الجزائر: حزب معارض يطالب باستجواب بوتفليقة حول قضايا فساد

إسدال الستار عن إيداع ملفات الترشح للرئاسيات في غياب «مرشحين حقيقيين»

TT

الجزائر: حزب معارض يطالب باستجواب بوتفليقة حول قضايا فساد

في سياق التفاعل مع ملفات الفساد المرتبطة بالنظام السابق التي يعالجها القضاء حالياً، طالب الحزب المعارض «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، في بيان، بـ«سماع أقوال عبد العزيز بوتفليقة، رئيس الدولة المخلوع، عن أعماله وعن نشاط مساعديه». وقال رئيسه محسن بلعباس إن الحزب يرفض «الطابع الانتقائي الذي أخذه سجن رموز النظام»، في إشارة إلى رجال أعمال محسوبين على بوتفليقة، ومسؤولين بارزين مدنيين وعسكريين، من بينهم شقيق الرئيس السابق السعيد بوتفليقة، ومديرو المخابرات سابقاً محمد مدين وبشير طرطاق، ورئيسة «حزب العمال» لويزة حنون. ويوجد كل هؤلاء في السجن بتهمة «التآمر على سلطة الجيش والدولة».
وتساءل الحزب: «هل يوجد ما يمنع استدعاء رئيس الدولة السابق أمام العدالة لسماع أقواله؟ هذا هو السؤال الذي يُنتظر من السلطة جواب عليه. وهل يمكن لقائد أركان الجيش الذي يقود الحملة ضد (العصابة) أن يجيب عنه؟».
ودعا الحزب إلى «استغلال جميع فضاءات النضال والنقاش والتضامن لإحباط مخططات ومرامي دعاة الثورة المضادة. وإن الذعر الذي استبد بمراكز القرار في هذه الجمعة الرابعة عشرة من المظاهرات يبيّن أن عزيمة الشعب هي السبيل الوحيد للإجهاز على نظام سياسي لم يُقِم لجوره وظلمه حدوداً».
واتهم «التجمع» الفريق أحمد قايد صالح، نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الجزائري بمحاولة الالتفاف على مطالب الشارع.
وقال في بيان أصدره أمس بعد اجتماع الأمانة الوطنية العامة للحزب «لقد استولى قايد صالح على وسائل الإعلام الثقيلة، بعد فترة قصيرة من استخدام الأجهزة القمعية التي يزداد عنفها يوما بعد يوم، لمواجهة مظاهرات الحركة الشعبية، تمهيدا للخرجات الأخيرة للمتحدث باسم السلطة الفعلية».
وأضاف الحزب موضحا «لا يزال قائد الجيش في تماديه لرفض الواقع. فهو يريد فرض آرائه وحلوله بالتهديد والوعيد، والهجوم على كل التيارات السياسية التقدمية والنشطاء، الذين يطالبون بمسار حقيقي لبناء دولة القانون». مشيرا إلى أنه «تم تسخير المحاكم لاستعراض وجوه مختارة من النظام القديم، أمام القضاة وكاميرات خفية لقنوات إعلامية فإنها تتلقى أوامرها من مراكز القرار».
ووصف الحزب، الذي اشتهر بمواقفه المناهضة لنظام بوتفليقة، المحاكمات التي تحصل في الجزائر تجاه وزراء سابقين ورجال أعمال بـ«الانتقائية»، وطالب بضرورة «أن يُسمع لأقوال عبد العزيز بوتفليقة، الرئيس المخلوع، عن أعماله وعن نشاط مساعديه»، مشيرا إلى أن هذا يعتبر في المرحلة الحالية، الضمان الوحيد لنيل المصداقية، حتى لا تتحول عملية «الأيدي النظيفة» في الواقع إلى ما يشبه حملة لمطاردة «السحرة». كما شدد على أن «إصرار السلطة الفعلية على الالتزام بأجندة انتخابية محضة تضع في صلبها الصراع من أجل السلطة لا يمكن أن يستمر في ضبط حياة الأمة إلى ما لا نهاية».
وتابع بيان الحزب قائلا «لا يمكن للتسلط الذي دمّر البلد أن يقوده إلى النور بمجرد تغيير الوجوه»، داعيا إلى «تعبئة أوسع لاستثمار جميع فضاءات النضال والنقاش والتضامن لإحباط مخططات ومرامي دعاة الثورة المضادة».
وفي غضون ذلك، أسدل أمس في الجزائر الستار على إيداع ملفات الترشح لرئاسية الرابع من يوليو (تموز) المقبل بالمجلس الدستوري، الذي لم يستقبل رئيسه أي «مترشح قوي»، باستثناء أشخاص غير معروفين، سترفض ملفاتهم على الأرجح بسبب عجزهم عن تلبية شروط ضرورية، وفي مقدمتها جمع 60 ألف توقيع من 25 ولاية.
وأعلن أمس عبد العزيز بلعيد، رئيس «جبهة المستقبل» مرشح رئاسية 2014، وبلقاسم ساحلي، رئيس «التحالف الوطني الجمهوري»، وهو وزير سابق، في بيانين منفصلين، سحب ترشيحهما لـ«عدم التحضير الجدي لهذا الموعد المهم». علماً بأنهما كانا الوحيدين اللذين يعرفهما الإعلام والوسط السياسي، من ضمن لائحة مرشحين نشرتها وزارة الداخلية، تضم 74 شخصاً قاموا بسحب استمارات الترشح من وزارة الداخلية.
وغالباً ما يعجز المرشحون عن استيفاء أهم شرط في الترشح ينص عليه قانون الانتخابات، وهو جمع 60 ألف توقيع من مواطنين بلغوا سن الانتخاب، موزعين في 25 ولاية من 48 ولاية، أو جمع 600 توقيع من منتخبين محليين. ولذلك فإن قادة الأحزاب الكبيرة هم وحدهم من يستطيع تلبية هذا الشرط، أو مرشحين تساعدهم الحكومة على تخطي هذا الحاجز بغرض توفير منافسين شكليين، يرافقون مرشحها للوصول إلى خط النهاية.
وأمام المجلس الدستوري 10 أيام لدراسة مدى مطابقة ملفات الترشيح، إن وجدت، مع القانون. وإذا حدث العكس، فهو مجبر على إعلان استحالة تنظيم انتخابات الرئاسة.
يشار إلى أن البلاد كانت مقبلة على انتخابات في 18 أبريل (نيسان) الماضي، التي ترشح لها بوتفليقة، لكن موجة غضب عارمة اندلعت في 22 فبراير (شباط) الماضي ألغتها، وأجبرت بوتفليقة على الاستقالة.
وفي الواقع، يبدو الرئيس الفعلي، قائد الجيش الجنرال قايد صالح، والرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح، متمسكين بقوة بإجراء الاقتراع في موعده. وقد التقى بن صالح مع رئيس الوزراء نور الدين بدوي الأسبوع الماضي لبحث الترتيبات المادية للموعد السياسي، المرفوض شعبياً ومن كل الطبقة السياسية.
وتأكيداً على رغبته في تنظيم الاقتراع بأي ثمن، انتقد رئيس أركان الجيش بحدة رافضيه. ففي خطاب قرأه بمنشأة عسكرية بجنوب البلاد، الاثنين الماضي، هاجم «متآمرين، ومن يسير في فلكهم، يريدون قطع الطريق أمام كل الحلول الممكنة، وجعل البلاد تعيش حالة من الانسداد السياسي المقصود، للوصول إلى هدفهم المخطط، وهو الوصول بالبلاد إلى حالة الفراغ الدستوري»، في إشارة إلى المعارضة وناشطين بالحراك رفضوا «الحل الدستوري» للأزمة السياسية، وطالبوا بـ«مجلس رئاسي»، يتكون من شخصيات مستقلة لقيادة البلاد مؤقتاً، وإبعاد بدوي وبن صالح، وتأجيل الرئاسية. لكن هذا الطرح يغضب كثيراً قايد صالح الذي يتحدث عن «المؤامرات» و«المناورات» في كل خطاباته. وهذا الموقف وضعه في مواجهة مع الحراك الشعبي الذي هاجمه أول من أمس بسبب «تعنته» لإجراء الانتخابات التي يرى كثيرون أنها ستفرز رئيساً على مقاس السلطة، إن أشرفت عليها الحكومة الحالية التي عينها بوتفليقة قبل استقالته في الثاني من أبريل الماضي.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».