25 ألف جندي يحمون ذهب السعودية الأسود

«أمن المنشآت».. عين تحرس النفط

قوات سعودية خاصة لمكافحة الإرهاب أثناء تدريبات سابقة غرب الرياض (غيتي)
قوات سعودية خاصة لمكافحة الإرهاب أثناء تدريبات سابقة غرب الرياض (غيتي)
TT

25 ألف جندي يحمون ذهب السعودية الأسود

قوات سعودية خاصة لمكافحة الإرهاب أثناء تدريبات سابقة غرب الرياض (غيتي)
قوات سعودية خاصة لمكافحة الإرهاب أثناء تدريبات سابقة غرب الرياض (غيتي)

في عام 1986، انتهجت السعودية نهجا أمنيا مغايرا لحماية المنشآت، وتحديدا البترولية، وذلك عبر البدء بتفعيل مهام «قوات أمن المنشآت» في مدينة الدمام (شرق السعودية)، وكان قوام تلك القوة حينها 3000 جندي. اليوم، يتجاوز تعدادها حاجز الـ25 ألف جندي، يرتكز عملهم على دراسة سيناريوهات الهجوم المحتملة من قبل الجماعات الإرهابية والتخريبية، وحماية المنشآت البترولية والمواقع الحساسة في السعودية. وتنتشر هذه القوة في 8 مناطق سعودية.
وتعرضت المنشآت النفطية في المملكة لأكثر من محاولة هجوم من خلايا إرهابية منتسبة لتنظيم القاعدة، إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل، وكان أشهرها ما عرف بـ«هجوم بقيق» الذي استخدم فيه الإرهابيون سيارتين مفخختين وحاولوا اقتحام معامل معالجة البترول في محافظة بقيق شرق السعودية، إلا أن الهجوم أحبط ونتج عنه مقتل 8 من تنظيم القاعدة، وإصابة 13 من أفراد أمن المنشآت، وتم القضاء بشكل كامل على أفراد هذه الخلية وخلية أخرى تابعة لها.
هذا الهجوم المباشر إحدى طرق استهداف المنشآت النفطية، وهو ما تعمل قوة أمن المنشآت على صده ومنع وقوعه، إلى جانب التمشيط والمسح لمحيط تلك المواقع. فحسب مختصين في الشأن الأمني، فإنه منذ مطلع الستينات الميلادية، بداية ظهور التطرف الفكري والديني في المنطقة العربية، شرعت التنظيمات المتطرفة في استخدام عدة أساليب لضرب البنى التحتية والاقتصادية وزرع قنابل بجوار مواقع حيوية، لتنفيذ مخططاتهم.
هذا التفكير في تخريب الممتلكات والمواقع الحيوية دفع الدول الاقتصادية الكبرى، ومنها السعودية، لمواجهة هذا التفكير بقوة وحزم، خاصة أن الأعمال الإرهابية لا تكون بشكل مباشر، ومتابعتهم ورصد تحركاتهم داخل البلاد والقبض عليهم تتبع قطاعات أمنية متخصصة في هذا الشأن. ومع ذلك، فالمواقع الحيوية تتطلب قدرات ذاتية وقطاعا مستقلا، وهو ما دفع بالسعودية لإنشاء قوة خاصة للحفاظ على المنشآت البترولية والاقتصادية والمواقع الحيوية، وأطلق على هذا القطاع «قوات أمن المنشآت»، والذي استطاع طيلة السنوات الماضية المحافظة على اقتصاد البلاد من عبث الإرهابيين، رغم المحاولات الفاشلة في زعزعة الاستقرار الاقتصادي للعالم من خلال استهداف المنشآت النفطية أكثر من مرة.
وبالعودة إلى قطاع «قوات أمن المنشآت»، فقد انطلقت مهامه الفعلية في عام 1986 في مدينة الدمام شرق السعودية، وبمهام محددة في الحفاظ على أمن المنشآت البترولية، وكان عدد أفراد هذه القوة حينها لا تزيد على 3 آلاف جندي، ليصل إجمالي ما تم تخريجه حتى مطلع العام الحالي 2014 قرابة 25 ألف جندي، يقومون على حماية كل المنشآت الحيوية بما في ذلك المواقع البترولية.
يعمل منسوبو قوات أمن المنشآت على قراءة أفكار المتطرفين، قبل وقوع الهجوم أو التخطيط لاقتحام أي منشأة حيوية، من خلال دراسة علمية معتمدة على تجارب سابقة في معرفة توجهات هذه الجماعات، والآلية التي يتبعونها في عمليات الهجوم، وإجراء تجارب فرضية لكل موقع حسب مساحته ومكانه في المدينة، وذلك بهدف صد الهجوم وعدم حدوث أضرار وخسائر كبيرة، مع أهمية القبض على الإرهابيين.
وأسهمت «قوات أمن المنشآت»، التي كانت تتبع في وقت سابق للأمن العام إلى أن صدر قرار وزير الداخلية في 2007 بفصلها وجعلها إدارة مستقلة في محاربة الإرهاب، في إحباط أحلام المتطرفين في ضرب الاقتصاد السعودي، وهو ما وضع البلاد على قائمة الدول الأكثر استقرارا وجلبا للاستثمارات الأجنبية، وذلك من خلال توفير الأمن والحماية للمنشآت البترولية والصناعية والحيوية من خارج كل منشأة والتأكد من كفاءة أمنها من الداخل، كذلك إجراء التفتيش الأمني من نقاط التفتيش سوا على الآليات أو الأشخاص.
وحققت قوات أمن المنشآت التي تنتشر في ثماني مناطق سعودية الكثير من النجاحات لعمليات تستهدف المنشآت البترولية والحيوية، ومنها محاولة استهداف مصفاة بترولية في بقيق شرق المملكة، والتابعة لشركة «أرامكو»، إضافة إلى ضبط العديد من الأفراد أثناء عملية رصد وتحر من قبل الإرهابيين لمواقع حيوية، كما نجحت في بسط نفوذها في مواقع مختلفة، وأسهمت في تحصين المواقع الحيوية والصناعية، بالآليات والأفراد القادرين على مواجهة أي أعمال تخريبية تستهدف هذه المنشآت، في حين لم تسجل أي مواجهة مع الفئة الضالة التي تستهدف المواقع الحيوية أي حالة وفاة بين أفراد قوات أمن المنشآت طيلة السنوات الماضية.
وقال المقدم خالد الزهراني، مدير إدارة العلاقات العامة والمتحدث الرسمي لقوات أمن المنشآت، لـ«الشرق الأوسط»، إن «أفراد قوات أمن المنشآت هم الحصن في الدفاع عن المواقع الاقتصادية المهمة، إذ إن عمل أفراد القوة لا يتوقف على الحراسة من الخارج، والمشاهدة بالعين المجردة والاكتفاء بوجود دوريات فقط، وإنما نقوم بعمليات استباقية من خلال الدوريات السرية في كل المواقع»، موضحا أن عدد أفراد القوات وصل إلى ما يقارب نحو 25 ألف جندي قادرين على حماية كل المنشآت المهمة في البلاد. وأضاف الزهراني أن هناك العديد من العمليات الإرهابية التي أحبطت قبل التنفيذ أو أثناء التنفيذ، في بعض المنشآت التي كانوا يستهدفونها خلال عملياتهم الاستطلاعية في بعض المواقع، وذلك قبل عملية التنفيذ بفترة زمنية كافية.
وقال المقدم الزهراني عن العمليات الاستباقية «الإدارة تعمل في كل اتجاه، ولا يقتصر ذلك على استخدام التقنية والتدريب، بل نعمل على استباق الإرهابيين والجماعات المتطرفة في تفكيرهم وأهداف تنفيذ العمليات التخريبية لأي منشأة، وعلى سبيل المثال، نضع أنفسنا في مواقع هؤلاء الإرهابيين، ونحاول التفكير في ما يذهبون إليه من مخططات لإصابة الأهداف، مع أهمية التعرف إلى أين وصلوا في التقنية، ومدى قدرتهم على استخدامها، ونحاول التعامل مع هذا التقمص، وإجراء فرضيات بشكل مستمر على جميع المواقع، وفي بعض الحالات تحتاج المنشأة الواحدة لإجراء فرضيتين متتابعتين».
وعن تحديد المواقع وأهميته، قال الزهراني إن هناك لجانا مشكلة في قوات أمن المنشآت تصنف المواقع على مستوى السعودية إلى تصنيفات محددة، وتأتي حسب التصنيف «عالية الأهمية، متوسطة الأهمية، الأقل أهمية»، ويوزع أفراد القوات على أساس التصنيف من قبل اللجنة، والمنشآت الحديثة إذا صنفت عالية الأهمية فإنها على الفور تسلم الموقع لقوات أمن المنشآت، ويشكل لها فريق عمل فوري.
وينخرط المنتسب لقوة أمن المنشآت لجملة من المقاييس والمعايير التي يجب توافرها في المتقدم، والتي تتضح من عدد من الاختبارات التي يتم تطبيقها في كل مراكز التدريب التابعة لقوات أمن المنشآت والتي تتمثل في الكشف الطبي وطول المتقدم وعمره، وهي من أساسيات القبول، مع أهمية ارتفاع معدل درجات المتقدم الدراسة، ومن ثم وفي آخر المراحل يخضع المتقدم إلى اختبارات مختلفة من اللياقة، للوقف على مدى قدرته على بذل المجهود دون توقف أو إرهاق، يلي ذلك الفحص الأمني للتعرف إن كان الشخص مؤهلا أمنيا للحماية والحراسة أم لا.
من جهته، قال الدكتور لؤي الطيار، الخبير في الشأن الاقتصادي، إن الاستقرار الأمني والسياسي الذي تعيشه السعودية أسهم وبشكل كبير في وضع المملكة على الخارطة الاقتصادية والسياسية على المستوى الدولي، إذ صنفت كأحد أكبر 20 اقتصادا في العالم وأكبر اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأكبر الدول الجاذبة للاستثمار المباشر. وأضاف الطيار أن «التعامل القوي مع هذه الجماعات، وقوة الاقتصاد السعودي، أوجدا ببيئة استثمارية جذابة وسريعة التكيف مع المتغيرات العالمية، وهو ما يبحث عنه المستثمر في كل القطاعات، إضافة إلى النمو الاقتصادي التي تعيشه البلاد، خاصة مع توجه الدولة للإنفاق على البنية التحتية. وهذه الحالة هي الوجهة الحقيقية لأي مستثمر يبحث عن الاستقرار والاستدامة في تطوير استثماراته، إذ تعد المملكة من أسرع دول العالم نموا، حيث بلغ معدل النمو الاقتصادي 6.8 في المائة في عام 2012».



تأكيد سعودي على التكامل الأمني الخليجي

وزراء الداخلية بدول الخليج ناقشوا خلال اجتماعهم في قطر تعزيز مسيرة التعاون الأمني المشترك (واس)
وزراء الداخلية بدول الخليج ناقشوا خلال اجتماعهم في قطر تعزيز مسيرة التعاون الأمني المشترك (واس)
TT

تأكيد سعودي على التكامل الأمني الخليجي

وزراء الداخلية بدول الخليج ناقشوا خلال اجتماعهم في قطر تعزيز مسيرة التعاون الأمني المشترك (واس)
وزراء الداخلية بدول الخليج ناقشوا خلال اجتماعهم في قطر تعزيز مسيرة التعاون الأمني المشترك (واس)

أكد الأمير عبد العزيز بن سعود وزير الداخلية السعودي، الأربعاء، موقف بلاده الراسخ في تعزيز التواصل والتنسيق والتكامل بين دول الخليج، خصوصاً في الشأن الأمني من أجل صون الحاضر الزاهر لدول الخليج وحماية مقدراتها وتنميتها من أجل مستقبل مشرق، وذلك خلال الاجتماع الـ41 لوزراء الداخلية بدول مجلس التعاون الخليجي في قطر.

وناقش وزراء الداخلية خلال الاجتماع الذي عقد برئاسة الشيخ خليفة بن حمد وزير الداخلية القطري (رئيس الدورة الحالية)، الموضوعات المدرجة على جدول الأعمال، التي من شأنها الإسهام في تعزيز مسيرة التعاون الأمني المشترك بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

الأمير عبد العزيز بن سعود خلال مشاركته في الاجتماع الـ41 لوزراء الداخلية بدول الخليج في قطر (واس)

وأشار وزير الداخلية السعودي في كلمة خلال الاجتماع، إلى مواجهة الأجهزة الأمنية تحديات تتمثل في أنماط الجريمة المستجدة، خصوصاً المرتبطة بإساءة استخدام التقنية، وتطور أساليب تهريب وترويج المخدرات، وظهور أنواع متعددة من الجريمة المنظمة العابرة للحدود، ومنها تهريب وصناعة الأسلحة عبر تقنيات متقدمة أصبحت سهلة الاقتناء من قبل التنظيمات الإجرامية، التي ستساهم في انتشار الجريمة والتهديدات الإرهابية والتطرف في ظل عدم الاستقرار الذي تمر به الكثير من الدول، لافتاً إلى أهمية حشد الجهود المشتركة، والسعي إلى تطوير الخطط والاستراتيجيات وبناء القدرات لمواجهة ذلك.

وأوضح وزير الداخلية السعودي أن الاجتماع بما يصدر عنه من نتائج «يعزز العمل الأمني الخليجي المشترك، ويساهم في التعامل بنجاح مع المستجدات والتحديات التي تواجه الأجهزة الأمنية، بما يحقق التوجهات الحكيمة لقادة دول المجلس وتطلعات شعوبنا، ويرسخ منظومة الأمن والاستقرار، ويعزز فرص التنمية والازدهار، وأن يكلل أعمال الاجتماع بالنجاح».

وقال الأمير عبد العزيز بن سعود عبر حسابه الرسمي على منصة «إكس» إنه بتوجيه من القيادة السعودية أكد خلال الاجتماع موقف بلاده في «تعزيز التواصل والتنسيق والتكامل بين دولنا وخصوصاً في الشأن الأمني؛ لصون حاضرنا الزاهر، وحماية مقدراتنا وتنميتنا من أجل مستقبل مشرق».