تركيا تلزم صناديق التقاعد بالاستثمار في سندات الحكومة والبورصة

مؤشر الثقة بالاقتصاد يتهاوى... وتكاليف التمويل تعصف بأرباح الشركات الكبرى

هبط مؤشر الثقة بالاقتصاد التركي خلال الشهر الحالي إلى أدنى مستوياته المسجلة منذ 7 أشهر (رويترز)
هبط مؤشر الثقة بالاقتصاد التركي خلال الشهر الحالي إلى أدنى مستوياته المسجلة منذ 7 أشهر (رويترز)
TT

تركيا تلزم صناديق التقاعد بالاستثمار في سندات الحكومة والبورصة

هبط مؤشر الثقة بالاقتصاد التركي خلال الشهر الحالي إلى أدنى مستوياته المسجلة منذ 7 أشهر (رويترز)
هبط مؤشر الثقة بالاقتصاد التركي خلال الشهر الحالي إلى أدنى مستوياته المسجلة منذ 7 أشهر (رويترز)

في إطار إجراءاتها الهادفة إلى مواجهة التقلبات في سعر الصرف، وتراجع البورصة، وتآكل احتياطي النقد الأجنبي في البنك المركزي، فرضت الحكومة التركية على المحافظ الاستثمارية التابعة لصناديق التقاعد استثمار 25 في المائة من قيمتها «على الأقل» في سندات الحكومة في أسواق المال. كما ألزمت الحكومة صناديق التقاعد باستثمار ما لا يقل عن 10 في المائة في بورصة إسطنبول.
وحسب قرارات صدرت أمس (الثلاثاء)، سوف يكون أمام الصناديق القائمة حتى 31 يوليو (تموز) المقبل للامتثال للتوجيهات الجديدة، جاء ذلك بعد أن أصدر البنك المركزي التركي، أول من أمس، قراراً يلزم البنوك بزيادة الاحتياطي الإلزامي من العملات الأجنبية، الذي يتوجب عليها إيداعه فيه.
ورفع البنك المركزي النسبة من الودائع بالعملات الأجنبية التي يتوجب على البنوك إيداعها كاحتياطي لديه 200 نقطة أساس، وهو ما سيؤدي إلى سحب 4.2 مليار دولار من السيولة النقدية الأجنبية في السوق.
في الوقت ذاته، تراجع إجمالي احتياطيات البنك المركزي، خلال الأسبوع الماضي، مع هبوط احتياطي النقد الأجنبي بنحو 1.3 مليار دولار.
وكشف التقرير الأسبوعي الصادر عن البنك المركزي التركي، أمس، أن إجمالي احتياطيات البنك (التي تضم احتياطيات النقد الأجنبي والذهب معاً)، تراجعت إلى 92.475 مليار دولار في الأسبوع المنتهي في 17 مايو (أيار) الحالي، وهو أقل من 93.658 مليار دولار المسجلة في الأسبوع السابق عليه.
وانخفض إجمالي احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنك بنحو 1.246 مليار دولار في الأسبوع المنقضي، ليهبط إلى 71.748 مليار دولار. بينما شهدت احتياطيات الذهب زيادة طفيفة في الأسبوع الماضي، لترتفع من 20.664 مليار دولار إلى 20.727 مليار دولار.
وهبطت احتياطيات النقد الأجنبي والذهب الإجمالية لدى البنك المركزي التركي بأكثر من 15 في المائة، الأسبوع الماضي، مقارنة مع الفترة ذاتها من عام 2018.
وانعكس قرار رفع الاحتياطي الإلزامي للبنوك بالبنك المركزي بشكل طفيف على الليرة التركية التي تحسن أداؤها قليلاً في تعاملات الليلة قبل الماضية، بنسبة 0.3 في المائة، لترتفع إلى 6.0616 ليرة، مقابل الدولار، وجرى تداولها أمس (الثلاثاء) عند مستوى 6.26 ليرة للدولار.
وبلغت خسائر الليرة التركية مقابل الدولار نحو 13 في المائة منذ بداية العام الحالي وحتى الآن.
إلى ذلك، هبط مؤشر الثقة بالاقتصاد التركي خلال مايو (أيار) الحالي، إلى أدنى مستوياته المسجلة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2018، متأثراً بالضغوط التي تعاني منها مختلف القطاعات نتيجة أزمة انهيار الليرة.
وقالت هيئة الإحصاء التركية، في بيان أمس، إن مؤشر الثقة بالاقتصاد تراجع خلال مايو الحالي بنسبة 8.5 في المائة إلى 77.5 نقطة، نزولاً من 84.7 نقطة في أبريل (نيسان) الماضي، بينما بلغ في أكتوبر 2018 نحو 75.2 نقطة.
وأرجعت هيئة الإحصاء التراجع في مؤشر الثقة بالاقتصاد إلى الانخفاض في مؤشر ثقة المستهلك إلى 55.3 نقطة، والقطاع الحقيقي (الصناعة التحويلية)، إلى 94.7 نقطة، والخدمات إلى 79.4 نقطة، وتجارة التجزئة إلى 89.9 نقطة، ومؤشر ثقة البناء إلى 49.8 نقطة.
وتراجع مؤشر الثقة بالاقتصاد التركي في مايو الحالي على أساس سنوي، بنسبة 19.6 في المائة، نزولاً من 96.3 نقطة في مايو 2018.ومؤشر الثقة في الاقتصاد، هو مؤشر مركب يحتوي على تقييمات وتوقعات المستهلكين والمنتجين حول الوضع الاقتصادي العام، بحيث يتم الجمع بين المؤشر عن طريق تجميع مرجح للمؤشرات الفرعية لثقة المستهلك المعدلة موسمياً والقطاع الحقيقي والخدمات وتجارة التجزئة ومؤشرات ثقة البناء.
ويعكس المؤشر نظرة متفائلة بشأن الوضع الاقتصادي العام عندما يتجاوز حاجز 100 نقطة، في حين أنه يشير إلى توقعات متشائمة وسلبية في الاقتصاد، عندما يكون أقل من ذلك.
ودخل الاقتصاد التركي، العام الماضي، مرحلة ركود هي الأولى منذ 10 سنوات، بعد أن انكمش بنسبة 3 في المائة، وتتوقع المؤسسات الاقتصادية الدولية أن يواصل انكماشه خلال العام الحالي بنسبة 2.6 في المائة، ليتواصل الركود الذي سجل لفصلين متتابعين في نهاية العام الماضي. وتأمل الحكومة التركية ألا تطول فترة الركود عن هذين الفصلين.
وفي غضون ذلك، قالت غرفة تجارة إسطنبول، الثلاثاء، إن تكاليف التمويل محت معظم أرباح أكبر 500 شركة صناعية تركية في 2018 حين دفعت أزمة العملة الاقتصاد صوب الركود.
وأضافت الغرفة، في تقريرها السنوي، أن الحصول على التمويل أصبح «مشكلة مزمنة» خلال السنوات القليلة الماضية، وأنه لم يطرأ تحسن العام الماضي. وقالت إن تكاليف التمويل استحوذت إجمالاً على 88.9 في المائة من الأرباح التشغيلية في 2018 للشركات الصناعية الكبيرة. وحققت 381 شركة فقط من الشركات الخمسمائة أرباحاً العام الماضي انخفاضاً من 422 في السنة السابقة.
كانت شركات الصناعات التحويلية وغيرها من بين الأكثر تضرراً من أزمة العام الماضي، التي شهدت أسوأ أداء لليرة، حيث فقدت نحو نصف قيمتها مقابل الدولار.
وتمثل غرفة تجارة إسطنبول نحو 1800 شركة صناعية في أكبر مدينة ومركز تجاري تركي. وتتخذ بعض الشركات من بين الخمسمائة الأكبر حجماً في التقرير مقرات في مدن أخرى.
وقال التقرير إن نسبة ديون أكبر 500 شركة صناعية ارتفعت إلى 67 في المائة، العام الماضي، بينما نزلت نسبة رأس المال إلى 33 في المائة، فيما وصفه بأنه هيكل الموارد المُسجل «الأكثر سلبية» على الإطلاق.



هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
TT

هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)

في ظلّ الضغوط المتزايدة التي فرضتها العقوبات الغربية وارتفاع أسعار الفائدة بشكل مذهل، تتزايد المخاوف في الأوساط الاقتصادية الروسية من احتمال حدوث موجة من الإفلاسات التي قد تهدّد استقرار الكثير من الشركات، لا سيما في ظل استمرار الرئيس فلاديمير بوتين في التمسّك بحربه في أوكرانيا.

وفي كلمته خلال مؤتمر الاستثمار الذي نظمته مجموعة «في تي بي» هذا الشهر، لم يفوّت بوتين الفرصة للتفاخر بما عدّه فشل العقوبات الغربية في إضعاف الاقتصاد الروسي، فقد صرّح قائلاً: «كانت المهمة تهدف إلى توجيه ضربة استراتيجية إلى روسيا، لإضعاف صناعتنا وقطاعنا المالي والخدماتي». وأضاف أن النمو المتوقع للاقتصاد الروسي سيصل إلى نحو 4 في المائة هذا العام، قائلاً إن «هذه الخطط انهارت، ونحن متفوقون على الكثير من الاقتصادات الأوروبية في هذا الجانب»، وفق صحيفة «واشنطن بوست».

وعلى الرغم من التصفيق المهذّب الذي قُوبل به الرئيس الروسي، فإن التوترات بدأت تظهر بين النخبة الاقتصادية الروسية بشأن التأثيرات السلبية المتزايدة للعقوبات على الاقتصاد الوطني. فقد حذّر عدد متزايد من المسؤولين التنفيذيين في الشركات الكبرى من أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة لمكافحة التضخم -الذي تفاقم بسبب العقوبات والنفقات العسكرية لبوتين- قد يهدد استقرار الاقتصاد في العام المقبل. وقد تتسبّب هذه السياسة في تسارع موجات الإفلاس، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية الحساسة مثل الصناعة العسكرية، حيث من المتوقع أن يشهد إنتاج الأسلحة الذي يغذّي الحرب في أوكرانيا تباطؤاً ملحوظاً.

حتى الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، أشار في منشور على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» إلى أن روسيا أصبحت «ضعيفة جزئياً بسبب اقتصادها المتداعي».

تحذيرات من الإفلاس

ومع تزايد توقعات أن «المركزي الروسي» سيضطر إلى رفع الفائدة مرة أخرى هذا الشهر، انضم بعض الأعضاء المعتدلين في الدائرة الداخلية لبوتين إلى الانتقادات غير المسبوقة للسياسات الاقتصادية التي أبقت على سعر الفائدة الرئيس عند 21 في المائة، في وقت يستمر فيه التضخم السنوي في الارتفاع ليصل إلى أكثر من 9 في المائة. وهذا يشير إلى احتمالية حدوث «ركود تضخمي» طويل الأمد أو حتى ركود اقتصادي في العام المقبل. وبالفعل، يتوقع البنك المركزي أن ينخفض النمو الاقتصادي بشكل حاد إلى ما بين 0.5 في المائة و1.5 في المائة في العام المقبل.

كما تسبّبت العقوبات الأميركية الجديدة التي شملت فرض عقوبات على 50 بنكاً روسياً، بما في ذلك «غازبروم بنك»، وهو قناة رئيسة لمدفوعات الطاقة، في زيادة تكاليف المعاملات بين المستوردين والمصدرين الروس. وقد أسهم ذلك في انخفاض قيمة الروبل إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022. وقد أدى هذا الانخفاض في قيمة الروبل إلى زيادة التضخم، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 0.5 في المائة بين 26 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية.

وفي هذا السياق، حذّر رئيس هيئة الرقابة المالية الروسية، نجل أحد أقرب حلفاء بوتين، بوريس كوفالتشوك، من أن رفع أسعار الفائدة «يحد من إمكانات الاستثمار في الأعمال، ويؤدي إلى زيادة الإنفاق في الموازنة الفيدرالية». كما انتقد الرئيس التنفيذي لشركة «روسنفت» الروسية، إيغور سيتشين، البنك المركزي بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، مؤكداً أن ذلك أسهم في زيادة تكاليف التمويل للشركات وتأثر أرباحها سلباً.

وفي تصريح أكثر حدّة، حذّر رئيس شركة «روس أوبورون إكسبورت» المتخصصة في صناعة الأسلحة، سيرغي تشيميزوف، من أن استمرار أسعار الفائدة المرتفعة قد يؤدي إلى إفلاس معظم الشركات الروسية، بما في ذلك قطاع الأسلحة، مما قد يضطر روسيا إلى الحد من صادراتها العسكرية.

كما شدّد قطب صناعة الصلب الذي يملك شركة «سيفيرستال»، أليكسي مورداشوف، على أن «من الأفضل للشركات أن تتوقف عن التوسع، بل تقلّص أنشطتها وتضع الأموال في الودائع بدلاً من المخاطرة بالإدارة التجارية في ظل هذه الظروف الصعبة».

وحذّر الاتحاد الروسي لمراكز التسوق من أن أكثر من 200 مركز تسوق في البلاد مهدد بالإفلاس بسبب ارتفاع تكاليف التمويل.

وعلى الرغم من أن بعض المديرين التنفيذيين والخبراء الاقتصاديين يشيرون إلى أن بعض الشركات قد تبالغ في تقدير تأثير أسعار الفائدة المرتفعة، في محاولة للحصول على قروض مدعومة من الدولة، فإن القلق بشأن الوضع الاقتصادي يبدو مشروعاً، خصوصاً أن مستويات الديون على الشركات الروسية أصبحت مرتفعة للغاية.

ومن بين أكثر القطاعات تأثراً كانت صناعة الدفاع الروسية، حيث أفادت المستشارة السابقة للبنك المركزي الروسي، ألكسندرا بروكوبينكو، بأن الكثير من الشركات الدفاعية لم تتمكّن من سداد ديونها، وتواجه صعوبة في تأمين التمويل بسبب ارتفاع تكاليفه. وقالت إن بعض الشركات «تفضّل إيداع الأموال في البنوك بدلاً من الاستثمار في أنشطة تجارية ذات مخاطر عالية».

كما تحدّث الكثير من المقاولين علناً عن الأزمة الاقتصادية المتزايدة في روسيا. ففي أوائل نوفمبر، أشار رئيس مصنع «تشيليابينسك» للحديد والصلب، أندريه جارتونغ، خلال منتدى اقتصادي إلى أن فروعاً رئيسة من الهندسة الميكانيكية قد «تنهار» قريباً.

وفي الثالث من ديسمبر (كانون الأول)، أفادت وكالة «إنترفاكس» الروسية بأن حالات عدم السداد انتشرت في مختلف أنحاء الاقتصاد، حيث تأخرت الشركات الكبرى والمتوسطة بنسبة 19 في المائة من المدفوعات بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، في حين تأخرت الشركات الصغيرة بنسبة 25 في المائة من المدفوعات في الفترة نفسها.

وحسب وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، فقد انخفض الاستثمار في البلاد، وتسببت العقوبات في ارتفاع تدريجي لتكاليف الواردات والمعاملات المالية، مما أدى إلى زيادة التضخم. كما قال مسؤول مالي روسي كبير سابق، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: «ما يحدث هو صدمة إمداد نموذجية في البلاد».

صناعة الدفاع مهددة

تأتي هذه التحديات في وقت حساس بالنسبة إلى صناعة الدفاع الروسية. فعلى الرغم من ضخ بوتين مبالغ ضخمة من التمويل الحكومي في هذا القطاع، مع تخصيص 126 مليار دولار في موازنة العام المقبل، فإن معظم الزيادة في الإنتاج كانت ناتجة عن تعزيز القوة العاملة لتشغيل المصانع العسكرية على مدار الساعة وتجديد مخزونات الحقبة السوفياتية. ومع ذلك، ومع استمرار الحرب ودخولها عامها الثالث، وارتفاع خسائر المعدات العسكرية، فإن القوة العاملة في القطاع قد وصلت إلى أقصى طاقتها، وإمدادات الأسلحة السوفياتية تتضاءل بسرعة.

وتقول جانيس كلوغ، من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن التكاليف المتزايدة والعقوبات المشددة على واردات المعدات تجعل من الصعب على قطاع الدفاع الروسي بناء الأسلحة من الصفر. ووفقاً لتقرير صادر هذا العام عن الباحثَين في المعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن، جاك واتلينغ ونيك رينولدز، فإن 80 في المائة من الدبابات والمركبات القتالية المدرعة التي تستخدمها روسيا في الحرب ليست جديدة، بل جُدّدت من المخزونات القديمة. ويضيف التقرير أن روسيا «ستبدأ في اكتشاف أن المركبات بحاجة إلى تجديد أعمق بحلول عام 2025. وبحلول عام 2026 ستكون قد استنفدت معظم المخزونات المتاحة».

ثقة الكرملين

على الرغم من هذه التحديات يبدو أن الوضع لا يثير قلقاً في الكرملين. وقال أكاديمي روسي له علاقات وثيقة مع كبار الدبلوماسيين في البلاد: «لا يوجد مزاج ذعر». وأضاف أن المسؤولين في الكرملين يعدّون أن «كل شيء يتطور بشكل جيد إلى حد ما». ووفقاً لهذا الرأي، فإن روسيا تواصل تحقيق تقدم عسكري، وفي ظل هذه الظروف، لا يرى الكرملين حاجة إلى تقديم أي تنازلات جادة.

وتزيد الاضطرابات السياسية في العواصم الغربية -بما في ذلك التصويت بحجب الثقة في فرنسا، مع التصويت المرتقب في ألمانيا، بالإضافة إلى اعتقاد الكرملين أن ترمب قد يقلّل من دعمه لأوكرانيا- من الثقة داخل روسيا.

وقد تصدّى بوتين لانتقادات متزايدة بشأن زيادات أسعار الفائدة ورئيسة البنك المركزي، إلفيرا نابيولينا، قائلاً في مؤتمر الاستثمار إن كبح جماح التضخم يظل أولوية بالنسبة إليه. ومع الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل البطاطس التي ارتفعت بنسبة 80 في المائة هذا العام، يواصل بوتين دعم نابيولينا وزيادات أسعار الفائدة، رغم شكاوى الشركات الكبرى. وقالت كلوغ: «من وجهة نظر بوتين، لا يمكن السماح للتضخم بالخروج عن السيطرة، لأنه يمثّل تهديداً لاستقرار النظام السياسي، ولهذا السبب منح نابيولينا تفويضاً قوياً».

لكن المستشارة السابقة للبنك المركزي، ألكسندرا بروكوبينكو، ترى أن الضغط من الشركات الكبرى لن يهدأ. وقالت: «عندما يكون التضخم عند 9 في المائة، وسعر الفائدة عند 21 في المائة، فهذا يعني أن السعر الرئيس لا يعمل بشكل صحيح، ويجب البحث عن أدوات أخرى. أولوية بوتين هي الحرب وتمويل آلتها، ولا يمتلك الكثير من الحلفاء، والموارد المتاحة له تتقلص». وأضافت أنه من المحتمل أن تتعرّض نابيولينا لمزيد من الضغوط مع استمرار الوضع الاقتصادي الصعب.

ومع تزايد الضغوط على بوتين، أصبحت الصورة في الغرب أكثر تفاؤلاً بشأن فرص التغيير في روسيا، وفقاً لمؤسسة شركة الاستشارات السياسية «ر. بوليتيك» في فرنسا، تاتيانا ستانوفايا.

وأضافت: «بوتين مستعد للقتال ما دام ذلك ضرورياً... لكن بوتين في عجلة من أمره. لا يستطيع الحفاظ على هذه الشدة من العمل العسكري والخسائر في الأرواح والمعدات كما كان في الأشهر الأخيرة».