فكتوار دي كاستيلان لـ «الشرق الأوسط»: أؤمن بالتجديد ما دام يتضمن قصة ملهمة

مجموعة «آرشي ديور».. تحية لمصمم كان يحلم بأن يكون مهندسا

سوار يجسد كل جماليات جاكيت «البار» بخصره المحدد وتفاصيله الأنثوية  -  تصميم «البار» كما رسمه كريستيان ديور من مجموعة «كورول» لربيع وصيف 2014  -  رسمة لفستان «مارلي» من خط «ترومب لوي» Trompe L›oeil (ربيع وصيف 1949)
سوار يجسد كل جماليات جاكيت «البار» بخصره المحدد وتفاصيله الأنثوية - تصميم «البار» كما رسمه كريستيان ديور من مجموعة «كورول» لربيع وصيف 2014 - رسمة لفستان «مارلي» من خط «ترومب لوي» Trompe L›oeil (ربيع وصيف 1949)
TT

فكتوار دي كاستيلان لـ «الشرق الأوسط»: أؤمن بالتجديد ما دام يتضمن قصة ملهمة

سوار يجسد كل جماليات جاكيت «البار» بخصره المحدد وتفاصيله الأنثوية  -  تصميم «البار» كما رسمه كريستيان ديور من مجموعة «كورول» لربيع وصيف 2014  -  رسمة لفستان «مارلي» من خط «ترومب لوي» Trompe L›oeil (ربيع وصيف 1949)
سوار يجسد كل جماليات جاكيت «البار» بخصره المحدد وتفاصيله الأنثوية - تصميم «البار» كما رسمه كريستيان ديور من مجموعة «كورول» لربيع وصيف 2014 - رسمة لفستان «مارلي» من خط «ترومب لوي» Trompe L›oeil (ربيع وصيف 1949)

أسبوع الأزياء الراقية بباريس يختتم فعالياته دائما بيوم خاص بالجواهر، لكنه هذه المرة لم يكتفِ بيوم واحد. فقد فتحت معظم بيوت الأزياء ودور الجواهر أبوابها لوسائل الإعلام والزبائن على مدى الأسبوع تقريبا، من خلال مواعيد خاصة ومحددة، لإعطاء فكرة مسبقة عما ستعرضه في بينالي باريس في آخر أواخر هذا الشهر. ونظرا لأهمية المعرض، فإن الإصدارات كانت بمجملها تلعب على صفاء وألوان الأحجار وعلى التصاميم المبتكرة والجديدة حتى تضمن شد الأنفاس من جهة، وتكون في مستوى المنافسة التي ستكون شرسة بين كل دور الجواهر، من جهة ثانية. من هؤلاء، نذكر ديور، التي غاصت مصممتها فكتوار دي كاستيلان في أرشيف الدار واستلهمت من 11 فستانا فخما من موسم الـ«هوت كوتير» 44 قطعة جواهر، تتحدى معايير التصميم بتقنياتها العالية وأشكالها الهندسية الجديدة، لا سيما بالنسبة لمصممة عودتنا على أسلوب رومانسي أقرب إلى الفانتازيا منه إلى الواقع. المجموعة بعنوان «أرشي ديور» (Archi Dior)، وهي تصغير لكلمة هندسة باللغة الفرنسية، لأنها تحية لكريستيان ديور، الذي كان يحلم في شبابه أن يكون مهندسا، إلا أن تدخل أهله حال دون ذلك. رغم ذلك انعكس حبه على أسلوبه الذي يتميز بالأحجام الضخمة، والطيات المتعددة وانسدال الأقمشة بكميات سخية وغيرها. فروح المهندس بداخله، لم تفارقه إلى أن مات بصورة مفاجئة في عام 1957. تعترف فكتوار دي كاستيلان في حوار مع «الشرق الأوسط» بأن مجموعة «ذي آرشي ديور» فعلا مستلهمة من السيد ديور وحلمه أن يصبح مهندسا، مؤكدة أنه، وعلى الرغم من عدم تحقيقه هذا الحلم واتجاهه إلى تصميم الأزياء في المقابل، تظهر المعالم الهندسية جليا في كل ما يجود به خياله، لأنه كان يصممها بنفس منطق بناء البنايات الضخمة. وتشير: «تصميم الجواهر أيضا، يخضع لنفس المعايير تقريبا، إذ تخضع كل قطعة لما يشبه عملية البناء، من حيث رص وتجميع الأحجار الثمينة مع بعض بعناية وبنسب متفاوتة لكن دائما متناغمة».
ثاني ما يلفت انتباهك في هذه المجموعة، بعد تصميمها المتميز والمبتكر، أن كل قطعة فيها تستوحي شكلها من فستان أيقوني، مثل «كورول» أو«فيرتيكال» أو«زيغ زاغ» أو«إيليه» وغيرها من التصاميم التي تفخر بها الدار وتبرز حرفيتها، بطياتها أو أحجامها أو ألوانها، إضافة إلى الخدع البصرية واللعب على التناقضات. فتصميم الأزياء، حسب قول فكتوار، يعتمد على مفهوم البناء، كذلك تصميم وصياغة الجواهر، مما دفعها إلى دراسة كل حركة وكل طية أو كسرة وصياغتها بالأحجار، حتى تحاكي مرونة هذه الفساتين حين تتحرك المرأة ويظهر التبطين من أسفلها أو تتمايل هذه الطيات كاشفة عن تفاصيل أخرى. من القطع الأيقونية التي أبدعت فيها المصممة، جاكيت «البار» الذي شكل ثورة في عام 1947 حين طرحه كريستيان ديور أول مرة، ليحدد ما أصبح يعرف في لغة الموضة بـ«ذي نيو لوك». جاء تصميم الجاكيت بشكل محدد عند الخصر وتم تنسيقه مع تنورة مستديرة من صوف الكريب بطيات سخية تبرز جمال الجسد وتضاريسه الأنثوية. عرف الجاكيت نجاحا منقطع النظير بمجرد أن وقعت عليه عيون المرأة ولا يزال من القطع الأيقونية التي تميز ديور عن غيرها. فكتوار أخذت هذه القطعة وترجمتها بالمعادن والأحجار الكريمة في سوار جد مثير يراعي أهمية هذا الرمز ويحتفي به. أخذت أيضا فستان «جينون» الذي صمم في عام 1949 ويتميز بتنورة تتفتح مثل بتلات الأزهار لتجسده في أقراط أذن رائعة، وهكذا. كانت الخيارات كثيرة أمامها، لكنها في الأخير كان عليها أن تعطي الأولوية لما راق لها «من ناحية التفاصيل مثل الكشاكش، والطيات والكسرات، وما حفز بداخلي تحديا لكي أترجمه بالمعادن والأحجار»، حسب ما تقوله.
التحدي الكبير بالنسبة لها كان إيجاد طريقة لترويض المعادن وجعلها مرنة وطيعة مثل الأقمشة، رغم أنها لا تتمتع بنفس الوزن والخفة والحركة، وأن تجعل كل العناصر تتناغم مع بعض من دون أن يتغلب جانب على آخر. ركزت مثلا على ألوان الأساسية للأحجار الثمينة الأربعة، ولعبت على درجاتها، ما أضفى عليها أسلوبا كلاسيكيا، من حيث الألوان على الأقل. فالماس مثلا جاء بالأبيض والأصفر والبرتقالي، والزفير بالأزرق والوردي، كما استعملت الزمرد، وفي بعض الأحيان التورمالين وتزافوريت والعقيق، لكن دائما بدرجات متقاربة ومتناغمة.
عندما أقول لها إن اهتمام كريستيان ديور بالهندسة لا يخفى على العارفين والمهتمين بالموضة، سواء من قرأوا سيرته الذاتية، أو يقرأون ميوله بين طيات الفساتين التي صممها وأحجامها، وبأن الجديد يكمن فيها، إذ تبدو وكأنها غيرت جلدها، وخصوصا أنه لم تظهر عليها أي ميول هندسية من قبل، وكانت إلى الأمس القريب مسكونة بأجواء الطبيعة، ترد شبه مدافعة: «أعشق أن أضع لنفسي تحديات جديدة.. تحديات قد تكون أقرب إلى التمارين، باقتراح أفكار مبتكرة في كل مرة. خذي الألوان هنا مثلا، فهي أكثر هدوءا مقارنة بالمجموعتين اللتين طرحتهما في الموسمين الأخيرين (شير ديور) Cher Dior و)دير ديور) Dear Dior، ومع ذلك فإن (آرشي ديور) Archi Dior هي الأكثر اعتمادا على ظلال الألوان والدرجات المتراكبة. أحيانا هناك لون واحد، بدرجتين أو ثلاث، بينما استعملت في السابق ألوانا متنوعة ومتضاربة. السبب أنها أكثر هندسية وتجريدية، وبالتالي لم أرد أن أشوش عليها بالكثير من الألوان، التي ارتأيت أن ألجأ إليها للضرورة فقط».
بحثها عن الجديد لا يتناقض مع احترامها لإرث الدار الفرنسية العريقة. فمنذ أن التحقت بها وهي تهدف إلى تجسيد أفكارها ورموزها الرئيسة وتجسيدها في أعمالها، مثل حديقة كريستيان ديور، التي ظهرت في مجموعة «ميلي لا فوري» مثلا، أو فساتين السهرة الفخمة والدرامية، وطبعا الهوت كوتير، التي تعتبر من أسس الدار. لكنها تشير إلى أن «هذه الأفكار والرموز، كانت ولا تزال، مجرد نقطة انطلاق بالنسبة لي، لأني أضيف إليها الكثير من أفكاري الخاصة. وهي أفكار أستمدها من الفن، المعارض، الأفلام، الصور الفوتوغرافية الشارع، عالم المرأة، الحب، التحليل النفسي. أي أنني استمدها من الحياة وكل ما يدور حولي، من دون أن أنسى إرث كريستيان ديور الغني. فهو يلهمني بنفس القدر، وخصوصا أنه منبع لا ينضب، وعندما أمزجه مع اهتماماتي الحياتية، فإن التجربة تزيد متعة». ما تؤكد عليه فكتوار أن أي مجموعة تصوغها تعكس تطلعاتها وميولها، كما أنها تعتبرها بمثابة فصل جديد من نفس القصة.. «أنا أومن بالتجديد ما دام استكمالا لنفس القصة، فكل مجموعة تؤدي إلى أخرى. وبما أنني أعشق فكرة تكسير الحدود والبحث الدائم للوصول إلى مكان غير متوقع لم أصل إليه من قبل، فإن تصاميمي تأتي أيضا بأشكال غير متوقعة. قد ينبع هذا من كوني أكره الملل والروتين، فهما يشعرانني بالتعاسة، لهذا احتاج دائما إلى ابتكار ما يشغلني ويرفه عني».
ولا شك أن فكرة هذه المجموعة كانت مثيرة وممتعة بالنسبة لها. ولدت فكرتها منذ عامين ونصف العام تقريبا، واستنفدت الكثير من الجهد أيضا، نظرا للتقنيات التي كانت تتطلبها حتى تأتي بالشكل المطلوب، وهو ما تؤكده قائلة إنها «تشمل 23 قطعة كل واحدة منها فريدة من نوعها، إضافة إلى 21 قطعة من الجواهر الراقية، استغرق تنفيذ كل قطعة فيها ما بين 18 و24 شهرا. كمثال على ذلك، استغرق تنفيذ قلادة (كورول) 2500 ساعة، إذ كان من الضروري تقطيعها إلى 160 جزءا لكي نتمكن من ترصيعها بأكثر من 300 ماسة بتقطيع (باغيت)، وتطلب سوار الـ(بار) 560 ساعة لترصيعه بـ4500 حجر. فالدقة والأحجام المتفاوتة التي تم تقطيع كل حجر بها كان ضروريا لخلق خلق التناغم من رحم التناقض». وتشير فكتوار إلى أن هذا أمر مترسخ في ثقافة وتقنيات الـ«هوت كوتير» أيضا، التي تحتاج فيها معظم الفساتين إلى ما لا يقل عن 500 متر من الحرير، وهو ما يعادل حجر من 80 قيراطا في عالم الجواهر.



غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
TT

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره ومستقبله. ولحد الآن لا يُحدد المصمم هذا المستقبل. لكن المؤكد أنه ضاعف مبيعات «سيلين» خلال الست سنوات التي قضاها فيها مديراً إبداعياً. غادرها وهي قوية ومخلفاً إرثاً لا يستهان به، يتمثل في تأسيسه قسماً جديداً للعطور ومستحضرات التجميل. فهو لم يكن يعتبر نفسه مسؤولاً عن ابتكار الأزياء والإكسسوارات فحسب، بل مسؤولاً على تجميل صورتها من كل الزوايا، ومن ثم تحسين أدائها.

العطور ومستحضرات التجميل جزء من الحياة ولا يمكن تجاهلهما وفق هادي سليمان (سيلين)

نجح وفق تقديرات المحللين في رفع إيراداتها من 850 مليون دولار حين تسلمها في عام 2018، إلى ما يقرب من 3.27 مليار دولار عندما غادرها. الفضل يعود إلى أسلوبه الرشيق المتراقص على نغمات الروك أند رول من جهة، وإدخاله تغييرات مهمة على «لوغو» الدار وإكسسواراتها من جهة أخرى. هذا عدا عن اقتحامه مجالات أخرى باتت جزءاً لا يتجزأ من الحياة المترفة تعكس روح «سيلين» الباريسية، مثل التجميل واللياقة البدنية.

اجتهد في رسم جمال الدار في عام 2023 وكأنه كان يعرف أن الوقت من ذهب (سيلين)

بعد عام تقريباً من تسلمه مقاليد «سيلين» بدأ يفكر في التوسع لعالم الجمال. طرح فعلاً مجموعة من العطور المتخصصة استوحاها من تجاربه الخاصة والأماكن التي عاش أو عمل فيها. استعمل فيها مكونات مترفة، ما ساهم في نجاحها. هذا النجاح شجعه على تقديم المزيد من المنتجات الأخرى، منها ما يتعلق برياضة الـ«بيلاتيس» زينها بـ«لوغو» الدار.

يعمل هادي سليمان على إرساء أسلوب حياة يحمل بصماته ونظرته للجمال (سيلين)

مستحضرات التجميل كان لها جُزء كبير في خطته. كان لا بد بالنسبة له أن ترافق عطوره منتجات للعناية بالبشرة والجسم تُعزز رائحتها وتأثيرها. هنا أيضاً حرص أن تشمل كل جزئية في هذا المجال، من صابون معطر يحمل رائحة الدار وكريمات ترطيب وتغذية إلى بخاخ عطري للشعر وهلم جرا.

في عام 2019 طرح مجموعة عطور متخصصة أتبعها بمنتجات للعناية بالبشرة والجسم (سيلين)

كانت هذه المنتجات البداية فقط بالنسبة له، لأنه سرعان ما أتبعها بمستحضرات ماكياج وكأنه كان يعرف أن وقته في الدار قصير. كان أول الغيث منها أحمر شفاه، قدمته الدار خلال أسبوع باريس الأخير. من بين ميزاته أنه أحمر شفاه يرطب ويلون لساعات من دون أن يتزحزح من مكانه. فهو هنا يراعي ظروف امرأة لها نشاطات متعددة وليس لديها الوقت الكافي لتجدده في كل ساعة.

بدأ بأحمر شفاه واحد حتى يجس نبض الشعر ويُتقن باقي الألوان لتليق باسم «سيلين» (سيلين)

حتى يأتي بالجودة المطلوبة، لم تتسرع الدار في طرح كل الألوان مرة واحدة. اكتفت بواحد هو Rouge Triomphe «روج تريومف» على أن تُتبعه بـ15 درجات ألوان أخرى تناسب كل البشرات بحلول 2025 إضافة إلى ماسكارا وأقلام كحل وبودرة وظلال خدود وغيرها. السؤال الآن هو هل ستبقى الصورة التي رسمها هادي سليمان لامرأة «سيلين» وأرسى بها أسلوب حياة متكامل يحمل نظرته للجمال، ستبقى راسخة أم أن خليفته، مايكل رايدر، سيعمل على تغييرها لكي يضع بصمته الخاصة. في كل الأحوال فإن الأسس موجودة ولن يصعب عليه ذلك.