الملك خوان كارلوس الأول ينسحب من الحياة العامة الإسبانية

جلوسه على العرش اعتبر أنجح عملية انتقال سياسي في تاريخ بلاده الحديث

الملك خوان كارلوس (أ.ف.ب)
الملك خوان كارلوس (أ.ف.ب)
TT

الملك خوان كارلوس الأول ينسحب من الحياة العامة الإسبانية

الملك خوان كارلوس (أ.ف.ب)
الملك خوان كارلوس (أ.ف.ب)

بعد 38 عاماً من جلوسه على عرش إسبانيا، في واحدة من أنجح عمليات الانتقال السياسي في التاريخ الحديث، التي أصبحت مادة تُدرَّس في الكثير من كليّات العلوم السياسية في العالم، وبعد 5 سنوات بالضبط من تنازله عن العرش لصالح ابنه الملك فيليبي السادس، أعلن القصر الملكي الإسباني أن الملك الفخري خوان كارلوس الأوّل قرر إنهاء جميع أنشطته الرسمية، والانسحاب بصورة نهائية من الحياة العامة. وأفاد بيان صادر عن الديوان الملكي في مدريد بأن الملك خوان كارلوس بعث برسالة إلى ابنه يبلغه فيها قراره التوقّف نهائياً عن المشاركة والظهور في الاحتفالات والمناسبات الرسمية، اعتباراً من يوم الاثنين المقبل الذي يتزامن مع الذكرى السنويّة الخامسة لقرار التنحّي الذي جاء بعد سلسلة من الأحداث التي أثرّت على سمعة المؤسسة الملكية، كانت آخرها الفضيحة المالية التي طالت صهر الملك الذي يقضي حاليّاً عقوبة بالسجن في أحد السجون الإسبانية.
كان ظهور خوان كارلوس في السنوات الخمس الأخيرة مقصوراً على المشاركة في بعض اللقاءات الثقافية والاجتماعية، وازداد بشكل ملحوظ العام الماضي، بالتزامن مع عيد ميلاده الثمانين، والذكرى السنوية الأربعين لاعتماد الدستور الذي كرّس نظام الملكية الدستورية في إسبانيا، بعد أربعة عقود من الديكتاتورية التي أفرزتها حرب أهلية طاحنة دامت ثلاث سنوات، وأوقعت أكثر من مليون قتيل.
وجاء في الرسالة التي وجّهها خوان كارلوس إلى ابنه، وكشف بيان الديوان الملكي عن مضمونها، أنه بدأ يفكّر باتخاذ هذه الخطوة في مطلع العام الماضي خلال الاحتفال الرسمي الذي أقيم في البرلمان بمناسبة الذكرى الأربعين للدستور، وقال: «كان اللقاء مؤثراً جداً، استحضرت خلاله، بإعجاب واعتزاز، ذكرى الكثيرين الذين ساهموا في تلك المرحلة السياسية الانتقالية، وأتاح لي فرصة أخرى كي أجدّد عرفاني العميق والدائم للشعب الإسباني، صاحب الدور الأساسي في تلك المرحلة الحاسمة من تاريخنا الحديث». وينهي الملك الفخري رسالته الموجّهة إلى ابنه وخليفته بالقول «أعرب لك اليوم عن عزمي ورغبتي في الإقدام على هذه الخطوة، ووقف مشاركتي في الأنشطة الرسمية... وإني أتخّذ قراري هذا بموّدة عميقة واعتزاز كبير كأب يوكّد لك ولاءه الدائم. أحرّ العناق من والدك».
يذكر أن خوان كارلوس، الذي أصبح لقبه الرسمي «الملك الفخري»، بعد تنازله عن العرش في عام 2014، كان قد انكفأ عن الظهور في معظم المناسبات الرسمية بعد أن تدهورت صحته، وتفاقمت تطورات فضيحة الفساد المالي حول أنشطة زوج ابنته الأميرة كريستينا. لكن بعد الحكم القضائي الذي صدر بتبرئتها في عام 2017، استأنف وتيرة أنشطته، وكان حاضراً في حفل الافتتاح الجديد لقناة بنما التي نفذتها شركات إسبانية، كما شارك في التوقيع على اتفاقية السلام بين الحكومة والثوّار في كولومبيا، وفي جنازة صديقه الزعيم الكوبي الراحل فيديل كاسترو.
لكن عهد خوان كارلوس الذي دام أربعة عقود تقريباً، وكان محفوفاً بصعوبات ومخاطر كثيرة في بداياته، يبقى مرحلة مضيئة لعب فيها الملك الشاب آنذاك دوراً حاسماً في عودة الديمقراطية وترسيخها، وكانت الفترة التي شهدت فيها إسبانيا أرفع درجات الازدهار الاقتصادي والديمقراطي في تاريخها. وكان آخر ظهور للملك الفخري أواسط الشهر الماضي في مدريد خلال حفلات مصارعة الثيران، التي يهواها منذ شبابه، والتي تنظّم كل سنة بمناسبة أعياد العاصمة. ومن المنتظر أن ينصرف اعتباراً من الآن إلى ممارسة هوايته المفضّلة في سباق الزوارق الشراعية برفقة حفنة من أصدقائه. وغالباً ما كان والد الملك، أو الملك الوالد، يردّد: «البحر هو الحرّية في أصفى معانيها»، ويقول: «أهوى المنافسة، ودائماً كنت تنافسيّاً، في الرياضة كما في الحياة».



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.