تقرير فني من فريق «الشرعية» يتهم غريفيث بشرعنة انسحاب الميليشيات

تمسك بضرورة التطبيق المتزامن لمسارات اتفاق السويد الثلاثة

TT

تقرير فني من فريق «الشرعية» يتهم غريفيث بشرعنة انسحاب الميليشيات

اتهم تقرير يمني صادر عن فريق المشاورات الحكومي، المبعوث الأممي إلى اليمن، بأنه يحاول السعي إلى شرعنة الانسحاب الحوثي الأحادي في الحديدة، فضلاً عن سعيه - بحسب التقرير الفني - إلى الاعتراف بشرعية قوات الأمن الحوثية في المناطق التي انسحبت منها.
وذكر التقرير الفني الذي اطلعت «الشرق الأوسط» عليه، أنه «بعد محاولة أولى فاشلة، أعاد الحوثيون محاولة ثانية لتمرير طريقتهم المتخيلة لإعادة انتشار قواتهم حول موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، وهي طريقة لا تلامس إلا هواهم ولا ترضي إلا المبعوث الأممي مارتن غريفيث الذي بذل جهده لإنجاز هذه الخطوة بأي كيفية وبأي ثمن»، وفق ما يورده التقرير.
وانتقد التقرير العودة مجدداً إلى تخطيط انسحاب صوري بعد أن فشلت المحاولة الأولى. وقال: «مع الانكشاف الفاضح الذي منيت به محاولة الانتشار الأحادية الأولى التي أعلنت في 29 ديسمبر (كانون الأول) 2018، فقد كان مفاجئاً أن ينجر فريق العمل الأممي إلى تخطيط محاولة ثانية تحمل أسباب العوار الأولى نفسها ثم يخرج ليبشر بها ويضفي عليها المشروعية».
وعبر التقرير عن رفض ما حدث من «إعلان الفريق الأممي بدء الحوثيين تنفيذ إعادة الانتشار من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى يوم 11 مايو (أيار) 2019 وإسناد أمن هذه الموانئ إلى قوات من خفر السواحل».
وقال إن «هذه الخطوة تضعنا إزاء بضعة تلفيقات جرى تركيبها إلى جانب بعض بروابط هشة وحيل غير ذكية لإنتاج هذا الحدث الذي يعنى بإضافة شيء جديد إلى سيرة أعضاء الفريق الأممي ورئيسه أكثر مما يكترث لإرساء نواة حقيقية وصلبة لسلام يتمتع بالثبات والديمومة».
وفي معرض تفنيد ما حدث من ألاعيب حوثية، قال التقرير الحكومي: «هذه خطوة أحادية جرت في ظل غياب أعضاء الحكومة الشرعية في لجنة تنسيق إعادة الانتشار المشتركة المنوط بها مراقبة إعادة الانتشار ووقف إطلاق النار، طبقاً لاتفاق استوكهولم بشأن مدينة الحديدة وموانئها».
ويضيف: «إما أننا بحاجة إلى قوى خارقة أو أن نتحلى بمستوى شديد الانخفاض من الذكاء لنفهم كيف عثر المبعوث الأممي وفريقه على قوة عاملة في نطاق سيطرة الحوثيين وتخدم تحت إمرتهم وربما قاتلت في صفوفهم، ثم لا تزال تتمتع بصفة أنها قوات خفر سواحل محتفظة بولائها لقانون الدولة الشرعية الأمني وسيادتها».
وفي مسعى لتفسير ما حدث بالضبط، يذهب التقرير اليمني الصادر عن فريق المشاورات الحكومي إلى القول: «في الواقع والمنطق، ليست القوة التي تسلمت تأمين الموانئ الثلاثة بعد إعادة انتشار الحوثيين المفترض إلا قوة حوثية، وأي محاولة لدفع هذه الصفة عنها هو إما انفصال عن الواقع السائد في اليمن منذ انقلاب الحوثيين على النظام السياسي واستيلائهم على السلطة بالقوة المسلحة وجهل فاضح به، أو أنه تدبير لا يخلو من التآمر والانحياز لمصلحتهم».
ويتابع التقرير بالقول: «في حال الترجيح بين الفرضيتين، تبدو الأخيرة هي الراجحة بناء على سلوك المبعوث الأممي وفريق عمله منذ تعيينه في فبراير (شباط) 2018 وملامح الانحياز للحوثيين».
ويرى أنه «من غير المعقول أن يكون الفريق الأممي ورئيسه بهذا القدر من الجهل بالواقع اليمني؛ وهو فريق كبير أنفق وقتاً طويلاً في لقاءات بسائر الخبراء والمعنيين بالشأن اليمني، كما أنه (اطلع على كثير من) التفاصيل والمسائل الدقيقة وفحصها فحصاً دقيقاً».
وفي حين يُحمل التقرير المبعوث الأممي غريفيث مسؤولية فشل تنفيذ اتفاق الحديدة، يرى أنه «من الجائز أيضاً أن ضغط الوقت قد ألجأ المبعوث الأممي وفريقه إلى تبني إعادة انتشار الحوثيين الأحادية وتسويقها ومحاولة شرعنتها».
وفي شرحه لهذه الجزئية يستطرد التقرير بقوله: «فمع انقضاء 5 أشهر على توقيع اتفاق استوكهولم مع الإخفاق في بدء تطبيقه، واقتراب موعد جلسة مجلس الأمن حول اليمن (15 مايو/ أيار 2019) التي سيقدم فيها المبعوث الأممي إحاطة بشأن الإنجاز، كان على الأخير أن يتحرك لأجل عمله وسيرته المهنية قبل أي غاية أخرى».
ويضيف: «لذا، وتحت تحدي عاملي الوقت وتصلب الحوثيين بل تعنتهم، جاء إخراج إعادة الانتشار الأحادية على ذلك النحو من الرداءة وعدم الإقناع، إذ ما كان لها أن تتم بالصورة التي تمت بها إلا على حساب روح الاتفاق ونصه، وهو ما حدث».
ويفترض التقرير أنه إذا كان «المبعوث الأممي يشعر بمشكلة مع تصلب الحوثيين ومراوغاتهم حيال تطبيق الاتفاق، فإن الأمر الساخر وسط هذه التفاصيل الجادة هو توجه المبعوث لاعتماد تصور الحوثيين أنفسهم لإعادة الانتشار كسبيل لتجاوز هذه المشكلة، ذلك أنه لا يمكن وصف الكيفية التي جرت بها عملية إعادة انتشار الحوثيين حول موانئ الحديدة، إلا أنها قد جرت وفقاً لتصورهم».
ولا يخلو التقرير من روح التهكم من الحوثيين حين يقول: «والراجح أن قادة الحوثيين يعيشون أوقاتاً مليئة بالمرح، ليس لأن المبعوث الأممي يبيض صفحتهم، عامداً أو غير عامد فحسب، بل لأن توقيع اتفاق استوكهولم قد أتاح لهم فرصة عظيمة لالتقاط أنفاسهم التي كادت تنقطع تحت ضغط تقدم الجيش الحكومي الذي كان على مشارف ميناء الحديدة الرئيسي، وذلك بما قضى به الاتفاق من وقف فوري لإطلاق النار».
ويعترف التقرير الحكومي أنه «إذا كانت أمور كثيرة قد فاتت على الفريق الحكومي المفاوض (في السويد)، سواء ما هو منها محيط بظروف توقيع الاتفاق أو تلك الكامنة في بعض صيغ الاتفاق، فإنه، ومعه قيادة الشرعية وحكومتها، لم يعد أمامه في الوضعية الراهنة إلا اتخاذ سبيل متشدد وفاحص حيال ظروف تطبيق الاتفاق وأدوات تطبيقه وسلوك المبعوث الأممي وفريق عمله».
ويرى التقرير أنه «ينبغي التمسك بضرورة التطبيق المتزامن لمسارات الاتفاق الثلاثة: الحديدة وموانئها، وتفاهمات تعز، وتبادل الأسرى».
وكان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وجه خطاباً إلى الأمين العام للأمم المتحدة يشكو فيه ما اعتبرها تجاوزات مبعوثه إلى اليمن مارتن غريفيث، دون أن يشدد هادي في خطابه على إزاحة غريفيث، ما يعني منحه فرصة أخيرة وفق ما جاء بالخطاب.
ويعتقد المراقبون أن هذه الهزة العميقة لجدار الثقة بين الحكومة الشرعية والمبعوث الأممي ستذهب إلى أبعد مدى في الفترة المقبلة، لجهة استحالة الاستمرار في التعاطي مع الشخص نفسه الذي تقول الحكومة إنه «لم يعد نزيهاً ولا محايداً».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.