يتداول الوسط السياسي ووسائل الإعلام في الجزائر، تكهنات عن «رحيل وشيك» لرئيس الوزراء نور الدين بدوي، مع طاقم حكومته الموروث عن عهد الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة. ويسعى الجيش، كسلطة فعلية، من خلال هذا الإجراء المتوقع، لتقديم «مسكنات» للحراك الشعبي، لإقناعه بالتخلي عن موقفه «الراديكالي» من مسألة تنحية رئيس الدولة عبد القادر بن صالح. ومن «المسكنات» المرتقبة، أيضاً، عزل رئيس «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية الأولى)، معاذ بوشارب، المرفوض بشدة منذ اندلاع غضب الشارع.
ويواجه بدوي ضغطاً سياسياً من طرف قوى المعارضة، وشعبياً يتجدد كل أسبوع بمناسبة «مليونيات الجمعة»، لدفعه إلى التنحي. غير أن الأوضاع التي تمر بها البلاد، لا تشجعه على أن يتخذ قراراً كهذا من دون موافقة قيادة الجيش، التي تمسك بزمام الحكم، وهي من تعين وتعزل المسؤولين عندما يتعلق الأمر بمناصب حساسة. وأبلغ مقربون من بدوي، «الشرق الأوسط»، أنه «منزعج بشدة لتهجم الحراك عليه منذ شهور»، وأنه لم يعد يطيق ذلك. كما نقل عنه أنه «سيتحمل المسؤولية» التي كلف بها في إطار الفترة المؤقتة المحددة بـ3 أشهر دستورياً، حتى تنتهي يوم 9 يوليو (تموز) المقبل.
وترتبط عهدة الحكومة بولاية بن صالح، غير أن التمديد لرئيس الدولة إلى ما بعد 9 يوليو، قد يطيل عمر حكومة بدوي التي يجد وزراؤها صعوبات كبيرة في النزول إلى الميدان، وغالبيتهم منعهم المتظاهرون من زيارة مشروعات مرتبطة بالقطاعات التي يسيرونها. وعجز بن صالح عن تنظيم «الرئاسية» التي كانت مقررة في 4 يوليو، بسبب عدم توفر مرشحين لها، ما دفع «المجلس الدستوري» إلى تكليفه من جديد، باختيار موعد جديد للانتخابات. وتبدو هذه المهمة صعبة بالنسبة لبن صالح، فملايين المتظاهرين لا يرفضون أجلاً بعينه ينظم فيه الاستحقاق، وإنما يرفضون أن يشرف بن صالح وبدوي على هذا الموعد.
وتنحية بدوي، كما بن صالح، بيد رئيس أركان الجيش، الجنرال قايد صالح، وحده. وهو متمسك بهما، بل هاجم عدة مرات المطالبين بعزلهما. لكن بعد استحالة تنظيم «الرئاسية» في موعدها، اتضح لقيادة المؤسسة العسكرية أنه لا مناص من تقديم تنازلات، ولو ظرفية، للحراك في محاولة لكسب وده، لإقناعه بالعدول عن التشدد في مواقفه. وبهذا الخصوص، قالت مصادر سياسية إن الضابط العسكري الكبير يعتزم تنحية الحكومة أملاً في أن يتخلى المحتجون عن إصرارهم على إبعاد بن صالح، الذي يعد في نظر الجيش، ضمانة أساسية لنقل السلطة إلى رئيس جديد، دونما حاجة للخروج عن الدستور.
يُشار إلى أن بوتفليقة اختار قبل 20 يوماً من استقالته (2 أبريل/ نيسان الماضي)، بدوي رئيساً للجهاز الحكومي التنفيذي خلفاً لأحمد أويحيى، الملاحق حالياً بتهم فساد.
على صعيد آخر يشتد الحصار على معاذ بوشارب، المصنف ضمن «الباءات الثلاثة» المطلوب إبعادهم بحكم أنهم من «صنع» بوتفليقة، وهم إلى جانبه هو، الرئيس بن صالح الرئيس المؤقت، ورئيس الوزراء بدوي.
وظهر بوشارب بـ«الجامع الكبير»، صباح عيد الفطر لتأدية الصلاة مع كبار المسؤولين، على رأسهم رئيس الدولة، حيث تعرض لموقف حرج تناقلته وسائل الإعلام وشبكة التواصل الاجتماعي، وذلك عندما طلب منه مسؤول التشريفات في الرئاسة الابتعاد عن بن صالح عندما بدأ بتلقي تهاني المسؤولين الحكوميين والسفراء والقناصلة المعتمدين بالجزائر. وكان المشهد دالاً على حالة الضعف التي وصل إليها بوشارب، الذي يواجه ضغطاً شديداً من نواب الأغلبية التي ينتمي إليها.
وحاول برلمانيون دفعه إلى الاستقالة بالقوة، وأظهر مقاومة شديدة ضدهم، وهو متحصن بمكتبه وراء باب فولاذي وضعه للحؤول دون دخول خصومه إليه. وجاء بوشارب إلى رئاسة البرلمان، في الخريف الماضي، عندما نفذ انقلاباً على رئيسه المنتخب السعيد بوحجة. وقد وضعه في هذا المنصب السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق، الذي يوجد بالسجن العسكري حالياً، في إطار محاسبة رموز نظام بوتفليقة.
الجيش الجزائري يبحث «مسكنات» لثني الحراك عن مطلب تنحية الرئيس المؤقت
في مقابل إبعاد رئيسي الوزراء والبرلمان
الجيش الجزائري يبحث «مسكنات» لثني الحراك عن مطلب تنحية الرئيس المؤقت
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة