قوات «الناتو» مع حلفاء إقليميين ضمن الخيارات لمواجهة «داعش»

«قمة ويلز» تتعهد بمساعدة العراق وأوكرانيا.. ولا حلول لسوريا * أوباما بحث تطورات المنطقة مع العاهل الأردني

أوباما يتحدث إلى كاميرون في اليوم الأول لقمة الناتو بمنتجع سيلتيك مانور في نيوبورت بويلز أمس (إ.ب.أ)
أوباما يتحدث إلى كاميرون في اليوم الأول لقمة الناتو بمنتجع سيلتيك مانور في نيوبورت بويلز أمس (إ.ب.أ)
TT

قوات «الناتو» مع حلفاء إقليميين ضمن الخيارات لمواجهة «داعش»

أوباما يتحدث إلى كاميرون في اليوم الأول لقمة الناتو بمنتجع سيلتيك مانور في نيوبورت بويلز أمس (إ.ب.أ)
أوباما يتحدث إلى كاميرون في اليوم الأول لقمة الناتو بمنتجع سيلتيك مانور في نيوبورت بويلز أمس (إ.ب.أ)

جدد حلف شمال الأطلسي (الناتو) تعهده لمواجهة «الإرهاب الدولي» ومنعه من التمتع بملاذ آمن. وفي حين عدّ أمين عام الحلف أندرس فوغ راسموسن في قمة «الناتو» أن الحلف نجح في منع «الإرهاب الدولي» من التمركز في أفغانستان، وجعل منها ملاذا آمنا، فإن تمركز تنظيم «داعش» في العراق وسوريا بات يشكل تهديدا للحلف، خاصة مع انضمام المئات من الأميركيين والأوروبيين في صفوف التنظيم.
وتعهد الأمين العام لـ«الناتو» بـ«عدم السماح بتمتع الإرهاب الدولي بملاذ آمن». وبدوره، قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون: «التهديد من التطرف الإسلامي خرج بشكل جديد في العراق وسوريا»، وعدّ هذا التهديد مع التهديد من «الوجود الروسي غير القانوني في روسيا» تهديدين على الحلف مواجهتهما.
ورغم أن التطورات في العراق وسوريا والمخاوف من تنظيم «داعش» لم تكن مجدولة رسميا على برنامج اليوم الأول من قمة «الناتو» المنعقدة في بلدة نيوبروت جنوب غربي المملكة المتحدة، إلا أنها كانت حاضرة في غالبية الجلسات. وكانت الجلسة الأولى لقادة دول «الناتو» مخصصة لأفغانستان، والجلسة الثانية مخصصة لأوكرانيا. إلا أن اجتماعات وزراء الخارجية ووزراء الدفاع المنفصلة تطرقت إلى هذه الأزمة، وإمكانية تشكل تحالف دولي يقوم بعمل عسكري في العراق وبدعم سياسي لإنهاء الإمدادات لـ«داعش».
وانطلقت نقاشات معمقة حول كيفية مواجهة تنظيم «داعش» في اليوم الأول من قمة حلف الشمال الأطلسي «الناتو» المنعقدة في بلدة نيوبورت بمقاطعة ويلز. وكانت هذه القضية في مقدمة نقاشات الرئيس الأميركي باراك أوباما، أمس، خاصة عند اجتماعه بالعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني.
والتقى أوباما مع العاهل الأردني على هامش القمة في اجتماع مغلق لبحث التطورات في العراق وسوريا و«التحالف الدولي» الذي تسعى واشنطن لبنائه لمواجهة «داعش». وحضر الاجتماع مستشارة الأمن القومي الأميركية سوزان رايس، ووزير الخارجية الأميركي جون كيري، والمنسق في البيت الأبيض لقضايا الشرق الأوسط والخليج فيل غوردون.
وأفاد مصدر دبلوماسي أميركي لـ«الشرق الأوسط» بأن «المطلوب بناء تحالف دولي يشمل العشرات من الدول، ويتمتع بتأييد دولي واسع». لكن المصدر أقرّ بأن مع الأزمة الحالية مع روسيا يصعب الحصول على دعم من مجلس الأمن لمثل هذا التحالف، متوقعا أن تتحرك الولايات المتحدة ضمن هذا التحالف في حال حصلت على دعم أوروبي وعربي واسع. وستركز الجهود الأميركية والأوروبية على هذا المنحى خلال المرحلة المقبلة.
وفي تطور لم يُعلن عنه سابقا، يرتقب أن ينعقد اجتماع مغلق حول العراق صباح اليوم يبحث الخيارات العسكرية والأمنية المتاحة لمواجهة «داعش» في العراق. والاجتماع المنعقد على هامش القمة لا يشمل جميع الأعضاء، بل سيكون مقتصرا على المملكة المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وتركيا، وربما يشمل دولتين أخريين. ويُذكر أن رجب طيب إردوغان يحضر القمة للمرة الأولى رئيسا لتركيا، بعد تنصيبه الأسبوع الماضي، ووجهت تساؤلات عدة من حلفاء أوروبيين لتركيا حول عبور المقاتلين عبر الحدود التركية للانضمام إلى «داعش».
ومن المرتقب أن تكون هذه من بين القضايا التي تُبحث في اجتماع صباح اليوم. وحتى مساء أمس، لم تكن أي من الدول العربية المشاركة في القمة مدعوة للاجتماع المغلق. وبالإضافة إلى حضور العاهل الأردني عبد الله الثاني ووزير خارجيته ناصر جودة، القمة، حضر ولي العهد البحريني الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ووزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة. وحضر وزير الدولة الشؤون الخارجية الإماراتية أنور قرقاش، ووكيل وزارة الدفاع الإماراتية محمد الفلاسي، بينما مثّل المغرب وزير الدولة المكلف شؤون الدفاع عبد اللطيف لوديي.
وأكد مصدر بريطاني مطلع على الملف العراقي أن «جميع الخيارات متاحة، ونحن ننظر بكل الوسائل الممكنة في المرحلة المقبلة». ويشمل التخطيط البريطاني تنسيق ضربات جوية مع الولايات المتحدة، بالإضافة إلى التنسيق الأمني مع القوات العراقية والبيشمركة، من خلال المبعوث الأمني البريطاني السير سايمون مايال، الذي عينه كاميرون في 24 أغسطس (آب) الماضي. كما أن البريطانيين شددوا، خلال اجتماعات أمس، على ضرورة التحرك السريع فور إعلان الحكومة العراقية. وهناك موقف منسجم بين أعضاء «الناتو» بأن أي تحرك في العراق سيحتاج إلى حكومة شاملة تمثل جميع أطياف الشعب العراقي.
وبينما تبدو الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا متفقة على ضرورة التحرك لمواجهة «داعش» في أسرع وقت ممكن، فإن تلك الدول تجمع على أن أي تحرك أو خطة بعيدة الأمد تحتاج إلى عناصر عدة، على رأسها تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.
ويضغط دبلوماسيو تلك الدول على رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي للعمل على تشكيل حكومة شاملة ومتوازنة يمكنها العمل مع المجتمع الدولي لصد «داعش». وهناك توافق بين الدول الكبرى في الحلف على خطوط عريضة للتحرك في العراق، تشمل بالدرجة الأولى دعم الجيش العراقي وإمداد قواته وقوات البيشمركة بالسلاح. ولكن هذا التوافق مفقود عند التطرق إلى الأزمة السورية. وشهدت اجتماعات أمس بحث خيارات عسكرية لمواجهة «داعش» في العراق، من دون أي اتفاق على العمل داخل سوريا. وكان من اللافت أن الدبلوماسيين الذين تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» لم يحملوا حلولا ممكنة للملف السوري، وعدّوا أن التركيز في الوقت الراهن سيكون على العراق.
ولفت راسموسن إلى أن «الناتو» بنى أكبر تحالف في التاريخ الحديث، حيث إن نحو ربع دول العالم اجتمعت من أجل هدف واحد، لمنع الإرهاب الدولي من التمتع بملاذ آمن، في إشارة إلى الحرب في أفغانستان. ويبدو أن فكرة بناء تحالف من أعضاء «الناتو» وشركاء خارجه تراود بعض أعضاء الحلف. وسيكون لزيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري، ووزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل، وقع في تطوير فكرة التحالف الذي تسعى إليه الولايات المتحدة. وقال راسموسن: «ربع دول العالم انضمت إلى تحالف لدحر الإرهاب الدولي (في أفغانستان).. ولم تنتهِ جهودنا بعد». ويركز «الناتو» على الشركاء خارج الحلف وما أنجزته تلك الشراكات في قوات «إيساف» في أفغانستان.
ويُذكر أن الأردن يقدم أكبر مساهمة لـ«إيساف» لدولة غير عضو في «الناتو». وقال راسموسن: «نريد أن نواصل عملنا مع الشركاء الذين اعتمدنا عليهم في هذه المهمة ذات التحدي، وسنواصل هذه الجهود من خلال مبادرات شراكة تُطلق هنا في ويلز». وأعلن راسموسن لدى وصوله إلى نيوبورت أن «قمة الحلف الأطلسي هذه هي إحدى أكثر القمم أهمية في تاريخ الحلف»، مشيرا إلى أوكرانيا، وكذلك إلى الملف الكبير الملتهب الآخر المتمثل في التهديد الذي يمثله تنظيم «داعش» المسؤول عن ارتكاب فظائع في سوريا والعراق، الذي تبنى عمليتي قتل صحافيين أميركيين.
وقال راسموسن: «يتوجب على المجتمع الدولي بكامله وقف تقدم (داعش)». وكرر كاميرون، صباح أمس، في تصريح لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أن تنظيم «داعش» يشكل «تهديدا مباشرا لبريطانيا»، بينما لم تعد لندن التي يواجه أحد مواطنيها المحتجز رهينة التهديد بالقتل بأيدي عناصر التنظيم، تستبعد المشاركة في الضربات الأميركية بالعراق. واستبق أوباما وكاميرون عقد القمة بنشر مقال رأي مشترك بعنوان «لن يخيفنا القتلى الوحشيون»، جدد فيه الرئيس الأميركي وحليفه رئيس الوزراء البريطاني تعهدهما بمواجهة التهديدات من «داعش» وروسيا. وأكد الزعيمان في مقال رأي نشرته صحيفة «ذا تايمز» اللندنية أن «(الناتو) اليوم في غاية الأهمية لمستقبلنا، كما كان لماضينا»، ليؤكدا على ضرورة استمرار الحلف في دوره بحماية أراضي وشعوب دول أوروبا وشمال أميركا. ولفت الزعيمان إلى «قوس من عدم الاستقرار يمتد من شمال أفريقا إلى الساحل إلى الشرق الأوسط». وهناك تأكيد على أن مواجهة «الإرهاب» لا يمكن أن تنحصر في العراق، حتى وإن كان استهداف المسلحين يبدأ من هناك.
ولفت كاميرون وأوباما اللذان اجتمعا في لقاء ثنائي صباح أمس إلى أن «التطورات، خاصة في العراق وسوريا، تهدد أمننا في بلداننا»، وأضافا: «(الناتو) ليس فقط تحالفا لأصدقاء يساعد بعضهم بعضا في وقت الحاجة، ولكنه أيضا تحالف مبني على المصالح الشخصية.. والتهديد من عودة المقاتلين الأجانب من العراق وسوريا يمثل تهديدا لدولنا».
وتقدم أوباما وكاميرون إلى أعضاء «الناتو» مباشرة للرد على هذه التهديدات، مما يعني مواصلة النقاشات خلال الأسابيع المقبلة. وقال أوباما وكاميرون في مقالهما: «لن نهتز في عزيمتنا على مواجهة (داعش).. دول مثل بريطانيا وأميركا لن تخاف من قتلى وحشيين». وكانت الرسالة هي نفسها التي قدمها الزعيمان للمجتمعين في نيوبورت، أمس.
ورأى راسموسن أن القمة التي تختتم أعمالها عصر اليوم ستكون «من أهم القمم في تاريخ التحالف»، مضيفا أن «هذه قمة مهمة في وقت مهم». وأضاف: «نحن نواجه مناخا أمنيا تغير كثيرا عن السابق»، في إشارة إلى الخلافات مع روسيا والمخاوف من «داعش».
وأضاف راسموسن: «سنتخذ قرارات مهمة لضمان أمن دولنا وإبقاء الروابط بين أوروبا وأميركا الشمالية، وبناء الأمن في عالم خطر».
ومن المرتقب أن يحمل البيان الختامي للقمة، عصر اليوم، ملامح بناء تحالف لمواجهة الإرهاب، بالإضافة إلى التركيز في البيان الختامي على دعم أوكرانيا وأفغانستان، بالإضافة إلى العمل على ضمان روابط التحالف وتقويتها. ومن غير المتوقع الإعلان اليوم عن استراتيجية لمواجهة «داعش»، ومن المتوقع أن تستغرق عملية بناء الحلف أسابيع عدة على الأقل. ومن المرتقب أن تكون اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة جوهرية في بناء هذا الحلف. كما انه من المرتقب أن يتقدم أوباما وكاميرون بطلب موافقة الكونغرس والبرلمان البريطاني قبل القيام بأي عمل عسكري موسع، في حال تقرر القيام بمثل هذا العمل.
وتشهد القمة اليوم مواصلة النقاشات بين الدول الأعضاء حول ضرورة رفع الإنفاق العسكري بين جميع أعضاء الحلف، كي لا تتحمل الولايات المتحدة، ومعها المملكة المتحدة، العبء الأكبر عسكريا في الحلف. كما يُرتقب أن يتضمن البيان الختامي الذي سيصدر اليوم اتفاق القادة على أولويات المشاريع الدفاعية خلال المرحلة المقبلة، ورفع قدرات استخباراتية رفيعة المستوى إلى الشرق باتجاه روسيا، والجنوب باتجاه الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.



غرق مهاجر ومخاوف من فقد آخرين بعد انقلاب قارب قبالة اليونان

سفينة على متنها مهاجرون غير شرعيين ترسو في جزيرة كريت اليونانية (أرشيفية - رويترز)
سفينة على متنها مهاجرون غير شرعيين ترسو في جزيرة كريت اليونانية (أرشيفية - رويترز)
TT

غرق مهاجر ومخاوف من فقد آخرين بعد انقلاب قارب قبالة اليونان

سفينة على متنها مهاجرون غير شرعيين ترسو في جزيرة كريت اليونانية (أرشيفية - رويترز)
سفينة على متنها مهاجرون غير شرعيين ترسو في جزيرة كريت اليونانية (أرشيفية - رويترز)

قال خفر السواحل اليوناني، اليوم السبت، إن السلطات انتشلت جثة مهاجر وأنقذت 39 آخرين من البحر بعد انقلاب قارب كانوا على متنه قبالة جزيرة جافدوس الجنوبية في البحر المتوسط.

وقال شهود إن كثيرين ما زالوا في عداد المفقودين بينما يواصل خفر السواحل عملية بحث بمشاركة سفن وطائرات منذ الإبلاغ عن وقوع الحادث مساء أمس الجمعة، بحسب وكالة «رويترز».

وفي واقعتين منفصلتين اليوم، أنقذت سفينة شحن ترفع علم مالطا 47 مهاجرا من قارب كان يبحر على بعد نحو 40 ميلا بحريا قبالة جافدوس بينما أنقذت ناقلة 88 مهاجرا آخرين على بعد نحو 28 ميلا بحريا قبالة الجزيرة الصغيرة في جنوب اليونان.

وقال مسؤولو خفر السواحل إن المعلومات الأولية تشير إلى أن القاربين غادرا معا من ليبيا.

واليونان وجهة المهاجرين المفضلة لدخول الاتحاد الأوروبي، ومعظمهم من الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا. ووصل إلى جزر اليونان ما يقرب من مليون لاجئ ومهاجر خلال عامي 2015 و2016، غالبيتهم بواسطة قوارب مطاطية.

وخلال العام المنصرم زادت حوادث القوارب التي تقل مهاجرين قبالة جزيرتي كريت وجافدوس اليونانيتين المعزولتين إلى حد ما وتقعان في وسط البحر المتوسط.

ووقعت حوادث مماثلة خلال الأسابيع الأخيرة يعود آخرها إلى مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) عندما قضى أربعة أشخاص قرب جزيرة رودس. وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، قضى شخصان قرب جزيرة ساموس وقبل بضعة أيام، قضى أربعة، من بينهم طفلان، قرب جزيرة كوس.