تقارب تجاري بين واشنطن وطوكيو... مع زيادة الجفاء مع بكين

الصين تطالب باحترام متبادل خلال المفاوضات

سفينة شحن بميناء في طوكيو (رويترز)
سفينة شحن بميناء في طوكيو (رويترز)
TT

تقارب تجاري بين واشنطن وطوكيو... مع زيادة الجفاء مع بكين

سفينة شحن بميناء في طوكيو (رويترز)
سفينة شحن بميناء في طوكيو (رويترز)

بينما تتجه قضية الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين إلى مزيد من الغموض، والتشتت والخلاف، تبدو العلاقات التجارية بين أميركا واليابان في طريقها إلى مزيد من الترسيخ، مع تلميحات إلى وجود اتفاق قريب ربما يعقد بين الطرفين.
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب عقب اجتماع مع رئيس وزراء اليابان شينزو آبي الاثنين إن البلدين يأملان أن يكون لديهما المزيد الذي يعلناه بشأن اتفاق تجاري بينهما قريبا جدا.
وأضاف ترمب أن هدفه إزالة الحواجز التجارية حتى يمكن للصادرات الأميركية أن تحظى بفرصة عادلة في اليابان، متوقعا تحقيق بعض التقدم في التجارة الثنائية مع اليابان خلال الأشهر المقبلة. وتابع: «لدينا اختلال كبير لا يصدق، كما تعلمون، اختلال تجاري مع اليابان لسنوات كثيرة، كثيرة، تمتعت خلالها اليابان بميزة كبيرة... إنهم رجال أعمال بارعون، ومفاوضون بارعون، ووضعونا في موقف صعب جدا. لكن أعتقد أننا سنبرم صفقة مع اليابان».
وقال آبي إن الزعيمين اتفقا على تسريع وتيرة المحادثات الثنائية، لكنه تحاشى الإجابة على سؤال عن التوقيت. وقال ترمب، الذي يقوم بزيارة رسمية لليابان تستغرق أربعة أيام على «تويتر» مساء الأحد إنه يتوقع خطوات كبيرة بشأن التجارة بعد انتخابات مجلس المستشارين في اليابان في يوليو (تموز).
كما قال ترمب في مستهل المحادثات أمس: «على صعيد التجارة، أعتقد أننا سنعلن عن بعض الأشياء، على الأرجح في أغسطس (آب)، والتي ستكون جيدة جدا لبلدينا». لكن ياسوتوشي نيشيمورا نائب كبير أمناء مجلس الوزراء أبلغ الصحافيين أنه لا يوجد توافق على التوصل إلى اتفاق تجارة بحلول أغسطس.
وشدد آبي، الذي أقام علاقة دافئة مع ترمب منذ تولية الرئيس الأميركي، على تقارب العلاقات. وقال خلال المؤتمر الصحافي: «زيارة الرئيس ترمب والسيدة (ميلانيا) ترمب فرصة ذهبية لكي نظهر بوضوح تلك العلاقة الراسخة أمام العالم بأسره، وفي اليابان أيضا».
ويقول محللون يابانيون إن رئيس الوزراء شينزو آبي يريد التوصل لاتفاق تجارى عقب انتخابات البرلمان الياباني في يوليو المقبل. وأوضح ترمب، الذي وصل طوكيو مع زوجته ميلانيا السبت الماضي، في زيارة لمدة أربعة أيام لليابان: «سوف نعمل على تعديل ميزان التجارة سريعا».
وكان ترمب قد انتقد اليابان بسبب تحقيقها فائضا تجاريا في الميزان التجاري مع الولايات المتحدة الأميركية، مهددا بفرض رسوم على السيارات وقطع الغيار اليابانية. وقال في مؤتمر صحافي مع شينزو آبي إن «الدولتين تعملان على تحسين العلاقات الاقتصادية بينهما بناء على مبادئ النزاهة والمعاملة بالمثل».
وبينما يبدو التقارب بين واشنطن وطوكيو، فإن التباعد على الجهة الأخرى يتزايد بين واشنطن وبكين. وأكدت الصين الاثنين أن المفاوضات التجارية مع واشنطن يجب أن تقوم على أساس «الاحترام المتبادل»، مشددة على ضرورة حل أي خلافات بينها وبين واشنطن عبر المحادثات والمشاورات الودية، وذلك بعيد تصريحات مختلطة للرئيس ترمب، أظهرت عدم تفاؤله حيال توقيع اتفاق مع بكين.
وأعلن ترمب أن الولايات المتحدة غير مستعدة لإبرام اتفاق تجاري مع الصين. وقال على هامش وجوده في اليابان إنه يعتقد أن بكين تأمل لتنفيذ الاتفاق الذي كان متاحا على مائدة المباحثات «قبيل محاولتها إعادة التفاوض»... وأضاف: «هم راغبون في تنفيذ اتفاق لكننا غير مستعدين».
كما صرح الرئيس الأميركي بأن التعريفات الأميركية على السلع الصينية يمكنها أن ترتفع بشكل كبير للغاية وبسهولة شديدة. ومع ذلك فإن ترمب يرى أنه في المستقبل يمكن أن تنفذ الصين والولايات المتحدة اتفاقا تجاريا: «ونحن نتطلع نحو ذلك». وأرجع ترمب توقعاته لتنفيذ اتفاق تجاري مع الحكومة الصينية إلى أن بكين لن تكون قادرة على الاستمرار في دفع مئات المليارات من التعريفات.
وعلق المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لو كانغ، خلال المؤتمر الصحافي اليومي بمقر الوزارة، على تصريحات ترمب، قائلا: «نعتقد دائما أن علاقات التجارة والاستثمار بين الدول يجب أن تقوم على الاحترام المتبادل والمساواة والمنفعة المتبادلة».
وقال كانغ: «لطالما قلنا إن الخلافات بين البلدين يجب أن تُحلّ عبر مفاوضات ومشاورات ودية». وأكد الرئيس الأميركي دونالد ترمب من جهته الاثنين على هامش زيارة إلى اليابان، أن الصين والولايات المتحدة «ستبرمان خلال بعض الوقت في المستقبل اتفاقا تجاريا رائعا، ونحن نتطلع إلى ذلك».
ومنذ يناير (كانون الثاني)، تجري أول قوتين اقتصاديتين في العالم مفاوضات شاقة للتوصل إلى اتفاق ينهي الحرب التجارية التي بدأت العام الماضي عبر فرض متبادل للرسوم الجمركية على بضائع تبلغ قيمتها مئات مليارات الدولار.
لكن في مطلع الشهر الجاري، أصبحت اللهجة حادة بشكل مفاجئ، إذ قرّر ترمب فرض رسوم جديدة على بضائع صينية تبلغ قيمتها 200 مليار دولار. وهناك إجراءات تهدف إلى فرض رسوم جمركية على كامل إيرادات المنتجات الصينية تقريبا.
وتفاقم النزاع بعد القرار الذي اتخذته مؤخراً إدارة ترمب ويقضي بوضع شركة «هواوي» على اللائحة السوداء للأمن القومي، ما دفع الكثير من الشركات على غرار «غوغل» إلى قطع بعض الروابط مع المصنّع الصيني للهواتف الذكية.
وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية: «رأينا تصريحات مختلفة بشأن المفاوضات التجارية، بما فيها تصريحات لمسؤولين أميركيين كبار». وأضاف: «يُقال أحياناً إن اتفاقاً سيتمّ إبرامه قريباً، ويُقال في بعض الأحيان أيضاً إنه سيكون من الصعب التوصل إلى اتفاق»، لكن «مواقف الصين تبقى ثابتة».
وتابع: «لطالما شددنا على أهمية التشاور بين الصين والولايات المتحدة، بما في ذلك المشاورات الاقتصادية والتجارية، التي يُفترض أن تكون مبنية على الاحترام المتبادل والمساواة والمنفعة المتبادلة».
وعلى صعيد مواز، أعلنت وزارة التجارة الصينية، الاثنين، فرض رسوم مكافحة إغراق مؤقتة على «الفينول» المستورد من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وجمهورية كوريا واليابان وتايلاند.
وذكرت الوزارة في بيان أنه بعد تحقيق أولي بدأ في مارس (آذار) من العام الماضي، قررت الوزارة أن واردات «الفينول»، وهو مركب عضوي عطري يستخدم كمادة حافظة صيدلانية، من هذه المناطق تسببت في أضرار جسيمة للصناعة المحلية.
وأضافت الوزارة أنه يجب على مستوردي «الفينول» وضع ودائع عند الجمارك الصينية محسوبة، وفقا لهوامش الإغراق، والتي تتراوح بين 11.9 إلى 129.6 في المائة.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

الاقتصاد مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه يوم الأربعاء المقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)

ترمب يدرس خصخصة خدمة البريد وسط خسائر مالية ضخمة

يبدي الرئيس المنتخب دونالد ترمب اهتماماً بالغاً بخصخصة خدمة البريد الأميركية في الأسابيع الأخيرة، وهي خطوة قد تُحْدث تغييرات جذرية في سلاسل الشحن الاستهلاكي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)

ارتفاع تقييمات الأسهم الأميركية يثير مخاوف المستثمرين من تصحيح وشيك

تتزايد المخاوف في الأسواق المالية بعد الارتفاعات الكبيرة في تقييمات الأسهم الأميركية في الأسابيع الأخيرة؛ ما يشير إلى أن السوق قد تكون على وشك تصحيح.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ شعار شركة ديلويت المسؤولة عن البوابة الإلكترونية للولاية (وسائل إعلام محلية)

اختراق معلومات شخصية ومصرفية لمئات الآلاف من سكان ولاية أميركية

اخترقت مجموعة دولية من المجرمين المعلومات الشخصية والمصرفية لمئات الآلاف من سكان ولاية رود آيلاند الأميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
خاص ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

خاص قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

يقف عام 2025 عند منعطف محوري مع تنامي المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين ووسط استمرار التوترات الجيوسياسية.

هلا صغبيني (الرياض)

بورصة لندن تواجه أزمة تنافسية مع أكبر موجة هجرة منذ الأزمة المالية

رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
TT

بورصة لندن تواجه أزمة تنافسية مع أكبر موجة هجرة منذ الأزمة المالية

رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)

حذَّر الرئيس السابق لمجموعة بورصة لندن، من أنَّ بورصة لندن الرئيسية أصبحت «غير تنافسية للغاية»، وسط أكبر هجرة شهدتها منذ الأزمة المالية.

وقال كزافييه روليه، الذي ترأس مجموعة بورصة لندن بين عامَي 2009 و2017، إن التداول الضعيف في لندن يمثل «تهديداً حقيقياً» يدفع عدداً من الشركات البريطانية إلى التخلي عن إدراجها في العاصمة؛ بحثاً عن عوائد أفضل في أسواق أخرى.

وجاءت تعليقاته بعد أن أعلنت شركة تأجير المعدات «أشتيد» المدرجة في مؤشر «فوتسي 100» خططها لنقل إدراجها الرئيسي إلى الولايات المتحدة، استمراراً لاتجاه مماثل اتبعته مجموعة من الشركات الكبرى في السنوات الأخيرة.

ووفقاً لبيانات بورصة لندن، فقد ألغت أو نقلت 88 شركة إدراجها بعيداً عن السوق الرئيسية في لندن هذا العام، بينما انضمت 18 شركة فقط. وتشير هذه الأرقام، التي نشرتها صحيفة «فاينانشيال تايمز»، إلى أكبر تدفق صافي من الشركات خارج السوق منذ الأزمة المالية في 2009.

كما أن عدد الإدراجات الجديدة في لندن يتجه لأن يكون الأدنى في 15 عاماً، حيث تتجنب الشركات التي تفكر في الطرح العام الأولي (IPO) التقييمات المنخفضة نسبياً مقارنة بالأسواق المالية الأخرى.

وقد تجاوزت قيمة الشركات المدرجة التي تستعد لمغادرة سوق الأسهم في لندن هذا العام، 100 مليار جنيه إسترليني (126.24 مليار دولار) سواء من خلال صفقات استحواذ غالباً ما تتضمن علاوات مرتفعة، أو من خلال شطب إدراجها.

وأضاف روليه أن انخفاض أحجام التداول في لندن في السنوات الأخيرة، مقارنة مع الارتفاع الحاد في الولايات المتحدة، دفع الشركات إلى تسعير أسهمها بأسعار أقل في المملكة المتحدة لجذب المستثمرين.

وقال في تصريح لصحيفة «التليغراف»: «الحسابات البسيطة تشير إلى أن السوق ذات السيولة المنخفضة ستتطلب خصماً كبيراً في سعر الإصدار حتى بالنسبة للطروحات العامة الأولية العادية. كما أن السيولة المنخفضة نفسها ستؤثر في تقييم الأسهم بعد الاكتتاب. بمعنى آخر، فإن تكلفة رأس المال السهمي تجعل هذه السوق غير تنافسية بشكل كامل».

ووفقاً لتقديرات «غولدمان ساكس»، يتم تداول الأسهم في لندن الآن بخصم متوسط يبلغ 52 في المائة مقارنة بنظيراتها في الولايات المتحدة.

وتستمر معاناة سوق العاصمة البريطانية في توجيه ضربة لحكومة المملكة المتحدة، التي تسعى جاهدة لتبسيط القوانين التنظيمية، وإصلاح نظام المعاشات المحلي لتشجيع مزيد من الاستثمارات.

وأشار روليه إلى أن المملكة المتحدة بحاجة إلى التخلص من الإجراءات البيروقراطية المرتبطة بالاتحاد الأوروبي التي تمنع صناديق التقاعد من امتلاك الأسهم، بالإضافة إلى ضرورة خفض الضرائب على تداول الأسهم وتوزيعات الأرباح.

وأضاف: «قلقي اليوم لا يتعلق كثيراً بالطروحات العامة لشركات التكنولوجيا، فقد فات الأوان على ذلك. التهديد الحقيقي في رأيي انتقل إلى مكان آخر. إذا استمعنا بعناية لتصريحات كبار المديرين التنفيذيين في الشركات الأوروبية الكبرى، فسنجد أنهم أثاروا احتمال الانتقال إلى الولايات المتحدة للاستفادة من انخفاض تكلفة رأس المال والطاقة، والعوائد المرتفعة، والتعريفات التفضيلية».