تستقبل جنبات المسجد الحرام المصلين بروائح زكية طوال اليوم، يتولى موظفون في الرئاسة العامة للحرمين الشريفين توفيرها على مدار الساعة.
وحدة الطيب والبخور في «رئاسة الحرمين» متخصصة في تطييب الحجر الأسود والركن اليماني والملتزم خمس مرات يومياً بما يعادل 5 كيلوغرامات من أجود أنواع دهن العود، كما يتم تطييب أروقة المسجد الحرام وساحاته بشكل يومي بـ60 مبخرة من البخور الفاخر.
وقال الدكتور عدنان الحارثي عميد معهد المخطوطات وإحياء التراث الإسلامي لـ«الشرق الأوسط»: «للكعبة مكانة خاصة عند المسلمين، وبالتالي فإن العناية بالمسجد الحرام وما يرتبط به من مناسك، ظل أحد الأمور التي يهتم بها المسلمون على المستوى الخاص أو العام».
وأضاف أن معاوية بن أبي سفيان كان يطيب الكعبة في كل صلاة، وجعل لذلك وظيفة، وكان يبعث في شهر رجب من كل عام ما تحتاجه الكعبة من المجامر وأدوات التطييب. ولفت الحارثي إلى أن عبد الله بن الزبير كان يعتني أيضاً بتطييب الكعبة شخصياً، حتى أنه جعل لها في كل يوم رطلاً من الطيب وفي يوم الجمعة يجعل لها رطلين، واستمر الأمر فيما بعد ذلك حتى أن بعض الدول الإسلامية كانت تتعاهد هذا الموضوع وأصبح جزءاً من نفقاتها على الكعبة، فكان يأتي مع المحمل ما يفي بتطييب الكعبة من الخارج.
ومن ضمن اهتمام السعودية بالمسجد الحرام وتطييبه، أنشأت رئاسة شؤون الحرمين وحدة خاصة بالتطييب والبخور، مهمتها تطييب الكعبة بشكل دائم، وجزء من الأعمال المستمرة في الحرم الشريف تخصيص موظفين يومياً لتعطير الحجر الأسود والركن اليماني والملتزم خمس مرات يومياً بكمية تصل إلى خمسة كيلو غرامات من الطيب يومياً.
وأوضح الحارثي أن عملية تطييب الكعبة كانت تتم على طريقتين الأولى خارجي بشكل يومي ودائم وعبر العصور المختلفة كان يتم «تجمير» الكعبة، أي وضع البخور حولها مع الطائفين ودهانها بالطيب، أما الطريقة الثانية فيكون التطييب من الداخل وقت غسل الكعبة، وهذا الأمر حصل منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم حيث غسل الكعبة بنفسه ثم سار من بعده الخلفاء والملوك والولاة، وممن فعل ذلك من الملوك الملك عبد العزيز آل سعود الذي غسل الكعبة مرات عدة.
وأوضح الحارثي أن الترتيب لغسل الكعبة وتطييبها يتم بإشراف سدنة الكعبة من آل الشيبي الذين يفتحون الكعبة ويؤتى بمام زمزم وماء الورد والطيب وغيرها من الطيب لغسلها من الداخل مرتين في العام.
إلى ذلك، أكد الدكتور طلال البركاتي رئيس قسم التاريخ في جامعة أم القرى، أن العناية بالبيت الحرام وجنباته ازدهرت منذ صدر الإسلام ونالت قدراً كبيراً من اهتمامات الخلفاء والحكام المسلمين وذلك من حيث البناء والعمرة والتوسعة والكسوة والزخرفة، إضافة إلى التأثيث والنظافة والغسيل والتطييب، مشيراً إلى أن أول من قام بذلك بصورة منتظمة هو الخليفة معاوية بن أبي سفيان.
وأوضح البركاتي أن عبد الله بن الزبير كان يطيب الكعبة ويمسح ظاهرها وباطنها بالمسك والعنبر من أعلاها وأسفلها ويطيبها برطلين من الطيب يوم الجمعة، وكان عبد الملك بن مروان يرسل لها الطيب والمجمر وتعاقب بعده العباسيون وحتى العهد السعودي الذي يولي اهتماماً خاصاً بالحرمين الشريفين بأعداد كبيرة من المباخر والبخور على مدار الساعة.
وحدة خاصة لتطييب المسجد الحرام بأفضل أنواع العود والبخور
«شؤون الحرمين» تعطر الحجر الأسود والركن اليماني والملتزم خمس مرات يومياً\
وحدة خاصة لتطييب المسجد الحرام بأفضل أنواع العود والبخور
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة