الهدوء يعود إلى جاكرتا بعد ليلة ثانية من الاشتباكات

قوات الأمن بدأت الانسحاب من مناطق الاشتباكات في قلب العاصمة الإندونيسية جاكرتا (رويترز)
قوات الأمن بدأت الانسحاب من مناطق الاشتباكات في قلب العاصمة الإندونيسية جاكرتا (رويترز)
TT

الهدوء يعود إلى جاكرتا بعد ليلة ثانية من الاشتباكات

قوات الأمن بدأت الانسحاب من مناطق الاشتباكات في قلب العاصمة الإندونيسية جاكرتا (رويترز)
قوات الأمن بدأت الانسحاب من مناطق الاشتباكات في قلب العاصمة الإندونيسية جاكرتا (رويترز)

عاد ضجيج حركة المرور من جديد إلى وسط العاصمة الإندونيسية جاكرتا، أمس الخميس، بعد ليلة ثانية من الاشتباكات بين قوات الأمن ومحتجين غاضبين من نتيجة الانتخابات التي أجريت الشهر الماضي وفاز فيها الرئيس جوكو ويدودو بولاية ثانية على منافسه الجنرال السابق برابو سوبيانتو في الاقتراع الذي أجري يوم 17 أبريل (نيسان) الماضي.
وبدا وسط العاصمة هادئاً أمس الخميس، لكن أعداداً كبيرة من المكاتب والمراكز التجارية والمدارس، بقيت مقفلة، ولم تؤمن خطوط للمواصلات العامة، مثل المترو، سوى خدمة جزئية. ودعت سفارات رعاياها إلى الامتناع عن التوجه إلى وسط العاصمة، حيث أغلقت الشرطة الطرق المؤدية إلى مقر اللجنة الانتخابية وهيئة الرقابة الانتخابية. وكان مئات من عناصر الشرطة والجيش يتولون حماية هاتين المؤسستين اللتين استهدفهما المتظاهرون. وقد أحيطتا بالأسلاك الشائكة.
وحظي ويدودو بتأييد أكثر من 85 مليوناً من إجمالي 154 مليون ناخب أدلوا بأصواتهم في الانتخابات، لكن سوبيانتو قال إنه يعتقد بحدوث «غش ومخالفات جسيمة» ورفض الإقرار بالهزيمة. وقالت وكالة معنية بمراقبة الانتخابات إنه لا يوجد دليل على حدوث غش ممنهج. وذكر مراقبون مستقلون أن الانتخابات كانت حرة ونزيهة.
وحث سوبيانتو في مقطع فيديو نشره في حسابه على «تويتر» في وقت متأخر من مساء أول من أمس الأربعاء أنصاره على التفرق بشكل سلمي. وقال: «أتوسل إليكم أن تعودوا إلى منازلكم لترتاحوا وتتجنبوا أي أفعال قد تنتهك القانون». واتهم حزب «حركة إندونيسيا العظيمة (جيريندرا)» الذي ينتمي إليه سوبيانتو السلطات بمحاولة إلقاء اللوم عليه في أعمال الشغب.
وفي تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، قال ديدي براسيتيو، المتحدث باسم الشرطة الوطنية: «اعتقلنا أكثر من 300 مشتبه به. إننا نستجوبهم، وتتوافر لدينا أدلة» على وجود حركة منظمة، موضحاً أن «أموالاً ومناجل ومفرقعات» قد ضُبطت.
وكانت مناطق وسط العاصمة قد تحولت إلى ساحة قتال استخدم فيه الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي والحجارة والمفرقعات. وحطم متظاهرون الأرصفة ودمروا لافتات وأضرموا النار في بعض المواقع. لكن أعداد المحتجين تراجعت كثيراً خلال الليل، وقال المتحدث باسم الشرطة إنهم تفرقوا تماماً بحلول السابعة صباحاً. وفي مناطق أخرى بإندونيسيا، قالت وسائل الإعلام إن حشداً أحرق مركزاً للشرطة في جزيرة مادورا شمال شرقي جزيرة جاوا، وأُضرمت النيران في موقعين للشرطة في بونتياناك على جزيرة بورنيو.
جاءت الاضطرابات بعد تأكيد المفوضية العامة للانتخابات في وقت مبكر من يوم الثلاثاء الماضي فوز ويدودو، وبدأ العنف مساء الثلاثاء وأدى إلى مقتل 6 أشخاص. وقال مسؤولون إن اثنين آخرين قتلا مساء أول من أمس الأربعاء.
وقال حاكم جاكرتا أنيس باسويدان إن من بين القتلى 3 مراهقين، وإن 737 شخصاً أصيبوا في أعمال شغب تركزت في حي تاناه أبانج بوسط العاصمة. وذكرت وكالة «أنتارا» الرسمية للأنباء، كما نقلت عنها «رويترز»، أن 3 مستشفيات قدمت علاجاً لإصابات أكثر من 350 شخصاً. وقالت الشرطة الإندونيسية أمس الخميس إنها اعتقلت رجلين ينتميان لجماعة بايعت تنظيم «داعش»، لارتكابهما أعمال شغب هذا الأسبوع. وقال محمد إقبال، المتحدث باسم الشرطة الوطنية إنهما «خَرَجَا بِنِيَّة» القيام بأعمال تخريبية خلال الاحتجاجات. وأضاف أنهما ينتميان لجماعة تدعى «جاريس» بايعت تنظيم «داعش»، وأن الشرطة عثرت على أظرف تحتوي نقوداً مع بعض الأشخاص الذين فتشتهم. وأضاف إقبال: «هذه ليست واقعة من قبيل الصدفة؛ وإنما أمر مخطط له. هناك مؤشرات على أن الغوغاء يتلقون مالاً ومصرّون على إحداث فوضى». وقال آندريه روسيادي، المتحدث باسم حزب «جيريندرا»، إن دعوى قضائية ستُرفع إلى المحكمة الدستورية اليوم الجمعة للطعن على نتيجة الانتخابات.
ويقول محللون إن هامش الفوز الكبير لويدودو يعني أن المعارضة لا تملك حجة قوية تدعم مزاعم تزوير الانتخابات، لكن بإمكانها الاعتماد على الغضب من النتيجة لدى قطاع كبير من أنصار سوبيانتو الإسلاميين.
ورفعت الحكومة عدد أفراد الشرطة والجيش المنتشرين في أنحاء جاكرتا إلى 58 ألفاً وحجبت مؤقتاً بعض الخصائص على مواقع التواصل الاجتماعي لمنع انتشار أخبار كاذبة قد تزيد الاضطراب. وعرضت الشرطة في مؤتمر صحافي أشخاصاً تشتبه بهم يرتدون ملابس برتقالية، فضلاً عن قنابل حارقة وسهام ومناجل ونقود في أظرف. وعرض قائد الشرطة، تيتو كارنافيان، على الصحافيين بندقية قناص مع كاتم للصوت ومسدسين، وقال إنها ضُبطت مع أشخاص قبل الشغب بأيام. وأضاف: «هناك مسعى للتحريض وإسقاط شهداء وإلقاء اللوم على السلطات وإثارة الغضب العام».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».