الصراع على «غنيمة تركية» يودي بحياة قادة ميليشيات غرب طرابلس

TT

الصراع على «غنيمة تركية» يودي بحياة قادة ميليشيات غرب طرابلس

نشب خلاف دموي بين الميليشيات المسلحة الموالية لحكومة «الوفاق الوطني» في مدينة الزاوية الواقعة غرب العاصمة طرابلس، بسبب الصراع على تقاسم صفقة مدرعات، منحتها تركيا إلى المجلس الرئاسي بقيادة فائز السراج، ما خلف مقتل مسلحين، ووضع المدينة رهناً للتوتر واندلاع معارك جانبية.
وشهدت الزاوية أجواء غير مستقرة صباح أمس، غلب عليها دوي الانفجارات، إثر مقتل فراس المختار شركس، آمر ميليشيا تابعة لوزارة داخلية «الوفاق»، وابن عمه عبد الرحيم فتحي شركس، بسبب خلاف مع ميليشيا أخرى على امتلاك مدرعة من صفقة الأسلحة التركية، التي وصلت طرابلس في الثامن عشر من مايو (أيار) الجاري، لاستخدامها في المعارك الجارية بين «الجيش الوطني»، وقوات موالية لـ«الوفاق».
وسبق أن أعلنت حكومة «الوفاق» عن وصول دفعة كبيرة من الأسلحة والمدرعات العسكرية التركية على متن سفينة قادمة من شمال تركيا، تضم نحو 40 قطعة حربية، وهو ما أثار ردود فعل غاضبة لدى قيادات «الجيش الوطني»، وسط تحذيرات من خرق قرار مجلس الأمن الدولي، الذي يقضي بحظر توريد السلاح إلى ليبيا.
وبحسب شهود عيان، فقد تطورت الأحداث في الزاوية في وقت متأخر من ليلة أول من أمس، عقب استحواذ القيادي الميليشياوي فراس المختار شركس على إحدى المدرعات الجديدة، ما أشعل الخلاف مع مسلحين آخرين، انتهى بقتله مع ابن عمه عبد الرحيم على يد وسام رمضان عبد الله الحطاب، ومحمود محمد علي كريم.
وتواكب ذلك مع سماع دوي انفجارات في جنوب ساحل الزاوية، أرجعته وسائل إعلام محلية إلى استهداف منزل عائلة الزعلوك في منطقة طريق البرناوي بقذائف «آر بي جي» للاشتباه في تورط نجلهم، القيادي بإحدى المجموعات المسلحة، في قتل فراس وعبد الرحيم شركس، وهي المعلومات التي تبين لاحقاً عدم صحتها.
وفيما قال القيادي الأمني، العقيد محمد عبد السلام المصينعي لـ«الشرق الأوسط» إن الميليشيات المسلحة في غرب البلاد «لم تكف يوماً عن التناحر»، غرّد الإعلامي الليبي محمود المصراتي على «تويتر» مبكراً، وقال إن سبب الاشتباكات بين عناصر الميليشيات في الزاوية، يرجع إلى صراعهم للاستحواذ على المدرعات التركية، وهو ما تسبب في مقتل عنصرين منهم.
ومع احتدام الخلاف اضطرت «قوة الردع الخاصة»، التابعة للسراج، للتدخل واعتقال ما وصفتهم بالمتهمين بالقتل، وقالت في بيان على صفحتها عبر «فيسبوك»، مساء أول من أمس، إنها ألقت القبض على وسام رمضان عبد الله الحطاب، ومحمود محمد علي كريم لاتهامهما بقتل فراس وعبد الرحيم شركس في الزاوية.
وأشارت «قوة الردع» إلى أنه «سيتم التحقيق في القضية وكشف ملابساتها، وإحالة المتورطين فيها لجهات الاختصاص، في ظل التعاون الأمني بين أجهزة الأمن بوزارة الداخلية، وضمان حق المغدور بهما، وطمأنة ذويهما للاقتصاص من القاتلين».
وشهدت العاصمة طرابلس وضواحيها عدداً من المعارك، التي قضي فيها مئات القتلى وآلاف الجرحى بين الميليشيات المسلحة خلال العام الماضي، بسبب التصارع على مكتسبات مالية أو لوجيستية.
وفور تسلم سلطات طرابلس صفقة المدرعات التركية، أعلن «الجيش الوطني» الليبي أنه فرض حظراً بحرياً على الموانئ الواقعة (غرب البلاد)، في خطوة تهدف إلى منع وصول الأسلحة وقطع الإمدادات العسكرية إلى العاصمة طرابلس.
وتداولت وسائل إعلام محلية، أمس، معلومات غير مؤكدة حول انسحاب ميليشيا فراس شركس من محاور القتال في مطار طرابلس الدولي، بعد اغتياله بأيدي «نيران صديقة»، بحسب ما وصفه نشطاء ورواد مواقع التواصل الاجتماعي في ليبيا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».