رمضان صعب على مدنيين افترشوا الحقول هرباً من قصف ريف إدلب

TT

رمضان صعب على مدنيين افترشوا الحقول هرباً من قصف ريف إدلب

إلى جانب خيمتها المصنوعة يدوياً، تتناول منى المطير وأطفالها طعام الإفطار الذي يقتصر على أطباق قليلة من البطاطس واللبن والخبز الجاف في أول شهر رمضان تقضيه بعيداً عن منزلها بعدما فرت هرباً من التصعيد العسكري بمحافظة إدلب في شمال غربي سوريا.
قرب الحدود التركية - السورية، تفترش عائلات عدة الأرض وسط الحقول بعدما صنع أفرادها خيامهم بأيديهم من شراشف ملونة علقوها على أشجار الزيتون. خلال شهر رمضان، يعتمد هؤلاء على مساعدات قليلة أو وجبات بسيطة يحضرونها على مواقدهم الصغيرة، بحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية من أطمة.
وتقول منى (31 عاماً)، الأم السمراء الشابة التي تجمع حولها أطفالها في انتظار إعداد الطعام: «لا ينتهي اليوم إلا بصعوبة، نقضي رمضان هنا غصباً عنا».
وتتذكر بحزن شهر رمضان السابق، قائلة: «كنا نجلس تحت الدالية في منزلنا، جلسة جميلة، المياه والكهرباء متوفرتان. كنا نعيش في نعمة». وتضيف بغصة: «كيف كنا وكيف أصبحنا؟».
في هذا المساء الرمضاني، لم تتمكن منى سوى من قلي البطاطس لأطفالها، ووضعت إلى جانبها ثلاثة أطباق من اللبن والخيار علّها تُسكت جوعهم.
وتقول منى النازحة منذ أكثر من 20 يوماً من ريف حماة الشمالي: «أحياناً الطعام لا يكفي، قليت لهم البطاطس اليوم»، مشيرة إلى أن المساعدات قليلة وتتكوّن من وجبات من الأرز والدجاج، إلا إن أربعة أيام مرت من دون حصول عائلتها على شيء.
وتضيف المرأة التي غطّت رأسها بوشاح أحمر اللون: «وضعنا الحالي عبارة عن حرّ وغبار وتلّوث، وإذا أردنا أن نحضر الإفطار، فإن الذباب ينتشر حولنا». ونزح أكثر من مائتي ألف شخص منذ نهاية أبريل (نيسان) الماضي من مناطق عدة في ريف إدلب الجنوبي وحماة الشمالي، وفق ما أحصت الأمم المتحدة، هرباً من القصف العنيف الذي تشنه قوات النظام وحليفتها روسيا، والذي يترافق مع اشتباكات عنيفة بين «هيئة تحرير الشام» التي تسيطر على محافظة إدلب ومناطق محيطة، وقوات النظام.
ولم يجد كثير من النازحين مكاناً للإقامة سوى حقول الزيتون قرب بلدة أطمة الحدودية، ولا تتوفر حمامات في المكان الذي نقلوا إليه معهم أغراضاً بسيطة تمكنوا من حملها.
وسط الحقل، يمكن رؤية أم تساعد صغيرها على الاستحمام في وعاء، وطفل يلاعب خروفاً صغيراً، ونساء ينهمكن في الغسل والطبخ وتسخين المياه على مواقد صغيرة، بينما امتدت حبال بين الخيام نشرت عليها الملابس.
وتقول منى: «أتمنى أن يهدأ الوضع، وحتى إن تهدم بيتي أضع فوقه خيمة وأعيش فيها»، مضيفة: «العيد هناك وإن كان في خيمة يبقى أفضل من هنا».
وتشكل محافظة إدلب ومحيطها المعقل الأخير لـ«هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)» وفصائل أخرى متحالفة معها. ولطالما أكدت دمشق عزمها استعادتها.
وبالإضافة إلى حركة النزوح الكبيرة، طال القصف المستمر بكثافة منذ أواخر أبريل 20 مرفقاً طبياً، لا يزال 19 منها خارج الخدمة، وفق الأمم المتحدة. كما وثق «المرصد السوري لحقوق الإنسان» منذ 20 أبريل مقتل نحو 290 مدنياً؛ بينهم أكثر من 60 طفلاً.
وفرّ العامل الزراعي حسين النهار (42 عاماً)، الوالد لستة أطفال، من منزله في ريف حماة الشمالي على وقع البراميل المتفجرة التي كانت تلقيها مروحيات قوات النظام السوري، بحسب قوله. ويقول النازح منذ أكثر من أسبوعين من بلدة كفر نبودة، وهو يجلس على فرشة متهرئة وقد تحلق حوله أطفاله: «أخرجت عائلتي من تحت القصف (...) هذا أول رمضان نقضيه خارج المنزل، نقضيه في النزوح».
حين تحلّ ساعة الإفطار مع غروب الشمس، تضع العائلة المؤلفة من ثمانية أفراد، أمامها وجبة واحدة حصلت عليها من مؤسسة إغاثة عبارة عن أرز ودجاج وصحن آخر من البطاطس المقلية.
ويتساءل النهار الذي اعتمر كوفية حمراء وبيضاء اللون تقيه حرارة الشمس الملتهبة: «كيف يمكن أن يشعر الواحد منا حين يخرج من بيته مجبراً في شهر رمضان؟»، ثم يضيف: «إنه شعور مأساوي جداً (...)، ليس لدينا أي شيء».
ويقول نازحون فروا مؤخراً إنهم لم يجدوا مكاناً لهم في المخيمات الواسعة المكتظة بمنطقة بلدة أطمة حيث يعيش عشرات الآلاف ممن فروا على مدى سنوات من مناطق سورية عدة.
وتقول رحاب (30 عاماً)، زوجة حسين والحامل في شهرها السادس، وقد غفا طفلها في حضنها: «الأولاد يبكون. يريدون ألبسة العيد، وليس لديّ المال لأشتري لهم... حتى إننا لا نملك أغطية».
وتضيف: «في رمضان الماضي، لم ينقصنا أي شيء، كنا فرحين. أتينا إلى هنا وتشردنا». ثم تستطرد: «ننتظر اليوم الوجبات من المنظمات الإغاثية، وأحياناً لا نحصل عليها. البارحة لم أطبخ شيئاً، أكلنا الخبز والشاي».



مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الخارجية المصرية، السبت، أن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ستشهد إطلاق حركة «حماس» سراح 33 محتجزاً إسرائيلياً مقابل 1890 فلسطينياً.

وعبرت الوزارة، في بيان، عن أملها في أن يكون الاتفاق البداية لمسار يتطلب تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.

ودعت مصر المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة، لدعم وتثبيت الاتفاق والوقف الدائم لإطلاق النار، كما حثت المجتمع الدولي على تقديم كافة المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، ووضع خطة عاجلة لإعادة إعمار غزة.

وشدد البيان على «أهمية الإسراع بوضع خارطة طريق لإعادة بناء الثقة بين الجانبين، تمهيداً لعودتهما لطاولة المفاوضات، وتسوية القضية الفلسطينية، في إطار حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس».

وأشارت الخارجية المصرية إلى التزامها بالتنسيق مع الشركاء: قطر والولايات المتحدة، للعمل على التنفيذ الكامل لبنود اتفاق وقف إطلاق النار من خلال غرفة العمليات المشتركة، ومقرها مصر؛ لمتابعة تبادل المحتجزين والأسرى، ودخول المساعدات الإنسانية وحركة الأفراد بعد استئناف العمل في معبر رفح.

وكانت قطر التي أدت مع مصر والولايات المتحدة وساطة في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، أعلنت أن 33 رهينة محتجزين في غزة سيتم الإفراج عنهم في إطار المرحلة الأولى من الاتفاق.

وكانت وزارة العدل الإسرائيلية أعلنت أن 737 معتقلا فلسطينيا سيُطلق سراحهم، إنما ليس قبل الساعة 14,00 ت غ من يوم الأحد.

ووقف إطلاق النار المفترض أن يبدأ سريانه الأحد هو الثاني فقط خلال 15 شهرا من الحرب في قطاع غزة. وقُتل أكثر من 46899 فلسطينيا، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، في الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، وفق بيانات صادرة عن وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.

وأعربت الخارجية المصرية في البيان عن «شكرها لدولة قطر على تعاونها المثمر»، كما ثمّنت «الدور المحوري الذي لعبته الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإنهاء الأزمة إلى جانب الرئيس الأميركي جو بايدن».