أنصار بوتفليقة يحاولون النهوض من نكستهم بعد خطاب قائد الجيش

تساؤلات حول من سيقود الحوار الذي دعا له رئيس الأركان ودور المؤسسة العسكرية

TT

أنصار بوتفليقة يحاولون النهوض من نكستهم بعد خطاب قائد الجيش

رحبت الطبقة السياسية في الجزائر بالحوار الذي دعا إليه قائد الجيش الجنرال قايد صالح، بهدف الخروج من الأزمة التي تتخبط فيها البلاد منذ 3 أشهر ونصف الشهر. لكن تساؤلات كثيرة ما تزال تطرح حول من سيقود الحوار، ومن سيشارك فيه، وما موقع الأحزاب التي كانت تدعم الرئيس السابق بوتفليقة من الحوار؟ وأي دور للجيش فيه؟
وبعثت الدعوة إلى الحوار، التي أطلقها قايد صالح أول من أمس، الروح في الأحزاب التي كانت موالية لبوتفليقة، والتي أجبرها الحراك على الانطواء على نفسها، وأهمها «التجمع الوطني الديمقراطي» الذي يقوده رئيس الوزراء سابقاً أحمد أويحيى، حيث ذكر في بيان له أمس أنه «يرحب بالحوار الذي يخرجنا من الأزمة، ويتوجه بنا إلى انتخابات رئاسية، كسبيل وحيد لتكريس إرادة الشعب في تأسيس جمهورية جديدة»، مؤكداً أن موقفه من الحوار «نابع من خطه الثابت منذ بداية الأزمة، الذي ينطلق من قناعته بأن الجزائر في حاجة إلى الحفاظ على استقرارها ووحدتها، بمساهمة جميع المواطنين الغيورين على بلادنا».
بدوره، رحب حزب «الحركة الشعبية الجزائرية»، الذي يرأسه وزير التجارة السابق عمارة بن يونس، بمبادرة رئيس أركان الجيش، وقال إنه «جاهز للمشاركة في الحوار بين الجزائريين لأجل الخروج في أسرع وقت من هذه الأزمة، آخذين بعين الاعتبار التجارب المريرة السابقة التي عاشها شعبنا»، مشيراً في السياق ذاته إلى أن الحوار «سيختصر المسافات بين الفاعلين في الطبقة السياسية، ويقودنا بسرعة إلى الانتخابات».
يشار إلى أن الجيش يريد رئاسية في الرابع من يوليو (تموز) المقبل، رغم أنها مرفوضة شعبياً، ورغم أنه لم يترشح لها أحد من «الأوزان الثقيلة». كما يشار أيضاً إلى أن أويحيى وبن يونس متابعان في القضاء بتهم فساد، تعود إلى فترة توليهما المسؤولية الحكومية في عهد بوتفليقة.
ويرى عدد من المراقبين والمهتمين بالشأن الجزائري أن أحزاب السلطة تحاول الخروج من حالة الانكسار التي توجد عليها منذ انفجار الشارع ضد الرئيس بوتفليقة، وتريد الاحتماء بالجيش في خطابها وتصرفات قادتها، إذ كلما نطق الجنرال صالح تسارع لتزكي ما يقول، وتعلن انخراطها الكامل في كل قراراته.
من جهته، قال الحزب الإسلامي (حركة مجتمع السلم) إنه «مستعد لأي حل في إطار الحوار، يضمن هدفين أساسيين، هما: التناغم مع الإرادة الشعبية بتغيير رئيس الدولة ورئيس الوزراء، وضمان الانتقال الديمقراطي السلس الذي ينهي التزوير الانتخابي الذي يعد أساس الفساد وكل الانحرافات الأخرى».
ودعا رئيس الدولة، عبد القادر بن صالح، إلى «تنظيم حوار صادق مسؤول مع الطبقة السياسية، والنخب والشخصيات، لتكليف حكومة جديدة، وتشكيل هيئة مستقلة لتنظيم الانتخابات بالتوافق الذي يحقق الرضا، وليس بالقرارات الفوقية، وكذا تعديل قانون الانتخابات، وتسهيل إجراءات تأسيس الأحزاب والجمعيات، ثم الذهاب لانتخابات رئاسية قبل نهاية السنة».
وأمس، عاد قايد صالح مرة أخرى إلى لغة التهديد بمناسبة خطاب جديد، حيث ذكر أن «من يعتمد على التأزيم، وإطالة أمد الأزمة، هو من يتعمد نشر الإشاعات والأخبار المزيفة»، من دون توضيح من يقصد. لكن سهام انتقاداته تبدو موجهة لناشطين سياسيين يرفضون تنظيم الانتخابات في ظل رئيس الدولة ورئيس الوزراء الحاليين، أما صالح فهو متمسك بهما بقوة.
وأضاف صالح موضحاً: «الذين يسعون إلى تعطيل المساعي الوطنية الخيرة هم أطراف تعمل بمنطق العصابة، وتسير نحو المزيد من التغليط والتضليل». لكن، وعلى عكس هذا الكلام، كان الجنرال صالح أكثر ليناً أول من أمس، عندما دعا إلى «حوار شامل بناء».
وتابع صالح ليبرز أن خريطة الطريق لهذا الحوار «ستتجلى معالمها وتتضح إذا توفرت الجدية للتوجه نحو إيجاد الحلول للأزمة المستفحلة، وذلك في أقرب الآجال، ودون تأخير»، مشدداً على أنه «لا مبرر إطلاقاً للاستمرار في تبديد الوقت وتضييعه، واستنزافه في نقاشات عقيمة، بعيداً عن الحوار الصادق والبناء».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.