الشيخ هاني الحسيني: تلاوة كتاب الله رسالة عظيمة وليست مهنة للتربح

«قارئ المناسبات الرئاسية» قال لـ «الشرق الأوسط» إنه يطوع النغم لخدمة القرآن

الشيخ هاني الحسيني
الشيخ هاني الحسيني
TT

الشيخ هاني الحسيني: تلاوة كتاب الله رسالة عظيمة وليست مهنة للتربح

الشيخ هاني الحسيني
الشيخ هاني الحسيني

منذ بداية شهر رمضان، يصدح القارئ الشيخ هاني الحسيني بآيات الله ويتلوها على المصلين المصريين لا سيما في صلاة القيام، وعبر الأثير يُطل بصوته الندي على المستمعين لإذاعة القرآن الكريم خلال صلاة الفجر والأمسيات الدينية.
يعد الشيخ هاني الحسيني، أحد الأصوات التي شقت طريقها بنجاح خلال السنوات الماضية في مصر، لأسلوبه الذي يسلب القلوب ويطرب الأسماع عند قراءة آيات القرآن الكريم، وهو ما أهلّه لأن يقع عليه الاختيار من جانب مؤسسة رئاسة الجمهورية في مصر للقراءة في الاحتفالات والمناسبات المختلفة التي تفتتح بآيات الذكر الحكيم، وهو ما جعله ينال لقب «قارئ المناسبات الرئاسية».
يقول الشيخ الحسيني لـ«الشرق الأوسط»: «أعمل إماماً لمسجد جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا بمدينة 6 أكتوبر (تشرين الأول)، وأحمل عضوية (نقابة القراء) المصريين، كما أني عضو مقرأة بوزارة الأوقاف، وقد بدأت شهرتي عندما بدأت الظهور بالإذاعة المصرية خلال نقل شعائر صلاة الفجر، بعدما اعتمدت رسمياً في الإذاعة في عام 2010، وكان أول خروج لي على الهواء في عام 2013».
ويكمل: «تم اختياري للقراءة في المناسبات الرئاسية عن طريق ترشيحي من جانب اتحاد الإذاعة والتلفزيون، وأول مرة قرأت فيها أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي كانت في صلاة الجمعة وقت تدشين (جامعة الملك عبد الله بن عبد العزيز)، في منطقة جبل الجلالة المطل على خليج السويس، قبل نحو 3 سنوات، وقد تحدثت مع الرئيس بعد صلاة الجمعة حيث أشاد بصوتي، وطلب أن أنضم لاحتفالات الرئاسة، ومن بعدها قرأت في أكثر من مناسبة مثل الاحتفال بعيد الشرطة المصرية ومؤتمرات الشباب في مدينة شرم الشيخ والمؤتمرات الاقتصادية».
يشير الشيخ هاني إلى أن هناك محطات لا ينساها في مشواره مع التلاوة، أهمها إعلان اعتماده من الإذاعة المصرية، وعندما قرأ أمام الرئيس حسني مبارك عام 1996 في الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، وقد كان عمره وقتها 15 عاماً، ومن قبلهما كانت محطة انطلاقه والتحاقه بمعهد القراءات القرآنية بناء على نصيحة أحد مشايخ قريته ويدعى «عبد الرحيم» الذي نصحه بالانطلاق في عالم القراءة وهو صغير.
أما عن أبرز التلاوات التي لا ينساها؛ فيوضح أنها كانت لآيات كريمة من سورة الأنفال، والتي قرأها عام 2010 أمام لجنة تحكيم المسابقة الدولية الثانية والخمسين لتجويد وتلاوة القرآن الكريم، التي تعقد سنوياً في ماليزيا، والتي حصل بها على المركز الأول بالمسابقة.
ويؤكد الحسيني أن هذه المسابقة كانت بداية شهرته الحقيقية وانطلاقته القوية، وعنها يذكر: «هذه المسابقة تعد من أقوى وأصعب المسابقات العالمية في القرآن، حيث تتطلب شروطاً معينة للالتحاق بها، منها أن يكون القارئ حسن الصوت، ويجيد 4 مقامات صوتية، إلى جانب الفصاحة والتجويد، ومع توافر هذه الشروط لدّي اشتركت في المسابقة، والتزمت بالقانون الخاص بها، وبفضل الله حصدت لقبها بعد منافسة مع 47 قارئاً و29 قارئة يمثلون 47 دولة حول العالم، ونلت تكريماً من كبار مسؤولي ماليزيا».
يتخذ «قارئ المناسبات الرئاسية» القرآن رسالة ومنهج حياة، فهو يحمل أمانة نشر القرآن الكريم عبر صوته، قائلاً: «أتمنى أن أبلغ هذه الرسالة على قدر استطاعتي، وأسأل الله أن يصطفيني ويتقبل مني».
وعن الأسلوب الذي يتبعه في القراءة، يقول: «أتقي الله في قرآني، فأنا أهتم أولا بـ(المخارج)، فأركز على الأحكام قبل النغم، وأطوع النغم لخدمة القرآن وليس القرآن لخدمة النغم، لأنه حالياً أصبحت غالبية القراءات تهتم بالنغم والمقامات على حساب تراجع الأحكام، وهو ليس صحيحاً لأننا نقرأ القرآن ولسنا أمام مقامات غنائية».
ما يؤلم الشيخ الحسيني، هو أن قراءة القرآن تشهد تراجعاً في مصر، فيقول: «للأسف حولنا القرآن للتربح والمكسب فأصبحنا في تراجع، ففي الماضي كانت القراءة من أجل القراءة، أما حالياً فهي للشهرة، وما أومن به أن القرآن ليس للتربح، بل رسالة، وكلام الله لإنذار من كان حياً».
وبسؤاله عن كيفية إيجاد أجيال جديدة من القراء، أجاب: «علينا أن نعلم الأجيال الجديدة حب القرآن للقرآن، وأن يقرأ القارئ لله، وأن يكون قلبه حاضرا للقراءة وأن يخرج من قلبه أي شيء غير الله، فوقتها سنشعر بالإخلاص وحلاوة القرآن».



«للموت 3»... مسلسل كل شيء

رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
TT

«للموت 3»... مسلسل كل شيء

رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل

يدرك الجزء الثالث من مسلسل «للموت» أنّ الخطأ ممنوع، ومع ذلك تلقّفته أخطاء على شكل مبالغات. حوَّل تونس أرضاً لبنانية - سورية، وأعاد بطلتيه «سحر»، ماغي بوغصن، و«ريم»، دانييلا رحمة، إلى عالم المافيا بحجّة واهية بعد توبة لم تدم. وهو كرّر المحفوظ غيباً في المسلسلات المشتركة: فتيات ومخدرات ورجال وسلاح ودولارات مُسددة بعشرات الآلاف لارتكاب جرائم. ذلك يحاكي جانب «الأكشن» ويضمن اشتعال الأحداث. جانبه الآخر أشدّ واقعية؛ إنسانه يمكن تصديقه.
على الورق أن يضمن مكاناً في المنافسة الرمضانية، فالمسلسل يطلّ بعد موسمين قالا الكثير. تُوزّع كاتبته نادين جابر سطورها بين الحقيقة والخيال. تتجرأ في الطرح وتُجدّد المقاربة، باستعمال «حيل» تصطدم أحياناً بالهشاشة. لِمَ تونس والمطاردات السوريالية في شوارعها؟ أهكذا تعود البطلتان إلى بحيرة الدم؟ ماذا عن «القوى الخارقة» و«الحاسة السادسة»، فتكشفان (خصوصاً «سحر») المستور والمعلن، ويقع جميع الرجال في غرامهما!
إنها الدراما ولا مفرّ من توابل تُنكّه الطبخة. هنا، يخرج المسلسل من كونه «واقعياً» ويسبح حيث تتكاثر الحيتان. هذا الموسم، تدخل امرأة على الخط؛ ويكاد عنصر اللعب مع الرجال يعلن خواتيمه لولا رغبة «شفيق» (اللافت كميل سلامة) بالانتقام. هذه المرأة هي «كارما» (أداء متفوق لورد الخال)، فتضرب بيد من حديد وتمسك الزمام، إلى أن يطال شرّها ابنتها فتُذعن للمصير.

ورد الخال تتألق بشخصية «كارما» (لقطة من المسلسل)

لم تعد بوغصن ورحمة تقفان أمام كاميرا فيليب أسمر بكونهما ممثلتين. تستبدلان بكيانهما الشخصيتين وتتوهّجان فيهما. تقدّمانهما على طريقة ذوبان السكر في الماء لبلوغ المحلول الواحد المُحلّى. الثلاثية مع الخال تتألق.
عوامل قوة المسلسل (إنتاج «إيغل فيلمز»، «MTV» و«شاهد») تغلب ثغراته. فالنص مشغول لحبس الأنفاس، وإن مرّت حلقات باردة. الحوارات بعيدة عن السطح. وهناك أشعار تُقال على ألسنة الشخصيات، وأوجاع وحكم حياة. يحدث ذلك أمام عين مخرج ينتشل الجمال من أقصى القهر. كادراته ناطقة واختياره لـ«اللوكيشنات» خلّاق. أمامه، يعطي الممثلون الإحساس الصائب والـ«ريأكشن» المطلوب، فلا تتكاثر الدعسات الناقصة حول الأقدام. فيليب أسمر فنان المسلسل.
خطايا «كارما» المتوارثة عن الأب تصيب العائلة بأسرها. تمتلئ الشخصية بدوافع ارتكاب الشر، من دون مبرر يمنح سلوكها أسباباً تخفيفية. لكنها إنسان، والبشر خَطَأة. فإلى جانب السوء، تستطيع الحب ولفرط كثافته يصبح مَرضياً تجاه الرجل وشبه هوسي تجاه ابنتها بعد موت ابنها ضحية الأثمان المترتّبة على الصفقات.
يحرص مهيار خضور ويامن الحجلي عن الانفعال الموزون. الأول يجيد التردد ومراجعة الحسابات، ثم الخلاص بالحب. والآخر فنان في غضبه وألم الذاكرة، يقلّب صفحات مضيئة عنوانها حب العُمر. خلطُ أوراق يعيدهما إلى المعدن الطيب قبل توحّش الظروف، فيتحالفان على الجَمعة بعد قطيعة.
ذلك العالم الفانتازيّ ظلّ شاهداً على مشاعر صادقة وعطف لا مشروط. «سحر» و«ريم» جدليتان في كل حالاتهما؛ في خصامهما وصُلحهما. وَقْعٌ فريد في الدراما العربية، غير مفهوم إلا لأمهات لم ينجبن ولأوفياء هم عملة نادرة في زمن الغدر. عنوان المسلسل «للموت»، منبعه عاطفة لا يبررها إلا القادرون على العطاء.

ثنائي البطولة من سوريا يامن الحجلي (يمين) ومهيار خضور (لقطة من المسلسل)

المقلب الواقعي يبلغ جماله الإنساني في رندة كعدي بشخصية «حنان». العطف وأمومة العالم في العيون والملامح واللسان والقلب. لم يعد الحي فقيراً وهجرت أحوال ناسه الويلات؛ مع ذلك، تعتصره المعاناة حيث المال يصطدم بمنغّصات الحياة ودورة الزمن على البشر؛ فيؤدي أحمد الزين مشهداً بديعاً لرجل بلا ذاكرة، تآكل بالألزهايمر، وتقدّم كعدي أنبل دروس مواجهة السرطان بإرادة التغلّب عليه، وسط عويل ختام اللحام البارعة وتكاتف الأسرة رغم الامتحانات القاسية.
تُلقي نادين جابر على وسام صباغ بشخصية «محمود» قيمتين إنسانيتين يؤديهما بالدمع: إسقاط النظرة الذكورية حيال المرأة المطلّقة، وإعلاء صوت المواطن الشريف. ومن باب الانتخابات النيابية، يُبيّن المسلسل مدى تجذّر الفساد اللبناني وقدرة أزلامه على سحق الأنقياء.
مرة أخرى، تؤكد الكاتبة حق الأم بحضانة أطفالها وإنْ انحازت القوانين للأب. ورغم مسحة الكآبة الطافحة على وجه دوجا حيجازي، فقد قدّمت آلام الأمهات المنسلخات عن أولادهن بالظلم والقوة. يمرّر المسلسل رسائل نبيلة بصوت صريح حيناً وبرمزية فنية حيناً آخر. لا يكتفي بالتحوّل مسرحاً لغلبة المبالغة وسطوة البطولات؛ بل يتبنّى مواقف ويُذكّر بقضايا تمسّ الصميم، تستوجب التحديث وإعادة النظر.
ينطبق على المسلسل عدُّه مسلسلَ كل شيء، ففيه خليط يخاطب الجميع. يصبح أبطاله بعضاً من الناس، الجدد منهم والقدماء. ريان حركة بشخصية «لميس»، أداء عفوي منساب، اختزالها مؤثر لثمن الزواج المبكر وتطوّر أفكار الإنسان. كارول عبود بدور «سارية» القناع الترفيهي لنفس طمّاعة تجيد إمساك تفاصيلها. فادي أبي سمرا حالة خاصة؛ ومن تونس فاطمة بن سعيدان بشخصية «جاكو» بطعم العسل.
يكتمل الأداء الجماعي مع فايز قزق ومحمد عقيل وعلي منيمنة وسحر فوزي ورانيا عيسى وساشا دحدوح وعلي سكر وروزي الخولي ومنير شليطا وسلطان ديب وأوس وفائي ومارلين نعمان... مع خليل أبو عبيد والطفلة تالين بورجيلي بشخصية «خلود» المُحمّلة عذابات الكبار.