تقرير أميركي: «داعش» يساند «الشباب» في الصومال

TT

تقرير أميركي: «داعش» يساند «الشباب» في الصومال

قال تقرير أميركي إنه، رغم زيادة الضربات الجوية الأميركية على مقاتلي تنظيم «الشباب» في الصومال، يتزايد عدد هؤلاء المقاتلين، وذلك بسبب دعم جديد من تنظيم «داعش» الذي صار يرسل مقاتلين عبر إقليم بنت لاند الصومالي في الشمال. وقال التقرير، الذي نشرته، أول من أمس، صحيفة «ستارز أند ستربز» (نجوم وأشرطة) الأميركية الوثيقة الصلة بالبنتاغون، أن تقريراً أصدرته قيادة القوات الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) قال إن مقاتلي «داعش» والشباب «يقومون بتجنيد مقاتلين بسرعة كافية لتعويض خسائر ساحة المعركة، رغم زيادة الضربات الجوية الأميركية هناك». وقال التقرير إنه، خلال الشهرين الماضيين، شنت قوات «أفريكوم» ثماني غارات جوية ضد المقاتلين المتحالفين، وخاصة في المناطق الشمالية التي يتمركز فيها الداعشيون. وأن هذه الضربات أسفرت عن قتل نحو 20 مقاتلاً. وأنه، بينما تقول تقارير إخبارية أن حجم هذا التجمع من المقاتلين يتراوح بين 100 و200 مقاتل، يقول المسؤولون العسكريون الأميركيون إن العدد قد يكون أكثر كثيراً. في الأسبوع الماضي، نقلت تقارير إخبارية قول سامانثا ريهو، المتحدثة باسم «أفريكوم»: «يحتمل أن يكون لدى (داعش) في الصومال ما يصل إلى 300 من أتباعها، ويعمل معظم المقاتلين في شمال بلاد بونت».
وأضافت: «رغم أن الغارات الجوية (الأميركية) قللت كثيراً قوة إرهابيي (داعش) وشباب الصومال في ساحة المعركة، قد تعوض جهود التجنيد في المنطقة بعض خسائر هذا التحالف الإرهابي». وقالت الصحيفة إن أول مجموعة من «الداعشيين» ظهرت في الصومال قبل عدة سنوات. لكن، لم يكن العدد كبيراً. والآن، مع سقوط «داعش»، وتشتت عناصرهم، وأيضاً، استمرار تطوع مزيد منهم، زاد عددهم في الصومال بصورة واضحة». وقدرت الصحيفة عدد هؤلاء «الداعشيين» بأنه أقل كثيراً من عدد تنظيم الشباب الصومالي، والذي قالت إنه نحو 5 آلاف مقاتل. وإنه، خلال سنوات مواجهة القوات الأميركية للشباب في الصومال، ركزت جميع الغارات الجوية التي شنتها قوات «أفريكوم» في الصومال على الشباب. لكن، الآن، مع زيادة عدد الداعشيين، تحول اهتمام قوات «أفريكوم».
وقالت الصحيفة: «يعقد ظهور شراكة مع تنظيم (داعش) العمليات الأمنية في الصومال، وصار يدفع الجيش الصومالي، المدعوم من الولايات المتحدة، إلى اتخاذ إجراءات متضافرة. ومؤخراً، قام الجيش الصومالي، بمساعدة القوات الحليفة، بدخول المنطقة التي يقاتل فيها «الداعشيون». وأضافت الصحيفة: «مع ولاء قادة العشائر، يحتمل أن تدعم شرائح من السكان المحليين مقاتلي (داعش)، و(شباب الصومال). وفي بعض الحالات تنضم بعض هذه الشرائح إلى هذه المجموعات الإرهابية». وقالت الصحيفة إنه، رغم أن «داعش» الصومالية تظل قوة صغيرة، تشبه نجاحاتها في مجال التوظيف نجاح «داعش» في أوائل سنواته، وأن هذه الظاهرة تكررت في غرب أفريقيا، وخاصة في نيجريا، حيث صارت «داعش» تلعب دوراً كبيراً.



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟