«واتساب» يؤنس وحشة السوريين في ليالي الحرب الطويلة

انزعاج من بطئه الشديد ومخاوف من حجبه

70 % من المستخدمين لحزم الإنترنت على الجوال في سوريا يعتمدون على تطبيقات التواصل الاجتماعي
70 % من المستخدمين لحزم الإنترنت على الجوال في سوريا يعتمدون على تطبيقات التواصل الاجتماعي
TT

«واتساب» يؤنس وحشة السوريين في ليالي الحرب الطويلة

70 % من المستخدمين لحزم الإنترنت على الجوال في سوريا يعتمدون على تطبيقات التواصل الاجتماعي
70 % من المستخدمين لحزم الإنترنت على الجوال في سوريا يعتمدون على تطبيقات التواصل الاجتماعي

لا يتخيل عاطف (22 عاماً) حياته من دون تطبيق «واتساب» للتواصل؛ عاطف الذي يؤدي خدمته العسكرية حارساً في أحد المقرات العسكرية بدمشق، يؤنس التطبيق وحشته خلال المناوبات الليلية، فيتواصل مع الأهل في اللاذقية، ومع فتاة تبادله الإعجاب، ومع الأصدقاء الذين باتوا في بلاد بعيدة ويقول: «لولا (واتساب) كانت طلعت روحي».
منذ عام 2015 تضاعف استخدام السوريين لتطبيقات التراسل الفوري والمكالمات الصوتية، ففي ذلك العام بلغت الحرب ذروتها، وشهدت البلد أعلى موجة تهجير شتت شمل مئات آلاف العائلات السورية، داخل وخارج البلاد.
وتقدر وزارة الاتصالات السورية عدد مستخدمي الإنترنت في سوريا بأكثر من 8 ملايين مستخدم، فقط من خلال البوابات «ADSL»، ولا يشمل هذا الرقم عدا مستخدمي الإنترنت عن طريق الخطوط الخليوية. كما تشير معطيات وزارة الاتصالات إلى أن تطبيق «واتساب» وموقع «فيسبوك» للتواصل الاجتماعي هما الأكثر استخداماً لتبادل المعلومات في سوريا، مقارنة مع التطبيقات الأخرى كـ«يوتيوب» و«تويتر»، كما يكشف تحليل الحزمة الدولية لمستخدمي الإنترنت أن 70 في المائة من المستخدمين يعتمدون على تطبيقات التواصل الاجتماعي.
أمل (65 عاماً) التي ظلت وحدها بدمشق بعد هجرة أولادها وعائلاتهم تشعر بالامتنان الكبير لـ«واتساب»، وتقول: «فجأة وجدت نفسي وحيدة، زوجي متوفى من عشرين سنة، ابنتي غادرت إلى الأردن مع زوجها وابني الكبير مع أولاده إلى ألمانيا، أما الصغير فغادر مع زوجته إلى بلجيكا، وأختي مع أولادها إلى كندا، وهكذا لم يبق إلى جانبي أحد، لكن (واتساب) أتى رحمة، أكلمهم طوال اليوم وكأني أعيش معهم».
وتبدي أمل انزعاجها من البطء الشديد في «واتساب»، وعدم قدرتها على تحميل الصور، أو إجراء مكالمة من دون تقطيع، وتحمّل الحكومة المسؤولية عن ذلك، وتتهمها بأنها تريد «سرقة الليرة الباقية في جيوب الناس».
مشكلة «واتساب» أرقت السوريين خلال الأيام الأخيرة، رغم وجود عشرات التطبيقات المشابهة كـ«الفايبر» و«التانغو» و«الإيمو» و«اللاين» و«التلغرام» وغيرها، لا سيما أنها جاءت بعد أنباء عن اختراق إسرائيل للتطبيق، وهو أمر أكدته الشركة، لكنها تجاوزته بطرح تحديث جديد للتطبيق. ولم تلق استجابةً ملحوظةً النصائحُ التي راجت في سوريا لاستخدام تطبيقات أخرى أكثر أمناً، وظل «واتساب» في صدارة التطبيقات المستخدمة في سوريا، لسهولة استخدامه، ولأنه التطبيق «الأكثر أمناً»، وفق ما قاله لـ«الشرق الأوسط» موظف تقني في شركة خدمات إنترنت خاصة بدمشق، فضل عدم ذكر اسمه: «حالة هستيرية أصابت الناس جراء بطء (واتساب)، وراحوا يتبادلون بكثافة غير مسبوقة رسالة تحذيرية بأن (واتساب) سوف يتوقف عند الساعة 12 ليلاً، إذا لم تحول الرسالة إلى عشرين شخصاً... إلخ».
كما أشار التقني إلى «أن شركات الاتصال الخلوي تستثمر تلك التطبيقات في تقديم عروض باقات إنترنت تستفيد منها شرائح واسعة من المستخدمين، لا سيما من العسكريين، ومن تفرض طبيعة أعمالهم وحياتهم التنقل، حيث لا تتوفر خدمة (ADSL)، فشركات الخليوي تبيع حزم إنترنت بسرعات مختلفة، كل حسب استخدامه، أعلاها من يستخدم الاتصال الصوتي والمرئي، أو مدمني إرسال الفيديوهات الطريفة والغربية، و(الواتساب) أفضل تطبيق لتراسلها فلماذا يتم حجبه، بل على العكس نرى أن شركات الخليوي زادت سعاتها، وعروضها».
وتقدم شركتا الخلوي في سوريا عروض إنترنت، مثل «باقات حماة الديار» الخاصة بالعسكريين، إضافة إلى عروض خاصة بالطلاب بأسعار تشجيعية تتيح التراسل والمكالمات الصوتية، إلا أن العسكريين والطلاب وذوي الدخل المتدني يقبلون على استخدام التراسل المكتوب، وبما لا يتجاوز من 1 إلى 2 ميغا شهرياً.
والتزمت وزارة الاتصالات الصمت حيال مشكلة تقطع الإنترنت وبطئها، التي ظهرت في استخدام «واتساب»، لا سيما في أوقات الذروة، التي كانت خلال شهر رمضان قبيل الإفطار، والتي يزداد فيها الضغط على الشبكة؛ خبير في شركة صيانة موبايل وكومبيوتر أوضح: «ضعف الإنترنت ناجم عن تردي البنية التحتية لشبكة الإنترنت في سوريا، التي لا تزال تعتمد على الكوابل النحاسية المتأثرة بمختلف العوامل والظروف الجوية، وما ينتج عنها من ضياعات تضعف السرعة، فلا يحصل المستخدم على السرعة الحقيقية كأن يكون المشترك يدفع أجور 8 ميغا، في حين أن السرعة الفعلية لديه 2 ميغا، وفي حالة الضغط على الاستخدام تنعدم السرعة».
كانت وزارة الاتصالات قد أعلنت مؤخراً عن عزمها تحويل الكوابل النحاسية، دون 2.6 ألف متر، إلى كوابل ضوئية، كما أعلنت إطلاقها مشروع خدمة «FTTH» (الفايبر المنزلي) في مركزي المزة والمهاجرين في دمشق. والتي تؤمن سرعة نت تتراوح بين 8 و16 ميغا بالثانية بواسطة الكابل الضوئي. علماً بأن السرعات المتاحة حالياً للمنازل والشركات لا تتجاوز 8 ميغا. نظرياً لمن السرعة الفعلية بحدود 1 ميغا.
وزير الاتصالات السابق عمرو سالم، في منشور له على حسابه بموقع «فيسبوك»، أوضح أن مشكلة الإنترنت في سوريا هي الاستخدام «غير العادل»، وقال «إن الدولة تزيد من حزمة الإنترنت الدولية المشتركة بها بشكل كبير، لكنّ أولئك الذين لديهم الكثير من أوقات الفراغ يستهلكون كلّ زيادة على حساب الباقين»، فكل فيديو من التي يتم تداولها في أوقات الفراغ، ولا يراها أحد، «يعادل عشرات المكالمات الصوتية عبر (واتساب) أو (ماسنجر) أو غيرها»، وأكد سالم أن السّعات «تكلّف مبالغ طائلة تدفعها الدولة وشركات الاتصالات ومزودو الخدمة بالعملة الصّعبة... وفي ظلّ العقوبات الهائلة، تصبح العملية أعقد وأصعب وأغلى»، أما الحل، حسب رأيه، فهو «بتطبيق ما يسمّى بسياسة الاستخدام العادلة وبباقات الاستخدام».
وتمنى الوزير السابق على الوزير الحالي ومجلس الوزراء «العودة إلى الباقات التي سحبتها الوزارة تحت ضغط الإعلام، والّذي وصل إلى مجلس الشّعب من دون معرفة ولا علمٍ ولا دراسة ولا حقّ»، فهو «الحلّ الحقيقي والناجح للمشكلة الحالية والاختناق الموجود»، حسب ذكره.


مقالات ذات صلة

العالم إيلون ماسك خلال مؤتمر في فندق بيفرلي هيلتون في بيفرلي هيلز - كاليفورنيا بالولايات المتحدة 6 مايو 2024 (رويترز)

إيلون ماسك ينتقد مقترح أستراليا بحظر منصات التواصل الاجتماعي على الأطفال

انتقد الملياردير الأميركي إيلون ماسك، مالك منصة «إكس»، قانوناً مُقترَحاً في أستراليا لحجب وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال دون 16 عاماً.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
إعلام تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحُدّ من «المعلومات المضلّلة»؟

تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحُدّ من «المعلومات المضلّلة»؟

أثار إعلان شركة «ميتا» تمديد فترة تقييد الإعلانات المتعلقة بالقضايا الاجتماعية أو السياسية لما بعد انتخابات الرئاسة الأميركية، من دون أن تحدّد الشركة وقتاً ...

إيمان مبروك (القاهرة)
يوميات الشرق لوسائل التواصل دور محوري في تشكيل تجارب الشباب (جمعية علم النفس الأميركية)

«لايك» التواصل الاجتماعي يؤثر في مزاج الشباب

كشفت دراسة أن الشباب أكثر حساسية تجاه ردود الفعل على وسائل التواصل الاجتماعي، مثل الإعجابات (لايك)، مقارنةً بالبالغين... ماذا في التفاصيل؟

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
مذاقات الشيف دواش يرى أنه لا يحق للبلوغرز إعطاء آرائهم من دون خلفية علمية (انستغرام)

من يخول بلوغرز الطعام إدلاء ملاحظاتهم السلبية والإيجابية؟

فوضى عارمة تجتاح وسائل التواصل التي تعجّ بأشخاصٍ يدّعون المعرفة من دون أسس علمية، فيطلّون عبر الـ«تيك توك» و«إنستغرام» في منشورات إلكترونية ينتقدون أو ينصحون...

فيفيان حداد (بيروت)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».