أثار إعلان الهيئة الوطنية المصرية للإعلام (المسؤولة عن إدارة اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري «ماسبيرو»)، عن توقيع بروتوكول تعاون يتيح لمنصة إلكترونية خاصة احتكار وتسويق أرشيف وتراث التلفزيون المصري، على منصتها الإلكترونية، حالة من الجدل، وخصوصاً في أوساط صناع الإعلام والدراما.
وأعلنت الهيئة الوطنية للإعلام برئاسة حسين زين، مساء أول من أمس، عن توقيع بروتوكول تعاون مع الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية برئاسة تامر مرسي، والمالكة لمجموعة إعلام المصريين، ومجموعة دي ميديا الإعلامية يقضي بـ«إتاحة المحتوى الذي أنتجه أو سوف ينتجه التلفزيون المصري حصرياً على منصة Watch it الرقمية التي أطلقتها الشركة المتحدة للخدمات الرقمية قبل بدء شهر رمضان».
وتستحوذ الشركة مالكة التطبيق على عدد من القنوات الفضائية المصرية البارزة ووسائل الإعلام المصرية، التي تسيطر على الإنتاج الدرامي والتلفزيوني، ورغبة في حماية إنتاجها أطلقت تطبيق Watch it، لإذاعة الإنتاج الدرامي في رمضان مقابل اشتراك شهري، لكن هذه المنصة واجهت مشاكل تتعلق بالتأمين مع إطلاقها، مما دفع القائمين عليها لتقديم الخدمة مجاناً كبث تجريبي خلال شهر مايو (أيار) الجاري.
ووفقاً للبروتوكول فإن «التطبيق الجديد سيحصل على حقوق البث الحصري لمكتبة التلفزيون المصري، وسيتم تقديم تراث ماسبيرو بصورة أفضل وأكثر تطوراً».
وقال تامر مرسي، رئيس مجلس إدارة مجموعة المتحدة للخدمات الإعلامية، في بيان صحافي، إن «شركات إنتاج المحتوى العالمية، أو القنوات المتخصصة في مختلف المجالات اتجهت إلى حماية حقوق الملكية الفكرية للمحتوى من خلال منصات رقمية مثل منصتنا Watch iT وبصورة حصرية».
من جهته، أكد حسين زين، رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، أن «البروتوكول هو جزء من مسؤوليتنا نحو حماية حقوق المحتوى الإعلام المصري، وإعادة تقديمه بطرق حديثة تعظم عوائده».
بدوره، أوضح الإعلامي حمدي الكنيسي، عضو الهيئة الوطنية للإعلام، لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذا الاتفاق نوقش بالتفصيل في الهيئة الوطنية للإعلام وتم التأكيد على أنه لم يكن له أي تأثير سلبي على قناة (ماسبيرو زمان)، وتراث الإذاعة»، مشيراً إلى أن «هذا التراث كان متاحاً عبر كثير من منصات القرصنة، دون سيطرة من أحد، والخطوة الأخيرة جيدة لتنظيم حقوق بثه الإلكتروني، وأن تحصل الهيئة الوطنية للإعلام على مقابل ذلك».
ورغم أن أطراف البروتوكول يعتبرونه وسيلة لحماية الملكية الفكرية وتعظيم عوائد التراث، فإن بعض أبناء المبدعين والفنانين الذين أنتجوا هذا التراث كان لهم رأي آخر، واعتبروه «اعتداءً على حقوق الملكية الفكرية» لتسود حالة من الجدل حول الاتفاق الجديد.
وكتب الشاعر الغنائي المصري أيمن بهجت قمر (نجل المؤلف المصري الراحل بهجت قمر «1937: 1989») على صفحته الشخصية على «فيسبوك» تعليقاً، محذراً فيه من إتمام هذا الاتفاق: «إنذار إلى من يهمه الأمر، أنا وكل أبناء المؤلفين القدامى والمبدعين لم نتنازل عن حقوق الديجيتال الخاصة بكل أعمال آبائنا، وأي بيع أو اتجار فيها من خلال أي (أبليكيشن) أو موقع سيتم اتخاذ جميع الإجراءات القانونية».
وكذلك أكدت أميرة سيد مكاوي (ابنة الموسيقار الراحل سيد مكاوي)، في منشور لها على «فيسبوك»، أن «تراث ماسبيرو إنتاج الدولة، يعني ملك الشعب، وليس ملك أي شخص آخر»، وأضافت: «أنا ابنة مبدع من مبدعين كثيرين قدموا هذا التراث، وعند تقديم إبداعهم لم يكن قد اخترع الديجتال، فهل من وقع الاتفاق قرر الاستحواذ على حق البث الإلكتروني دون إذن من أصحابه؟»، مشددة على «رفضها الاتفاق كمواطنة وابنة مبدع».
من جانبه قال الكنيسي إنه «من أنصار حقوق الملكية الفكرية وبالتأكيد لم يكن في العقود القديمة إشارة لحقوق النشر الرقمي، وهذه المسألة يمكن أن ينظمها القضاء، والهيئة ستلتزم بقرار القضاء في هذه النقطة».
ومنذ يونيو (حزيران) 2016، بدأ التلفزيون المصري بث بعض برامجه ومسلسلاته القديمة على قناة جديدة أطلقت لهذا الغرض اسمها «ماسبيرو زمان»، وحققت القناة نجاحاً كبيراً خاصة مع موجة انتقادات للأعمال المنتجة حديثاً، وكنوع من الحنين للماضي لدى عدد كبير من متابعيها، مما دفع البعض إلى المطالبة باستثمار هذا الأرشيف الجماهيري والغني.
السيناريست والكاتب عمر طاهر تساءل عن «السبب الذي يمنع قناة (ماسبيرو زمان) من تطبيق التطوير بنفسها بدلاً من الاتفاق مع شركة خاصة»، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك مشكلة في طريقة تفكير وتطوير الاستثمار، وما يحدث هو محاولة غير مدروسة لجمع الأموال»، مشيراً إلى أن «هذا التراث أنتج بأموال المصريين وهو ملك لهم، وليس من المعقول أن يأتي شخص ليبيعه للمصريين».
وأضاف: «هذا النوع من التراث لا يجب أن يخرج من مكانه، ونصف ميزانية مسلسل كافية لجعل قناة (ماسبيرو زمان) واحدة من أهم محطات الوطن العربي»، مؤكداً أن «استغلال المادة الأرشيفية يمكن أن يتم عبر بيع حق بث أجزاء منها بالدقيقة، كما تفعل المحطات العالمية التي تبيع حق استغلال الدقيقة لمرة واحدة بمئات الدولارات».
وقال الدكتور صفوت العالم، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الهياكل الإنتاجية والفنية والقدرات الإبداعية لـ(إعلام المصريين) بقدراتها المختلفة لا تملك حسن التصرف وإمكانيات توظيف هذا الكم من الإنتاج الضخم لماسبيرو». وأكد العالم «خطورة احتكار الإنتاج والإبداع وسيطرة الشركة على تراث ماسبيرو الإبداعي الذي تم إنتاجه على مدار 60 عاماً».
مصر: اتفاق لعرض «تراث ماسبيرو» على منصة إلكترونية يثير جدلاً
ورثة المبدعين يطالبون بحقوقهم بعد طرح الأعمال على منصة watch it
مصر: اتفاق لعرض «تراث ماسبيرو» على منصة إلكترونية يثير جدلاً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة