مشاريع جديدة للطاقة البديلة في مصر

تطمح مصر بحلول عام 2020 إلى تغطية 20 في المائة من احتياجاتها من الطاقة عبر مصادر الطاقة البديلة، على أن يتم توفير هذه النسبة من خلال 12 في المائة طاقة رياح و6 في المائة طاقة مائية و2 في المائة طاقة شمسية، وهو الأمر الذي تصفه دوما الحكومة المصرية بأنه لم يعد ترفا، بل بات ضرورة تفرضها زيادة استهلاك الطاقة بنسبة من 5 إلى 7 في المائة سنويا، في وقت لا تزال فيه مصر تعتمد على مصادر غير متجددة للطاقة بنسبة تفوق 90 في المائة لسد احتياجاتها، بما يشكل عبئا كبيرا على الميزانية، وقبل ذلك على البيئة.
وتستند مصر في مسعاها للوصول إلى هذه المحطة على خبرات الماضي، مع الاستفادة مما تتيحه التقنيات المعاصرة التي توفرها الشركات العالمية.
- بدايات مبكرة
البداية المصرية انطلقت مبكرا عام 1912 مع قيام المهندس الأميركي المتخصص في مجال الطاقة فرانك شومان، بتشييد محطة للطاقة الشمسية بحجم صناعي في منطقة المعادي بالقاهرة، واستطاع توظيف الطاقة الناتجة عنها لتشغيل محرك بقوة 60 - 70 حصانا لضخ 6 آلاف غالون من الماء في الدقيقة من نهر النيل إلى حقول القطن المجاورة للمنطقة.
يقول الدكتور محمد حمدي أستاذ الطاقة المتجددة بجامعة أسيوط لـ«الشرق الأوسط» «عملت محطة شومان لفترة بسيطة، غير أن اندلاع الحرب العالمية الأولى واكتشاف النفط الرخيص في الثلاثينات قلل من أهميتها، فتعرضت للإهمال، إلى أن استأنفت مصر مؤخرا هذا التوجه في أكثر من مكان».
وكما حملت محطة شومان صفة الأولى في العالم، تسعى مصر حاليا للحصول على لقب آخر وهو امتلاك أكبر محطة في العالم بمحطة بنبان في محافظة أسوان جنوب مصر، والمقرر افتتاحها قريبا، حيث تقع على مساحة 8 آلاف و434 فدان، وتستهدف توليد 1465 ميغاواط، من الطاقة الشمسية النظيفة.
ومن جنوب مصر إلى غربها، حيث محطة «شعب الإمارات» بمدينة سيوة بطاقة 10 ميغاواط، والتي تم إنشاؤها بتكلفة 25 مليون دولار منحة إماراتية، ومقامة على مساحة 48 فدانا كمرحلة أولى، وتم افتتاحها عام 2015، وتساهم المحطة في توفير استهلاك نحو 5 ملايين لتر من الديزل سنوياً وتفادي انبعاث نحو 14 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً.
وتأخذ تطبيقات الطاقة الشمسية في جنوب غربي مصر بمحافظة الوادي الجديد شكلا مختلفا، حيث تقرر إلزام كل من يرغب في استصلاح واستزراع الأراضي أن يتم ذلك بواسطة الطاقة الشمسية.
يقول الدكتور مجد المرسي وكيل وزارة الزراعة بالوادي الجديد لـ«الشرق الأوسط»: «تم الانتهاء من تشغيل 50 بئرا بمركز الداخلة بنظام الطاقة الشمسية، ضمن أعمال المرحلة الأولى من المشروع ونهدف لتعميمه على مستوى الآبار الزراعية».
- الطاقة المائية
وكما انطلق قطار الطاقة الشمسية في مصر مبكرا قبل أن يتعثر ويستعيد نشاطه، حدث الأمر ذاته مع الطاقة المائية، حيث كانت مصر من الدول الرائدة في إنتاج الطاقة الكهربائية من المياه.
بدأ العمل في يناير (كانون الثاني) 1960 لإنشاء السد العالي بأسوان، وتم افتتاحه عام 1970. ويمر نحو 11 ألف متر مكعب من الماء في الثانية الواحدة عبر هذا السد لتوليده الطاقة بإجمالي إنتاج سنوي 10 مليار كيلوواط-ساعة.
توقفت مشاريع هذا النوع من الطاقات منذ إنشاء السد العالي، رغم أنه يمثل 15 في المائة من الطاقة الكهربائية في العالم ومن أقل الطاقات تكلفة وأكثرها نقاوة، إلى أن تم استئنافها مع افتتاح محطة كهرباء أسيوط المائية التي تعمل بقدرة 32 ميغاواط.
يقول المهندس بدوي مجاهد، مدير تنفيذ محطة كهرباء أسيوط المائية في تصريحات صحافية، بأن هذه المحطة تقوم بتوليد 32 ميغاواط، وتوفر 250 مليون جنيه سنويا قيمة الوقود التي كانت تستخدم لتوليد الكهرباء.
ويجري حاليا تجهيز القطار للانطلاق لمحطة أخرى في منطقة جبل عتاقة بالسويس، حيث يجري إنشاء أول محطة في الشرق الأوسط لتوليد الكهرباء من مياه الصرف الصحي المعالجة بطاقة تصل إلى 2400 ميغاواط.
يقول محمد أسامة سليمان، الرئيس التنفيذي لهيئة تنفيذ مشروعات محطات المياه لتوليد الكهرباء، في تصريحات صحافية، إن المحطة ستكون الرابعة من حيث حجم الإنتاج في العالم، وبدأ العمل فيها عام 2015، وسوف يتم الانتهاء منها عام 2020.
ويضيف أنها ستسهم في تدعيم الشبكة القومية للكهرباء في أوقات الذروة بالاعتماد على المصادر المائية باستخدام المياه المعالجة ثلاثيا الناتجة من محطة مياه الصرف الصحي بمحافظة السويس.
- طاقة الرياح
وتكتمل منظومة الطاقات البديلة في مصر بطاقة الرياح، حيث تمتع مصر بمسارات رياح ممتازة تؤهلها لإنتاج الكهرباء من طاقة الرياح. يقول الدكتور خالد دويدار خبير الطاقات المتجددة لـ«الشرق الأوسط»، إن من أفضل الأماكن منطقة خليج السويس، وضفتي النيل في الصحارى الشرقية والغربية وأجزاء من سيناء، إذ يصل متوسط سرعة الرياح في المنطقة الأولى إلى 10.5 متر-ثانية على ارتفاع 50 مترا، بينما يصل في الثانية إلى 7.5 متر-ثانية على ارتفاع 80 مترا. وتقدر الدراسات الطاقة التي تستطيع الرياح إنتاجها في مصر بنحو «20 ألف ميغاواط»، ويتم السعي للوصول إلى هذا الرقم من خلال مزرعة جديدة للرياح يجري إنشاؤها حاليا في منطقة «جبل الزيت» بالبحر الأحمر، لتنضم إلى مزرعتين هما «محطة ريادية» بالغردقة التي دشنت عام 1993. والزعفرانة بمدينة رأس غارب بالبحر الأحمر، والتي دشنت عام 2001. يقول الدكتور محمد الخياط، رئيس هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة في تصريحات صحافية، بأن المزرعة الجديدة طاقتها الإنتاجية 220 ميغاواط، وتبلغ تكلفة إنشائها 188 مليون يورو تقريبا، وسيتم افتتاحها قريبا.