نيران التحالف الدولي الصديقة تحصد 1300 عراقي وسوري خلال الحرب على «داعش»

مواطنون سوريون يمرون ويعيشون أسفل مبنى مهدم بفعل القصف في إدلب (رويترز)
مواطنون سوريون يمرون ويعيشون أسفل مبنى مهدم بفعل القصف في إدلب (رويترز)
TT

نيران التحالف الدولي الصديقة تحصد 1300 عراقي وسوري خلال الحرب على «داعش»

مواطنون سوريون يمرون ويعيشون أسفل مبنى مهدم بفعل القصف في إدلب (رويترز)
مواطنون سوريون يمرون ويعيشون أسفل مبنى مهدم بفعل القصف في إدلب (رويترز)

أقر التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة، إن الحرب ضد «داعش» الإرهابي، أدت إلى مقتل أكثر من 1300 مدني في العراق وسوريا منذ عام 2014. وقال التحالف، في بيان له، أمس السبت، إن «الضحايا قتلوا عن طريق الخطأ». وأوضح التحالف الدولي أنه «نفذ أكثر من أربع وثلاثين ألف غارة منذ شهر أغسطس (آب) من عام 2014 حتى نهاية أبريل (نيسان) من هذا العام». وبين أنه «يواصل مراجعة 111 ادعاء بوقوع قتلى في صفوف المدنيين». لكن هذا الرقم يعد أقل بكثير من الرقم الذي ذكرته جماعات مختصة بمراقبة تلك الحرب، والتي قالت إن آلاف المدنيين قتلوا في ضربات جوية لمقاتلات التحالف.
إلى ذلك دعا رئيس لجنة الأمن والدفاع السابق في البرلمان العراقي، حاكم الزاملي، القيادي في «التيار الصدري»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، الحكومة العراقية، إلى «مطالبة القوات الأميركية بتعويض أهالي المتضررين جراء العمليات العسكرية الأميركية التي مارست الكثير من الانتهاكات في مختلف الميادين والمجالات ضد أبناء الشعب العراقي». وعد الزاملي «الرقم الذي أعلنه التحالف الدولي أقل بكثير عن الأرقام الحقيقية، فضلاً عن أن ميادين ومجالات الاستهداف ضد العراقيين متنوعة، حيث إن ما تم الاعتراف به لا يشمل الشركات الأمنية، وما قامت بارتكابه من أخطاء عسكرية، خصوصاً شركة (بلاك ووتر) وغيرها».
وأضاف الزاملي أن «هناك انتهاكات خطيرة تتعلق بالاعتقالات العشوائية والانتهاكات التي استخدمت في السجون الأميركية على الأراضي العراقية، ومنها سجن المطار في بغداد وأبو غريب وبوكا والتاجي وسجن الحوت بالناصرية وكثير من السجون، فضلاً عن حالات كثيرة مارسها الجيش الأميركي بالعراق، منها سرقة ممتلكات الدولة العراقية مثل أرشيف الدولة والآثار وكميات كبيرة من الذهب والمقتنيات الثمينة والعملة الصعبة، وتدمير البنى التحتية». وأشار الزاملي إلى أنه «اليوم وبعد الاعتراف الأميركي، فإن الدور يقع على الحكومة العراقية التي يتعين عليها مطالبة القوات الأميركية وقوات التحالف الدولي بتعويض أهالي الضحايا، وفق القوانين الدولية والمحاكم المختصة، ومحاكمة من انتهك الدم العراقي، وكذلك إعادة كل ما تمت سرقته، وتعويض العراق عن ذلك، وهذه هي مهمة الحكومة العراقية». وأكد الزاملي أن «هناك الكثير من المعتقلين الأبرياء الذين أُفرج عنهم، والذين تم اعتقالهم، وتعرضوا لانتهاكات وتجاوز على حقوق الإنسان بما يتناقض مع مواثيق الصليب الأحمر، حيث إنهم بصدد رفع دعاوى إلى المحاكم الدولية لغرض الحصول على حقوقهم، ومقاضاة الجنود الأميركان على غرار ما حدث من حصول بعض المعتقلين لدى القوات البريطانية بالبصرة على تعويضات بعد رفعهم دعاوى ضد القوات البريطانية في حينها». إلى ذلك كشف مدير الاستخبارات العسكرية العراقي عن رغبة بعض الدول في الانضمام لمركز تبادل المعلومات الرباعي، الذي يضم العراق وروسيا وإيران وسوريا. وقال اللواء الركن سعد العلاق، مدير الاستخبارات العسكرية، في بيان له أمس، إن «بعض الدول (لم يسمها) تسعى للانضمام إلى مركز تبادل المعلومات الرباعي الذي يضم العراق وروسيا وإيران وسوريا، إيماناً منها بدوره الكبير في خدمة السلم المجتمعي العالمي، وقيامه بتدمير القواعد والمنطلقات الأساسية لتنظيم (داعش) الإجرامي».
وأضاف أن «وفود دول المركز قامت بزيارة المعرض الدائم لوثائق وأسلحة ومعدات عصابات (داعش) الإرهابية في مقر المديرية، حيث اطلعت الوفود على محتويات المعرض المهمة، وأبدت إعجابها به، إذ يستعرض بالأرقام والإحصائيات الإنجازات التي حققها المركز منذ تأسيسه عام 2015 ولغاية الآن». وأشار إلى «روح التعاون المثالية للدول المشاركة فيه»، مثنياً على «الدعم الذي قدمته روسيا وإيران للمركز». ونوه العلاق بـ«الظروف الصعبة التي عمل بها المركز، وإصرار الجميع على النجاح في المهمة التي تأسس من أجلها». وأكد أن «ما قدمه المركز من معلومات مهمة عن العصابات الإرهابية في العراق وسوريا أسهمت بشكل كبير في تحقيق النصر بالعراق، وتقويض نشاط تلك العصابات في سوريا من خلال العمليات العسكرية التي نفذتها القوات السورية والروسية».
ميدانياً، أعلنت مديرية الاستخبارات العسكرية عن إلقاء القبض على أربعة من عناصر تنظيم «داعش»، بينهم ما يسمى بـ«والي ديالى»، في عملية نوعية بمحافظة ديالى. وقالت المديرية، في بيان، أمس السبت، «في عملية نوعية بناءً على معلومات استخبارية، تمكنت مفارز الاستخبارات العسكرية في محافظة ديالى، وبالتعاون مع مكافحة الإرهاب في المحافظة، من إلقاء القبض على مجموعة إرهابية مكونة من أربعة عناصر مما يسمى بـ(ولاية ديالى)»، مبيناً أن «أحد المعتقلين محكوم بالإعدام غيابياً، وذلك لقيامه بعدة أعمال إرهابية توزعت بين القتل والتهجير والاختطاف والتسليب ومقاتلة قواتنا الأمنية».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم