لا تشتروا هواتف «الجيل الخامس»

في الأشهر القليلة المقبلة، ستبدأ الشركات المزودة للخدمات اللاسلكية بصرعكم بالإعلانات التي تحدّثكم عن مدى روعة شبكات الجيل الخامس للاتصالات. قد تكون هذه الشركات رائعة فعلاً يوماً ما، ولكنها حتى اليوم ليست سوى تفاهة تسويقية، وفقا لموقع «ذا واير كاتر» المتخصص في اختبار التقنيات ضمن صحية «نيويورك تايمز». وسيشعر المزوّدون بسعادة عارمة لبيعكم هاتفاً مزوّداً بخدمات الجيل الخامس خلال العام الجاري، ولكم يجب ألّا تسمحوا لهم بذلك.

- إزالة الالتباس
يسود الكثير من الالتباس حول ماهية تقنية الـ5G وما يمكن أن تفعله. تتطلّب تقنية الجيل الخامس الحقيقية شبكة خلوية جديدة وهواتف جديدة. وللتذكير فقد احتاجت خدمة الجيل الرابع 4G-LTE إلى بضع سنوات قبل أن تقدّم تجربة أفضل من خدمة الجيل الثالث. أمّا بالنسبة لخدمة الجيل الخامس 5G، فستحتاج لوقت أطول.
ما الذي تفعله خدمة 5G؟ عندما تصبح خدمات الجيل الخامس متوفّرة على نطاق واسع، ستوفر الشبكة سرعات أكبر لإرسال البيانات. ويقول مايكل ثيلاندر، مدير شركة «سيغنال ريسرتش» أنّ خدمة الجيل الخامس ستتيح للمزودين استخدام الشبكة في تطبيقات جديدة لافتاً إلى أنّ «بعض هذه التطبيقات قد يتطلّب استجابة شديدة السرعة بينما قد تتطلّب أخرى دقّة عالية، وخدمة الجيل الخامس ستمكّنكم من القيام بهذه الأشياء في السنوات المقبلة».
ورأى ثيلاندر أنّ تقنية الـ5G قد تحوّل تطبيقات الوقت الحقيقي كالواقع الافتراضي الخلوي والواقع المعزز والسيارات الذاتية القيادة إلى حقيقة. كما أنّ تزايد سرعة البيانات قد تعني أنّ مودم جهازكم لا يحتاج إلى البقاء في وضع التيقظ أثناء تحميل ملفات كبيرة الحجم، لأنكم عندما تنضج خدمة الجيل الخامس، سترون فوائد خدمة البطارية.
لا يصبّ المزودون جهودهم اليوم على خدمة الجيل الخامس لأنها تجارة مربحة فحسب، بل لأنها ستفسح المجال أمام مزيد من الأجهزة والخدمات على شبكاتهم. لا شكّ أنّ الجميع مرّوا بتعقيد اتصالات LTE في الأماكن المكتظة كالمهرجانات والمدرجات الرياضية، ولكنّ يقال إنّ خدمة الجيل الخامس تدعم عدداً أكبر من المستخدمين في وقت واحد.
علاوة على ذلك، ستدخل تقنية 5G أخيراً إلى المنازل كبديل للكابل والـDSL للاتصال بالإنترنت. وتجدر الإشارة إلى أنّ شركة «فرايزون» بدأت حقّاً بتجربة شبكة منزلية 5G زائفة.

- أعباء هواتف الجيل الخامس
لماذا تعتبر تقنية الـ5G غير مهمّة في 2019؟ إن إطلاق هواتف 5G خلال العام الجاري سيكون أكثر صعوبة وثقلاً ومحمّلاً بأعباء خدمة البطاريات السيئة مقارنة بهواتف ـ4G، والسبب في ذلك هو أنّ الموجة الأولى من هواتف الجيل الخامس ستحتاج جميعها إلى مودم 5G منفصل متعطّش للطاقة بالإضافة إلى رقاقة تتولّى أمر المعالجة والرسومات واتصال الـ4G-LTE. ويتطلّب التمسّك باتصال الـ5G أيضاً عدداً أكبر من الهوائيات مما قد يؤثر على حجم الهواتف الذكية.
يأتي هاتف سامسونغ غالاكسي 10 5G بشاشة عملاقة بمقاس 6.7 بوصة وإطار أكثر سماكة من إصدارات S10 الأخرى لأنّه يجب أن يكون مجهّزاً بأدوات الجيل الخامس وببطارية أكبر حجماً. هذا فضلاً عن أنّ جميع الأدوات الإضافية ستؤدي إلى رفع سعر جهاز يُعرف أصلاً بسعره الباهظ.
ولأنّ التضحيات مطلوبة لإنجاح الجيل الأوّل من خدمة الـ5G، سيحرص مزوّدو الخدمات وصانعو الأجهزة على تقديم خيارات شبيهة لخدمة 4G، لذا لن تحتاجوا، في الوقت الحالي على الأقلّ، إلى استبدال هاتفكم بآخر أحدث للحصول على خدمة الجيل الخامس وامتلاك أفضل وأحدث الأجهزة. قد يكون هاتف غالاكسي S10 5G من أوائل هواتف الـ5G التي ستدخل إلى الأسواق، ولكنّ كلّ مزوّد يملك نسخة أرقّ وأصغر حجماً بخدمة الجيل الرابع من هذا الهاتف. ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ هواتف الـ5Gستكون مقفلة ولن يستخدمها إلا مزوّدوها؛ وحتى لو تمكنتم من فكّ قفلها على هواتف الـ4G، لن تعمل موجات راديو الـ5G على تردّدات مزوّدي الخدمة الآخرين. في المقابل، أصبحت تقنية الـ4G عالمية بفضل دعم معظم الهواتف لنطاقات LTE المنتشرة.
لن تروا أي تحسّن في أدوات الجيل الخامس قبل 2020 مع وصول المودم الجديد من شركة كوالكوم الذي سيدمج تقنيتي الـ4G و5G في رقاقة واحدة ستساهم في توفير الطاقة وخفض أسعار الهواتف. هذا فضلاً عن أنّ إطلاق الهوائيات الأصغر حجماً إلى جانب رقاقة X55 سيساهم في تصغير حجم الأجهزة.

- عدم جاهزية الشبكة
تتمتع خدمة الجيل الخامس بإمكانية تقديم اتصالات أسرع بكثير من خدمة LTE لأنّها تملك تقنيات شبكية جديدة وتعتمد على إرسالات بترددات عالية جداً، ولكنّها لا تخلو طبعاً من بعض العيوب.
في الولايات المتحدة، بدأ بعض مزودي الخدمة مثل شركات ـ«إي.تي. & تي». وفرايزون بإطلاق خدماتهم الخاصة لتقنية الجيل الخامس بإرسالات تعرف بموجات المليمتر (mmWave)، التي تفوق خدمة 4G-LTE ارتفاعاً بـ10 - 100 مرّة. صحيح أنّ هذا الإرسال يتمتّع بمساحة كبيرة للبيانات، ولكنّ موجات المليمتر لا تمرّ عبر العوائق بسلاسة، إذ يمكن حجب إرسال الـ5G ولو حتى بيدكم.
لذا، حتى ولو كانت هواتف الـ5G تستحق عناء شرائها، لن تكون الشبكات جاهزة لذلك. سيحتاج مزوّدو الخدمة إلى بناء بنية تحتية ذات كلفة أعلى بكثير لدعم خدمة الجيل الخامس. ولأنّ الإرسالات سهلة الإعاقة، لن يتمكّن المزوّدون من تحديث المواقع الخلوية القائمة التي تضمّ هوائيات تقنية الـLTE.
تحتاج شبكة الـ5G إلى أبراج أكثر لتغطية المناطق نفسها التي تغطيها مظلّة الـLTE اليوم إلى جانب تردّدات أقلّ قادرة على عبور الحواجز وفي داخل المباني، والتي لن يحصل عليها معظم المزوّدين قبل عامي 2020 و2021.
يملك كلّ واحد من مزوّدي الخدمات لائحة تضمّ عشرات المدن التي ستحصل على تغطية الجيل الخامس بشكل ما هذا العام، ولكنّ هذه التغطية لن تعمل إلّا في الأماكن المفتوحة في البداية لأنّ الجدران تحجب إرسالات موجة المليمتر.
قد تحصل أماكن الاستضافة الكبرى كالمدرجات الرياضية ومراكز المؤتمرات على شبكات 5G داخلية خلال عام أو اثنين، ولكن منزلكم أو مكتبكم سيحتاج إلى أجهزة خاصة لاستخدام هذه التقنية في الداخل، ولكنّ الحصول عليها لن يكون في وقت قريب.
أعلن بعض المزوّدين كـ«تي - موبايل» عن خطط لإضافة نطاقات بترددات منخفضة لتغطية خدمة الجيل الخامس والتي من شأنها أن تساعد في حلّ مشكلة حجب الإرسال، ولكنّ أيا من هواتف الـ5G الجيل الأوّل لن تدعم هذه النطاقات. من جهتها، تتحضّر شركة «سبرينت» للحصول على نطاقات فرعية Sub - 6 لخدمة الجيل الخامس هذا العام، ولكنّ هذه الترددات التي تشبه نطاقات الـLTE إلى درجة بعيدة لن تستطيع حمل كمّ البيانات نفسه الذي تحمله موجة المليمتر. ولهذا السبب تحديداً، يبدأ معظم إطلاقات الـ5G بموجة المليمتر.

- لا تقتنوا هواتف 5G
صحيح أن خدمة الجيل الخامس قد تكون فاعلة خلال سنوات قليلة، ولكنّ ولا واحد من الأجهزة التي ستصبح متوفرة خلال العام الجاري تستحق الانتظار، لأنها ببساطة ستكون كبيرة الحجم وغير فعالة وباهظة.
وحتى لو قررتم شراء هاتف بتقنية الجيل الخامس، فإنه لن يعمل في أماكن كثيرة. لا يزال مزوّدو الخدمات على بعد سنوات من بناء شبكات 5G تؤمن تغطية شبكة 4G نفسها، غير أنّ تقنية الجيل الخامس لن تكون فعالة في الداخل دون أجهزة إضافية للشبكات الداخلية، ما يعني أنّ التجربة التي تقدّمها شبكة الجيل الرابع ستكون أفضل في المستقبل القريب.
لهذا السبب، من الأفضل ألا تبتاعوا هاتفاً بتقنية الجيل الخامس إلّا في حال كانت هذه الأخيرة خياراً ثانوياً، وفي حال عدم توفّر المزيد من «النسخات المميزة» من إصدارات الـ5G من الهواتف الشهيرة.
وأخيرا ملاحظة مهمة: يبلغ سعر إصدار الـ5G من هاتف سامسونغ غالاكسي 10 1.39 مليون وون في كوريا الجنوبية، أي ما يعادل 1200 دولار أميركي بحسب سعر الصرف الحالي. أمّا بالنسبة لسعره في الولايات المتحدة، فلم يتمّ الإعلان عنه حتى اليوم.