سجال غربي ـ روسي حول استخدام «الكيماوي»

موسكو تتحدث عن خسائر كبرى للمسلحين في جنوب إدلب

TT

سجال غربي ـ روسي حول استخدام «الكيماوي»

تداخل التصعيد الميداني في محيط إدلب أمس، مع تأجيج السجال الروسي - الغربي حول استخدام السلاح الكيماوي في سوريا. وأعلنت موسكو عن عملية عسكرية واسعة في جنوب مدينة إدلب، وتحدثت عن قتل أكثر من 150 «إرهابيا» في مواجهات، في وقت حملت بقوة على اتهامات أميركية للنظام بالسعي لاستخدام أسلحة محرمة وتمسكت بروايتها التي تحمل الفصائل المعارضة السورية مسؤولية «التحضير لهجوم كيماوي».
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أن الجيش السوري خاض معركة واسعة النطاق أمس، في جنوب إدلب استمرت نحو أربع ساعات تمكن خلالها من قتل أكثر من 150 مسلحا من تنظيم «جبهة النصرة» ودمّر 3 دبابات و24 سيارة دفع رباعي فضلا عن 24 شاحنة نصف نقل محملة برشاشات ثقيلة، وسيارتين مفخختين يقودهما انتحاريون.
ولفت بيان أصدرته الوزارة إلى أن المعركة احتدمت بعد هجمات واسعة أطلقها المسلحون وزاد: «قامت المجموعات الإرهابية التابعة لـ(جبهة النصرة) بهجمات مكثفة على مواقع القوات الحكومية في اتجاه كفر نبودة وكفر الزيات باستخدام راجمات الصواريخ في الجزء الجنوبي من منطقة خفض التصعيد في إدلب منذ الأمس (أول من أمس) 21 مايو (أيار)»، موضحا أن القوات الحكومية «صدت صباح أمس، ثلاث هجمات مكثفة لمسلحي (جبهة النصرة) على كفر نبودة، شارك فيها ما يقرب من 500 مسلح، وسبع دبابات وأربع مركبات قتال مشاة ونحو 30 شاحنة نصف نقل مزودة برشاشات ثقيلة».
ونقلت وسائل إعلام حكومية روسية أن القوات النظامية نجحت في احتواء الهجوم وشنت هجوما مضادا على بعض النقاط التي تقدم إليها المسلحون بمحيط المدينة تزامنا مع غارات جوية من قبل الطيران الحربي السوري الروسي المشترك على خطوط إمداد المسلحين الخلفية في خان شيخون والهبيط والقصابية وعابدين.
وفي وقت سابق أعلنت وزارة الدفاع أن «مسلحي تنظيم (هيئة تحرير الشام) بدأوا هجوما كبيرا على مواقع الجيش السوري جنوب محافظة إدلب».
وقال فيكتور كوبتشيشين، رئيس المركز الروسي للمصالحة في سوريا إن مسلحي الفصائل المنضوية تحت لواء «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة) هاجموا مواقع القوات الحكومية في مساري الهبيط - كفر نبودة وكفر زيتا - الحماميات، باستخدام دبابات ومركبات مفخخة. وأضاف أن «وحدات الجيش تتصدى في الوقت الحالي لهجمات الإرهابيين المكثفة».
وتزامنت هذه التطورات مع تصعيد لهجة موسكو ضد اتهامات أميركية لدمشق بالسعي لاستخدام السلاح الكيماوي، وأعلن نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، أن واشنطن «تتجاهل بشكل متعمد المعلومات التي تقدمها موسكو حول أعداد الإرهابيين في سوريا لتنظيم استفزازات جديدة باستخدام المواد الكيماوية».
وزاد أن معلومات موسكو تشير إلى أن «المسلحين يقومون باستعدادات مستمرة لتنظيم استفزازات باستخدام المواد الكيماوية. ولا يرد زملاؤنا الأميركيون وحلفاؤهم على هذه المعلومات».
وكانت وزارة الخارجية الأميركية، أعلنت أول من أمس، أنها ترى إشارات على أن الحكومة السورية «ربما استأنفت استخدام الأسلحة الكيماوية، بما في ذلك الهجوم بالكلورين، في 19 مايو». وحذرت في بيان من أنه «إذا استخدمت الحكومة السورية الأسلحة الكيماوية، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها سيردون على نحو سريع ومناسب».
وأفادت بأن الولايات المتحدة لا تزال تراقب عن كثب العمليات العسكرية التي تقوم بها القوات السورية في شمال غربي سوريا، بما في ذلك أي إشارات إلى احتمال أن يكون السلاح الكيماوي استخدم في بلدة كباني في ريف اللاذقية. وكان مصدر عسكري سوري نفى صحة أنباء عن استخدام الجيش سلاحا كيماويا في بلدة كباني.
في المقابل، حذرت وزارة الدفاع الروسية، قبل أيام من أن «جبهة النصرة» تستعد للقيام باستفزازات بالقرب من مدينة سراقب في محافظة إدلب لاتهام القوات الجوية الروسية باستخدام مواد كيماوية ضد المدنيين. وزادت أنه «وفقا لمعلومات من سكان سراقب، تستعد جبهة النصرة في هذه المنطقة السكنية للقيام باستفزازات باستخدام مواد كيماوية سامة، وشظايا أسلحة روسية تم نقلها من مناطق أخرى في سوريا».
ونشرت قاعدة «حميميم» الروسية تفاصيل «آليات التحضير للاستفزاز الكيماوي». وأوضحت في بيان أن إفادات بعض المسلحين الذين تم أسرهم من قبل الجيش، دلت على أن «هيئة تحرير الشام» أنشأت لهذا الغرض «الفرع الكيماوي» الذي يترأسه القيادي الملقب بـ«أبو بصير البريطاني»، من فصيل «حراس الدين» المتصل بتنظيم «القاعدة». وتضم هذه الوحدة مسلحين وصلوا إلى سوريا من دول أوروبية ومن الجمهوريات السوفياتية السابقة.
وزاد أن «القسم الكيماوي» يقع في بلدة جسر الشغور في مبنى إحدى المنشآت الطبية المحلية، فيما تضم قرية اشتبرق (ريف إدلب)، التي يسيطر عليها وفقا للبيان الروسي مسلحو «الحزب الإسلامي التركستاني» مستودعا وورشة لتعبئة القذائف بمواد سامة. ولفت إلى أنه ضمن الاستعدادات ذاتها، تم تأسيس فريق طبي تدرب أعضاؤه في مدينة الرقة، تحت إشراف خبراء من الاستخبارات الأميركية، على إسعاف المصابين بمواد سامة.
أما المقر الرئيسي لـ«الفرع الكيماوي» المسؤول عن تخطيط العمليات وتنسيق تصوير الفيديوهات الدعائية، فهو يقع وفقا للمعطيات الروسية في مدينة إدلب. إلى ذلك، أعلن الكرملين أن الملف السوري وخصوصا الوضع حول إدلب كان محورا أساسيا في مناقشات أجراها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مع المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، ونظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، خلال اتصال هاتفي ثلاثي جرى الثلاثاء.
وأفاد بيان أصدرته الرئاسة الروسية عقب المكالمة الهاتفية بأن الزعماء أجروا «تبادلا مفصلا للآراء حول القضية السورية بما في ذلك، في ظل الانتهاكات المتعددة لنظام وقف الأعمال القتالية في إدلب من قبل التشكيلات المسلحة المتشددة». وزاد أن «الرئيس الروسي أبلغهما (ماكرون وميركل) بالإجراءات التي يتم اتخاذها بالتعاون مع تركيا لتحقيق استقرار الأوضاع في شمال غربي سوريا، وحماية السكان المدنيين والقضاء على التهديد الإرهابي».
موضحا أن الحديث «أولى اهتماما خاصا لآفاق تشكيل وإطلاق اللجنة الدستورية، بما في ذلك أخذا بعين الاعتبار الاتفاقات التي تم التوصل إليها خلال القمة الرباعية الروسية التركية الألمانية الفرنسية، التي انعقدت في أكتوبر (تشرين الأول) 2018 بمدينة إسطنبول».
واتفق الزعماء الثلاثة وفقا للبيان، على «مواصلة تنسيق الجهود الرامية إلى التسوية السياسية للأزمة السورية بناء على القرار رقم 2254 لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وبالتوافق مع مبادئ ضمان سيادة سوريا ووحدة أراضيها».



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.