«خطة السلام» قد تؤجَّل إلى الخريف المقبل

الفلسطينيون نجحوا في الحصول على مواقف سياسية عربية داعمة

TT

«خطة السلام» قد تؤجَّل إلى الخريف المقبل

هل سينجح جاريد كوشنر مستشار الرئيس الأميركي، في طرح خطة السلام هذا العام، أم أن إجراء انتخابات إسرائيلية جديدة بعد فشل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في تشكيل حكومته، سيؤجّلها إلى أمد قد يكون طويلاً نسبياً؟ سؤال تمت مناقشته على نطاق واسع في واشنطن، خلال اليومين الماضيين، بعدما بدا أن إسرائيل في طريقها إلى أزمة سياسية، لم تنجح التدخلات التي قيل إن إدارة الرئيس ترمب قامت بها لدعم نتنياهو وتحدثت عنها الصحافة الأميركية.
وحسب أوساط سياسية فإن البحث تجاوز الآن الشروط التي كانت تستعد واشنطن لتأمينها من أجل إنجاح طرح خطتها للسلام في الشرق الأوسط، وخصوصا شقها السياسي. وقالت تلك الأوساط لـ«الشرق الأوسط»، إن الفلسطينيين نجحوا في الحصول على مواقف سياسية عربية داعمة، أكدت ثوابت الموقف العربي، خصوصاً من دول الخليج، بما فيها البحرين التي ستستضيف في 25 من يونيو (حزيران) المؤتمر الاقتصادي الذي ستشرح فيه الولايات المتحدة الشق الاقتصادي من خطتها.
واعتبرت تلك الأوساط أن حرص الإدارة الأميركية على عدم تقديم خطة السلام قبل إنجاز الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، بسبب حساسية هذا المشروع وتأثيراته السياسية المحتملة على الحملات الانتخابية، سيتمدد إلى الانتخابات الجديدة في سبتمبر (أيلول) المقبل.
وهذا يعني أن خطة السلام سيتم تأجيلها على الأقل إلى الخريف المقبل، مع احتمال أن تتأخر أكثر بسبب دخول الولايات المتحدة في تلك الفترة «بمزاج» الحملات الانتخابية التي تنطلق بقوة عادةً في هذه الفترة.
ورأت تلك الأوساط أن المعادلة التي سادت اليوم خلال التحضير لإطلاق عملية السلام، اختلفت عما كانت عليه الأمور في السنين الماضية. في المبادرات الأميركية السابقة، كان العرب مجبرون على تقديم الدعم في ملفات إقليمية مقابل قيام واشنطن بطرح وتبني اقتراحات للسلام في الشرق الأوسط.
تضيف تلك الأوساط أن المعادلة اليوم اختلفت، إذ تشترط الدول العربية تحقيق إنجاز في ملف الصراع مع إيران قبل الحديث عن أي مشروع سلام. لا بل شكلت المواقف العربية كلها جرس إنذار للولايات المتحدة، بعدم إمكانية تمرير مشروع لا يتضمن الحد الأدنى الضروري الذي لا يمكن التنازل عنه لضمان حقوق الشعب الفلسطيني.
وتضيف تلك المصادر أن القضية الراهنة والعاجلة في المنطقة هي إيران وسلوكها السياسي والعسكري وطموحاتها النووية والإقليمية، وهي أمور لا يمكن انتظارها أو السكوت عنها. في حين أن القضية الفلسطينية التي مضى عليها نحو 70 عاماً يمكنها احتمال سنوات إضافية قبل الوصول إلى تسوية حولها، خصوصاً أن كل الأطراف المعنية صرّحت بشكل واضح بأن حل الدولتين والقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية ثوابت لا يمكن التنازل عنها.
تقول تلك الأوساط إن موقف الملك الأردني عبد الله الثاني، الذي أعلنه خلال زيارة كوشنر، الأربعاء، بـ«الحاجة إلى تكثيف الجهود لتحقيق سلام دائم وشامل على أساس حل الدولتين بما يضمن قيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية»، كانت تتوقعه واشنطن، بسبب حساسية موقع الأردن ودوره في هذه العملية. لكن المواقف العربية الأخرى هي ما يجبر واشنطن على التأني في كشف الشق السياسي، وعلى اعتماد مقاربات سياسية جديدة.
فقد شدد وزير الخارجية السعودي الدكتور إبراهيم العساف، على أن القضية الفلسطينية هي قضية المملكة الأولى، لافتاً إلى أن الصراع مع إسرائيل أبرز التحديات، في حين أكد أمين عام منظمة التعاون الإسلامي يوسف العثيمين أنه «يجب وضح حدٍّ للاحتلال وإنهاء معاناة الفلسطينيين».
وتعتقد تلك الأوساط أن جولة كوشنر التي رافقه فيها إضافة إلى المبعوث الأميركي الخاص جيسون غرينبلات، براين هوك المسؤول عن ملف إيران، جاءت ليس فقط من أجل الحفاظ على زخم الاستعدادات لطرح الشق الاقتصادي في البحرين، بل أيضاً لشرح الموقف الأميركي من الملف الإيراني وتقديم ضمانات حوله للمعنيين، في ظل إدراك واشنطن أهمية هذا الملف للوضع العربي عموماً.
وحسب تلك الأوساط فإن التحضيرات لمؤتمر البحرين الذي ستعرض فيه الولايات المتحدة الشق الاقتصادي، ستتواصل من أجل ضمان تحقيق إنجاز ولو مجتزأً في خطة السلام. فالمكاسب الاقتصادية الموعودة من المشروع، حسب واشنطن، لا تقتصر على الفلسطينيين، وهي تشمل دولاً أخرى من بينها الأردن ومصر ولبنان. وما يمكن تحقيقه في مؤتمر البحرين يمكن البناء عليه سياسياً في فترة لاحقة عندما يحين الأوان لتقديم الشق السياسي من خطة السلام.



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.