آثار خفية للتنمر العرقي والديني

تؤدي إلى سلوكيات خطيرة لدى المراهقين

آثار خفية للتنمر العرقي والديني
TT

آثار خفية للتنمر العرقي والديني

آثار خفية للتنمر العرقي والديني

أصبح التنمر ظاهرة خطيرة تمتد آثارها إلى ما بعد حدوثها بفترات طويلة، ويمكن أن تلازم الطفل بقية حياته. ورغم قدم ظاهرة التنمر Bullying إلا أن تقدم التكنولوجيا سمح بإلقاء مزيد من الضوء عليها سواء في الفضاء الإلكتروني أو في أرض الواقع.
وربما يكون التنمر لأسباب مختلفة سواء بسبب المظهر أو الخلفية الاجتماعية أو الثقافية. ويعاني منه المراهقون حتى في الدول المتقدمة وهو ما كشفت عنه أحدث ورقة بحثية تناولت الآثار المترتبة على التنمر وتمت مناقشتها في جامعة جنوب كاليفورنيا بالولايات المتحدة University of Southern California.
التنمر والتمييز
أوضحت الدراسة الجديدة أن ما يقرب من 14 في المائة من طلبة المدارس العامة عبر ولاية كاليفورنيا قد تعرضوا للتنمر بسبب الانتماء العرقي أو الديني أثناء العام الدراسي 2017-2018 وكانت نسبة التلاميذ الذين تعرضوا للتنمر بسبب العرق هي 6 في المائة بينما تعرض 7 في المائة للتنمر بسبب الدين.
وبغض النظر عن الآثار النفسية السيئة للتنمر بشكل عام كانت هناك دراسة إحصائية خاصة بالإدارة التعليمية لولاية كاليفورنيا ربطت بين التعرض للتنمر بسبب التمييز، والإقدام على ارتكاب سلوكيات صحية خطيرة مثل التدخين وتناول المشروبات الروحية واستخدام المخدرات حيث كان الطلبة الذين تعرضوا للتنمر العرقي والديني أكثر عرضة من أقرانهم على تجربة التدخين بمقدار الضعف بينما كان الإقدام على تناول المشروبات الكحولية أكثر بنسبة 40 في المائة مقارنة بالمراهقين الآخرين الذين كانت نسبة إقبالهم على الكحوليات 29 في المائة. وأيضا كانت المخدرات مثل الماريجوانا بنسبة بلغت 32 في المائة مقابل 23 في المائة فقط في المراهقين العاديين. وبالنسبة للمخدرات التي يتم استنشاقها أو تعاطيها عن طريق الحقن مثل الهيروين كانت النسبة 5 أضعاف المراهقين العاديين.
وأجريت الدراسة على المدارس بشكل تطوعي على شكل استبيان يتضمن الإجابة على عدة أسئلة، ولم يكن هناك إجبار على الإجابات بمعنى أن الطلاب يمكنهم ترك بعض الأسئلة التي لا تروقهم أو يشعرون بالحرج منها بدون إجابة، وذلك من خلال إحصائيات عامة على الطلبة بشكل فردي ومجهل deidentified بمعنى أن هوية المشارك لم تكن مطلوبة وبالتالي غير معلومة وذلك في الفترة الدراسية من العام الدراسي 2013-2014 وحتى العام الدراسي 2017-2018.
وكان معيار البحث: العرق، والسنة التي تم فيها البحث، ومقاطعة المراهق، وتم سؤال الطلاب عن عدد المرات التي تم فيها ممارسة التمييز ضدهم أو مضايقتهم بسبب انتمائهم العرقي في آخر 12 شهرا. وشملت المضايقات التي تعرض لها الطلاب قائمة بالأذى النفسي والبدني مثل الدفع أو الضرب أو السخرية عن طريق إطلاق أسماء لها صفات سيئة أو التحقير بلون البشرة بشكل متكرر أو بشكل عنيف وقاس في بعض الأحيان.
لون البشرة والدين
أكثر من 395 ألف طالب من الصفوف الإعدادية والثانوية شاركوا في البحث للعام الدراسي 2017-2018 وكانت نسبة الذين تعرضوا للتنمر العرقي منهم 53 ألف في خلال العام بينما كان هناك 24 ألف طالب تركوا إجابة السؤال عن التنمر بلا إجابة تماما. وكان المراهقون من أصحاب البشرة السمراء هم الأكثر تضررا من التنمر العرقي حيث تعرض طالب أسمر من كل خمسة طلاب للمضايقات في الفصول وقال 70 في المائة منهم بأن المضايقات حدثت لهم أكثر من مرة وكانوا من أكثر المجموعات العرقية التي تعرضت للتنمر.
وأوضح الباحثون أن التعرض باستمرار للتنمر القائم على التمييز العرقي والديني يؤدي إلى مشاكل صحية عضوية أيضا على المدى الطويل مثل الإصابة بأمراض القلب وأيضا حدوث الأورام المختلفة حيث وجد في دراسة سابقة في عام 2016 أن تراكم الضغوط النفسية كنتيجة للتمييز المجتمعي يؤدي إلى ارتفاع نسبة الكورتيزول cortisol بالدم (هرمون الكورتيسول عن طريق إفراز مواد معينة يقوم بزيادة سرعة ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم وزيادة سرعة التنفس)، كما أن القشرة المخية في المراهقين prefrontal cortex تكون في مرحلة النمو وهو الجزء المسؤول عن اتخاذ القرارات والتحفيز ونظرا لتعرض المراهق للضغوط يتورط في عادات خطيرة ومدمرة مثل الإدمان كنوع من التعايش مع تلك الضغوط وهو الأمر الذي ينعكس سلبيا لاحقا بشكل عضوي.
وأوضح البحث أن نسبة زيادة معدلات التدخين بين الطلبة من أصل أفريقي الذين تعرضوا للتنمر قفزت إلى 17 في المائة مقارنة بـ5 في المائة فقط بين أقرانهم السود الذين لم يتعرضوا للتنمر بسبب لون البشرة. كما أشار البحث إلى أن الطلبة الكوريين هم الأكثر تعرضا للاكتئاب والأمراض النفسية. وارجع التقرير ذلك إلى زيادة الضغوط على التلاميذ نتيجة لتنامي السياسات المناهضة للهجرة والسلوك العدواني تجاه المهاجرين في السنوات الأخيرة. وحذر البحث من انخراط المراهقين في سلوكيات الإيذاء النفسي سواء بالإدمان أو محاولات الانتحار نتيجة للرفض المجتمعي خاصة فيما يتعلق بالعرق والدين.
قامت السلطات الأميركية بسن قانون يعاقب على التنمر على أساس العرق والدين والهوية الجنسية كما وضعت برامج تعليمية على الإنترنت لكيفية التعامل مع المراهقين والأطفال الذين يتعرضون للتنمر وتوفير الدعم النفسي لهم. وأوضح الخبراء أن الأطفال بداية من عمر 10 سنوات يمكنهم التعرف على التنمر بل ويمكن أن يعانوا من آثاره أيضا. ونصحت الدراسة بضرورة التعامل مع مشكلة التنمر من خلال العمل المشترك مع الفئات التي تعاني من التنمر مثل الطلبة الأفارقة أو المسلمين وتصحيح الصورة الذهنية المسبقة عن الأعراق والأديان المختلفة مع التأكيد على أن التنمر جريمة يجب أن يتم العقاب عليها.

• استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

صحتك القلق قد يتسبب في مشكلات نفسية وجسدية للشخص (رويترز)

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

يسيطر القلق على أفكار كثير من الأشخاص، إذ يميل البعض إلى توقع حدوث الأحداث المروعة أو الكارثية في المستقبل ويعتقدون أن القلق قد يساعد على منع حدوثها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

يعمل عدد من المليارديرات على تطوير حبوب لإطالة العمر، يقول الخبراء إنها تستهدف الأغنياء فقط، نظراً لتكلفتها المرتفعة المتوقعة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك ممرضة تقيس ضغط دم أحد الأشخاص داخل «مركز شرق آركنساس الصحي العائلي» في ليبانتو (أرشيفية - رويترز)

6 خطوات للحفاظ على ضغط دم آمن خلال الطقس البارد

مع دخول فصل الشتاء، وزيادة برودة الأجواء، ما التأثير الذي قد يخلفه هذا الجو على صحتنا؟ وهل له تأثير على ضغط الدم؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صناديق من عقاري «أوزمبيك» و«ويغوفي» من إنتاج شركة «نوفو نورديسك» في صيدلية بلندن (رويترز)

دراسة تكشف ميزة جديدة لأدوية إنقاص الوزن مثل «أوزمبيك»: تحمي الكلى

أفادت دراسة جديدة بأن أدوية السمنة الشائعة، مثل «أوزمبيك»، قد تساعد أيضاً في حماية الكلى.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

أظهرت إرشادات نُشرت لأول مرة في دراسة حديثة، فوائد فريدة من نوعها توفرها حقن الحيز فوق المشيميّة للمرضى الذين يعانون من مشكلات في شبكية العين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«بيروت ترنم» يفتتح نسخته الـ17 مع موزارت ويختمها مع بوتشيني

فريق «سيستيما» يشارك في إحياء «بيروت ترنّم» (بيروت ترنم)
فريق «سيستيما» يشارك في إحياء «بيروت ترنّم» (بيروت ترنم)
TT

«بيروت ترنم» يفتتح نسخته الـ17 مع موزارت ويختمها مع بوتشيني

فريق «سيستيما» يشارك في إحياء «بيروت ترنّم» (بيروت ترنم)
فريق «سيستيما» يشارك في إحياء «بيروت ترنّم» (بيروت ترنم)

«لسنا بخير في لبنان ولكننا سنكمل رسالتنا حتى النفس الأخير». بهذه الكلمات تستهل ميشلين أبي سمرا حديثها مع «الشرق الأوسط»، تُخبرنا عن برنامج النسخة الـ17 من مهرجان «بيروت ترنّم». فهي تتمسّك بتنظيم المهرجان في قلب المدينة؛ ما جعله بمثابة تقليدٍ سنوي في فترة أعياد الميلاد. طيلة السنوات الماضية ورغم كل الأزمات التي مرّ بها لبنان بقيت متشبثة بإحيائه.

كارلا شمعون من نجمات لبنان المشاركات في «بيروت ترنّم» (بيروت ترنم)

ينطلق «بيروت ترنّم» في 4 ديسمبر (كانون الأول) المقبل ويستمر لغاية 23 منه. وتتجوّل الفرق الفنية المشاركة فيه بين مناطق مونو والتباريس والجميزة في بيروت، وكذلك في جامعة الألبا في سن الفيل، وصولاً إلى زوق مصبح ودير البلمند في شمال لبنان.

وبالنسبة لميشلين أبي سمرا فإن النسخة 17 من المهرجان تتجدد هذا العام من خلال أماكن إحيائه. وتتابع: «يزخر لبنان بأماكن مقدسة جمّة يمكننا مشاهدتها في مختلف مناطقه وأحيائه. وهذه السنة تأخذ فعاليات المهرجان منحى روحانياً بامتياز، فيحط رحاله في أكثر من دار عبادة وكنيسة. وبذلك نترجم العلاج الروحاني الذي نطلبه من الموسيقى. جراحنا وآلامنا لا تحصى، ونحتاج هذه المساحة الروحانية الممزوجة بالموسيقى كي نشفى».

أمسية «تينور يواجه تينور» مع ماتيو خضر ومارك رعيدي (بيروت ترنم)

يفتتح «بيروت ترنّم» أيامه بأمسية موسيقية مع الأوركسترا اللبنانية الوطنية، وتتضمن مقاطع موسيقية لموزارت بمشاركة السوبرانو ميرا عقيقي. ويحضر زملاء لها منهم الميزو سوبرانو غريس مدوّر، وعازف الباريتون سيزار ناعسي مع مواكبة جوقة كورال الجامعة الأنطونية. وبقيادة المايسترو الأب توفيق معتوق ستتجلّى موسيقى موزارت في كنيسة مار يوسف في مونو.

وبالتعاون مع السفارة السويسرية واليونيسكو في بيروت، يقدم فريق «سيستيما» حفله في جامعة «الألبا». وتقول ميشلين أبي سمرا: «أسسنا هذا الفريق منذ سنوات عدّة، وهو ملحق بـ(بيروت ترنّم)، ويتألف من نحو 100 عازف ومنشدٍ من الأولاد. ونحن فخورون اليوم بتطوره وإحيائه عدة حفلات ناجحة في مناطق لبنانية. سنكون على موعد معه في (بيروت ترنمّ) في 8 ديسمبر».

ومن الفنانين اللبنانيين المشاركين في برنامج الحفل الموسيقي زياد الأحمدية، الذي يحيي في 11 ديسمبر حفلاً في جامعة «الألبا» للفنون الجميلة. ويؤلف مع عازفي الساكسوفون و«الدوبل باس» نضال أبو سمرا ومكرم أبو الحصن الثلاثي الموسيقي المنتظر.

«مقامات وإيقاعات» أمسية موسيقية شرقية مع فراس عنداري (بيروت ترنم)

وتحت عنوان «سبحان الكلمة» تحيي غادة شبير ليلة 13 ديسمبر من المهرجان في كنيسة مار بولس وبطرس في بلدة قرنة شهوان، في حين تشارك كارلا شمعون في هذه النسخة من «بيروت ترنّم» في 15 ديسمبر، فتقدّم حفلاً من وحي عيد الميلاد بعنوان «نور الأمل».

تشير ميشلين أبي سمرا في سياق حديثها إلى أن عقبات كثيرة واجهتها من أجل تنفيذ المهرجان. «إننا في زمن حرب قاسية ولاقينا صعوبات مادية شكّلت عقبة، لولا دعمنا من قبل رعاة متحمسين مثلنا لاستمرارية لبنان الثقافة. كما أن نجوماً أجانب أصرّوا على المشاركة والمجيء إلى لبنان رغم ظروفه اليوم».

عازف العود زياد الأحمدية يحيي ليلة 11 ديسمبر (بيروت ترنم)

من بين هؤلاء النجوم الإسبانيان عازف الكمان فرانشيسكو فولانا وعازفة البيانو ألبا فينتورا. ومن بلجيكا يحلّ كلٌ من عازفة التشيللو ستيفاني هوانغ وعازف البيانو فلوريان نواك ضيفين على المهرجان، ويقدمان معاً حفلهما الموسيقي في 18 ديسمبر في كنيسة مار مارون في شارع الجميزة.

ومن الحفلات المنتظرة في هذه النسخة «تينور يواجه تينور». وتوضح ميشلين أبي سمرا: «يتجدّد برنامج المهرجان مع هذا الحفل. فهو يحدث لأول مرة ويشارك فيه كل من ماتيو خضر ومارك رعيدي، فيتباريان بصوتهما الرنان بعرض أوبرالي استثنائي». ويقام هذا الحفل في 9 ديسمبر في كنيسة مار مارون في الجميزة.

عازف الكمان الإسباني فرانسيسكو فولانا (بيروت ترنم)

ومن الفِرق اللبنانية المشاركة أيضاً في «بيروت ترنّم» كورال الفيحاء الوطني بقيادة المايسترو باركيف تاسلاكيان. وكذلك هناك مقامات وإيقاعات مع فراس عينداري ومحمد نحاس ومجدي زين الدين وهاشم أبو الخاضر، يقدّمون عرضاً غنائياً شرقياً، يتخلّله عزف على العود والقانون والكمان. ويقام الحفلان ليلتي 19 و20 ديسمبر في الجميزة. ويختتم «بيروت ترنّم» فعالياته في 23 ديسمبر في كنيسة مار مارون في الجميزة. وذلك ضمن حفل موسيقي في الذكرى المئوية للإيطالي بوتشيني، ويحييها التينور بشارة مفرّج وجوقة الجامعة الأنطونية بقيادة الأب خليل رحمة.