المغرب يفتح تحقيقاً حول إغراق سوق الحديد

TT

المغرب يفتح تحقيقاً حول إغراق سوق الحديد

فتح المغرب تحقيقا حول إغراق السوق لمنتجات صفائح الصلب والحديد المدرفلة بالحرارة. وأشارت وزارة التجارة والصناعة والاقتصاد الرقمي، إلى أن فتح هذا التحقيق، المتوقع أن يستغرق 9 أشهر قابلة للتمديد إلى سنة، جاء على إثر شكوى تقدمت بها شركة «مغرب ستيل»، إضافة إلى الرأي الذي أصدرته لجنة مراقبة الواردات في هذا الشأن خلال اجتماعها الأخير 22 مايو (أيار) الجاري.
وقالت الوزارة إن واردات المغرب من المنتجات المعنية ارتفعت بنسبة 31 في المائة خلال الفترة (2017 - 2018)، وعرفت ارتفاعا بنسبة 54 في المائة ما بين 2014 و2018، كما أشارت إلى أن الحصة التي تغطيها الواردات من الاستهلاك المحلي لهذه المنتجات ارتفعت بنسبة 57 في المائة ما بين 2018 و2017.
وعزت الوزارة هذا الارتفاع في الواردات إلى ظروف مستجدة، منها على الخصوص ارتفاع الطاقات الإنتاجية العالمية لمنتجات الصلب والحديد، واحتداد الحرب التجارية وتزايد لجوء الدول إلى اتخاذ إجراءات الحماية التجارية عبر العالم.
وأوضحت أن شركة «مغرب ستيل» تعرضت لضرر كبير نتيجة ارتفاع الواردات، والذي تزامن مع تراجع في المبيعات والإنتاج وحصة الشركة في السوق وحجم صادراتها بشكل أثر على مردوديتها وهامش أرباحها.
وخلص البيان إلى أن «وضعية مغرب ستيل مهددة بالتفاقم بشكل أكبر في المستقبل القريب» اعتبارا لعوامل ارتفاع الطاقة الإنتاجية العالمية لهذه المواد واستمرار الحرب التجارية.
وأوضح البيان أن وزارة التجارة والصناعة وجهت، في إطار البحث، استثمارات تضمنت مجموعة من الأسئلة إلى كل الشركات المعنية المذكورة في شكوى «مغرب ستيل»، من صناعيين وتجار ومستوردين. كما دعت الأطراف الراغبة في التوصل بالاستمارة إلى أن تتصل بالوزارة قبل يوم 17 يونيو (حزيران). وبالإضافة إلى ذلك حددت يوم 4 يوليو (تموز) المقبل كآخر أجل لكل الأطراف المعنية للتعبير عن نفسها وإيداع رأيها وملاحظاتها مكتوبة لدى الوزارة.
وبخصوص الأطراف التي تعتزم تقديم معطيات سرية، أشارت الوزارة إلى أن عليها أن تقدم ملخصا علنيا قابلا للنشر. وأشارت أيضا إلى أنها ستنظم جلسة استماع عمومي، ستعلن عن تاريخها لاحقا، لتمكن كل الأطراف المعنية من عرض وجهات نظرها والدفاع عن مصالحها.
وسبق للمغرب في هذا الإطار أن اتخذ إجراءات حمائية ضد منتجات صفائح الصلب القادمة من تركيا، ولا يزال هذا القرار موضوع نزاع بين المغرب وتركيا لدى المنظمة العالمية للتجارة. ويرتقب أن يشمل القرار الجديد دولا أخرى بالإضافة إلى تركيا.
وتكتسي منتجات صفائح الحديد والصلب أهمية خاصة بالنسبة للمغرب في سياق التوسع الذي يعرفه قطاع صناعة السيارات، والذي يعول عليه في إخراج «مغرب ستيل» من أزمتها وتمكينها من تفادي مصير عدة شركات لصناعة منتجات الحديد المسطحة المدرفلة، والتي أغلقت في السنوات الأخيرة.



الدردري: اقتصاد سوريا خسر 24 عاماً من التنمية البشرية

TT

الدردري: اقتصاد سوريا خسر 24 عاماً من التنمية البشرية

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)

كشف الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتور عبد الله الدردري، أن الأمم المتحدة أعطت البرنامج الضوء الأخضر لبدء التواصل مع الحكومة المؤقتة السورية الجديدة تعزيزاً للعمل الإنساني وبدء مسار التعافي لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري «الذي خسر 24 عاماً من التنمية البشرية حتى الآن».

وقال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في الرياض للمشاركة في فعاليات مؤتمر «كوب 16»، إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد.

كان نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الاقتصادية وتدمير آلاف المنازل وتشريد الملايين.

رجل سوري يتحدث عبر هاتفه المحمول وهو يقف على درج مبنى مدمَّر في مدينة حرستا شرق دمشق (أ.ب)

واستعرض الدردري الوضع الراهن في سوريا، فقال «إن تقديراتنا الأولية أن الاقتصاد السوري خسر حتى الآن 24 عاماً من التنمية البشرية، فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً كبيراً من 62 مليار دولار في عام 2010 إلى 8 مليارات فقط اليوم. أما معدل الفقر، فارتفع من نحو 12 في المائة عام 2010 إلى أكثر من 90 في المائة. وبات معدل الفقر الغذائي يتجاوز 65 في المائة من السكان».

وإذ أوضح أن أمام سوريا مرحلة صعبة، قال إن تقديرات البرنامج تشير إلى أنه من أصل 5 ملايين و500 ألف وحدة سكنية، فإن نحو مليوني وحدة سكنية دمِّرت بالكامل أو جزئياً.

وعن تكلفة عملية إعادة الإعمار، أوضح الدردري أن احتساب تكلفة إعادة بناء الوحدات السكنية يحتاج إلى تحديث، كون أسعار البناء تختلف اليوم. لكنه شدد على أن أخطر ما جرى في سوريا هو الضعف المؤسساتي مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عام 2011، «حيث كانت هناك مؤسسات دولة قوية، فيما تراجعت بشكل كبير اليوم». من هنا، فإن تركيز برنامج الأمم المتحدة اليوم هو على الدعم المؤسساتي، «لأنه من دون مؤسسات قادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، لا توجد تنمية ولا إعادة إعمار»، كما يركز على القطاع الخاص الذي استطاع أن يصمد رغم كل الهزات، والجاهز اليوم لتلقف أي حالة من الأمن والانفتاح للعمل.

وقال: «خلال الساعات الـ48 الأخيرة، ولمجرد أن الحكومة المؤقتة أعلنت أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق حر مع بعض الإجراءات السريعة لتسيير عمل التجارة وغيرها، تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 30 ألف ليرة إلى 14 ألف ليرة، مما يعني تحسناً بأكثر من 50 في المائة».

رجل يعد النقود بمحطة بنزين في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولكن كيف يرى نائب الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية بين سنوات 2006 و2011، خريطة طريق إعادة النهوض بالاقتصاد السوري؟ أجاب: «في الحقيقة، لا أرى فرقاً بين دوري في الأمم المتحدة وبين عملي سابقاً. فسوريا تحتاج إلى إصلاح حوكمي سريع وفعال، بمعنى أنها تحتاج إلى إصلاح القضاء، وتطوير المؤسسات وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وترسيخ القانون. كما أنها بحاجة إلى رؤية للمستقبل، وإلى حوار وطني. تحتاج إلى تحديد الوضع الراهن في المجال الاقتصادي وأين هو موقع البلاد في هذا الإطار. هي تحتاج إلى رسم سيناريوهات التعافي والنمو... وهو ما تراه الأمم المتحدة أيضاً لإعادة إحياء البلاد».

وأضاف: «سندعم كل ما من شأنه أن يجعل سوريا جاذبة للاستثمار، وإرساء منظومة لحماية اجتماعية فاعلة... فنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص وعدالة اجتماعية من خلال منظومات حماية اجتماعية متكاملة هما ما تحتاج إليه سوريا، وهما ما سنعمل عليه».

غزة

وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، قال الدردري إن التقديرات الأولية جداً تشير إلى أنها تحتاج إلى 50 مليار دولار، موضحاً أن إعادة تعويم الاقتصاد الفلسطيني إلى ما كان عليه في عام 2022، إنما يحتاج إلى معونات إنسانية تقدَّر بـ600 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار في منطقة استهدفتها غارة جوية إسرائيلية قرب مخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وعن الجهات المستعدة لتأمين هذه المبالغ، قال: «هناك وعود بأن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة، ولكن إلى الآن لا شيء ملموساً».

وأضاف: «هناك حاجة ماسة إلى رفع القيود عن عمل الفلسطينيين، وعن أموال المقاصة التي يجب أن تذهب إلى السلطة الفلسطينية، وأن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالاندماج».

لبنان

وشرح الدردري أن لبنان خسر 10 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الحرب مع إسرائيل، تضاف إلى ما نسبته 35 في المائة خسارة في الناتج المحلي منذ 2019. في حين دُمر نحو 62 ألف منزل وأكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية.

شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

ووُضع برنامج للتعافي الاقتصادي في لبنان يعتمد بشكل أساسي على تعزيز المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة وإعادة إحياء التمويل في لبنان، وعلى دعم البلديات التي تأثرت بشكل كبير، وعلى الجمعيات الأهلية. وتوقع أن يستعيد لبنان تعافيه مع استمرار حالة الهدوء، وذلك بفعل أهمية الدور الذي يلعبه قطاعه الخاص.