الحوثيون يسلبون اليمنيين فرحة العيد ويقتادون المئات للمعتقلات

رفض شعبي لقرار الميليشيات يتغلب على بطش الجماعة

رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك وعدد من الوزراء في حكومته وجموع من المواطنين يؤدون صلاة العيد في عدن أمس (سبأ)
رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك وعدد من الوزراء في حكومته وجموع من المواطنين يؤدون صلاة العيد في عدن أمس (سبأ)
TT

الحوثيون يسلبون اليمنيين فرحة العيد ويقتادون المئات للمعتقلات

رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك وعدد من الوزراء في حكومته وجموع من المواطنين يؤدون صلاة العيد في عدن أمس (سبأ)
رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك وعدد من الوزراء في حكومته وجموع من المواطنين يؤدون صلاة العيد في عدن أمس (سبأ)

سلبت الجماعة الحوثية الموالية لإيران سكان صنعاء والمناطق الخاضعة لها فرحة عيد الفطر المبارك بعدما أجبرتهم على إكمال الصوم يوماً آخر بعد رمضان خلافاً لما كانت أعلنت عنه الحكومة الشرعية ووزارة الأوقاف في العاصمة المؤقتة عدن من ثبوت رؤية الهلال.
وأثار قرار الميليشيات الحوثية استياءً عارماً في عموم المحافظات الخاضعة للجماعة مما جعل الآلاف من سكان صنعاء وإب والحديدة وتعز وذمار وعمران يجاهرون بيوم عيدهم رغم حملات القمع الحوثية التي أسفرت - بحسب مصادر محلية - عن اعتقال المئات في سجون الجماعة بصنعاء.
وأكد شهود في صنعاء أن الجماعة الحوثية حشدت ميليشياتها برفقة عربات عسكرية أمام أبواب المساجد في صنعاء والجبانات لمنع السكان من أداء صلاة عيد الفطر، في حين طالب ناشطون حوثيون على مواقع التواصل الاجتماعي بقتل كل من يرفض إكمال عدة شهر رمضان بحسب ما أفتى به معممو الجماعة، أو يحاول أن يظهر بهجة العيد.
وبحسب المصادر؛ أقدمت عربات عسكرية على دهم مسجد لجماعة البهرة الإسماعيلية في حي سعوان بعد أن قرروا إحياء شعائر عيد الفطر وفق مذهبهم، وهي الجماعة التي عاشت مئات السنين دون أن تمنعها السلطات المتعاقبة من أداء طقوسها وشعائرها وفق مواقيتها المحددة لديها.
وندد العشرات من الناشطين في صنعاء بإجراء الجماعة الحوثية الذي قسم اليمنيين إلى نصفين؛ ففي الوقت الذي يعيش فيه اليمنيون في عدن وكل المحافظات المحررة أجواء عيد الفطر، ألزمت الميليشيات السكان في مناطقها بالصوم، رغم تقديرات أفادت بأن أكثر من 90 في المائة أفطروا سراً خوفاً من بطش الجماعة. وذكر مسؤولو أحياء في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أنهم تلقوا تعليمات من الجماعة برصد كل من يخالف من السكان قرار الجماعة الحوثية بالصوم أو يظهر ابتهاجه بالعيد. وأطلع مسؤول آخر «الشرق الأوسط» على نص التعميم الحوثي الذي جاء من قبل قادة الجماعة وورد فيه تكليف مديري مكاتب الأوقاف والإرشاد في مديريات صنعاء والمختصين بالرقابة على المساجد، وبالتنسيق مع ميليشيات الجماعة وأجهزتها الأمنية ومعمميها، بمتابعة أئمة وخطباء المساجد لإلزامهم بأن العيد هو اليوم الأربعاء. وشدد التعميم الحوثي على عناصر الجماعة المعنيين للنزول الميداني ابتداء منذ صلاة الفجر يوم الثلاثاء وحتى الصباح لمتابعة المخالفين وضبطهم واقتيادهم إلى السجون وإغلاق المساجد التي تقيم صلاة العيد.
وعلق وزير الثقافة اليمني الأسبق خالد الرويشان على القمع الحوثي في منشور على «فيسبوك» موجهاً خطابه إلى الجماعة الحوثية بقوله: «وأخيراً... صنعاء لا عيد لها! قسّمتم البلاد حتى في العيد، نغّصتم حياة اليمنيين يا أولياء الخلاف والاختلاف والانقسام، لم يسلم منكم حتى العيد! انتظرنا 4 ساعات وأنتم تتشاورون وتتآمرون... فكّرتم... وأدبرتم... وفجأة فجرتم». وتابع قائلاً: «أصبحت المساجد فارغة، تصلّون وحدكم، الجمعة تصلّون وحدكم! وكان باقي معنا العيد! قسّمتم الدولة وقسمتم الشعب. اليمنيون يريدون عيداً مع العرب والمسلمين».
من جهته، أعلن الناشط السياسي القاضي عبد الوهاب قطران المنشق عن الجماعة الحوثية أنه خالف الجماعة الحوثية وعاش أجواء عيد الفطر المبارك رغم حالة القمع الحوثية.
وكشف قطران وغيره من الناشطين عن أن أغلب من صادفوهم في أسواق صنعاء وفي المتاجر وفي الشوارع قاموا بتحدي القرار الحوثي وأفطروا سراً في أول أيام العيد، في حين أن القلة هم من وافقوا الجماعة في هواها المخالف لبقية اليمنيين. وعدّ ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي أن الجماعة الحوثية أقدمت بقرارها على تشكيل حالة استفتاء على وجودها الانقلابي في مناطق سيطرتها؛ إذ عبر السواد الأعظم من السكان عن رفض قرار الجماعة؛ سراً وجهراً.
وكانت الميليشيات الحوثية أرجأت قرار البتّ في إكمال عدة رمضان أو إعلان عيد الفطر إلى وقت متأخر من مساء الاثنين، قبل أن يصدر رئيس إفتائها المدعو شمس الدين شرف الدين قراره بتعذر رؤية الهلال وإكمال العدة، رغم القرار الحكومي في عدن بالإفطار بعد أن تمت رؤية الهلال. وأدى هذا التباين بين صائم ومفطر في عموم مناطق اليمن إلى إطلاق سيل من عبارات التندر والتهكم، وهو ما عدّه باحثون يمنيون «إدانة للميليشيات الحوثية» كما أنه - بحسب قولهم - نوع «من وسائل المقاومة في وجه الظلم الاجتماعي والتسلط الحوثي».
ورغم بطش الميليشيات، فإن كثيراً من مناطق القبائل الواقعة تحت سيطرة الميليشيات كان لها رأيها في مواجهة قرار الجماعة؛ إذ احتشد المصلون لصلاة عيد الفطر في مناطق متفرقة في إب وشرعب وتعز والحديدة وعمران، ووصل الأمر في بعض المناطق إلى نشوب مواجهة مسلحة بين القبائل والحوثيين، كما أفادت به مصادر محلية في محافظة عمران. وذكر سكان في صنعاء أن الميليشيات أمرت أصحاب المتاجر بالإغلاق صباحاً، كما أقامت العشرات من الحواجز الأمنية في مختلف الشوارع، وأجبرت بائعي اللحوم الطازجة على الإغلاق، كما اعتدى عناصرها على العشرات ممن ظهروا في الشوارع بهندام العيد وملابسه الجديدة.
ودعا الناشطون اليمنيون سكان صنعاء والمناطق الخاضعة للجماعة إلى جعل يوم العيد الذي أعلنته الأربعاء (اليوم) حكراً عليها وعلى أتباعها «من خلال مقاطعة المساجد والمصليات لكي تظهر الجماعة وأتباعها على حقيقتهم».
وفي حين نجح عناصر الجماعة في منع المصلين في «جامع أبي بكر الصديق» في صنعاء من إقامة صلاة العيد، لجأوا بمنطقة الزوب في محافظة البيضاء إلى إطلاق قذائف الهاون على مصلى العيد لمنع رجال القبائل من إقامة شعائر الصلاة. واعتقلت الميليشيات - وفق شهود في محافظة إب – العشرات، واعتدى عناصرها على عشرات آخرين بتهمة أنهم شوهدوا وهم مفطرون ولم يلتزموا بقرار الجماعة الذي يرجَّح أنه أملي على قادتها من إيران.
وكانت «هيئة علماء اليمن» أفتت في بيان لها بحرمة صيام يوم العيد ما دامت الحكومة الشرعية؛ ممثلة في وزارة الأوقاف، أعلنت ثبوت رؤية الهلال، وقالت إن هذا ينطبق على كل سكان اليمن، إلا إنها عادت ونصحت المقيمين في مناطق سيطرة الحوثيين بعدم إظهار شعائر العيد إذا خافوا على أنفسهم. وفي المقابل توعد قادة الجماعة الحوثية وناشطوها على مواقع التواصل الاجتماعي وفي رسائل عبر مجموعات «واتساب» بمعاقبة من يرفض أمر الصوم، ودعا ناشطون حوثيون في تغريداتهم إلى إنزال «عقوبة الإعدام» بحق من يضبط مفطراً في يوم العيد الذي أعلنته الشرعية.
وقال الصحافي والكاتب اليمني وضاح الجليل تعليقاً على إرهاب الجماعة الحوثية أمس إن «ما فعله الحوثيون في مناطق سيطرتهم؛ لم تفعله سوى التنظيمات الإرهابية التي أعلنت نفسها سلطة حاكمة، مثل (طالبان) و(داعش) و(بوكو حرام) و(جبهة النصرة)».
ودائماً تحرص الجماعة الحوثية على تطويع السكان وفق أجندتها الطائفية الإيرانية منذ انقلابها على الشرعية وسيطرتها على صنعاء، إلا إن أساليب الجماعة عادة تقابل برفض شعبي، خصوصاً في المناطق التي لا تشكل حواضن للوجود الحوثي.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».