الشرطة الإسرائيلية {حاولت اغتيال} أيمن عودة

تحقيق أجراه مركز مستقل بجامعة غولدسميث في لندن

أيمن عودة
أيمن عودة
TT

الشرطة الإسرائيلية {حاولت اغتيال} أيمن عودة

أيمن عودة
أيمن عودة

بعد أكثر من سنتين من التحقيق في قضية أم الحيران البدوية بالنقب، ومراجعة أشرطة التصوير التي التقطتها كاميرات أفراد الشرطة، اتضح أن رواية المواطنين العرب في النقب هي الصحيحة وأن الشرطة الإسرائيلية لم تقل الحقيقة. وعليه، اتضح أن رجل شرطة أطلق النار على النائب أيمن عودة، رئيس «القائمة المشتركة» في حينه وكاد يقتله، وأن المربي يعقوب أبو القيعان لم يهاجم الشرطة، لذلك فإنه قتل غدرا وظلما.
وقد قررت «اللجنة ضد التعذيب» في إسرائيل، التي تولت الجانب القضائي في هذه القضية، مطالبة الشرطة بإعادة ملف التحقيق الذي أغلقته في حينه، واستكمال التحقيق وتغيير استنتاجاتها وتقديم المسؤولين عن الجريمة إلى القضاء.
والحديث يجري عن الحادثة التي وقعت في قرية أم الحيران البدوية في النقب في ليلة 18 يناير (كانون الثاني) من سنة 2017؛ حيث حضرت قوات كبيرة من الشرطة بمرافقة مجنزرات الهدم بغية هدم جميع بيوت القرية العربية وتشريد سكانها، وإجبارهم على هجر بيوتهم وبلدتهم وأراضيهم والانتقال للسكن في بلدة أخرى. والهدف من ذلك هو إقامة بلدة يهودية جديدة في النقب تحمل الاسم نفسه باللغة العبرية «حيران».
وفي حينه، غادر المربي يعقوب أبو القيعان المكان غاضبا لأنه لم يطق مشاهدات الجرافات تهدم بيته الذي دفع لبنائه كل ما يملك من مال. فاعتلى سيارته وانطلق يهم الابتعاد، فقام رجال الشرطة بإطلاق الرصاص عليه فأصيب بجراح قاسية ولم يعد يسيطر على مقود سيارته، فتدهورت نحو الوادي الذي وجود فيه رجال الشرطة، فداست أحد رجال الشرطة ويدعى ايرز ليفي، وأصابت آخرين.
وقد رفضت طبيبة مرافقة أن تعالج الجريح، بدعوى أنه إرهابي عربي تَقَصَدَ قتل أكبر عدد من رجال الشرطة. وتوجه النائب أيمن عودة، الذي يتمتع بحصانة برلمانية، يحتج على تصرف الشرطة، فما كان من أحد رجال الشرطة إلا أن أطلق الرصاص من مسدسه باتجاه عودة من مسافة متر واحد، فأصابه في جبينه ورأسه وكتفه وكاد يقتله.
وقد ادعت الشرطة يومها أن أبو القيعان إرهابي قصد دهس أكبر عدد من رجال الشرطة وأنه مسؤول عن مقتله ومقتل الشرطي اليهودي، ايرز، وأن النائب أيمن عودة هاجم بشكل فظ رجال الشرطة ولكن ليسوا هم الذين أطلقوا عليه الرصاص. وأن إصابته جاءت من جراء قذفه بالحجارة من المواطنين. وقد تبنى وزير الأمن الداخلي، جلعاد اردان، هذه الرواية وراح يهاجم ضحايا العدوان ومثله فعل قائد الشرطة العام، روني الشيخ ورفضا أي تحقيق إضافي. لكن القيادات الشعبية في النقب ومعها النائب عودة، لم يسلموا وظلوا يلاحقون الموضوع حتى النهاية.
وفي يوم أمس الاثنين، ظهرت نتائج آخر التحقيقات المهنية، التي أعدها بشكل مستقل مركز «Forensic Architecture» بقيادة البروفسور ايال فايتسمان من جامعة غولدسميث في لندن. فقد اعتمد المعهد على مراجعة جميع كاميرات التصوير في المكان، بما فيها الكاميرات التي كان يحملها الجنود وكاميرات الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان، وكذلك كاميرا طائرة مروحية تابعة للشرطة. وقد عرضت نتائج التحقيق مساء أمس في متحف فيتني في نيويورك. ويظهر في الشريط بوضوح أن الرواية التي أخبرها أيمن عودة ولجنة أم الحيران هي الصحيحة وليس رواية الشرطة. فالسيارة التي قادها المرحوم أبو القيعان كانت تسير بسرعة 10 كيلومترات، وفقط بعد إطلاق النار عليه بكثافة وقتله فقد السيطرة عليها فتدهورت في الوادي.
وقال البروفسور فايتسمان إنه يعتبر النتائج خطيرة للغاية. فالحديث يدور ليس عن مجرد خطأ فاحش، إنما عن جريمة مقصودة. وقال إن النائب عودة كان يحتج على تصرف الشرطة لأنه أراد أن يتوجه هو وعدد من المواطنين لمعالجة جراح أبو القيعان. فمنعوه بالقوة وأصابوه بجراح وهو عضو منتخب في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي). وبذلك نزفت دماء أبو القيعان حتى الموت، بينما كان هناك احتمال لإنقاذ حياته.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.