صراع بين شركات الطيران ووكالات السلامة لرفع حظر «بوينغ 737 ماكس»

حثت شركات الطيران الجهات التنظيمية المختصة الأحد على التنسيق من أجل رفع الحظر عن «بوينغ ماكس»
حثت شركات الطيران الجهات التنظيمية المختصة الأحد على التنسيق من أجل رفع الحظر عن «بوينغ ماكس»
TT

صراع بين شركات الطيران ووكالات السلامة لرفع حظر «بوينغ 737 ماكس»

حثت شركات الطيران الجهات التنظيمية المختصة الأحد على التنسيق من أجل رفع الحظر عن «بوينغ ماكس»
حثت شركات الطيران الجهات التنظيمية المختصة الأحد على التنسيق من أجل رفع الحظر عن «بوينغ ماكس»

حثت شركات الطيران الجهات التنظيمية المختصة الأحد على التنسيق فيما بينها بشأن تغيير برنامج كومبيوتر خاص بطائرات «بوينغ 737 ماكس»، في محاولة لتفادي انقسامات ضارة حول السلامة مثل تلك التي حدثت حينما جرى تشغيل تلك الطائرات في مارس (آذار).
وقال الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا)، التي تشكل شركات الطيران الأعضاء فيه وعددها 290 نسبة 80 في المائة من حركة النقل الجوي العالمية، إن الثقة في نظام الشهادات تضررت جراء سلسلة من قرارات منفصلة لوقف تشغيل الطائرة، حيث كانت الولايات المتحدة آخر من تحرك في هذا الصدد.
وأبدت شركات الطيران قلقها من أن مزيداً من الخلافات بين الجهات التنظيمية حول السلامة ربما يربك المسافرين ويسبب تعطيلاً. وقال ألكسندر دي جونياك المدير العام لـ«إياتا» في الاجتماع السنوي للاتحاد في سول إن «أي خلاف بين المنظمين ليس في مصلحة أحد».
وتم وقف تشغيل طائرة بوينغ الأكثر مبيعاً بعد حادثي تحطم في إندونيسيا وإثيوبيا في غضون خمسة أشهر، أسفرا عن مقتل 346 شخصاً. وفي البداية قاومت إدارة الطيران الاتحادية الأميركية قرارات وقف التشغيل، وكانت الصين أول من تبنى مثل هذا القرار، ولكنها سارت على نفس النهج فيما بعد.
ويقول مسؤولو شركات الطيران إن أي قرارات جديدة مفاجئة ربما تسبب مشكلات في العمليات ومشاركة الرمز.
وقال جوه شون فونغ، الرئيس التنفيذي لشركة الخطوط الجوية السنغافورية، لـ«رويترز»: «من الواضح لنا أن موافقة سلطات سنغافورة فقط لن تكون كافية لإعادة تشغيل الطائرة ماكس. علينا أن نعمل في أماكن أخرى... إندونيسيا والصين سوقان مهمان لنا».
لكن مفوضة الاتحاد الأوروبي للنقل فيوليتا بولك قالت لـ«رويترز» إن الجهة التنظيمية المختصة في الاتحاد، وهي وكالة سلامة الطيران الأوروبية تحتفظ بحقها في تنفيذ مراجعة منفصلة وفقاً لوتيرة خاصة بها.
وتابعت: «بالتأكيد، ستجري وكالة سلامة الطيران الأوروبية فحصاً دقيقاً لنتائج (تغييرات التصميم المقترحة)، ثم ستتخذ قراراً، وهذه الرسالة تم نقلها بوضوح تام». وأضافت: «نعمل دائماً بالتعاون مع منظمين آخرين، وسنتخذ بالتأكيد خطوات مشتركة، لكن وكالة سلامة الطيران الأوروبية ستحتفظ بحقها في إلقاء نظرة على النتائج بشكل فردي، وبعد ذلك بالطبع ستتعاون مع باقي المنظمين».
ورداً على سؤال حول توقيت انتهاء الأزمة، قالت بولك: «آمل أن يتم ذلك في أقرب وقت ممكن، نظراً لأننا في حاجة لاستعادة النظام والثقة والمضي قدماً».
- آفاق استئناف التشغيل ضبابية:
وألقى تحطم «737 ماكس» الضوء على برنامج الكومبيوتر الخاص بقمرة القيادة، ونظام الشهادات الذي يعتمد على تفويض إدارة الطيران الاتحادية الأميركية بعض مهام الموافقات لموظفين في بوينغ الذين يضطلعون بالمهمة نيابة عنها.
وحذر تيم كلارك رئيس شركة طيران الإمارات، التي تعد شقيقتها «فلاي دبي» عميلاً رئيسياً للطائرات «737 ماكس»، من أن الأمر ربما يستغرق ستة أشهر لاستئناف العمليات، مع قيام منظمين آخرين بإعادة فحص ممارسات التفويض الأميركية، رغم أن شركات الطيران الأميركية الكبرى أوقفت جداول تشغيل الطائرة ماكس حتى أغسطس (آب) فحسب.
وقال كلارك: «لهذا السبب سيستغرق إعادة تشغيل تلك الطائرة وقتاً. إذا حلقت في الجو بحلول عيد الميلاد في نهاية العام الجاري، سوف أفاجأ... هذا رأيي».
وتقول إدارة الطيران الأميركية إنه ليس هناك موعد محدد لذلك، ولكنها ألمحت لجهات تنظيمية أخرى في اتصالات خاصة أنها تهدف للموافقة على البرنامج الجديد بحلول نهاية يونيو (حزيران) الجاري، وتضيف أن تحليق الطائرة قد يستغرق أسابيع بعد ذلك.
وقال مصدر مطلع إن الإدارة الأميركية تريد عملية «منظمة» وتتوقع توالي صدور الموافقات على التغييرات في البرنامج والتدريب عليه وليس صدور قرار على مستوى العالم.


مقالات ذات صلة

منظومة الطيران السعودية تحقق نسبة امتثال تبلغ 94.4 % بمؤشر تطبيق معايير الأمن

الاقتصاد عدد من المسؤولين خلال الاجتماع الوزاري المُنعقد في عُمان (واس)

منظومة الطيران السعودية تحقق نسبة امتثال تبلغ 94.4 % بمؤشر تطبيق معايير الأمن

أكد رئيس «الهيئة العامة للطيران المدني السعودي»، عبد العزيز الدعيلج، أن السعودية حريصة على التعاون الإقليمي والدولي لمواجهة التحديات الأمنية.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
يوميات الشرق طائرة تابعة لشركة «فولاريس» المكسيكية (رويترز)

اعتقال راكب حاول تحويل مسار طائرة مكسيكية إلى أميركا «بالقوة»

اعتُقل راكب على متن رحلة مكسيكية من إل باجيو إلى تيخوانا، بعد محاولته تحويل مسار الطائرة إلى الولايات المتحدة «باستخدام القوة».

«الشرق الأوسط» (مكسيكو سيتي)
الاقتصاد طائرات تابعة لشركة «لوفتهانزا» في أحد المطارات (رويترز)

المفوضية الأوروبية توافق على استحواذ «لوفتهانزا» على حصة في «إيتا»

وافقت المفوضية الأوروبية على استحواذ شركة «لوفتهانزا» الألمانية للطيران على حصة في شركة الطيران الحكومية الإيطالية «إيتا».

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
شؤون إقليمية المقاتلة الأميركية «إف - 16 بلوك 70» (موقع شركة لوكهيد مارتن)

تركيا تقلص صفقة «إف - 16» مع أميركا وتتحدث عن تطور يخص «إف - 35»

قرَّرت تركيا تقليص صفقة شراء مقاتلات «إف - 16» الأميركية في الوقت الذي أعلنت فيه أن أميركا أعادت تقييم موقفها من حصولها على مقاتلات «إف - 35» الشبحية

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد شعار «طيران الإمارات» على طائرة ركاب بمطار دبي الدولي (رويترز)

«طيران الإمارات»: تأخير تسليم طائرات بوينغ عرقل قدرتنا على التوسع

قال رئيس «طيران الإمارات» إن الشركة «محبَطة» لأنها تحتاج إلى طائرات، مضيفاً أنه لو جرى تسليم طائرات بوينغ 777-9 إكس في الموعد المحدد لكُنا قد حصلنا على 85 طائرة

«الشرق الأوسط» (دبي)

هل تصبح فرنسا «اليونان الجديدة» في منطقة اليورو؟

أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
TT

هل تصبح فرنسا «اليونان الجديدة» في منطقة اليورو؟

أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)

تواجه فرنسا في الوقت الراهن تحديات اقتصادية وسياسية معقدة، تتمثل في ارتفاع معدلات الدين العام وتزايد عدم الاستقرار السياسي، مما يهدد استقرارها الداخلي ويثير القلق بشأن انعكاسات هذه الأوضاع على منطقة اليورو بشكل عام. تأتي هذه الأزمات في وقت بالغ الأهمية، حيث يمر الاتحاد الأوروبي بفترة تحول حاسمة بعد تبعات الأزمة المالية العالمية، مما يطرح تساؤلات حقيقية حول قدرة الدول الأعضاء على مواجهة الأزمات الاقتصادية المقبلة. في خضم هذه التطورات، تظل فرنسا محط الأنظار، إذ يتعرض نظامها السياسي للشلل بينما يتصاعد العجز المالي. فهل ستتمكن باريس من تجنب مصير الدول التي شهدت أزمات مالية مدمرة؟ وما الدروس التي يمكن لفرنسا الاستفادة منها لضمان استدامة الاستقرار الاقتصادي في المستقبل؟

تتجاوز ديون فرنسا اليوم 110 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وبلغت تكلفة اقتراضها مؤخراً مستويات تفوق تلك التي سجلتها اليونان. ويوم الجمعة، توقعت «موديز» أن تكون المالية العامة لفرنسا أضعف بشكل ملموس خلال السنوات الثلاث المقبلة، مقارنة بالسيناريو الأساسي الذي وضعته في أكتوبر (تشرين الأول) 2024. هذه المعطيات أثارت مخاوف متزايدة من أن تكون هذه الأوضاع الشرارة التي قد تؤدي إلى أزمة جديدة في منطقة اليورو. ومع ذلك، عند مقارنة حالة الاتحاد الأوروبي في ذروة الأزمة المالية العالمية، حين كان يواجه خطر التفكك الكامل، مع الوضع الراهن، تتضح الفروق الجوهرية، حيث يظهر الوضع الحالي قدرة الاتحاد على الصمود بشكل أكبر بكثير، مما يعكس قوة أكثر استقراراً وصلابة في مواجهة التحديات الاقتصادية، وفق «رويترز».

وبعد انهيار حكومتها الهشة في أوائل ديسمبر (كانون الأول)، توجد فرنسا حالياً في دائرة الضوء. فقد أدت الانتخابات البرلمانية المبكرة التي أجريت في يوليو (تموز) إلى انقسام الجمعية الوطنية، مما أدى إلى تعميق الأزمة السياسية في البلاد. وفي مسعى لتشكيل حكومة قادرة على استعادة الاستقرار، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السياسي المخضرم ميشيل بارنييه رئيساً للوزراء بعد الانتخابات، على أمل بناء إدارة مستدامة. لكن التوترات بين الحكومة والبرلمان اندلعت عندما دعا بارنييه إلى خفض الموازنة للحد من العجز المتوقع، والذي قد يصل إلى 6.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام. وقد أدى هذا إلى تجمع أعضاء البرلمان من مختلف الأطياف السياسية لرفض الموازنة، وكان التصويت بحجب الثقة الذي أدى إلى إقالة بارنييه هو الأول من نوعه منذ عام 1962.

وأثناء تطور هذه الأحداث، ارتفعت عوائد السندات الفرنسية لأجل عشر سنوات بشكل مؤقت إلى مستويات أعلى من نظيرتها اليونانية، مما أثار المخاوف من أن فرنسا قد تصبح «اليونان الجديدة». ومع ذلك، إذا تم النظر إلى ما حدث في اليونان في عام 2012، عندما وصلت عوائد سنداتها لأجل عشر سنوات إلى أكثر من 35 في المائة، يلاحظ أن الوضع اليوم مختلف بشكل جذري. ففي الوقت الراهن، تقل عوائد السندات اليونانية عن 3 في المائة، مما يعني أن العوائد الفرنسية قد ارتفعت بأقل من 60 نقطة أساس خلال العام الماضي لتصل إلى مستويات مماثلة.

ومن خلال تحليل التغييرات في عوائد السندات في منطقة اليورو خلال السنوات الأخيرة، يتضح أن اليونان قد نجحت في تحسين وضعها المالي بشكل ملحوظ، في حين أن فرنسا شهدت تدهوراً طفيفاً نسبياً.

قصة التحول: اليونان

بعد أن اجتاحت الأزمة المالية العالمية أوروبا في أواخر العقد الأول من الألفية، تعرضت اليونان لمحنة مالية شديدة، حيث تكشفت حقيقة الوضع المالي للبلاد، وارتفعت تكاليف ديونها بشكل كبير. وفي إطار استجابة لهذه الأزمة، حصلت اليونان على حزم إنقاذ من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي مقابل تنفيذ حزمة من الإجراءات التقشفية القاسية. ونتيجة لذلك، دخلت اليونان في ركود اقتصادي طويل دام لعقد من الزمن، بينما تعرضت لعدة فترات من عدم الاستقرار السياسي.

لكن الحكومة الحالية التي تنتمي إلى التيار الوسطي - اليميني نجحت في استعادة بعض الاستقرار الاقتصادي، حيث تمكنت من تحقيق فائض أولي في الموازنة، وهو ما مكنها من تقليص عبء الديون الضخم. كما شهد الاقتصاد اليوناني نمواً بنسبة 2 في المائة العام الماضي، وهو ما يعد تحسناً ملموساً.

ورغم أن فرنسا قد تحتاج إلى جرعة من العلاج المالي ذاته، فإنها تبدأ من نقطة انطلاق أقوى بكثير من اليونان. فاقتصاد فرنسا أكثر تطوراً وتنوعاً، ويبلغ حجمه أكثر من عشرة أضعاف الاقتصاد اليوناني. كما أكدت وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال ريتنغ» قبل أسبوعين تصنيف فرنسا الائتماني، مع التوقعات بأن تواصل البلاد جهودها في تقليص العجز في الموازنة. وأشارت الوكالة إلى أن «فرنسا تظل اقتصاداً متوازناً، منفتحاً، غنياً، ومتنوعاً، مع تجمع محلي عميق من المدخرات الخاصة»، وهو ما يعزز موقفها المالي.

الأمر الأكثر أهمية هنا هو أنه حتى في حال قرر المستثمرون الدوليون سحب أموالهم - وهو ما لا يوجد أي مؤشر على حدوثه - فإن فرنسا تملك إمداداً كبيراً من الأموال المحلية، يُمكِّنها من سد الفجوة المالية المتزايدة.

فعل كل ما يلزم

على الرغم من أن منطقة اليورو لا تزال تشهد تطوراً غير مكتمل، فإنه من المهم الإشارة إلى كيفية تعزيز النظام المصرفي في المنطقة منذ الأزمة المالية العالمية. كما ينبغي تذكر كيف أثبت البنك المركزي الأوروبي مراراً استعداده وقدرته على اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع الأزمات المالية في المنطقة. إلا أن ذلك لا يعني أن صانعي السياسات في باريس أو العواصم الأوروبية الأخرى يشعرون بتفاؤل مطلق بشأن التوقعات الاقتصادية للاتحاد.

ففي العديد من الجوانب، تبدو التحديات الاقتصادية التي تواجه فرنسا أقل حدة، مقارنة بتلك التي تواجهها ألمانيا، التي تعرضت حكومتها هي الأخرى لهزة قوية مؤخراً. ويعاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو من تداعيات سنوات طويلة من نقص الاستثمارات، حيث يواجه قطاعها الصناعي القوي سابقاً صعوبات حقيقية في التعافي. كما أن منطقة اليورو، التي شهدت تباطؤاً ملحوظاً في نمو إنتاجيتها، مقارنة بالولايات المتحدة على مدار السنوات الماضية، تواجه الآن تهديدات كبيرة بسبب الرسوم الجمركية التي قد تفرضها إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب.

لكن هذه التهديدات التجارية قد تكون هي التي تدفع الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ خطوة كبيرة أخرى في تطوره الاقتصادي. فالتاريخ يثبت أن الاتحاد يتخذ خطوات حاسمة عندما يُدفع إلى الزاوية. وفي وقت سابق، قدم ماريو دراغي، الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي، خطة لإصلاحات اقتصادية طال انتظارها، داعياً إلى استثمار إضافي قدره 800 مليار يورو سنوياً من قبل الاتحاد الأوروبي.

وقد لاقت هذه الخطة دعماً واسعاً من المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي، حتى أن رئيس البنك المركزي الألماني، المعروف بتوجهاته المتشددة، دعا إلى تخفيف القيود على الإنفاق في ألمانيا. وإذا أسفرت الانتخابات في ألمانيا وفرنسا عن حكومات أقوى العام المقبل، فقد يُتذكر عام 2025 ليس بوصفه بداية لأزمة جديدة في منطقة اليورو، بل بوصفه عاماً شهدت فيه المنطقة اتخاذ خطوة كبيرة نحو تحقيق النمو الاقتصادي المستدام.