المصريون يحتفلون بأول أيام عيد الفطر في الساحات والميادين

إقبال كثيف على الحدائق والشواطئ

المصريون يؤدون صلاة العيد في الساحات والمساجد أمس (أ.ف.ب)
المصريون يؤدون صلاة العيد في الساحات والمساجد أمس (أ.ف.ب)
TT

المصريون يحتفلون بأول أيام عيد الفطر في الساحات والميادين

المصريون يؤدون صلاة العيد في الساحات والمساجد أمس (أ.ف.ب)
المصريون يؤدون صلاة العيد في الساحات والمساجد أمس (أ.ف.ب)

احتفل المصريون، أمس، بأول أيام عيد الفطر في الساحات والميادين وسط أجواء مبهجة، شهدت خروج ملايين المواطنين إلى الساحات والمساجد لصلاة العيد، وحرص كبار المسؤولين بالمحافظات المصرية على تأدية صلاة العيد بالمساجد بالمدن الكبرى وتهنئة المواطنين بعيد الفطر، مع تعزيز الخدمات الشرطية والمرورية بالشوارع والميادين، وأمام بوابات الحدائق العامة ومناطق التجمعات.
وساهم انخفاض درجات الحرارة الطفيف بالقاهرة والوجه البحري، في خروج أعداد كبيرة من المواطنين في مصر للتنزه بالشواطئ النيلية والملاهي والحدائق. وتناولت خطب العيد أمس: «فضل الثواب الكبير الذي أعده الله عز وجل للصائمين؛ حيث يتوج كل صائم عمله، وقيامه، وصيامه في رمضان بالفرحة بالعيد»، وأفادت بأن «الأعياد فرصة للتسامح والعفو، وصلة الأرحام، والبر والإحسان إلى الفقراء والمساكين، وأهمية صلة الأرحام وإدخال الفرحة والسرور على الجميع، وخاصة الفقراء والمحتاجين».
وتحول جسر روض الفرج المعلق (أعرض جسر معلق في العالم) إلى مزار سياحي، ووجهة مفضلة لمحبي التقاط الصور التذكارية، والمحتفلين بعيد الفطر المبارك من قبل سكان القاهرة والجيزة. وشهدت الحدائق العامة بالقاهرة الكبرى والمحافظات زحاماً كثيفاً منذ ساعات الصباح وحتى المساء.
وتوافد المواطنون على الشواطئ المختلفة بمدينة الإسكندرية، ومدن ساحلية أخرى تطل على البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، احتفالاً بعيد الفطر المبارك، وشهدت شواطئ الإسكندرية العامة، إقبالاً كبيراً منذ الصباح الباكر في أول أيام عيد الفطر المبارك، للاستمتاع بمياه البحر، بعدما أعلنت الإدارة المركزية للسياحة والمصايف بالإسكندرية، عن توفير 51 شاطئاً لاستقبال الوافدين والمصطافين في إجازة عيد الفطر.
من جهته، أكد الدكتور محمد رجائي رئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان، أن حديقة حيوان الجيزة استقبلت حتى عصر أمس نحو 75 ألف زائر في أول أيام عيد الفطر المبارك. وقال رجائي في تصريحات صحافية، أمس، إن «الحديقة بدأت استقبال زوارها منذ السابعة صباحاً، حيث شهدت إقبالاً كثيفاً من المواطنين للاستمتاع بإجازة العيد داخل الحديقة».
وأضاف أنه «تمت خلال الفترة الماضية زيادة المسطحات الخضراء وإضافة 2700 شتلة جديدة، فضلاً عن زيادة حظائر الحيوانات بالحديقة والطرق والبرك ونافورات المياه ودورات المياه، وتمت زيادة عدد منافذ بيع التذاكر إلى تسعة، وزيادة أعداد العاملين ومنع إجازاتهم في هذا اليوم لتسهيل عملية دخول زوار الحديقة لمنع التكدس أمام أبواب الدخول».
وتابع: «توجد في الحديقة (ولدات) جديدة من الحيوانات، كما تمت إضافة حيوانات جديدة وزواحف جديدة في ظل خطة مستمرة ودائمة لتطوير حديقة حيوان الجيزة وإسعاد المواطنين خلال فترة الإجازات والأعياد».
ولفت إلى «زيادة عدد سلال القمامة لتغطي جميع أرجاء الحديقة تيسيرا على الجمهور للتمكن من إلقاء المخلفات فيها وعدم إلقائها في طرقاتها، كما تم زيادة عدد المقاعد الخشبية داخل الحديقة».
وأوضح أنه تم تأهيل دورات المياه بحديقة حيوان الجيزة، بالإضافة إلى تزويدها بدورات مياه متنقلة أثناء فترة العيد، كما أنه تم إقامة دورات مياه لخدمة متحدي الإعاقة.
وأكد أنه تم التنسيق مع محافظة الجيزة ومديرية الأمن ومرفق الإسعاف بالجيزة لمواجهة أي طارئ، وتوفير المزيد من قوات الأمن لتأمين الحديقة وزوارها.
وفي محاولة منها للحد من ظاهرة التحرش الجنسي التي تكثر في مصر خلال الأعياد والمناسبات السنوية، حذرت دار الإفتاء المصرية أمس جموع الشباب من التورط في جريمة التحرش الجنسي، وقالت الدار، عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أمس، إنها ليست جريمة يُعاقب عليها القانون فقط، وإنما أيضاً حرام شرعاً، ومن كبائر الذنوب التي لا تصدر إلا عن ذوي النفوس المريضة والأهواء الدنيئة.



الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك

الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك
TT

الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك

الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك

قليلاً ما يتحول حفل تكريم مبدع كبير إلى احتفاءٍ بكل الحلقة الخلاّقة التي تحيط به. هذا يتطلب رقياً من المكرّم والمنظمين، يعكس حالةً من التسامي باتت نادرة، إن لم تكن مفقودة.

فمن جماليات حفل تكريم الشاعر الفذّ طلال حيدر على «مسرح كركلا»، برعاية وزير الإعلام اللبناني زياد المكاري وحضوره، الأحد الماضي، هذا التحلق اللافت لجمع من الشعراء وأهل الفكر والثقافة والفنانين والإعلاميين، حول شاعرهم الذي رفد الأغنية اللبنانية بأجمل القصائد، وأغنى الشعر بصوره المدهشة وتعابيره المتفجرة.

طلال حيدر قبل التكريم مع الفنان عبد الحليم كركلا ووزير الإعلام زياد المكاري

طربيه ودور البطل

قدم الحفل الممثل القدير رفعت طربيه الذي هو نفسه قيمة فنية، معتبراً أن حيدر «كان دائماً البطل الأول على (مسرح كركلا). فهو ابن الأرض، وابن بعلبك، لكنه في الوقت عينه واكب الشعر العالمي ودخل الحداثة فكراً وصورةً وإيقاعاً، راكباً صهيل الخيل». فليس شائعاً أن يترجم شاعر بالعامية إلى لغات أجنبية كما هي دواوين المكرّم وقصائده.

عبد الحليم كركلا مع الشاعر نزار فرنسيس (خاص - الشرق الأوسط)

ومن أرشيف المايسترو عبد الحليم كركلا، شاهد الحضور فيلماً قصيراً بديعاً، عن طلال حيدر، رفيق طفولته ودربه طوال 75 عاماً. قال كركلا: «لقاؤنا في طفولتنا كان خُرافياً كَأَسَاطِيرِ الزَمَان، غامضاً ساحراً خارجاً عن المألوف، حَصَدنَا مَواسم التراث معاً، لنَتَكَامل مع بعضنا البعض في كل عمل نبدعه».

فيلم للتاريخ

«طلال حيدر عطية من عطايا الله» عنوان موفق لشريط، يظهر كم أن جيل الستينات الذي صنع زهو لبنان ومجده، كان متآلفاً متعاوناً.

نرى طلال حيدر إلى جانبه كركلا، يقرآن قصيدة للأول، ويرسمان ترجمتها حركةً على المسرح. مارسيل خليفة يدندن نغمة لقصيدة كتبها طلال وهو إلى جانبه، وهما يحضّران لإحدى المسرحيات.

لقطات أثيرة لهذه الورشات الإبداعية، التي تسبق مسرحيات كركلا. نمرّ على مجموعة العمل وقد انضم إليها سعيد عقل، ينشد إحدى قصائده التي ستتحول إلى أغنية، والعبقري زكي ناصيف يجلس معه أيضاً.

عن سعيد عقل يقول حيدر: «كنا في أول الطريق، إن كان كركلا أو أنا، وكان سعيد عقل يرينا القوى الكامنة فينا... كان يحلم ويوسّع حلمه، وهو علّمنا كيف نوسّع الحلم».

في أحد المشاهد طلال حيدر وصباح في قلعة بعلبك، يخبرها بظروف كتابته لأغنيتها الشهيرة «روحي يا صيفية»، بعد أن دندن فيلمون وهبي لحناً أمامه، ودعاه لأن يضع له كلمات، فكانت «روحي يا صيفية، وتعي يا صيفية، يا حبيبي خدني مشوار بشي سفرة بحرية. أنا بعرف مش رح بتروح بس ضحاك عليي».

في نهاية الحوار تقول له صباح: «الله ما هذه الكلمات العظيمة!»، فيجيبها بكل حب: «الله، ما هذا الصوت!» حقاً ما هذا اللطف والتشجيع المتبادل، بين المبدعين!

كبار يساندون بعضهم

في لقطة أخرى، وديع الصافي يغني قصيدة حيدر التي سمعناها من مارسيل خليفة: «لبسوا الكفافي ومشوا ما عرفت مينن هن»، ويصرخ طرباً: «آه يا طلال!» وجوه صنعت واجهة الثقافة اللبنانية في النصف الثاني من القرن العشرين، تتآلف وتتعاضد، تشتغل وتنحت، الكلمة بالموسيقى مع الرقصة والصورة. شريط للتاريخ، صيغ من كنوز أرشيف عبد الحليم كركلا.

المقطع الأخير جوهرة الفيلم، طلال حيدر يرتجل رقصة، ويترجم بجسده، ما كتبه في قصيدته ومعه راقصو فرقة كركلا، ونرى عبد الحليم كركلا، أشهر مصمم رقص عربي، يرقص أمامنا، هذه المرة، وهو ما لم نره من قبل.

عبد الحليم كركلا يلقي كلمته (خاص - الشرق الأوسط)

روح الألفة الفنية هي التي تصنع الإبداع. يقول حيدر عن تعاونه مع كركلا: «أقرأه جيداً، قرأنا معاً أول ضوء نحن وصغار. قبل أن أصل إلى الهدف، يعرف إلى أين سأصل، فيسبقني. هو يرسم الحركة التصويرية للغة الأجساد وأكون أنا أنسج اللغة التي ترسم طريق هذه الأجساد وما ستذهب إليه. كأن واحدنا يشتغل مع حاله».

طلال حيدر نجم التكريم، هو بالفعل بطل على مسرح كركلا، سواء في صوغ الأغنيات أو بعض الحوارات، تنشد قصائده هدى حداد، وجوزف عازار، وليس أشهر من قصيدته «وحدن بيبقوا مثل زهر البيلسان» التي غنتها فيروز بصوتها الملائكي.

أعلن رئيساً لجمهورية الخيال

طالب الشاعر شوقي بزيع، في كلمته، بأن ينصّب حيدر «رئيساً لجمهورية الخيال الشعري في دولة لبنان الكبير» بصرف النظر عمن سيتربع على عرش السياسة. ورغم أن لبنان كبير في «الإبداعوغرافيا»، كما قال الشاعر هنري زغيب، فإن طلال حيدر «يبقى الكلام عنه ضئيلاً أمام شعره. فهو لم يكن يقول الشعر لأنه هو الشعر».

وقال عنه كركلا: «إنه عمر الخيام في زمانه»، و«أسطورة بعلبك التي سكبت في عينيه نوراً منها، وجعلت من هيبة معابدها حصناً دفيناً لشعره». وعدَّه بطلاً من أبطال الحضارة الناطقين بالجمال والإبداع. سيعيش دوماً في ذاكرة الأجيال، شعلةً مُضيئةً في تاريخ لبنان.

الفنان مارسيل خليفة الذي تلا كلمته رفعت طربيه لتعذّر حضوره بداعي السفر، قال إن «شعره مأخوذ من المتسكعين والباعة المتجولين والعاملين في الحقول الغامرة بالخير والبركة». ووصفه بأنه «بطل وصعلوك في آن، حرّ حتى الانتحار والجنون، جاهليّ بدويّ فولكلوريّ خرافيّ، هجّاء، مدّاح، جاء إلى الحياة فتدبّر أمره».

وزير الإعلام المكاري في كلمته توجه إلى الشاعر: «أقول: طلال حيدر (بيكفّي). اسمُك أهمّ من كلّ لقب وتسمية ونعت. اسمُك هو اللقب والتسمية والنعت. تقول: كبروا اللي بدهن يكبروا، ما عندي وقت إكبر. وأنا أقول أنتَ وُلِدْتَ كبيراً»، وقال عنه إنه أحد أعمدة قلعة بعلبك.

أما المحامي محمد مطر، فركزّ على أن «طلال حيدر اختار الحرية دوماً، وحقق في حياته وشعره هذه الحرية حتى ضاقت به، لذا أراه كشاعر فيلسوف ناشداً للحرية وللتحرر في اشتباكه الدائم مع تجليات الزمان والمكان».

الحضور في أثناء التكريم (خاص - الشرق الأوسط)

وفي الختام كانت كلمة للمحتفى به ألقاها نجله علي حيدر، جاءت تكريماً لمكرميه واحداً واحداً، ثم خاطب الحضور: «من يظن أن الشعر ترف فكري أو مساحة جمالية عابرة، إنما لا يدرك إلا القشور... الشعر شريك في تغيير العالم وإعادة تكوين المستقبل».