أقمشة شرقية تبرز تراث رمضان في القاهرة

مصمم مصري يُصدّرها لدول أوروبية وعربية

الفنان أحمد عبد الجواد مع تصاميمه
الفنان أحمد عبد الجواد مع تصاميمه
TT

أقمشة شرقية تبرز تراث رمضان في القاهرة

الفنان أحمد عبد الجواد مع تصاميمه
الفنان أحمد عبد الجواد مع تصاميمه

في شارع الأزهر العتيق، وسط القاهرة، حيث التفاصيل الصغيرة التي تسرد حكايات أصيلة عمرها مئات السنين، التي تسكن ذاكرة السوق الشعبي الذي يحتضنه المكان، يوجد متجر عائلة عبد الجواد، مجسداً واحدة من قصص الإبداع المصري في الحرف وجواهر التراث، حيث تقدم روائع الأقمشة الشرقية وأكثرها فخامة وثراءً بالتطريز، والمنمنمات الفنية المستوحاة من حضارات الشرق والفنون الإسلامية، والممتزجة بروح مصر وخصوصيتها.
وتضم المجموعة الرمضانية الجديدة لمصمم الأقمشة الشرقية، الفنان المصري أحمد محمد عبد الجواد، لوحات فنية تتمتع ببناء جمالي مُحكم في تكويناته، ثري في ألوانه، لا سيما تركيبات ألوان الفيروزي والوردي والبنفسجي والبرتقالي والزيتوني، عبر أقمشة تسكن المشاعر الروحانية والمفردات التراثية المستقاة من الأجواء الاحتفالية للشهر الكريم في مصر.
يقول أحمد عبد الجواد، لـ«الشرق الأوسط»: «لأن شهر رمضان يستهل موسم الصيف هذا العام، فقد قدمت أقمشة تتضمن عناصر ترتبط بأجوائه المميزة، والتي تأتي تأكيداً للمقولة الشهيرة (مصر روحها في رمضان)، فإلى جانب الورود والفراشات والخطوط الحديثة، جاءت الموتيفات الإسلامية والمفردات الاحتفالية التقليدية المرتبطة بالموروث الثقافي المصري مثل الاحتفاء بالفانوس والزينة والتنورة».
وتنجح أقمشة عبد الجواد، المنسوجة على النول اليدوي في مغازلة أرقى بيوت الأزياء، ومصنعي الأثاث، ومستلزمات الديكور بمصر والعديد من دول العالم، حيث يتم تصدير بعض منتجاته إلى أميركا، وأستراليا وكندا، ونيوزيلندا، وإيطاليا، وفرنسا، وألمانيا، وبريطانيا، واليونان، إضافة إلى معظم الدول العربية ومنها الأردن والجزائر وتونس والسعودية والكويت، بحسب وصف عبد الجواد.
فمن صعيد مصر (جنوب البلاد)، على سبيل المثال، تضم مجموعته الجديدة، أحد أهم الأقمشة المصرية الأصيلة، والذي يعمل على إحيائه عبر إنتاجه وتطويره، وهو قماش «الملس»، الذي يعود إلى مئات السنين، ولم تكن ترتديه في الماضي، سوى الهوانم وزوجات عمد القرى، وزوجات البكوات من الأعيان والأثرياء، لارتفاع سعره، لأنه من الحرير الخالص.
يضيف عبد الجواد: «مرت مصر بحضارات بارزة مختلفة، ومنها نستلهم التصاميم، والتطريزات في الأقمشة، كما نحرص أيضاً على الاستلهام من حضارات أخرى في الشرق مثل الفارسية والهندية، حتى نكون مواكبين لاتجاهات التصميم في الخارج».
يتابع عبد الجواد، الذي يستكمل مشوار والده الذي كان متخصصاً في صناعة الأقمشة الشرقية، الجاذبة للسياح الأجانب والعرب: «عملت على جذب الجمهور المصري الذي لم يكن يميل إليها بشكل كاف، عبر تطوير الأقمشة وإضافة لمسات تراعي ذوقه وثقافته».
ويفسر المصمم المصري، إقبال بعض مواطني الدول الغربية على أقمشته الشرقية، قائلاً: «لأن العين لا تخطئ الجمال والتميز، تنجذب نحو قطع نسيج تنصهر فيها الحضارات الشرقية التي وإن كانت تختلف عن ثقافتهم وفنونهم فإنها تتمتع بروعة التصميم والتطريز، وجودة الخامات والتصنيع، واحتفاظها بألوانها الثابتة، وخيوطها التي لا تنسل».
ولفت إلى أنه «شغوف بتوظيف الأقمشة الشرقية في إضفاء لمسات من الجمال والعراقة على الحياة اليومية للناس، عبر التوسع في استخدامها في مجالات عدة مثل تصميم الملابس وصناعة الحقائب وتنجيد الأثاث، والديكور، والمفروشات، والمعلقات على الحائط، والمفارش الصغيرة، والطاولات الجانبية، والوسائد، وظهر السرير، وغيرها».
يوضح المصمم المصري أنه «حرص في البداية على التواصل مع أكبر مصممي الملابس والديكور داخل مصر، وخارجها... البعض استاء في البداية من فكرة توظيف التصميمات الشرقية في الديكور، ورأى أن وضعه بمساحة كبيرة على أريكة، أو كرسي، سيبدو مزعجاً للعين، لكثرة تفاصيله وزخارفه وألوانه، لكن حين أقنعتهم بالتجربة، جاءت النتائج مبهرة بالنسبة للجميع».
ويتابع: «لم تكن المنافسة سهلة إطلاقاً في هذا المجال، فلسنوات طويلة اعتمد المصممون والجمهور في مصر والخارج ممن يحتفون بالذوق الشرقي على الاستيراد من دول بعينها وبذوق محدد، فأن أقدم بديلاً مصرياً قادراً على المنافسة في الخامات والتصنيع، والذوق والتصميم والسعر، أمر تطلب الكثير من الوقت والجهد».
وحول مراحل العمل يوضح: «نقوم بتحديد الحالة الجديدة التي نريد أن نقدمها لجمهورنا، وفي ضوئها نضع التصميم ونناقش الألوان وعددها، وتركيباتها وترتيبها في القطعة الواحدة، لأن جزءا من رسالتنا هو إدخال البهجة والأجواء المرحة على المتلقي، لذا نهتم باختيار ألوان زاهية وراقية مستوحاة من الريف المصري، مع الوضع في الاعتبار اتجاهات الموضة العالمية، ولدينا ألوان أساسية مثل الفوشيا والبنفسجي والتراكواز».



أجواء احتفالية في مصر ابتهاجاً بعيد الفطر

زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
TT

أجواء احتفالية في مصر ابتهاجاً بعيد الفطر

زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)

سادت أجواء البهجة منذ الساعات الأولى من صباح أول أيام عيد الفطر في مصر، حيث احتشد المصلون من مختلف الأعمار في ساحات المساجد، وسط تكبيرات العيد التي ترددت أصداؤها في المحافظات المختلفة.
وشهدت ساحات المساجد زحاماً لافتاً، مما أدى إلى تكدس المرور في كثير من الميادين، والمناطق المحيطة بالمساجد الكبرى بالقاهرة مثل مسجد الإمام الحسين، ومسجد عمرو بن العاص، ومسجد السيدة نفيسة، ومسجد السيدة زينب، وكذلك شهدت ميادين عدد من المحافظات الأخرى زحاماً لافتاً مع صباح يوم العيد مثل ساحة مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية.
وتبدأ مع صلاة العيد أولى مباهج الاحتفالات عبر «إسعاد الأطفال»، وفق ما تقول ياسمين مدحت (32 عاماً) من سكان محافظة الجيزة (غرب القاهرة). مضيفةً أن «صلاة العيد في حد ذاتها تعد احتفالاً يشارك الأهالي في صناعة بهجته، وفي كل عام تزداد مساحة مشاركة المصلين بشكل تطوعي في توزيع البالونات على الأطفال، وكذلك توزيع أكياس صغيرة تضم قطع حلوى أو عيدية رمزية تعادل خمسة جنيهات، وهي تفاصيل كانت منتشرة في صلاة العيد هذا العام بشكل لافت»، كما تقول في حديثها مع «الشرق الأوسط».

بالونات ومشاهد احتفالية في صباح عيد الفطر (وزارة الأوقاف المصرية) 
ويتحدث أحمد عبد المحسن (36 عاماً) من محافظة القاهرة، عن تمرير الميكروفون في صلاة العيد بين المُصلين والأطفال لترديد تكبيرات العيد، في طقس يصفه بـ«المبهج»، ويقول في حديثه مع «الشرق الأوسط» إن «الزحام والأعداد الغفيرة من المصلين امتدت إلى الشوارع الجانبية حول مسجد أبو بكر الصديق بمنطقة (مصر الجديدة)، ورغم أن الزحام الشديد أعاق البعض عند مغادرة الساحة بعد الصلاة بشكل كبير، فإن أجواء العيد لها بهجتها الخاصة التي افتقدناها في السنوات الأخيرة لا سيما في سنوات (كورونا)».
ولم تغب المزارات المعتادة عن قائمة اهتمام المصريين خلال العيد، إذ استقطبت الحدائق العامة، ولعل أبرزها حديقة الحيوان بالجيزة (الأكبر في البلاد)، التي وصل عدد الزائرين بها خلال الساعات الأولى من صباح أول أيام العيد إلى ما يتجاوز 20 ألف زائر، حسبما أفاد، محمد رجائي رئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان، في تصريحات صحافية.
ويبلغ سعر تذكرة حديقة الحيوان خمسة جنيهات، وهو مبلغ رمزي يجعل منها نزهة ميسورة لعدد كبير من العائلات في مصر. ومن المنتظر أن ترتفع قيمة التذكرة مع الانتهاء من عملية التطوير التي ستشهدها الحديقة خلال الفترة المقبلة، التي يعود تأسيسها إلى عام 1891، وتعد من بين أكبر حدائق الحيوان في منطقة الشرق الأوسط من حيث المساحة، حيث تقع على نحو 80 فداناً.