جميع المواطنين بالتصويت على الاستفتاء لـ«لخروج بمصر إلى بر الأمان من الإرهاب الأسود الذي يترصد لها»، مؤكدا أن «موافقة الشعب على الدستور تعني استكمال مسيرة الديمقراطية، وأننا سوف نهنئ أنفسنا بنجاح الدستور، الذي يصوّت عليه ملايين المصريين الشرفاء».
من جهته، أكد القيادي الإخواني السابق مختار نوح، أحد المراقبين من قبل المجلس القومي لحقوق الإنسان بمصر، أن «الاستفتاء حمل رسالة لـ(الإخوان المسلمين) تظهر لهم وللآخرين حجمهم الحقيقي»، كما يوضح أن الشعب أصر على الخروج رغم محاولات الإرهاب.
وبدوره، أشار الدكتور عبد الله الأشعل، المرشح الرئاسي السابق، إلى أن «المعلومات ما زالت غير كافية لتقييم اليوم الأول في الاستفتاء.. لكن على مستوى التقييم السياسي فإنني أرى أن الذين وضعوا الدستور هم الذين يشرفون على التصويت، وهذه إحدى ثغرات الاستفتاء التي تسيء إليه». إلا أنه أكد أنه «حتى لو كانت هناك ثغرات في الدستور فهي قابلة للعلاج في المستقبل».
من جانبه، قال نادر بكار، مساعد رئيس حزب النور السلفي، إن «تقارير اليوم الأول من الاستفتاء حملت مؤشرات فاقت كل التوقعات. وكنا نتوقع إقبالا أقل مما شاهدناه». وأشاد بدور الأمن قائلا «كنا نتوقع حدوث شغب أكثر من ذلك، لكن المحصلة النهائية جيدة جدا.. وكلنا في حزب النور أدلينا بأصواتنا في الاستفتاء بـ(نعم) بالطبع». وأكد بكار أن «الدولة بالفعل في طريق لن تحيد عنه، وهناك حالة من الاصطفاف الوطني يصعب كسرها أو خلخلتها.. وعلى كل المراهنين على خلخلة هذه الحالة أن يعيدوا حساباتهم أو ينسحبوا».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.