صناعة السيارات تصطدم بحواجز التباطؤ الاقتصادي العالمي

تراجع المبيعات في أوروبا للشهر الثامن على التوالي

صناعة السيارات تصطدم بحواجز التباطؤ الاقتصادي العالمي
TT

صناعة السيارات تصطدم بحواجز التباطؤ الاقتصادي العالمي

صناعة السيارات تصطدم بحواجز التباطؤ الاقتصادي العالمي

تواجه صناعة السيارات حول العالم الكثير من التحديات، التي يأتي على رأسها وضع الاقتصاد العالمي والرسوم الجمركية والتحول للشحن الكهربائي بديلاً للوقود، الأمر الذي يؤثر بالسلب على المبيعات الفعلية في الكثير من الأسواق، وبالتالي مستقبل الصناعة ككل في ضوء تخلي الكثير من عملاقة السيارات عن آلاف الوظائف.
وفي الوقت الذي تراجعت فيه مبيعات السيارات في أوروبا خلال أبريل (نيسان) الماضي، للشهر الثامن على التوالي، في ظل تراجع الطلب في بريطانيا، حيث يؤجل المستهلكون عمليات الشراء وسط حالة من الاضطراب قبيل استعداد البلاد للخروج من الكتلة الأوروبية، أعلنت شركات عملاقة مصنعة للسيارات خططا عن شطب آلاف الوظائف مثل فورد وفولكسفاغن.
تعتزم «فورد موتور كورب» ثاني أكبر شركة سيارات في الولايات المتحدة شطب نحو 7000 وظيفة بما يعادل نحو 10 في المائة من إجمالي قوة العمل لديها على مستوى العالم، في ظل تزايد الضغوط على شركات السيارات لمسايرة التحولات التكنولوجية التي تشهدها الصناعة.
وذكرت وكالة بلومبرغ للأنباء أن «جيم هاكيت» الرئيس التنفيذي لشركة «فورد» قال في مذكرة داخلية إن شطب هذه الوظائف سيوفر للشركة نحو 600 مليون دولار سنوياً، مشيرة إلى أن شطب الجزء الأكبر من هذه الوظائف سيكتمل في أميركا الشمالية بحلول 24 مايو (أيار) الحالي، في حين سيكتمل الجزء الباقي في أوروبا وأميركا الجنوبية والصين بنهاية أغسطس (آب) المقبل.
وقال «هاكيت» في المذكرة الداخلية: «لكي ننجح في صناعتنا التنافسية، وفي مكانة فورد للفوز في مستقبل سريع التغير، علينا تقليل الهيكل البيروقراطي وتفويض المديرين وتسريع عملية اتخاذ القرار والتركيز بصورة أكبر على العمل القيم وخفض النفقات... فورد أسرة واحدة والقول وداعا لأي زملاء قرار صعب ومحزن».
وتستهدف خطة إعادة الهيكلة تقليص حجم الجهاز الإداري لشركة فورد بنسبة 20 في المائة، وتقليل عدد المستويات الإدارية فيها من 14 مستوى إلى 9 مستويات أو أقل.
وأشارت وكالة بلومبرغ إلى أن عدد الوظائف التي تقرر شطبها يقل بشدة عن العدد الذي توقعه محللو بنك مورغان ستانلي في العام الماضي وكان 25 ألف وظيفة.
وبحسب «فورد» فإن هناك نحو 800 عامل في الولايات المتحدة وافقوا على «الانفصال الطوعي» عن الشركة بينهم 500 عامل يتم تسوية موقفهم خلال الأسبوع الحالي. كما أن هناك نحو 1500 عامل في الولايات المتحدة وافقوا على إنهاء خدمتهم اختياريا ليصل إجمالي عدد الوظائف التي تم شطبها في الولايات المتحدة إلى نحو 2300 وظيفة. كان عدد العاملين في «فورد» في أبريل الماضي 196 ألف عامل مقابل 202 ألف عامل في نهاية 2017.
وفي مارس (آذار) الماضي، أعلنت شركة فولكسفاغن الألمانية لصناعة السيارات اعتزامها شطب آلاف الوظائف، في الوقت الذي تكثف فيه إجراءات خفض النفقات والتركيز على السيارات الكهربائية والتكنولوجيا الرقمية. وتستهدف أكبر شركة لإنتاج السيارات في أوروبا شطب ما بين 5000 و7000 وظيفة على مدار الأعوام الخمسة المقبلة وحتى عام 2023، من خلال التوسع في الاعتماد على أنظمة التشغيل الآلية وتحسين كفاءة التشغيل.
وقالت الشركة إن عملية الشطب تأتي من خلال التوسع في استخدام الأنظمة الآلية في أداء الأعمال الروتينية، مضيفة أن هذه العملية ستساعد في استيعاب بعض خسائر الشركة وأنه سوف تتم إضافة 2000 وظيفة جديدة في إطار التطوير الفني. وأضافت أنها تعتزم خفض الإنفاق المادي وقوة العمل بنسبة 15 في المائة، مع تقليص عدد طرز العلامة التجارية «فولكسفاغن».
يأتي هذا في الوقت التي ذكرت فيه رابطة مصنعي السيارات الأوروبية، أن حجم المبيعات الشهرية انخفض بنسبة 1 في المائة إلى 1.22 مليون سيارة. وشهدت بريطانيا انخفاضاً أكثر حدة بلغت نسبته 4.1 في المائة.
وأفادت وكالة بلومبرغ للأنباء بأنه خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري، انخفضت معدلات تسجيل السيارات في أوروبا بنسبة 2.9 في المائة إلى 5.01 مليون سيارة، وجاءت إيطاليا وإسبانيا في صدارة الدول التي شهدت تراجعاً من بين الأسواق الخمسة الرئيسية للسيارات في أوروبا، حيث بلغت نسبة التراجع في الدولتين 4.6 و4.5 في المائة على الترتيب.
ويتشابه ضعف الطلب على السيارات في أوروبا مع انخفاض المبيعات في الصين، وهي أكبر سوق للسيارات في العالم، حيث انخفض حجم الطلب خلال أبريل بنسبة 16.6 في المائة ليعزز أسوأ موجة تراجع للمبيعات تشهدها البلاد خلال جيل كامل.
وبسبب نقص فرص التمويل للشركات في أوروبا، حثت ألمانيا وفرنسا وهولندا على تأسيس سوق أوروبية موحدة لرأس المال.
وفي الوقت الذي أجل فيه الرئيس الأميركي دونالد ترمب قراراً بفرض رسوم جمركية على السيارات الأوروبية لمدة 180 يوما، قال المدير التنفيذي لغرفة التجارة والصناعة الألمانية (دي.آي.إتش.كيه)، إنه في حال فرضت الولايات المتحدة رسوما جمركية إضافية بنسبة 25 في المائة على واردات السيارات ومكوناتها، فإن ذلك قد يكلف الاقتصاد الألماني 6 مليارات يورو (6.71 مليار دولار) سنويا. وقال مارتن فانسليبن المدير التنفيذي للغرفة في بيان: «لكن هذا (القرار) لن يؤثر فقط على المُصنعين الألمان في نهاية المطاف، وإنما أيضاً على المستهلكين في الولايات المتحدة».



الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)

قالت الأمم المتحدة، في وقت متأخر، يوم الخميس، إن الاقتصاد العالمي قاوم الضربات التي تعرَّض لها بسبب الصراعات والتضخم، العام الماضي، وإنه من المتوقع أن ينمو بنسبة ضعيفة تبلغ 2.8 في المائة في 2025.

وفي تقرير «الوضع الاقتصادي العالمي وآفاقه (2025)»، كتب خبراء اقتصاد الأمم المتحدة أن توقعاتهم الإيجابية كانت مدفوعة بتوقعات النمو القوية، وإن كانت بطيئة للصين والولايات المتحدة، والأداء القوي المتوقع للهند وإندونيسيا. ومن المتوقَّع أن يشهد الاتحاد الأوروبي واليابان والمملكة المتحدة انتعاشاً متواضعاً، كما يقول التقرير.

وقال شانتانو موخيرجي، رئيس فرع مراقبة الاقتصاد العالمي في قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة: «نحن في فترة من النمو المستقر والضعيف. قد يبدو هذا أشبه بما كنا نقوله، العام الماضي، ولكن إذا دققنا النظر في الأمور، فستجد أن الأمور تسير على ما يرام».

ويقول التقرير إن الاقتصاد الأميركي تفوق على التوقعات، العام الماضي، بفضل إنفاق المستهلكين والقطاع العام، لكن من المتوقَّع أن يتباطأ النمو من 2.8 في المائة إلى 1.9 في المائة هذا العام.

ويشير التقرير إلى أن الصين تتوقع تباطؤ نموها القوي قليلاً من 4.9 في المائة في عام 2024 إلى 4.8 في المائة في عام 2025، وذلك بسبب انخفاض الاستهلاك وضعف قطاع العقارات الذي فشل في تعويض الاستثمار العام وقوة الصادرات. وهذا يجبر الحكومة على سن سياسات لدعم أسواق العقارات ومكافحة ديون الحكومات المحلية وتعزيز الطلب. ويشير التقرير إلى أن «تقلص عدد سكان الصين وارتفاع التوترات التجارية والتكنولوجية، إذا لم تتم معالجته، قد يقوض آفاق النمو في الأمد المتوسط».

وتوقعت الأمم المتحدة، في يناير (كانون الثاني) الماضي، أن يبلغ النمو الاقتصادي العالمي 2.4 في المائة في عام 2024. وقالت، يوم الخميس، إن المعدل كان من المقدَّر أن يصبح أعلى، عند 2.8 في المائة، ويظل كلا الرقمين أقل من معدل 3 في المائة الذي شهده العالم قبل بدء جائحة «كوفيد - 19»، في عام 2020.

ومن المرتقب أن ينتعش النمو الأوروبي هذا العام تدريجياً، بعد أداء أضعف من المتوقع في عام 2024. ومن المتوقَّع أن تنتعش اليابان من فترات الركود والركود شبه الكامل. ومن المتوقَّع أن تقود الهند توقعات قوية لجنوب آسيا، مع توقع نمو إقليمي بنسبة 5.7 في المائة في عام 2025، و6 في المائة في عام 2026. ويشير التقرير إلى أن توقعات النمو في الهند بنسبة 6.6 في المائة لعام 2025، مدعومة بنمو قوي في الاستهلاك الخاص والاستثمار.

ويقول التقرير: «كان الحدّ من الفقر العالمي على مدى السنوات الثلاثين الماضية مدفوعاً بالأداء الاقتصادي القوي. وكان هذا صحيحاً بشكل خاص في آسيا؛ حيث سمح النمو الاقتصادي السريع والتحول الهيكلي لدول، مثل الصين والهند وإندونيسيا، بتحقيق تخفيف للفقر غير مسبوق من حيث الحجم والنطاق».

وقال لي جون هوا، مدير قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية: «لقد تجنَّب الاقتصاد العالمي إلى حد كبير الانكماش واسع النطاق، على الرغم من الصدمات غير المسبوقة في السنوات القليلة الماضية، وأطول فترة من التشديد النقدي في التاريخ». ومع ذلك، حذر من أن «التعافي لا يزال مدفوعاً في المقام الأول بعدد قليل من الاقتصادات الكبيرة».