تفجيرات كركوك تعيد الخلافات العرقية والطائفية إلى الواجهة

TT

تفجيرات كركوك تعيد الخلافات العرقية والطائفية إلى الواجهة

عدت قوى وشخصيات سياسية وأمنية عراقية التفجيرات التي وقعت في مدينة كركوك مساء أول من أمس وخلفت عشرات القتلى والجرحى بأنها في الوقت الذي تحمل فيه بصمة «داعش» فإنها تعبير عن الاحتقان السياسي الذي تعيشه المحافظة منذ سنوات.
وكانت سلسلة تفجيرات بعبوات ناسفة استهدفت أماكن مختلفة من مدينة كركوك أسفرت عن وقوع 40 قتيلا وجريحا طبقا لبيان رسمي أصدرته وزارة الصحة أمس وقال البيان إن «حصيلة التفجيرات بعبوات ناسفة التي شهدتها مناطق متفرقة من كركوك، انتهت عند قتيلين و38 جريحا». والمناطق التي شملتها التفجيرات هي شارع القدس والمحافظة وطريق بغداد ومركزان للتسوق وثلاثة متاجر.
وفيما دعا النائب الأول لرئيس البرلمان العراقي حسن الكعبي إلى اجتماع عاجل للرئاسات لبحث تداعيات الموقف فإن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر دعا إلى إعلان كركوك وعدد من المحافظات الأخرى في الوسط والجنوب محافظات منكوبة. وقال الصدر في بيان إن «كركوك ضحية الفساد، كركوك ضحية الصراع القومي، أنقذوا كركوك الحبيبة». وأضاف «اعلموا أن محافظات الجنوب ترزح تحت الفقر والفساد، ومحافظات الوسط قد أنهكتها الصراعات والفساد وأما محافظات ديالى وكركوك وصلاح الدين والأنبار والموصل فقد ذهبت ضحية الطائفية والفساد». وتابع الصدر: «اسمعوا وعوا وتداركوا الموقف قبل فوات الأوان فيا حكومة العراق إما أن تتصرفي أو دعونا نتصرف، عسى أن ننفع ولا نضر، فالشعب يعاني ويلات الجوع والتسلط والفساد بأقسى وأعلى مستوياته».
من جانبه، دعا النائب الأول لرئيس مجلس النواب حسن كريم الكعبي الرئاسات الثلاث إلى عقد اجتماع استثنائي عاجل قبل عيد الفطر المبارك، للوقوف على أسباب الخروقات الأمنية والتفجيرات الإرهابية الأخيرة التي استهدفت محافظة كركوك والمحافظات الأخرى مؤخرا، وبحث تداعياتها على أمن وسلامة المواطنين واستقرار المدن الآمنة. وشدد الكعبي في بيان على ضرورة إبعاد هذه المحافظات عن الصراعات الحزبية والفئوية والسياسية»، مؤكدا أن «على الأجهزة الأمنية تحمل مسؤولياتها الكاملة دون تقصير والتركيز على حفظ المدن وحماية أمن وسلامة المواطنين من مختلف المكونات». وأضاف أن «على القوات الأمنية بمختلف تشكيلاتنا وصنوفها لا سيما الموجودة في كركوك والمدن التي حدثت فيها التفجيرات مؤخرا، مراجعة خططها الأمنية ومحاسبة المقصرين أيا كان منصبهم، والإسراع في القبض على الجناة».
من جانبه، أكد حسن توران، نائب رئيس الجبهة التركمانية وعضو البرلمان العراقي عن محافظة كركوك، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «التفجيرات وقعت في المناطق والأسواق التي فيها أغلبية سكانية تركمانية كما أن الانفجارات حصلت وقت الذروة مما يعني أن هناك استهدافا مقصودا». وأضاف توران أن «أصابع الاتهام تشير إلى تنظيم داعش وهناك تراخ لدى الأجهزة الأمنية وقوات الشرطة علما بأنه كانت هناك معلومات مسبقة عن حصول مثل هذه العمليات». وفيما حذر توران «من استمرار مثل هذه الخروقات» فإنه دعا إلى «كشف الجهات المتورطة بالحادث عند اكتمال التحقيق».
في السياق نفسه، أكد الخبير الأمني المتخصص، فاضل أبو رغيف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «تفجيرات كركوك بقدر ما تحمل بصمة تنظيم داعش الذي يحاول استغلال أي ثغرة يمكن أن ينفذ منها لكنها يمكن أن تحمل بصمات أخرى». وأضاف أبو رغيف أن «التنظيم سبق أن هدد بالقيام بمثل هذه العمليات غير أن هناك في الواقع بصمة عرقية لمثل هذه التفجيرات لا نستطيع أن نفصل فيها لكنها جزء من المشهد الملتبس في كركوك».
من جهته، أكد الخبير المتخصص في شؤون الجماعات المسلحة الدكتور هشام الهاشمي لـ«الشرق الأوسط» أن «تنظيم داعش كان في الواقع يعد العدة لعمل أكبر خلال الفترة المقبلة وبالذات خلال أيام عيد الفطر لكن الأجهزة الأمنية العراقية تمكنت من إحباط هذا المخطط»، مبينا أن «طيران التحالف الدولي وبمشاركة الأجهزة الأمنية العراقية قام خلال الفترة الماضية بسلسلة من الاقتحامات ضد أهداف لتنظيم داعش مرسومة مسبقا لاستهداف واعتقال بعض عناصر التنظيم في قاطع عمليات نينوى». وأوضح أن «هذه الشبكة مسؤولة عن عمليات الحرق التي تعرضت لها حقول الحنطة والشعير في نينوى».
في السياق نفسه، دعا عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي عدنان الأسدي القائد العام للقوات المسلحة إلى فتح تحقيق عاجل في تفجيرات كركوك ومحاسبة الضباط المقصرين. وقال الأسدي في بيان إن «التفجيرات المتتالية في وسط كركوك تنذر بأخطار أمنية محتملة سواء على صعيد أمن كركوك أو أمن المحافظات الأخرى ومنها العاصمة في حال لم تتخذ الإجراءات الرادعة ومنها القيام بعمليات استباقية تستهدف بؤر وحواضن (داعش) في المدينة ومحاسبة الجهات المسؤولة عن حالة التراخي الأمني هناك». كما عبر الأسدي عن «قلقه من المعلومات التي تتحدث عن انسحاب بعض القطعات العسكرية ليلاً من بعض المناطق الواقعة جنوب كركوك وتركها بدون تغطية أمنية خشية هجمات محتملة من عناصر (داعش)»، مؤكداً على «ضرورة مضاعفة الجهد الاستخباري ومد جسور التعاون بين المواطنين والأجهزة الأمنية في تلك المناطق».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».