القضاء التونسي ينظر في قضية متهمين بالانقلاب على بورقيبة

TT

القضاء التونسي ينظر في قضية متهمين بالانقلاب على بورقيبة

نظرت الدائرة المختصة في قضايا العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بتونس العاصمة في ملف ما يعرف بمجموعة «الإنقاذ الوطني»، المكونة من عسكريين ورجال أمن وعناصر مدنية، اتهموا بالإعداد للانقلاب على الرئيس السابق الحبيب بورقيبة منتصف عقد الثمانينات من القر الماضي.
كما تضم المجموعة أيضا عددا من المتضررين من العملية الانقلابية، من بينهم الرائد محمد المنصوري الذي توفي تحت التعذيب بوزارة الداخلية في ديسمبر (كانون الأول) 1987. أي بعد ثلاثة أسابيع من صعود بن علي إلى الحكم، وكان أول ضحاياه، وعددا آخر من المتضررين الذين لا يزالون على قيد الحياة.
ووصل عدد المتضررين في هذه القضية إلى 86 شخصا، وشملت الأبحاث 23 متهما، بينهم الرئيس السابق زين العابدين بن علي، والحبيب عمار وزير الداخلية الأسبق، وكوادر أمنية عليا، من بينهم المنصف بن قبيلة مدير أمن الدولة في تلك الفترة، والجنرال بن سليمان، ومحمد علي القنزوعي وزير الدولة للأمن الوطني الأسبق، وإطارين أمنيين متهمين بالتعذيب، هما محمود بن عمر وعبد الرحمان القاسمي، المعروف باسم «بوكاسا».
وسبق للمحكمة العسكرية أن نظرت في ملف مجموعة «الإنقاذ الوطني» على مدى أكثر من 10 جلسات خلال سنتي 2017 و2018، لكنها لم تصدر أي أحكام قضائية.
وقالت منية بوعلي، وهي محامية من فريق الدفاع عن الضحايا، إن المتهمين بانتهاكات حقوق الإنسان «لم يستوعبوا الدرس بعد... لكن هذه (المحاكمة) فرصة بالنسبة إليهم لكي يتطهروا من الذنوب التي ارتكبوها في حق المتضررين وإلحاق عاهات مستدامة بهم». مناشدة المتهمين التحلي بالجرأة والشجاعة للاعتراف بالانتهاكات التي ارتكبوها، كما دعت إلى إصدار أوامر دولية باستدعاء جميع المتهمين في هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
من جهته، قال العلمي الخضري، وهو عسكري سابق أوقف ضمن مجموعة «الإنقاذ الوطني» بتهمة التخطيط لتنفيذ انقلاب على بورقيبة، إن عدد الأشخاص الذين أعدوا للانقلاب وتم اعتقالهم يقدر بـ22 فردا، ضمنهم عسكريون وأمنيون ومدنيون. لكن ارتفاع عدد المتضررين في هذا الملف وصل إلى 86 شخصا، يشمل أيضا أولئك الذين تقدموا بملفات لهيئة الحقيقة والكرامة.
وأضاف الخضري أن بدء توقيف المجموعة كان في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) 1987، أي قبل ثلاثة أيام من تنفيذ الرئيس السابق بن علي لانقلابه السياسي على بورقيبة.
ثم تواصلت الاعتقالات بعد اعتلاء بن علي سدة الحكم، حيث تعرض جميع المعتقلين للتعذيب، قبل أن يطلق سراحهم بعد أشهر. غير أن جلسات التعذيب تسببت لهم في عاهات مستدامة، وأضرار بدنية بلغت لدى بعضهم 25 في المائة. كما نفى الخضري وجود محاولة للسيطرة على الحكم من قبل المجموعة، وقال إن طموحهم الأساسي «كان إحداث تغيير سياسي بتنفيذ انقلاب على بورقيبة».
وأغرت فترة مرض الرئيس بورقيبة وبلوغه مرحلة العجز عن تسيير دواليب الدولة خلال ثمانينات القرن الماضي عددا من القيادات السياسية والأمنية والعسكرية بالانقلاب عليه، ومن بين هذه الأطراف «حركة الاتجاه الإسلامي» (النهضة حاليا)، التي يتزعمها راشد الغنوشي.
غير أن الرئيس السابق بن علي سبق كل الطامحين للسلطة، وأطاح ببورقيبة من خلال إقرار شهادة طبية تثبت عجزه عن تولي السلطة، وبعد ذلك انقض بن علي على خصومه السياسيين، وأودعهم السجون، ومن بينهم أنصار حركة النهضة الذين هادنهم لوقت قصير، قبل أن يوقف طموحهم السياسي.
يذكر أن هيئة الحقيقة والكرامة، وهي هيئة دستورية مكلفة تنفيذ مسار العدالة الانتقالية ومساءلة المتهمين بانتهاك حقوق الإنسان خلال الفترة المتراوحة ما بين 1955 ونهاية 2013.
قد أحالت عددا كبيرا من القضايا الشائكة على أنظار الدائرة المختصة في قضايا العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بالعاصمة، وشرعت النظر في قضايا أثارت الكثير من الجدل بين التونسيين، من بينها اتهام الرئيس السابق الحبيب بورقيبة باغتيال منافسه السياسي الأول صالح بن يوسف في ألمانيا سنة 1961.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.