الجيش الإسرائيلي يتوقع انهياراً اقتصادياً قريباً للسلطة الفلسطينية

فلسطينية تجتاز الطريق في رام الله بالضفة الغربية وخلفها جدارية عن المرأة (رويترز)
فلسطينية تجتاز الطريق في رام الله بالضفة الغربية وخلفها جدارية عن المرأة (رويترز)
TT

الجيش الإسرائيلي يتوقع انهياراً اقتصادياً قريباً للسلطة الفلسطينية

فلسطينية تجتاز الطريق في رام الله بالضفة الغربية وخلفها جدارية عن المرأة (رويترز)
فلسطينية تجتاز الطريق في رام الله بالضفة الغربية وخلفها جدارية عن المرأة (رويترز)

نشرت جهات أمنية مضمون تقرير سري، أعدته قيادة الجيش الإسرائيلي، وقدّمته مؤخراً إلى الحكومة، أعربت فيه عن تقديرها أن «السلطة الفلسطينية لن تتراجع عن رفضها الخطة الأميركية للتسوية السياسية للصراع الإسرائيلي العربي، ولن تتراجع عن رفضها المشاركة في ورشة المنامة الاقتصادية لدعم السلطة، التي حددت نهاية شهر يونيو (حزيران) المقبل، والتي بادر إليها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ضمن المرحلة الأولى من صفقة القرن». واستخلصت من ذلك أنه «في غضون شهرين أو 3 أشهر، ستبدأ عملية انهيار اقتصادي خطير في السلطة».
وقال تقرير الجيش الإسرائيلي إن انهيار السلطة يأتي بسبب إلغاء المساعدات الأميركية من جهة، وبسبب رفض السلطة تسلم أموال الضرائب الفلسطينية التي تجبيها إسرائيل ناقصة، علماً بأن إسرائيل قررت خصم مبلغ 40 مليون دولار شهرياً من هذه الأموال، بقيمة ما تدفعه الحكومة الفلسطينية من رواتب للأسرى وعائلات الشهداء.
وبحسب تقديرات الجيش الإسرائيلي، التي أوردها المحلل العسكري لصحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، ونشرها أمس (الخميس)، فإن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يرى نفسه في مواجهة هجوم ثلاثي؛ الولايات المتحدة وإسرائيل وحركة «حماس»، بعضه منسق، ويهدف إلى منع تحقيق حل الدولتين، فالولايات المتحدة قلصت بشكل شبه تام المساعدة الاقتصادية للفلسطينيين، حتى تلك التي تمر عبر الوكالات الدولية. وبنظره، فإن الولايات المتحدة تعرض الآن «السلام الاقتصادي»، من دون حل قضية القدس والحدود، وتحاول فرض الفصل الدائم بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
وأضافت تقديرات الجيش في تل أبيب، أن عباس يحظى بتأييد جماهيري لموقفه. فهو يقول إن «إسرائيل تمس بالسلطة الفلسطينية اقتصادياً بسبب أزمة الأسرى، ولكنها في الوقت ذاته تواصل صرف المليارات على البناء في المستوطنات، وترفض الحوار السياسي، وتتحين الفرصة لضم أجزاء من الضفة الغربية بعد فشل صفقة القرن». كما يشكو من مؤامرة دولية تنفذها حركة «حماس»، فهذه الحركة تقيم دولة في قطاع غزة بـ«موافقة أميركية إسرائيلية صامتة».
ويقول هرئيل إن «جميع قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية يتفقون على أن السلطة الفلسطينية ستبدأ بالانهيار الاقتصادي بعد شهرين أو 3 أشهر».
المعروف أنه منذ بدأت إسرائيل تخصم من أموال الضرائب ما يعادل مخصصات ذوي الشهداء والأسرى، ترفض السلطة تسلم هذه الأموال بمجموعها، وهو ما أدى إلى تقليص نحو 600 مليون شيكل (180 مليون دولار) شهرياً من ميزانية السلطة. واضطرت السلطة إلى دفع نصف رواتب الموظفين. ومع أن المحلل العسكري يشير إلى أن التنسيق الأمني بين الطرفين في الضفة الغربية ظل مستمراً، فقد أكد أن الجيش الإسرائيلي يلاحظ بداية تراجع طفيف في الجاهزية لمواصلة التنسيق في حوادث موضعية. وأضاف أن أجهزة الأمن الفلسطينية «لا تزال تعتقل مشتبهاً بهم بالتخطيط لعمليات إرهابية، وتعيد مواطنين إسرائيليين سالمين بعد أن دخلوا عن طريق الخطأ إلى مناطق السلطة، لكنها تعطي إشارات بأن شيئاً ما بدأ يتغير».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.