الجزائر أمام «مأزق دستوري» بعد الفشل في تنظيم الرئاسيات

توقع صدور موقف لقائد الجيش اليوم

TT

الجزائر أمام «مأزق دستوري» بعد الفشل في تنظيم الرئاسيات

يحتدم جدل كبير في الجزائر حالياً حول مصير رئيس الدولة عبد القادر بن صالح الذي تنتهي ولايته، بحسب الدستور، في 3 يوليو (تموز) المقبل. فهو مدعو إلى الرحيل عن الحكم بعد هذا التاريخ، لكن البلاد ستصبح من دون رئيس يسيّرها، حتى تسليم الحكم لرئيس منتخب مرتقب.
وتعرف المنظومة المؤسساتية للدولة حالة غير مسبوقة، حيّرت خبراء القانون والدستور. فرئيس الدولة الذي يقود البلاد لفترة ثلاثة أشهر، على إثر استقالة رئيس الجمهورية (المادة 102 من الدستور)، عجز عن أداء أهم مهمة كلّفه بها الدستور وهي توفير ظروف تنظيم انتخاب رئيس جمهورية جديد.
وتسلّم المجلس الدستوري، أول من أمس، ملفي مرشحين للرئاسية المقررة في 4 يوليو المقبل، وهما شخصان غير معروفين في الإعلام والوسط السياسي. ويرجّح أن يتم رفض الملفين لصعوبة استيفائهما أهم شرط في الترشح، يضعه قانون الانتخابات، هو جمع تواقيع 60 ألف شخص من 25 ولاية (48 ولاية في البلاد) أو 600 توقيع لمنتخبين محليين بنفس عدد الولايات. وأمام المجلس الدستوري 10 أيام لدرس الملفين ويعلن بعد انقضائها رفضه أو موافقته عليهما أو أحدهما.
وفي حال انتفاء شروط الترشح عن الملفين، وهو ما يتوقعه كثير من المراقبين، سيعلن المجلس الدستوري استحالة إجراء الانتخابات. غير أن الدستور لا يتيح للمجلس اتخاذ أي قرار بخصوص مصير الاستحقاق، كإلغائه أو تأجيله. ولا يذكر الدستور أي مخرج لهذا المأزق، لأن واضعيه لم يأخذوا في الحسبان احتمال أن يفشل الرئيس المؤقت في تنظيم الانتخاب، بعد استقالة الرئيس المنتخب.
ويتوقع قطاع من المراقبين أن يحيل المجلس الدستوري القضية على رئيس الدولة لينظر في الأمر، فيما يقول قطاع آخر إن بن صالح سيطلب من هذه الهيئة المكلفة بالسهر على مطابقة القوانين للدستور، أن تجد هي مخرجاً بالتفكير في «فتوى». وتشير توقعات أخرى إلى أن قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح، وهو الرجل القوي في الدولة حالياً، هو من تسبب في هذا الإشكال، طالما أنه الجهة الرسمية الوحيدة التي تتمسك بـ«الحل الدستوري» للأزمة وترفض اقتراحات جهات في الحراك الشعبي وأحزاب المعارضة المؤيدة له.
ويوجد الجنرال صالح منذ أمس بمنشأة عسكرية بصحراء البلاد، حيث يرتقب أن يلقي كلمة اليوم تتناول المأزق الحالي. ويرى مراقبون أن رحيل بن صالح عن الحكم، من دون أن يتمكن من تنظيم الرئاسية، سيكون بمثابة فشل لجهود قائد الجيش الذي كان وراء تنحي بوتفليقة في 2 من الشهر الماضي. ويقف قائد الجيش أيضاً وراء حملة لمكافحة الفساد أدت إلى توقيف العديد من رموز النظام ومنهم السعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس السابق، وعدد من المسؤولين الأمنيين السابقين ورجال الأعمال البارزين.
ومن الحلول السياسية المطروحة إطلاق «مجلس رئاسي» يتألف من أشخاص لا صلة لهم بنظام عبد العزيز بوتفليقة، يقود البلاد لمرحلة انتقالية لمدة أقصاها عام، يتم خلاله مراجعة دستور عبر استفتاء وتعديل قانون الانتخابات وإطلاق هيئة مستقلة عن الحكومة تسهر على إعادة النظر في اللائحة الانتخابية وتوفر شروط تنظيم انتخابات رئاسية نزيهة. وهذا المقترح هاجمه بشدّة رئيس أركان الجيش، في آخر خطاباته.
وتوجد مشكلة أخرى تواجه المقترحات السياسية للخروج من الأزمة، تتمثل في رفض الحراك زعامة شخص وأشخاص للمرحلة المقبلة. وأبدت شخصيات تحقق حداً أدنى من الإجماع، مثل وزير الخارجية السابق أحمد طالب الإبراهيمي ورئيس الوزراء السابق أحمد بن بيتور، عزوفاً عن أي دور بشأن ترتيب المرحلة المقبلة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.