«إيكارو»... نجمة ميشلان وليدة خلطة إسبانية إكوادورية

عنوان الأكل المميز في «لوغرونيو» جنة التذوق

الطاهية كارولينا سانشيز تمزج النكهتين الإسبانية والإكوادورية في مطبخها
الطاهية كارولينا سانشيز تمزج النكهتين الإسبانية والإكوادورية في مطبخها
TT

«إيكارو»... نجمة ميشلان وليدة خلطة إسبانية إكوادورية

الطاهية كارولينا سانشيز تمزج النكهتين الإسبانية والإكوادورية في مطبخها
الطاهية كارولينا سانشيز تمزج النكهتين الإسبانية والإكوادورية في مطبخها

أول ما يجول بخاطري عند التفكير في «إيكاروس»، تلك الأسطورة الإغريقية القديمة التي أرد فيها ذلك البشري الفاني أن يحاكي طيران الآلهة، فصنع لنفسه جناحين من الشمع الذي ذاب فور سطوع أشعة الشمس. وصار «إيكاروس» من رموز المثابرة في الميثولوجيا اليونانية القديمة. غير أن الشيف كارولينا سانشيز سرعان ما توضح لنا أن اسم المطعم الذي تملكه في إسبانيا مكتوب بطريقة مختلفة، ذلك لأنه يجمع ما بين اسمي الطاهيين مالكي المطعم: إيناكي وكارولينا، فصار اسمه «إيكارو» Ikaro.
ويوجد هذا المطعم الراقي والأنيق في لوغرونيو Logroño بشمال إسبانيا في مدينة صغيرة وتقليدية ومفعمة بالحيوية في الوقت نفسه، وهي جنة من جنات التذوق حيث كل ما تتناوله هناك رائع وفائق الجودة بكل بساطة.
وليست مفاجأة أن تحصل وصفات مأكولاتهم على الجوائز؛ فهذه الوصفات تحتوي على شغف خاص بالطعام، والمرح، والمتعة، والإبداع، والنكهات ذات اللمسة الشخصية الساحرة، فضلاً عن مزيج مبتكر للغاية من الثقافات المتعددة.
يتألف مطعم «إيكارو» من ثلاثة أقسام: «لاريوجا»، و«الباسك»، و«الإكوادور»، ولذلك يمكننا القول إن كل مطبخ منهم يملك ثلث التأثير المحسوس في المطعم. وتتغير قائمة المطعم أربع مرات في السنة، وتضاف في كل قائمة جديدة أطباق مختلفة من الإكوادور، بناء على التقاليد المتعارف عليها في كل منطقة يمثلها قسم من أقسام المطعم. ويستعين المطعم بالوصفات الأساسية للإقليم ثم يضفي عليها لمسته الخاصة. ويفضل طهاة المطعم إعادة تفسير تلك الوصفات، بمعنى أن يجعلها تعكس الوصفة الأصلية وإنما بطريقة مختلفة للغاية.
كارولينا من مواطني الإكوادور. وهي تستمد إلهامها من التنوع الكبير للأطعمة والألوان والفاكهة والخضراوات الذي تربت عليه وعرفته في بلادها التي تعتبرها عالماً خاصاً مفعماً بالخيارات الغذائية المتنوعة، مما أضاف الكثير إلى هويتها الشخصية كطاهية محترفة.
تقول كارولينا: «إننا نحاول دمج مختلف التوابل مثل الأشيوت (الأناتو)، والكمون، والأعشاب مثل الكزبرة في مختلف الوصفات. كما نفضل استخدام أنواعٍ مختلفة من فاكهة الإكوادور التقليدية، مثل شجرة الطماطم، والنارانجيلا، والغوانبانانا، وغيرها الكثير. كما نحب أيضاً استخدام أنواع مختلفة من الذرة والحبوب».
ويواصل مطعم «إيكارو» الابتكار من خلال إضافة الفواكه المتنوعة، نظراً لأنها غريبة على تلك المناطق وغير معروفة لدى الكثيرين في أوروبا. وتأتي تلك الفواكه في أحجام مختلفة، مع نكهات حلوة أو حمضية، وألوان زاهية وبراقة، وكثير من الأشكال المتنوعة.
ومن بين أكثر الوصفات التي يتكرر الطلب عليها «كعك المشروم» و«الإمبانادا بالموز». وهاتان الوصفتان محبوبتان ومفضلتان لدى كثير من الناس في أميركا اللاتينية ولكنهما مطهوتان بأطباق مختلفة ولذيذة.
ولكن النكهات تتجاوز مجرد دمج مطبخ الوصفات الغنية في الإكوادور بالمطبخ الإسباني التقليدي العريق. كما أنها مفعمة بالتنوع وفق المنطقة أو الإقليم كذلك. وقد اندمج هذا الأسلوب في نسيج مطبخ لاريوجا، المعروف بمحاصيل العنب الكبيرة.
تقول كارولينا: «يمكنك القول إنه نوع من الاندماج مع مطبخ الباسك ولاريوجا. فنحن ندمج الوصفات التقليدية من هاتين المنطقتين مع الأطباق الشهيرة التي تمتاز بها تلك الثقافات ونعيد تفسيرها بطريقتنا الخاصة، على سبيل المثال، لقد أنتجنا نسختنا الخاصة من طبقين شهيرين أو أطباق أخرى صغيرة تعود بوصفاتها الأصلية إلى مطبخ هاتين المنطقتين وحازت على إعجاب الكثير من زبائن المطعم».
كان حصولهم على نجمة «ميشلان» الأولى اعترافاً بالعمل الشاق والجهد الدؤوب الذي بذلاه خلال الفترة الماضية. وتلقت كارولينا وإيناكي التدريب على الطهي في بلادهما، والتقيا معاً خلال دورة تدريبية في سان سيباستيان، وهي من مراكز الطهي الإسبانية الكبيرة، ومن هناك شرعا في محاولة تحقيق حلمهما الكبير. وهما يعرفان أسلوبهما الخاص في الطهي بأنه متواضع وبسيط ومثير للاستفزاز في الوقت نفسه. ويبدو هذا التناقض وكأنه أكثر ما يميز هذا المطعم، وما يحتويه من أطباق رائعة.
تقول كارولينا: «نعتقد أن التواضع من بين أكثر القيم الغالبة على أجواء مطعم (إيكارو). فإننا نعتبر أنفسنا أناساً بسطاء يعملون في مطبخ يتسم بالبساطة، ونحاول الاعتماد على الوصفات التقليدية التي يعرفها ويفضلها الجميع، مع إضافة لمحة أو لمسة مختلفة، وربما مستفزة، ودائماً مفاجئة».
تعتبر كارولينا سانشيز وإيناكي موروا من النجوم الصاعدة الآن في عالم الطهي الدولي الذي يعكس أسلوبهما الأصلي وإسهاماتهما في المطبخ الأوروبي. ولقد مُنح أول وسام من أوسمة «ميشلان» لأجل رؤيتهما الحديثة في الطهي من تلك المنطقة الخاصة في إسبانيا. وليس من اليسير احترام الوصفات التقليدية عبر إنتاج الأطباق الجديدة الناجحة.
وبالإضافة إلى النكهات الغريبة والجديدة، والألوان الزاهية والمتألقة، فإن تقديم أطباق هذا المطعم هي من الخبرات الجديرة بالاهتمام. فهناك أوراق خضراء كبيرة، مع القواعد الخشبية التي تبدو كمثل الشجيرات الصغيرة، مما يجلب عنصر أميركا اللاتينية التقليدية على أجواء الركن الإسباني من هذا المطعم الجميل.

موقع المطعم:
https://www.restauranteikaro.com/


مقالات ذات صلة

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق خبراء ينصحون بتجنب الوجبات المالحة والدهنية في مبنى المطار (رويترز)

حتى في الدرجة الأولى... لماذا يجب عليك الامتناع عن تناول الطعام على متن الطائرات؟

كشف مدرب لياقة بدنية مؤخراً أنه لا يتناول الطعام مطلقاً على متن الطائرات، حتى إذا جلس في قسم الدرجة الأولى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)

الأقدم في العالم... باحثون يكتشفون جبناً يعود إلى 3600 عام في مقبرة صينية

اكتشف العلماء أخيراً أقدم قطعة جبن في العالم، وُجدت ملقاة حول رقبة مومياء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق التفوُّق هو الأثر أيضاً (أ.ف.ب)

الشيف دانييل هوم... أرقى الأطباق قد تكون حليفة في حماية كوكبنا

دانييل هوم أكثر من مجرّد كونه واحداً من أكثر الطهاة الموهوبين في العالم، فهو أيضاً من المدافعين المتحمّسين عن التغذية المستدامة، وراهن بمسيرته على معتقداته.

«الشرق الأوسط» (باريس)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».