استبعد الجنرال قايد صالح قائد الجيش الجزائري، الحاكم الفعلي للبلاد، نهائياً أي طموح له في السلطة، بخلاف ما يقوله خصومه عنه. وفي غضون ذلك بدأت، أمس، محاكمة «البوشي» (الجزّار) في قضية «قناطير الكوكايين»، التي حجزها حرس السواحل بغرب البلاد في مايو (أيار) 2018.
وقال رئيس أركان الجيش أمس، أثناء وجوده بالمنشأة العسكرية بجنوب البلاد، التي يزورها منذ الأحد الماضي: «ليعلم الجميع أننا تعهدنا أكثر من مرة وبكل وضوح بأنه لا طموحات سياسية لنا سوى خدمة بلادنا، طبقاً لمهامنا الدستورية، ورؤيتها مزدهرة آمنة، وهو مبلغ غايتنا».
وسبق أن لمح صالح في خطابات سابقة إلى عدم رغبته في تولي رئاسة الجمهورية، غير أنه لأول مرة يقولها بهذا الوضوح. وهو بمثابة رد على أحزاب وناشطين في المعارضة ومجموعة من الصحف، يعيبون عليه «تدخله المفرط في السياسة»، و«تعنُّته في رفض مطالب الحراك»، خصوصاً ما تعلق برحيل رئيس الدولة ورئيس الوزراء المحسوبين على الرئيس السابق بوتفليقة. كما يتهمونه بـ«تطويع مؤسسات الدولة، خصوصاً القضاء، تمهيداً للسيطرة على الحكم بشكل كامل».
وأضاف صالح موضحاً: «لقد تعهدتُ شخصياً في كثير من المرات، أمام الله وأمام الوطن وأمام التاريخ، وهو قَسَم غليظ لن أتراجع عنه، احتراماً للدستور ولقوانين الجمهورية، بأن نفعل كل ما في وسعنا بكل صدق وأمانة، على المرافقة العقلانية المتسمة بالصدق والصراحة للشعب الجزائري في مسيراته السلمية الراشدة، ولجهود مؤسسات الدولة، ولجهاز العدالة».
في إشارة إلى تصريحات سابقة له، أكد فيها أن الجيش «هو ضمانة استمرار مؤسسات الدولة ومرافقتها خلال تنفيذ الحلول الدستورية»، التي تعني، ضمنياً، إجراء «رئاسية» في الرابع من يوليو (تموز) المقبل. لكنها مرفوضة بحدة شعبياً، ومن أحزاب المعارضة أيضاً. كما قال إنه سيكون ضمانة للقضاء في مهمة محاربة الفساد.
وعلق المحلل الكاتب الصحافي نجيب بلحيمر على تصريحات قائد الجيش، فقال: «قايد صالح تبرأ من أي طموح سياسي إلا خدمة البلاد. لكن «خدمة البلاد» كانت أيضاً مبرر بقاء بوتفليقة (في الحكم) رغم العجز والمرض!».
ومما جاء في خطاب صالح أيضاً أن الجيش «يدرك جيداً أن العوامل، التي توفر بوادر الارتياح لدى المواطنين، هي تحرر العدالة من كافة أشكال القيود والإملاءات والضغوطات، مما يسمح لها بممارسة مهامها بكل حرية، وبما يكفل لها وضع الأيدي على الجرح وتطهير البلاد من الفساد والمفسدين».
وبحسب صالح، فإن أبواق «العصابة» وأتباعها «تحاول تمييع هذا المسعى النبيل من خلال تغليط الرأي العام الوطني، بالادعاء أن محاسبة المفسدين ليست أولوية ولم يحن وقتها بعد، بل ينبغي الانتظار إلى غاية انتخاب رئيس جديد للجمهورية، الذي سيتولى محاسبة هؤلاء المفسدين»، مشدداً على الهدف الحقيقي من وراء ذلك هو «محاولة السعي بأشكال عديدة لتعطيل هذا المسعى الوطني الهام، كي تتمكن رؤوس العصابة وشركاؤها من التملص والإفلات من قبضة العدالة، ومن أجل ذلك حاولت أن تفرض وجودها ومخططاتها، إلا أن جهود الجيش وقيادته كانت لها بالمرصاد، وأفشلت هذه المؤامرات والدسائس، بفضل الحكمة والتبصر والإدراك العميق لمسار الأحداث واستشراف تطوراتها».
وتكررت كلمة «العصابة» في كل الخطابات السابقة لقائد الجيش، وهي إشارة إلى السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق، ومديري المخابرات سابقاً الجنرالين محمد مدين وبشير طرطاق، والثلاثة في السجن العسكري. لكن يبدو غريباً، حسب عدد من الملاحظين، أن صالح ظل يحذر من «خطورتهم»، على الرغم من أنه يتحكم في مصيرهم.
وفي سياق حملة مكافحة الفساد، مثل أمس كمال شيخي، رجل أعمال المعروف ب«البوشي» (الجزّار)، أمام محكمة الجنح بالعاصمة، للرد على تهم فساد مرتبطة بالعقار. وتلاحق نفس التهم 12 مسؤولاً بأجهزة حكومية لتسيير العقار، مكنوه من الاستيلاء على أراضٍ شاسعة للبناء، أقام بها عمارات وإقامات فاخرة، بغرض بيعها لمسؤولين بارزين مقابل تسهيلات ومزايا.
وتم تأجيل القضية إلى 12 من الشهر المقبل، بطلب من محاميه، وبحجة أن ملفه تنقصه عدة وثائق طالبوا بالاطلاع عليها. اعتقال شيخي منذ عام بعد حجز سفينة قادمة من البرازيل استأجرها لاستيراد أطنان من اللحوم الحمراء لفائدة الجيش. لكن تبين لاحقاً أن شحنة اللحوم كانت مرفقة بـ701 كيلوغرامات من الكوكايين، نفى شيخي أن تكون له. وأثناء التحقيق معه اكتشف جهاز الدرك أن رجل الأعمال متورط في فضائح عقار كبيرة.
7:49 دقيقة
قائد الجيش الجزائري «يتبرأ» من رغبته في الحكم
https://aawsat.com/home/article/1735481/%D9%82%D8%A7%D8%A6%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%B4-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1%D9%8A-%C2%AB%D9%8A%D8%AA%D8%A8%D8%B1%D8%A3%C2%BB-%D9%85%D9%86-%D8%B1%D8%BA%D8%A8%D8%AA%D9%87-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%85
قائد الجيش الجزائري «يتبرأ» من رغبته في الحكم
- الجزائر: بوعلام غمراسة
- الجزائر: بوعلام غمراسة
قائد الجيش الجزائري «يتبرأ» من رغبته في الحكم
مواضيع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة