ألف قتيل ثلثهم مدنيون خلال شهر من التصعيد العسكري

عناصر الدفاع المدني يبحثون عن ناجين في بلدة كفروما في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
عناصر الدفاع المدني يبحثون عن ناجين في بلدة كفروما في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
TT

ألف قتيل ثلثهم مدنيون خلال شهر من التصعيد العسكري

عناصر الدفاع المدني يبحثون عن ناجين في بلدة كفروما في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
عناصر الدفاع المدني يبحثون عن ناجين في بلدة كفروما في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)

قُتِل نحو 950 شخصاً، ثلثهم من المدنيين، خلال شهر من التصعيد العسكري المستمر في محافظة إدلب ومحيطها، شمال غربي سوريا، وكان آخر القتلى سبعة، بينهم أربعة أطفال قُتلوا، أول من أمس (الخميس)، إثر تجدّد غارات النظام السوري، حيث تقول منظّمات غير حكوميّة إنّ حصيلة الضحايا لا تكفّ عن الارتفاع.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، إنّ سبعة مدنيّين قُتلوا بغاراتٍ لقوّات النظام، بينهم خمسة في معرّة النعمان، أربعة منهم أطفال.
رغم ذلك، أشار المرصد إلى أن حدّة القصف الجوي تراجعت، أول من أمس «مقارنةً باليومين السابقين». وقال المرصد إنّ الطيران الروسي نفّذ بدوره غارات في مناطق أخرى تابعة لمحافظة إدلب، ولم يُسجّل سقوط ضحايا.
واستهدفت غارات النظام خصوصاً حيّاً سكنياً في معرة النعمان، ما أدّى إلى سقوط مبنى على سكّانه، وفق مصوّر لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» كان حاضراً في المكان. وقال إن غالبية السكّان لم يكونوا قد استيقظوا حين وقعت الغارات صباحاً.
وأخرج مسعفون مراهقاً مدمّى الوجه من تحت الأنقاض، قتل على فراشه إثر تداعي المبنى. وإلى جانبه، كان أخوه عالقاً تحت الركام ولا يزال حياً.
ورغم دعوات واشنطن والأمم المتحدة إلى وقف التصعيد، يُواصل النظام وحليفه الروسي غاراتهما اليوميّة على مناطق يسيطر عليها متطرفون ومعارضون معتدلون. وقُتل أكثر من 80 شخصاً منذ الأحد، بحسب «المرصد».
ويستهدف سلاحا الجو السوري والروسي، منذ نهاية أبريل (نيسان)، ريف إدلب الجنوبي ومناطق مجاورة له، ما يسفر بشكل شبه يومي عن سقوط قتلى، ويترافق ذلك مع اشتباكات محدودة على الأرض بين قوات النظام من جهة والمجموعات الجهادية والمعارضة من جهة ثانية.
ووثق المرصد السوري منذ 30 أبريل مقتل 948 شخصاً من مدنيين ومقاتلين.
وبين القتلى 288 مدنياً ضمنهم 67 طفلاً قتلوا في الغارات الجوية السورية والروسية فضلاً عن القصف البري لمناطق سيطرة الفصائل في جنوب إدلب والمناطق المجاورة.
ووثق «المرصد» أيضاً مقتل 369 مقاتلاً جهادياً ومعارضاً على الأقل، بينهم 204 من هيئة تحرير الشام ومجموعات جهادية أخرى، جراء القصف الجوي والاشتباكات، كما قُتِل في المقابل 269 عنصراً من قوات النظام والمسلحين الموالين لها.
من جانبها، تستهدف المجموعات المتطرفة والمعارضة وأهمها «هيئة تحرير الشام» («جبهة النصرة» سابقاً)، التي تسعى إلى صد تقدم قوات النظام في ريف حماة الشمالي، مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة السورية، ما أسفر، وفق «المرصد»، خلال شهر عن مقتل 22 مدنياً بينهم عشرة أطفال. وتسيطر هيئة تحرير الشام على الجزء الأكبر من محافظة إدلب وأجزاء من محافظات حماة وحلب واللاذقية المجاورة، كما توجد في المنطقة مجموعات إسلامية ومعارضة أخرى أقل أهمية.
وتخضع المنطقة المستهدفة لاتفاق روسي - تركي ينص على إقامة منطقة منزوعة السلاح تفصل بين المعسكرين، لم يتم استكمال تنفيذه.
وشهدت المنطقة هدوءاً نسبياً بعد توقيع الاتفاق في سبتمبر (أيلول)، إلا أن قوات النظام صعّدت منذ فبراير (شباط) قصفها قبل أن تنضم الطائرات الروسية إليها لاحقاً. وزادت وتيرة القصف بشكل كبير منذ نهاية شهر أبريل.
ولم تعلن دمشق رسمياً بدء هجوم واسع لطالما لوحت بشنه على إدلب ومحيطها، لكن الإعلام الرسمي يواكب يومياً تقدم قوات النظام.
وحققت قوات النظام خلال الأسابيع الماضية تقدماً في ريف حماة الشمالي، وسيطرت على بلدتين رئيسيتين هما كفرنبودة وقلعة المضيق.
وأدى التصعيد أيضاً خلال شهر إلى نزوح 270 ألف شخص إلى مناطق أكثر أمناً غالبيتها بالقرب من الحدود التركية، وفق الأمم المتحدة، كما طال القصف 23 منشأة طبية.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.