معرض دولي في استوكهولم يحتفي بالتراث العربي

مشاركات تعزز التواصل الحضاري

لوحة تحتفي بالتراث العربي  -  عمل للفنانة شادية القشيري
لوحة تحتفي بالتراث العربي - عمل للفنانة شادية القشيري
TT

معرض دولي في استوكهولم يحتفي بالتراث العربي

لوحة تحتفي بالتراث العربي  -  عمل للفنانة شادية القشيري
لوحة تحتفي بالتراث العربي - عمل للفنانة شادية القشيري

فيما يعد ترسيخاً لفكرة أن الفن والثقافة يعدان من أهم أدوات القوة الناعمة للشعوب ذات التأثير المباشر أو غير المباشر، وأنهما السبيل للتعبير عن السلام والتقارب والتواصل الحضاري؛ تأتي المشاركة العربية في «معرض استوكهولم الدولي 2019» للفنون التشكيلية، الذي يعقد حالياً بالعاصمة السويدية استوكهولم.
يشارك في المعرض 35 فناناً وفنانة، من بينهم عشرون فناناً وفنانة من مصر، إلى جانب فنانين من العراق، وفلسطين، وتونس، والجزائر، والمغرب، والبحرين، والكويت، وروسيا، وإيرلندا، وفنلندا، والسويد، واليونان. فيما يأتي تنظيم المعرض من جانب «شبكة الفنانين المهاجرين في الاتحاد الأوروبي» (European Union Migrant Artists Network)، التي يقع مقرها في العاصمة الفنلندية هلسنكي، ونشأت بواسطة مجموعة من الفنانين المهاجرين قبل أكثر من عقدين.
من جانبه، يقول الفنان سعد الفلاحي، منظم المعرض لـ«الشرق الأوسط»: «يهدف هذا المعرض إلى توطيد العلاقات وتبادل الخبرات الثقافية والفنية بين الشعوب العربية وباقي الشعوب؛ فالغاية أن يكون هناك ترويج للثقافة والفنون العربية على ساحة القارة الأوروبية، وأن نوصل أعمال الفنانين العرب المميزة إلى أوروبا؛ لذا كان اختيار نخبة من الفنانين من بلدان عربية متعددة، وعدد من أساتذة كليات الفنون لإيصال رسالة أن الفن أداة للتواصل الحضاري والسلام العالمي».
تتسم المشاركات العربية في فعاليات المعرض بالتعدد والتنوع في الأساليب والثيمات الفنية المتعددة المطروحة من جانب الفنانين المشاركين، مع الاحتفاظ بخصوصية الرؤى الخاصة بكل فنان، حيث حاولت المشاركات أن تعكس مشاهد حول الهوية والتراث، وأخرى عن البيئة والطبيعة، وكذلك الاهتمام بالخط العربي وفن الحروفية وغيرها، فيما تم التعبير عن هذه الأعمال بتنوع المدارس الفنية، حيث توزعت أعمال المشاركين بين المدارس التجريدية والواقعية والحديثة والانطباعية، بالإضافة إلى فن البورتريه.
ويوضح الفلاحي أنه لم تختَر ثيمة فنية مقيدة بموضوع ما، لكن الباب كان مفتوحاً أمام جميع الفنانين من الدول العربية كافة للتعبير عن أنفسهم بما يصب في صالح فكرة المعرض، وبما يمد جسور المحبة والتواصل مع الآخر.
وبدوره، يشير الفنان أمير الخطيب، مدير شبكة الفنانين المهاجرين في الاتحاد الأوروبي، إلى أهمية التواجد العربي بمثل هذه التجمعات الفنية، بما يعكس هوية الإنسان دون حواجز أو معوقات، معتبراً أن الفن لغة الإنسان المتحضر التي لا تحتاج إلى ترجمة، وأن الأمم تقاس بفنانيها ومبدعيها ومثقفيها.
ويوضح أن المعرض يأتي ضمن سلسلة من المعارض في أوروبا تنظمها الشبكة للانفتاح على العالم، مثمناً ما حظي به افتتاح المعرض من حضور جمهور غفير من المثقفين والنقاد والمهتمين بالفن التشكيلي، إلى جانب افتتاحه من جانب سفير العراق لدى مملكة السويد السفير أحمد الكمالي.
من بين المشاركين في المعرض، تقول الدكتورة إيمان أنيس، الأستاذة بكلية الفنون التطبيقية بجامعة حلوان المصرية: «أشارك في المعرض بلوحتين مستوحاتين من الفن المصري القديم، وهما عبارة عن معلقتين نسجيتين مطبوعتين، الأولى تبرز ثلاثاً من العازفات الفرعونيات والزخارف النباتية، والأخرى لمجموعة من الآلهة التي كان يقدسها المصري القديم».
وتثمّن أنيس مشاركتها في المعرض؛ كونه يضم نخبة من الفنانين المتميزين عربياً، إلى جانب هدف المعرض في ترسيخ القوة الناعمة، وتأكيد دورها الكبير في نشر الأفكار والمعتقدات والتراث والفنون إلى العالم، وبالتالي يكون لها أثر كبير لا تقدر عليه القوة الخشنة.
أما الفنان الدكتور محمد محيي الدين محمود، الأستاذ بكلية الفنون التطبيقية جامعة بني سويف، فيشارك بعدد من أعماله بمجال التصوير الفوتوغرافي، التي تدور في منطقة النوبة جنوبي مصر، حيث يحاول البحث بعدسة الكاميرا الخاصة به عما يحرك الإحساس سواء في اللقطات الآدمية أو المناظر الطبيعية أو حتى في المناطق الأثرية.
وعن مشاركته بالمعرض، يقول: «أتمنى أن تتكرر تجربتي مع شبكة الفنانين المهاجرين في الاتحاد الأوروبي لمعارض أخرى قادمة؛ لما لمسته من تقدير للفنانين وإثراء الحركة الفنية والحرص على إيصال رسالة سلام وحب وتآخٍ بين مختلف الشعوب العربية والأجنبية».



حضور تشكيلي سعودي بارز في مهرجان «ضي للشباب العربي» بمصر

عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)
عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)
TT

حضور تشكيلي سعودي بارز في مهرجان «ضي للشباب العربي» بمصر

عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)
عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)

يُشكّل «مهرجان ضي للشباب العربي» الذي يُطلقه «أتيليه العرب للثقافة والفنون» في مصر كل عامين، تظاهرة ثقافية تحتفي بالمواهب العربية الشابة في الفنون التشكيلية، وتعكس عمق التعبير وتنوعه بين الفنانين المشاركين عن القضايا الجماعية والتجارب الذاتية.

وتشهد نسخته الخامسة التي انطلقت تحت شعار «بلا قيود»، وتستمر لشهر كامل في قاعات غاليري «ضي» بالقاهرة، مشاركة 320 فناناً من الشباب، يمثلون 11 دولة عربية هي مصر، والسعودية، والسودان، وسوريا، وفلسطين، والعراق، والأردن، واليمن، ولبنان، والعراق، وتونس.

تُقدم سلمى طلعت محروس لوحة بعنوان «روح» (الشرق الأوسط)

وبين أرجاء الغاليري وجدرانه تبرز مختلف أنواع الفنون البصرية، من الرسم والتصوير والحفر والطباعة والخزف والنحت. ومن خلال 500 عملٍ فني تتنوع موضوعاتها وتقنياتها وأساليبها واتجاهاتها.

ويحفل المهرجان في دورته الحالية بأعمال متنوعة ومميزة للشباب السعودي، تعكس إبداعهم في جميع ألوان الفن التشكيلي؛ ومنها عمل نحتي للفنان السعودي أنس حسن علوي عنوانه «السقوط».

«السقوط» عمل نحتي للتشكيلي السعودي أنس علوي (الشرق الأوسط)

يقول علوي لـ«الشرق الأوسط»: «استلهمت العمل من فكرة أن كلمَتي (حرام) و(حلال)، تبدآن بحرف الحاء، وهما كلمتان متضادتان، وبينهما مساحات شاسعة من الاختلاف».

ويتابع: «يُبرز العمل ما يقوم به الإنسان في وقتنا الراهن، فقد يُحرّم الحلال، ويُحلّل الحرام، من دون أن يكون مُدركاً أن ما يقوم به هو أمر خطير، وضد الدين».

ويضيف الفنان الشاب: «لكنه بعد الانتهاء من فعله هذا، قد يقع في دائرة الشكّ تجاه تصرّفه. وفي هذه المرحلة أردت أن أُجسّد تلك اللحظة التي يدخل إليها الإنسان في مرحلة التفكير والتشكيك في نفسه وفي أعماله، فيكون في مرحلة السقوط، أو مراجعة حكمه على الأمور».

وتأتي مشاركة الفنانة السعودية سمية سمير عشماوي في المهرجان من خلال لوحة تعبيرية من الأكريلك بعنوان «اجتماع العائلة»، لتعكس عبرها دفء المشاعر والروابط الأسرية في المجتمع السعودي.

عمل للتشكيلية السعودية سمية عشماوي (الشرق الأوسط)

وتقول سمية لـ«الشرق الأوسط»: «تُعدّ اللوحة تجسيداً لتجربة شخصية عزيزة على قلبي، وهي لقاء أسبوعي يجمع كل أفراد أسرتي، يلفّه الحب والمودة، ونحرص جميعاً على حضوره مهما كانت ظروف الدراسة والعمل، لنتبادل الأحاديث، ونتشاور في أمورنا، ونطمئن على بعضنا رغم انشغالنا».

ويُمثّل العمل النحتي «حزن» أول مشاركة للتشكيلية السعودية رويدا علي عبيد في معرض فني، والتمثال مصنوع من خامة البوليستر، ويستند على رخام. وعن العمل تقول لـ«الشرق الأوسط»: «يُعبّر التمثال عن لحظة حزن دفينة داخل الإنسان».

عمل نحتي للفنانة السعودية رويدا علي عبيد في الملتقى (الشرق الأوسط)

وتتابع رويدا: «لا أحد يفهم معنى أن تقابل الصدمات بصمت تام، وأن تستدرجك المواقف إلى البكاء، فتُخفي دموعك، وتبقى في حالة ثبات، هكذا يُعبّر عملي عن هذه الأحاسيس، وتلك اللحظات التي يعيشها المرء وحده، حتى يُشفى من ألمه وأوجاعه النفسية».

من جهته قال الناقد هشام قنديل، رئيس مجلس إدارة «أتيليه العرب للثقافة والفنون»، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مهرجان الشباب العربي يمثّل خطوة مهمة في تشجيع الفنانين الشباب ودفعهم إلى الابتكار، وتقديم أفكارهم بلا قيود؛ وانطلاقاً من هذا الفكر قرّرت اللجنة المنظمة أن يكون موضوع المهرجان 2025 مفتوحاً من دون تحديد ثيمة معينة».

وأضاف قنديل: «اختارت لجنتا الفرز والتحكيم أكثر من ثلاثمائة عملٍ فني من بين ألفي عمل تقدّمت للمشاركة؛ لذا جاءت الأعمال حافلة بالتنوع والتميز، ووقع الاختيار على الإبداع الفني الأصيل والموهبة العالية».

ولفت قنديل إلى أن الجوائز ستُوزّع على فروع الفن التشكيلي من تصوير، ونحت، وغرافيك، وخزف، وتصوير فوتوغرافي وغيرها، وستُعلن خلال حفل خاص في موعد لاحق يحدده الأتيليه. مشيراً إلى أن هذه النسخة تتميّز بزخم كبير في المشاركة، وتطوّر مهم في المستوى الفني للشباب. ومن اللافت أيضاً في هذه النسخة، تناول الفنانين للقضية الفلسطينية ومعاناة سكان غزة من خلال أعمالهم، من دون اتفاق مسبق.

عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)

وبرؤية رومانسية قدّمت الفنانة المصرية الشابة نورهان إبراهيم علاجاً لصراعات العالم وأزماته الطاحنة، وهي التمسك بالحب وتوفير الطفولة السعيدة للأبناء، وذلك من خلال لوحتها الزيتية المشاركة بها في المهرجان، التي تغلب عليها أجواء السحر والدهشة وعالم الطفولة.

وتقول نورهان، لـ«الشرق الأوسط»، إن «براءة الأطفال هي بذرة الإبداع التي ستعالج العالم كله»، وتتابع: «أحب الأطفال، وأتعلم كثيراً منهم. وأدركت أن معظم المشكلات التي تواجه العالم اليوم من الجرائم الصغيرة إلى الحروب الكبيرة والإرهاب والسجون الممتلئة لدينا، إنما هي نتيجة أن صانعي هذه الأحداث كانوا ذات يومٍ أطفالاً سُرقت منهم طفولتهم».

«بين أنياب الأحزان» هو عنوان لوحة التشكيلي الشاب أدهم محمد السيد، الذي يبرز تأثر الإنسان بالأجواء المحيطة به، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «حين يشعر المرء بالحزن، يبدأ في الاندماج مع الطبيعة الصامتة، ويتحوّلان إلى كيان واحد حزين. وحين يسيطر الاكتئاب على الإنسان ينجح في إخفائه تدريجياً».

لوحة للتشكيلية المصرية مروة جمال (الشرق الأوسط)

وتقدم مروة جمال 4 لوحات من الوسائط المتعددة، من أبرزها لوحة لبناية قديمة في حي شعبي بالقاهرة، كما تشارك مارلين ميشيل فخري المُعيدة في المعهد العالي للفنون التطبيقية بعملٍ خزفي، وتشارك عنان حسني كمال بعمل نحت خزفي ملون، في حين تقدّم سلمى طلعت محروس لوحة عنوانها «روح» تناقش فلسفة الحياة والرحيل وفق رؤيتها.