شهدت الأسواق المالية في تركيا عمليات بيع واسعة النطاق خلال الأشهر الأخيرة، وهو ما يلقي بظلال قاتمة على مستقبل اقتصاد البلاد.
وقال مركز «كابيتال إيكونوميكس» البحثي، الذي يتخذ من لندن مقراً له، في تقرير لعملائه: «يبدو أن عودة النمو ستكون قصيرة الأمد... عمليات بيع واسعة النطاق شهدتها الأسواق المالية التركية في الأشهر الأخيرة، ونحن نشك في أن تواصل الحكومة زيادة الإنفاق بهذه الوتيرة السريعة».
وتشهد تركيا أوضاعاً سياسية غير مستقرّة منذ إلغاء نتائج انتخابات رئاسة بلدية إسطنبول في 6 مايو (أيار) الماضي، وقرار إعادتها في 23 يونيو (حزيران) الحالي.
وكان الاقتصاد التركي سجل نمواً بنسبة 1.3 في المائة في الربع الأول من العام الحالي، مقارنة بالربع الأخير من 2018، بحسب أرقام هيئة الإحصاء التركية التي نشرت، أول من أمس، لكن خبراء حذروا من أن الانتعاش قد يكون «قصير الأمد».
لكن بحساب المقارنة السنوية يكون الاقتصاد انكمش في الربع الأول من العام الحالي مقارنة بالربع نفسه من العام السابق، بنسبة 2.6 في المائة.
ودخلت تركيا في ركود للمرة الأولى منذ عام 2009 إثر تسجيل انكماش سنوي لفصلين متتاليين نهاية 2018، وذلك بعد أن شهدت البلاد اضطرابات على مدى أشهر جراء تدهور سعر صرف الليرة التركية وتوتر العلاقات مع واشنطن.
ويقول خبراء إن النمو الفصلي المسجل في الربع الأول جاء مدفوعاً بالإجراءات التحفيزية التي أطلقها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قبيل الانتخابات المحلية التي أُجرِيَت في 31 مارس (آذار) الماضي، متوقعين أن تأثيرها سيكون مؤقتاً.
كانت الحكومة التركية بذلت جهوداً مكثفة لدعم الليرة بعد أن خسرت 30 في المائة من قيمتها العام الماضي، وزادت الإنفاق العام قبيل الانتخابات، لكن الليرة عاودت تراجعاً في أبريل (نيسان) الماضي بعد انتهاء الانتخابات المحلية، لتصل خسائرها منذ بداية العام إلى نحو 15 في المائة.
ويثير تذبذب احتياطي البنك المركزي التركي من العملات الأجنبية، الذي شهد تراجعاً غير مبرر خلال حملة الانتخابات المحلية، اضطرابات في الأسواق بسبب مخاوف المستثمرين.
وقرر البنك المركزي الحد من الإنفاق وأعلن رئيسه مراد شتينكايا أنه سيعتمد سياسة متشددة إزاء التضخم، وسيتولى حماية احتياطي العملات الأجنبية.
وأظهرت أرقام الإحصاءات المالية والمصرفية للبنك المركزي، حتى الأسبوع المنتهي في 24 مايو الحالي، أن إجمالي الاحتياطيات لدى البنك وصل إلى 93 ملياراً و547 مليون دولار.
وأشارت البيانات إلى ارتفاع صافي احتياطيات العملة الأجنبية لدى البنك المركزي، وصل إلى 73.92 مليار دولار حتى 24 مايو.
ويمر الاقتصاد التركي حالياً بواحدة من أسوأ مراحله، حيث احتلّ في عام 2018 موقعه بين أسوأ 5 اقتصادات في العالم، سواء من ناحية التضخم أو انخفاض العملة أو جذب الاستثمارات والحركة التجارية والانكماش.
وهبط مؤشر الثقة بالاقتصاد التركي خلال مايو الماضي، إلى أدنى مستوياته المسجلة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2018، متأثراً بالضغوط التي تعاني منها مختلف القطاعات نتيجة أزمة انهيار الليرة.
على صعيد آخر، أعلن السفير الإيراني في أنقرة، محمد فرازمند، حدوث تقدم كبير في إجراءات تأسيس بنك مشترك مع تركيا بهدف مواجهة العقوبات الأميركية.
وقال فرازمند لوكالة أنباء «مهر» الإيرانية، إن بلاده وتركيا تهدفان من إنشاء الآلية المالية الجديدة (البنك المشترك) إلى مقاومة العقوبات الأميركية، موضحاً أن الهدف من هذا النظام المالي هو استحداث منطقة تجارية بين البلدين مع فرض العقوبات ضد إيران.
وأضاف: «نصدّر إلى تركيا كمية كبيرة من الغاز الطبيعي، وهذا يتطلب المزيد من التطوير، ونحتاج إلى آلية مالية جديدة، بعضها يعمل حالياً، ويمكن للبلدين أن يؤسسا نظاماً للتبادل التجاري يؤدي إلى التداول بالعملات الوطنية، فنحن ننشئ بنكاً مشتركاً».
ولفت السفير الإيراني إلى أن تطوير العلاقات التجارية الثنائية هو حق للدول، ولم يكن هناك عمل غير قانوني في هذا المجال، قائلاً إن «البنك المشترك بين إيران وتركيا ليس آلية لمنع العقوبات الأميركية، ولا نريد التحايل على القانون، ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة، بالإضافة إلى العقوبات، متورطة في الإرهاب الاقتصادي، وهي تؤثر على حقوق بلداننا».
وتركيا شريك اقتصادي لإيران، حيث بلغت تجارة تركيا مع إيران في عام 2010 ما مقداره 10 مليارات دولار، كما بلغت ذروتها في عام 2012 عندما وصلت إلى 21.9 مليار دولار، لكن، بعد عام 2012، بدأت في الانخفاض.
وفي وقت سابق وصلت صادرات تركيا إلى إيران إلى أعلى مستوياتها عند 9.9 مليار دولار، ولكن في عام 2017، انخفضت بشكل حاد إلى 3.3 مليار دولار، واستمر الاتجاه النزولي في عام 2018 إلى 2.4 مليار دولار. وانخفضت واردات تركيا من إيران من 12.5 مليار دولار في عام 2011 إلى 7.5 مليار دولار في عام 2017 ثم 6.9 مليار دولار في عام 2018.
ومع أزمة الليرة التركية التي ظهرت العام الماضي، بدأت تركيا التفكير في إجراء المعاملات التجارية مع عدد من الدول منها إيران وروسيا والصين بالعملات المحلية لكن لم تنجز خطوات ملموسة في هذا الصدد.
وأوقفت تركيا وارداتها من النفط الخام من إيران مطلع مايو الماضي امتثالا للعقوبات الأميركية على طهران التي أُعفيت منها تركيا، ضمن 8 دول، لمدة 6 أشهر.
{بنك مشترك} تركي ـ إيراني لمقاومة العقوبات الأميركية
رؤية سلبية لآفاق الاقتصاد في تركيا بعد عمليات بيع واسعة في أسواق المال
{بنك مشترك} تركي ـ إيراني لمقاومة العقوبات الأميركية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة