الجيش الليبي يرصد شحنة أسلحة تركية جديدة

السراج يتحدث عن تحول قواته إلى الهجوم

قوات تابعة للجيش الوطني تتقدم جنوب طرابلس الاثنين الماضي (أ.ف.ب)
قوات تابعة للجيش الوطني تتقدم جنوب طرابلس الاثنين الماضي (أ.ف.ب)
TT

الجيش الليبي يرصد شحنة أسلحة تركية جديدة

قوات تابعة للجيش الوطني تتقدم جنوب طرابلس الاثنين الماضي (أ.ف.ب)
قوات تابعة للجيش الوطني تتقدم جنوب طرابلس الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

اتّهم الجيش الوطني الليبي تركيا، مجدداً، بإرسال خبراء عسكريين وشحنة أسلحة جديدة للميليشيات الموالية لحكومة الوفاق التي يترأسها فائز السراج الذي زعم تحوّل قواته من الدفاع للهجوم في معارك العاصمة طرابلس. وزادت حدة المعارك أمس، بعدما اندلعت اشتباكات عنيفة بين قوات الطرفين في المحاور الرئيسية بجنوب طرابلس.
وتحدّثت تقارير إعلامية روسية عن زيارة غير معلنة للمشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني، أمس إلى العاصمة الروسية موسكو. وأشارت إلى عقده جلسة محادثات مع بعض المسؤولين الروس، ولم يصدر أي بيان رسمي من مكتب حفتر أو إعلام الجيش، لكن وسائل الإعلام الروسية أكدت وجوده في موسكو.
من جانبها، كشفت «غرفة عمليات الكرامة» التابعة للجيش الوطني في بيان وزّعه مكتبها الإعلامي، النقاب عن وصول إمدادات عسكرية جديدة وخبراء أتراك للمشاركة في القتال بشكل مباشر إلى جانب قوات السراج بعد أن قاموا بإرسال مدرعات باعتراف البرلمان التركي. وأشارت إلى أنه في تمام الساعة الـ11 مساء بالتوقيت المحلي، هبطت في مدينة مصراتة بغرب البلاد طائرة شحن تركية من طراز C130 على متنها فريق خبراء من الأتراك مع غرفة عمليات متكاملة. وأوضحت «الغرفة» أنه قبل وصول هذه الطائرة، وصلت طائرة أخرى من طراز «أنتينوف» تابعة لشركة أوكرانية آتية من أنقرة وعلى متنها طائرات من دون طيار، مشيرة إلى أنه تم تجميع طائرتين على الأقل حتى الآن بذخيرتهما وتم تجربة إحداهما الليلة قبل الماضية، وحلّقت في ضواحي مصراتة وزليتن وتتخذ من قاعدة مصراتة نقطة انطلاق لها.
وقال المركز الإعلامي للغرفة إن طائرة من دون طيار استهدفت مدينة غريان، موضحاً أن الطائرة إحدى الطائرات التركية التي وصلت مساء أول من أمس إلى مصراتة برفقة الخبراء الأتراك الذين يعملون على تسييرها.
وهذه هي ثاني شحنة أسلحة من نوعها خلال 10 أيام فقط، علما بأن قوات السراج تباهت علانية بحصولها في 20 مايو (أيار) الحالي على تعزيزات عسكرية نقلتها سفينة شحن، تحمل اسم «أمازون» في ميناء طرابلس آتية من مرفأ سامسون في شمال تركيا. وتفرض الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي حظراً على تصدير الأسلحة إلى ليبيا، منذ الثورة التي أطاحت بنظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي عام 2011.
إلى ذلك، كشف بيان لوزارة الداخلية الموالية لحكومة السراج عن تعيين رئيس جديد لجهاز المخابرات الليبية، حيث قال مكتب فتحي باش أغا إنه بحث مع رئيس جهاز المخابرات الليبية إنشاء غرفة أمنية مشتركة بين الأجهزة الأمنية كافة.
ولم يكشف البيان اسم رئيس المخابرات، لكن الصورة المرفقة به للاجتماع تضمنت إلى جانب أغا، اللواء عبد القادر التهامي الرئيس السابق للجهاز، الذي تم تقديمه على أنه رئيسه الحالي. وعيّن السراج في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، العميد عبد الله مسعود الدرسي، رئيساً لجهاز المخابرات خلفاً للتهامي الذي عاود الظهور مجدداً أمس بشكل مفاجئ، باعتباره الرئيس الجديد للجهاز دون أي تفسير رسمي أو إعلان مسبق.
وقال أغا إنه ناقش مع التهامي ما سماها «آلية الحفاظ على الأمن القومي لليبيا»، كما استعرضا آلية التعاون المشترك بين الجانبين في مكافحة الإرهاب والجرائم المعلوماتية والجرائم الاقتصادية وغسل الأموال.
وبرز اسم التهامي بوصفه أحد المتهمين المشتبه بهم من قبل مكتب مكافحة الإرهاب بجهاز الشرطة البريطانية، في المشاركة في قتل الشرطية إيفون فليتشر أمام السفارة الليبية في لندن، سنة 1984. وأصيبت فليتشر التي كان عمرها آنذاك 25 عاماً برصاصة في الظهر أُطلقت من السفارة، بينما كانت تشارك في تأمين مظاهرة لمعارضين ليبيين ضد العقيد الراحل معمر القذافي، ما أدّى إلى حصار شرطة لندن المبنى لمدة 11 يوماً وترحيل 30 ليبياً كانوا في السفارة، وقطع العلاقات الدبلوماسية بين لندن وطرابلس.
على الصعيد الميداني، قالت مصادر عسكرية وسكان محليون في طرابلس إن معارك شرسة جرت في ساعة مبكرة من صباح أمس بين قوات الجيش الوطني والقوات الموالية لحكومة السراج، خصوصاً في محور عين زارة وطريق المطار جنوب العاصمة، فيما سمع دوي انفجارات عنيفة بمحيط منطقة عين زارة في مختلف أرجاء المدينة.
وأعلنت شعبة الإعلام الحربي بالجيش الوطني اعتقال 7 من عناصر ما وصفته بـ«الحشد الميليشياوي الإرهابي»، وجميعهم من ميليشيات مصراتة الغازية للعاصمة بإمرة السراج، وذلك خلال ما سمتها عملية عسكرية محكمة لوحدات الجيش العسكرية في محور عين زارة.
في المقابل، قالت «عملية بركان الغضب» التي تشنّها القوات الموالية لحكومة السراج على لسان الناطق الرسمي باسمها العقيد محمد قنونو، إن «سلاح الجو التابع لها نفذ مساء أمس طلعة استطلاعية لمراقبة المنطقة الوسطى وملاحقة أي فلول هاربة من محاور القتال»، وطلعتين قتاليتين استهدفتا تمركزات لميليشيات قوات الجيش الوطني في الجنوب»، وأشار إلى تنفيذ طلعتين استطلاعيتين، مساء أول من أمس، لمراقبة أجواء جنوب طرابلس، وطلعة قتالية استهدفت تمركزات لقوات الجيش الوطني في مدينة غريان على بعد 80 كيلومتراً جنوب العاصمة.
ورغم احتدام القتال، أشاد السراج ببسالة وكفاءة قواته، وما وصفه بـ«تحولها الناجح إلى حالة الهجوم ودحر المعتدي». وقال لاحقاً إنه لا مجال للتفاوض مع المشير حفتر، وإنه لن يثق به بعد الآن. ورأى السراج في تصريحات لوسائل إعلام إيطالية وسويسرية أن تقسيم ليبيا خط أحمر، وأنه لن يحدث أبداً، وأنه سيسلم البلاد موحدة كما تسلمها، لمن يأتي بعده. وقال إنه عندما وصل للسلطة، كان هناك أكثر من 100 مجموعة مسلحة في طرابلس؛ نجح في دمج معظمها، ولا توجد اليوم سوى 4 مجموعات على الأكثر.
واجتمع السراج مساء أول من أمس مع 4 من كبار قادته العسكريين، حيث اطّلع على تقارير عن جاهزية القوات والأوضاع الميدانية وتطوراتها في محاور القتال في طرابلس وضواحيها. ونقل بيان أصدره السراج، عن رئيس الأركان العامة وأمراء المناطق، تأكيدهم على أن القوات الموالية له تخوض القتال وفقاً لمتطلبات المرحلة الثانية، «التي يجري تنفيذها حسب الخطة الموضوعة لها، وبتنسيق كامل بين المحاور وخطوط القتال».
وأكّد السّراج أهمّية تنفيذ إجراءات تأمين سلامة المدنيين والمنشآت الخاصة والعامة، وحسن معاملة الأسرى والجرحى، والالتزام بقواعد الاشتباك ومبادئ حقوق الإنسان.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.