«جبهة النصرة» تشترط حذفها من قائمة الإرهاب مقابل الإفراج عن جنود «فيجي» المختطفين

طالبت بالإفراج عن مسؤول في تنظيم القاعدة محتجز لدى السلطات السورية

«جبهة النصرة» تشترط حذفها من قائمة الإرهاب مقابل الإفراج عن جنود «فيجي» المختطفين
TT

«جبهة النصرة» تشترط حذفها من قائمة الإرهاب مقابل الإفراج عن جنود «فيجي» المختطفين

«جبهة النصرة» تشترط حذفها من قائمة الإرهاب مقابل الإفراج عن جنود «فيجي» المختطفين

استمرت الاشتباكات العنيفة أمس في هضبة الجولان السورية المحتلة حيث سيطرت «جبهة النصرة»، الأسبوع الماضي، على معبر القنيطرة، فيما كشف الجيش الفيجي أمس، عن أن «جبهة النصرة»، تطالب بإخراجها من لائحة الأمم المتحدة للمنظمات الإرهابية، مقابل الإفراج عن عناصر الأمم المتحدة الفيجيين الـ44 الذين تحتجزهم منذ الخميس الماضي في هضبة الجولان السورية.
ولفت رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، إلى أن المنطقة شهدت اشتباكات متقطعة يوم أمس، تركزت في محيط بلدة الحميدية والمعبر، مشيرا إلى أن اختطاف العناصر يلقى استياء من قبل عدد من الفصائل المعارضة، عادين هذا الاعتقال لا يدخل ضمن أهدافهم، وقد خرجت مظاهرة في منطقة البريقة في الجولان المحرر، أمس مطالبة بالإفراج عنهم، ومستنكرة الاعتقال.
وصرح قائد الجيش الفيجي موزيسي، تيكويتوغا، بأن «النصرة» تطالب أيضا بإرسال مساعدات إنسانية إلى مدينة صغيرة ضمن معقلها بالقرب من دمشق وبدفع تعويضات مالية لـ3 من عناصرها أصيبوا بجروح في الأيام الأخيرة. وقال تيكويتوغا: «هذه هي المطالب الرسمية (لـ«جبهة النصرة») لقاء إطلاق سراح جنودنا»، موضحا أنه جرى نقل المطالب إلى الأمم المتحدة.
وأشارت الصحف الفيجية إلى أن الجبهة طالبت أيضا بالإفراج عن أبو مصعب السوري المعروف أيضا بـ«مصطفى ست مريم نصار» وهو مسؤول في تنظيم القاعدة اعتقل في باكستان في 2005 وتحتجزه السلطات السورية حاليا. ووصل فريق من مفاوضي الأمم المتحدة إلى هضبة الجولان قادمين من نيويورك، بحسب تيكويتوغا، مضيفا: «للأسف، لم نحرز أي تقدم. جنودنا موجودون في مكان سري، والمتمردون يرفضون أن يكشفوا عنه». وأشار إلى أن الخاطفين أكدوا أن الجنود بخير وأبعدوا عن مناطق المواجهات. وقال إن مقاتلي «جبهة النصرة» «أكدوا لنا مرة جديدة أن (الجنود الفيجيين) يلقون معاملة حسنة ويحصلون على الطعام وتؤمن لهم الحماية».
وكانت الجبهة تبنت الخميس خطف 44 جنديا من عناصر قوة الأمم المتحدة لفض الاشتباك في الجولان والمكلفة مراقبة وقف إطلاق النار بين إسرائيل وسوريا منذ 1975.
وفي بيان نقله مركز «سايت» الأميركي لمراقبة المواقع الإسلامية، قالت الجبهة إنها تحتجز الجنود «ردا على كل ما سبق من جرائم وتواطؤ للأمم المتحدة» مع النظام السوري الذي يشن حربا ضد مقاتلي المعارضة منذ أكثر من ثلاث سنوات. واحتجز الجنود إثر معارك بين الجيش ومجموعات مسلحة، من بينها «النصرة»، بالقرب من القنيطرة منزوعة السلاح وحيث تقوم القوات الدولية بمراقبتها. وكان عشرات الجنود الفلبينيين العاملين ضمن قوات الأمم المتحدة في الجولان، تمكنوا قبل يومين، من تنفيذ «عملية هروب كبرى» من مسلحي «النصرة» الذين كانوا يطوقون مركزهم.
وأول من أمس، طالب قائد الجيش الفلبيني بإخضاع قائد قوة الأمم المتحدة (أندوف) في الجولان للتحقيق، متهما إياه بأنه طلب من الجنود الفلبينيين الذين كانوا محاصرين في مركزهم، تسليم أسلحتهم للمعارضة، مقابل الإفراج عن المختطفين من «فيجي». وقال غريغوريو كتابنغ، لوكالة «أسوشييتد برس»: «أمرتهم بعدم الاستسلام ورفض الخضوع لأوامر قائد قوة الأمم المتحدة»، مشيرا إلى أن هذا الطلب قد يكون يهدف في المقابل إلى إطلاق سراح العناصر المختطفين من فيجي.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.