«نيران صديقة» توقع ضحايا في عملية استعادة تكريت من «داعش»

البرلمان يناقش «مجزرة سبايكر» في غياب المالكي

حشد من عناصر «سرايا السلام» التابعة للزعيم الشيعي مقتدى الصدر يشاركون في تشييع رفاق لهم قتلوا في مواجهات آمرلي بالنجف أمس (رويترز)
حشد من عناصر «سرايا السلام» التابعة للزعيم الشيعي مقتدى الصدر يشاركون في تشييع رفاق لهم قتلوا في مواجهات آمرلي بالنجف أمس (رويترز)
TT

«نيران صديقة» توقع ضحايا في عملية استعادة تكريت من «داعش»

حشد من عناصر «سرايا السلام» التابعة للزعيم الشيعي مقتدى الصدر يشاركون في تشييع رفاق لهم قتلوا في مواجهات آمرلي بالنجف أمس (رويترز)
حشد من عناصر «سرايا السلام» التابعة للزعيم الشيعي مقتدى الصدر يشاركون في تشييع رفاق لهم قتلوا في مواجهات آمرلي بالنجف أمس (رويترز)

كشف مصدر أمني رفيع المستوى في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» من تكريت التي تشهد منذ يومين انطلاق عملية عسكرية واسعة النطاق لاستعادة المدينة من سيطرة تنظيم «داعش» عن أن «قتالا بالخطأ وقع بين الجيش العراقي الرسمي من جهة وبعض الجماعات المسلحة المرتبطة بالحشد الشعبي المؤازر للجهد الأمني الأمر الذي أدى إلى وقوع ضحايا وخسائر بين الطرفين».
وأضاف المصدر الأمني المسؤول الذي طلب عدم الإشارة إلى اسمه أنه «بسبب عدم التنسيق الواضح، رغم التوجيهات الخاصة من القيادة العسكرية العليا بأن يكون كل المتطوعين من الحشد الشعبي سواء ممن لبى فتوى المرجع السيستاني بالجهاد الكفائي أو من الفصائل المسلحة المساندة لجهد الدولة مثل عصائب أهل الحق أو كتائب حزب الله أو منظمة بدر والتي كان لها دور مشهود في الكثير من المعارك، تحت قيادة الجيش والتنسيق الكامل معه وقعت عملية تبادل لإطلاق النار بين القوات المسلحة وجهات من الحشد الشعبي».
كما قصفت إحدى الطائرات العراقية عن طريق الخطأ أيضا تجمعا للنازحين في إحدى المدارس بتكريت وذلك عن طريق معلومة خاطئة هي الأخرى تشير إلى أن هذا التجمع يضم قادة لـ«داعش» وهو ما أدى إلى مقتل نحو 37 شخصا غالبيتهم من النساء والأطفال من النازحين.
ولا تزال العملية العسكرية التي بدأت منذ يومين لاستعادة تكريت مستمرة لجهة تطهير المناطق المحيطة بتكريت فيما أكد المصدر الأمني رفيع المستوى أن «مقاومة داعش بدأت تضعف وأنهم بدأوا يهربون من مناطق مختلفة من تكريت باتجاه بيجي والشرقاط فالموصل»، مؤكدا أن «القوات العسكرية وصلت الآن إلى مستشفى تكريت ولم يعد ضروريا دخول كل مدينة تكريت في حال تأكد تطهير المناطق المحيطة».
وكشف المصدر الأمني عن أن «الأسلحة المتطورة التي يحتاجها الجيش العراقي وصلت منذ يومين ولم تدخل الخدمة بعد وهو ما يعني أن الأيام المقبلة ستكون حاسمة لجهة تطوير القدرات القتالية بعد زج هذه الأسلحة في المعركة، إذ إن من بين المسائل التي كانت رجحت كفة داعش أنه يقاتل بأسلحة أكثر تطورا من الأسلحة التي يقاتل بها الجيش العراقي».
وبالتزامن مع بدء عملية تحرير تكريت وعلى إثر الضجة الكبرى التي حدثت بسبب قيام عناصر تنتمي إلى تنظيم «داعش» بقتل 1700 من متطوعي وطلاب كلية القوة الجوية في قاعدة سبايكر بتكريت في 12 يونيو (حزيران) الماضي فقد عقد البرلمان العراقي أمس جلسة خاصة بحضور ذوي ضحايا المجزرة والقادة الأمنيين يتقدمهم وزير الدفاع وكالة، سعدون الدليمي، بينما تغيب عن حضور الجلسة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي بوصفه القائد العام للقوات المسلحة.
وفي هذا السياق أكد السياسي العراقي وعضو البرلمان السابق مشعان الجبوري الذي شكل فريق عمل لمتابعة ملف المجزرة بعد كشفه لأسماء المتورطين بها وفي المقدمة منهم إبراهيم سبعاوي الحسن، ابن الأخ غير الشقيق لرئيس النظام السابق صدام حسين، أن «هناك معلومات وحقائق جديدة اتضحت لنا من خلال فريق العمل الذي شكلناه بهذا الخصوص حيث تبين أن هناك نحو 40 شخصا كانوا قد تورطوا في العملية»، مشيرا إلى أن «اللجنة الخاصة بذلك، وهي ليست لجنة حكومية لكنها مدعومة من جهات في الدولة، استقدمت عددا من المتورطين الذين يمكن وصفهم بالمجرمين ممن كانوا جزءا من العملية لكنهم لم يقوموا بعملية القتل وتم تحويلهم إلى شهود بعد منحهم ضمانات لكي نتعرف أكثر على الحقيقة وهو ما مكننا من الوصول إلى حقائق ومعلومات هامة على هذا الصعيد».
من جهته دعا رئيس كتلة التحالف المدني الديمقراطي في البرلمان العراقي مثال الآلوسي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» المدعي العام في السلطة القضائية العراقية إلى «التحقيق في هذه الجريمة البشعة مع القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي ووزير الدفاع سعدون الدليمي وقادة الجيش المسؤولين مع منعهم من السفر على أن يكون التحقيق جنائيا سليما ولكي يثبت القضاء استقلاليته بعد أن شابه الكثير». وأضاف الآلوسي إنه «في حال لم يتول المدعي العام ذلك فإنني سأوجه له تهمة الخيانة العظمى».
وانتقد الآلوسي مداخلة وزير الدفاع وكالة خلال جلسة البرلمان أمس، وقال: «وزير الدفاع يقول إن هؤلاء متطوعون ونحن في حالة حرب وبالتالي فإن الحادث من وجهة نظره جزء من الحرب بينما ما حصل مجزرة»، متسائلا «كيف ينظر الوزير إلى هؤلاء البسطاء بينما لم يتحدث عن هروب كبار قادة جيشه من ساحة المعركة وهم مدججون بالأسلحة وليس مثل هؤلاء الشبان الصغار الذين منحوا إجازة من مسؤوليهم وهم بلا أسلحة ولا معدات؟».
وبينما طالب المالكي في كلمته الأسبوعية أمس البرلمان بإنصاف ذوي ضحايا سبايكر فإن رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي وفي بيان له تعهد بكشف «الحقائق التي تتوصل إليها اللجان التحقيقية التي عليها إنهاء عملها بأسرع وقت ليتعرف أهالي الضحايا على مصير أبنائهم ويروا المجرم وهو يمثل أمام القضاء».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».