الجزائر: بن فليس يهاجم بوتفليقة ويدعو إلى إزاحته بسبب «شغور السلطة»

تحدث في خطاب عن «3 تحديات» تواجه المعارضة منها «نظام يجب تغييره»

الجزائر: بن فليس يهاجم بوتفليقة ويدعو إلى إزاحته بسبب «شغور السلطة»
TT

الجزائر: بن فليس يهاجم بوتفليقة ويدعو إلى إزاحته بسبب «شغور السلطة»

الجزائر: بن فليس يهاجم بوتفليقة ويدعو إلى إزاحته بسبب «شغور السلطة»

قال علي بن فليس رئيس الحكومة الجزائرية الأسبق إن «ما نشهده اليوم هي حالة شغور حقيقية للسلطة، يُراد إغفالنا عنها وإخفاء حتى اسمها عنا بأي تكلفة»، في إشارة إلى انسحاب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من المشهد العام، بسبب الإصابة بجلطة دماغية تسببت في إعاقته جزئيا.
وهاجم بن فليس أمس، في خطاب ألقاه، بمناسبة «الجامعية الصيفية» التي دعي لها، ونظمها الحزب الإسلامي «جبهة العدالة والتنمية»، بمدينة الطارف الحدودية مع تونس، الرئيس بوتفليقة بشكل مباشر، وذلك في صيغة تساؤلات، إذ قال «أتساءل معكم منذ متى لم يخاطب حامل هذه المسؤولية شعبه ويتقاسم معه المواساة في أصعب وأحلك الأوقات؟ منذ متى وصوت الجزائر لا يسمع في الخارج، ومصالحها غير محمية من طرف من يُحمِّله الدستور هذه المسؤولية؟ كم من مجلس وزاري يعقد في السنة، ببلدنا، بينما القاعدة، في العالم كله أن يعقد أسبوعيا أو كل نصف شهر؟ كم من قانون يعتمده برلماننا سنويا، بسبب عجز مجلس الوزراء في تحويل مشاريع القوانين إليه؟».
وأضاف بن فليس «كم من سفراء دول أجنبية ينتظرون بتعجب وحيرة من أمرهم، أن تُتاح لهم فرصة تقديم أوراق اعتمادهم حتى يتسنى لهم مباشرة نشاطاتهم؟ أتوقف هنا، لأن قائمة الآثار السلبية الناتجة عن شغور السلطة على سير دواليب الدولة هي جد طويلة وجد مقلقة».
وواصل خصم بوتفليقة اللدود في انتخابات الرئاسة التي جرت في 17 أبريل (نيسان) الماضي، هجومه، فقال: «إن الاستحواذ الفردي على السلطات، واحتكارها في يد رجل واحد هو، اليوم، عاجز عن تأدية مهامه على الوجه المطلوب، تعطي لإشكالية شغور السلطة بُعد أزمة مؤسساتية مكتملة.. إن دستورنا واضح بشأن إشكالية شغور السلطة، لكن مفعوله جرى إبطاله بسبب ولاء الأغلبية البرلمانية والمجلس الدستوري للنظام الفردي القائم»، في إشارة إلى مطالبة المعارضة بتفعيل المادة 188 من الدستور، التي تتحدث عن «مانع صحي خطير ومزمن»، يعاني منه رئيس الجمهورية ما يترتب عنه اجتماع «المجلس الدستوري» ليتثبت من هذا المانع.
ثم تطلق ترتيبات يشرف عليها البرلمان لانتخاب رئيس جديد في غضون 60 يوما. واتهم بن فليس، بوتفليقة دون ذكره بالاسم، بـ«إنكار المواطنة ورفض السيادة الشعبية أو ربما الاستغناء عنها، وهما في صميم مجموعة الأزمات متعددة الأشكال التي تتجمع وتلتقي لتشكل ما أسميه بأزمة النظام الكبرى. أزمات متفرعة تلتئم في صنع الأزمة الرئيسة». يشار إلى أن بن فليس كان أحد أبرز المقرَبين من بوتفليقة، بعدما تسلم الحكم في 1999. فقد كان مديرا لحملته الانتخابية ثم عينه مديرا لديوانه بالرئاسة، ثم رئيسا للحكومة. وقال عنه بوتفليقة عام 2001: «أكون مطمئنا على أحوال البلد لما أكون في الخارج، وسي علي في الداخل». غير أن خلافا حادا نشب بين الرجلين عشية انتخابات 2004، بسبب رغبة بن فليس الترشح للرئاسة. فقد عد بوتفليقة ذلك «خيانة» له. وبدعوته إلى «إنهاء حالة شغور السلطة»، ينضم بن فليس إلى قطاع واسع من المعارضة والشخصيات السياسية، التي طالبت بإزاحة بوتفليقة من الحكم. أما الأحزاب الموالية للرئيس، وأهمها حزب الأغلبية «جبهة التحرير الوطني»، فترى أن «الشعب وضع ثقته في الرئيس بإعادة انتخابه للمرة الرابعة، وبالتالي سيبقى وفيا لهذه الثقة ولن يغادر الرئاسة لمجرد أن أحزابا فشلت في كسب تزكية الشعب، تتمنى ذلك». ودعا بن فليس المعارضة إلى «توحيد صفوفنا، وتقريب وجهات نظرنا،
وتجميع مجهوداتنا لنسير معا وبالنجاعة التي نطمح إليها، نحو تحقيق أهدافنا». وتحدث عن «ثلاثة تحديات»، هي «أزمة نظام يجب الخروج منها في أسرع وقت»، و«الانتقال الديمقراطي الذي يجب أن نخطط له وأن ننظمه»، و«طبيعة نظامنا السياسي الذي يجب تغييره».



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.