تكريس خطب رمضان لحقوق المرأة في الهند

تتعلق بالعنف الأسري والمهر والتعليم والميراث

كشميري في ضريح شاه الحمدان خلال شهر رمضان المبارك في سريناغار الهندية (أ.ف.ب)
كشميري في ضريح شاه الحمدان خلال شهر رمضان المبارك في سريناغار الهندية (أ.ف.ب)
TT

تكريس خطب رمضان لحقوق المرأة في الهند

كشميري في ضريح شاه الحمدان خلال شهر رمضان المبارك في سريناغار الهندية (أ.ف.ب)
كشميري في ضريح شاه الحمدان خلال شهر رمضان المبارك في سريناغار الهندية (أ.ف.ب)

في خطوة نادرة من نوعها، تعهد رجال الدين المسلمون في كشمير بتكريس خطب رمضان إلى الحديث عن حقوق المرأة، وتناول قضايا مختلفة تتعلق بالمرأة منها العنف الأسري والعنف الجنسي والمهر والتعليم والميراث، بل وحتى المساحات المخصصة للنساء داخل المساجد.
كان «مجلس العلماء المتحد»، مجموعة مؤلفة من أكثر من 40 مفكراً ورجل دين من مدارس فقهية مختلفة داخل كشمير التي تنتمي غالبية سكانها للمسلمين، قد دعا إلى عقد مراجعات ذاتية للتصدي للشرور الاجتماعية التي تعانيها المرأة.
في هذا الصدد، قال ميرويز عمر فاروق، أحد أكبر مشايخ مساجد كشمير، وكذلك زعيم «مؤتمر الحرية» الذي يضم مجموعات انفصالية مختلفة داخل كشمير: «رمضان فرصة مثلى للشروع في هذا الأمر». تجدر الإشارة إلى أن فاروق ترأس اجتماع «مجلس العلماء المتحد» الذي جرى خلاله اتخاذ هذا القرار.
وشرح فاروق خلال مقابلة مع «الشرق الأوسط» عبر الهاتف أن «مجلس العلماء المتحد قرر استغلال كامل شهر رمضان في منح النساء (شعوراً بالأمان) من خلال توعيتهن بحقوقهن التي كفلها لهن الإسلام. والمعروف أنه خلال رمضان يلقي رجال الدين خطباً يومية ويبدي الناس استعداداً أكبر للإنصات. ونحن بحاجة لاستغلال هذه المناسبة لإنجاز أمر إيجابي».
وشدد فاروق على أن النساء يشكلن نصف سكان كشمير: «ومع هذا للأسف، خلال التجمعات الدينية، لا يظهر سوى الرجال سواء كان ذلك في صلاة الجمعة أو أي مناسبة دينية. هنا، النساء يتولين إعالة أسر ويعملن ويدرسن بالجامعات والمدارس، وهن بحاجة لقدر مناسب من الاهتمام». ويوجد تفاقم خطير في العنف الاجتماعي ضد المرأة.
وأشار فاروق إلى أنه خلال العام الماضي جرى الإبلاغ عما بين 1700 - 2000 قضية تتعلق بالنساء، تركزت في معظمها حول عنف أسري سببته خلافات حول المهر. وأكد أنه من الشائن للغاية أن يشهد العام الماضي 3360 قضية عنف جنسي واغتصاب، بجانب عشرات الحالات للتخلي عن أطفال رضع إناث في متنزهات وعلى جوانب الطرق. وأضاف أن أكثر عن 30 ألف فتاة ممن بلغن سن الزواج عاجزات عن الزواج بسبب حقيقة شائنة مفادها أنهن عاجزات عن دفع مهر والوفاء بمطالب تتعارض تماماً مع التعاليم الأساسية للإسلام.
وقال فاروق إن منح المرأة حقوقها في الميراث يشكل قضية أخرى لا يجري في إطارها تطبيق القواعد الإسلامية، ويتحمل العلماء مسؤولية توضيح قواعد الميراث وحقوق الملكية للنساء التي نص عليها الدين الإسلامي.
وشرح فاروق أنه من الضروري تناول مثل هذه القضايا لأن: «النساء يشكلن جزءاً مهماً من الحياة، ولأنه لا توجد تقاليد إسلامية تسمح بحدوث مثل هذه الأمور». وقال: «لدينا تجمعات ضخمة من المسلمين خلال رمضان ويجب أن نستغلها في نشر رسالة بإمكانها المعاونة في منع العنف الأسري، فهذه قضية تنخر في عظام مجتمعنا يوماً بعد آخر».
وأوضح أن محور تركيز المساجد خلال رمضان الجاري سيدور حول تشجيع «النساء على الحديث صراحة» عما يعانونه. وأضاف: «هناك نقص في الوعي في أوساط النساء، وهن على غير علم بحقوقهن».
وأوضح فاروق أن الحدث الدافع وراء الخطوة الأخيرة من جانب العلماء تمثل في تعرض امرأة لاغتصاب على يد والدها، الأمر الذي اتضح بعد انتحارها، علاوة على تعرض طفلة لا تتجاوز 3 أعوام للاغتصاب على يد جارها.
وقال فاروق: «كانت هذه الأحداث المدخل لهذا القرار. هناك أمور تحدث من حولنا ولا نتحدث عنها. وكان من المحزن أنه بعد الحادث لم يتناول أي رجل دين الأمر. لا يمكن أن نقبل بأن نكون جاهلين بمثل هذا الواقع ودفن رؤوسنا في الرمال مثل النعام، وإنما يجب أن نواجه هذه الأمور».
كانت مشاعر القلق قد تزايدت في الفترة الأخيرة بسبب وقوع زيادة كبيرة في أعداد حوادث العنف الأسري والاغتصاب التي يجري الإبلاغ عنها والتخلي عن رضيعات في مستشفيات أو على جوانب الطرق وتراجع معدلات مواليد الإناث داخل كشمير ذات الأغلبية المسلمة.
يذكر أن جامو وكشمير بها معدل مواليد يبلغ 883 أنثى مقابل كل ألف ذكر، ما يعتبر أقل كثيراً عن المتوسط الوطني الهندي البالغ 940 أنثى مقابل كل ألف ذكر، ويعتبر ذلك المعدل الأدنى على مستوى جميع الولايات الهندية.
من جانبهم، تعهد رجال الدين بتوفير مساحة أمام النساء للحديث عن مشكلاتهن. وقال فاروق: «لقد أخبرتهم أن أمامنا خيارين: إما أن تغلق أعيننا ونتصرف كأن شيئا لم يحدث وإما الوقوف في وجه هذه التحديات. وقد اتفق الجميع على أننا بحاجة للحديث عن الأمر».
وخلص اجتماع «مجلس العلماء المتحد» إلى ضرورة فتح أبواب المساجد أمام النساء، وإثارة قضية ميراث المرأة. وذكر فاروق أنه: «لدينا مساجدنا القديمة التي توجد بها مساحات منفصلة مخصصة للنساء، لكن المساجد الحديثة ليس بها هذا الأمر. أيضاً، لا تحصل النساء على حقوقهن في الميراث بعد الزواج. وهذه قضية خطيرة يجب تناولها».
وشرح فاروق أنه بعد رمضان ستتمثل الخطوة التالية في عمل رجال الدين على ضمان أقل استخدام ممكن لمكبرات الصوت بالمساجد. وذكر فاروق أن «رجال الدين أجمعوا على ضرورة قصر استخدام مكبرات الصوت على الأذان وخطبة الجمعة».
من ناحية أخرى، تكشف الإحصاءات الرسمية حدوث قفزة في معدلات الجرائم ضد النساء بنسبة 8 في المائة لتصل إلى 3 آلاف و168 حالة عام 2017 بدلاً عن ألفين و915 حالة العام السابق. وشدد ممثل «جمعية أهل الحديث»، مولانا محمد يعقوب بابا المدني على أنه سيجري اتخاذ جميع الخطوات الممكنة لضمان تراجع أعداد الجرائم ضد المرأة في كشمير. وقال: «نتحمل مسؤولية جماعية تجاه تناول القضايا التي تهم النساء في كشمير».
وجاءت ردود الأفعال تجاه التعهد الذي أطلقه «مجلس العلماء المتحد» بخصوص النساء في كشمير مختلطة. من ناحية، رحب البعض بالخطوة مؤكدين أنه حال تطبيقها على الوجه الصحيح، فإنها ستثير نقاشاً عاماً داخل المجتمع حول مدى تقبل النساء ككائنات مكافئة للرجال. من ناحية أخرى، رأى البعض الأمر برمته مجرد تصريحات جوفاء لا يوجد معنى حقيقي وراءها.
من ناحيتها، أظهرت نادية شافي، 28 عاماً، والتي تتولى تنظيم حملة «تقويض النظام الأبوي» داخل كشمير، قدراً من التفاؤل. وقالت: «ربما تكون هذه المرة الأولى التي يتحدث خلالها رجال الدين عن حقوق المرأة. فيما سبق كان كل حديثهم يدور حول الخطوات الواجب اتخاذها لتقييد حرية المرأة. وبالنظر إلى أن التعهد الذي أطلقوه سيجري تنفيذه في رمضان، فإني أنظر إلى الأمر باعتباره خطوة كبرى، وأتوقع أن يعزز هذا الحراك الوعي العام نظراً لامتلاك رجال الدين قدرة حقيقية على تغيير التوجه العام في المجتمع».
إلا أن آخرين اعتبروا الأمر مجرد تصريحات جوفاء، وحثوا القيادات المسلمة في المنطقة على التركيز على اتخاذ تغييرات ملموسة مثل إنهاء تعدد الزوجات وضمان حصول النساء على حقوق متكافئة في الميراث.
وقالت خير النساء أغا، الناشطة بمجال حقوق المرأة والطفل: «أرى الأمر مجرد شعارات. لو كانوا محقين، فليضعوا خريطة طريق للتعامل مع قضايا المرأة. مجرد الحديث لا يكفي، وإنما يجب القضاء على الفكر الذي جعل النساء عرضة للعنف الاجتماعي».



فعاليات ثقافية وتراثية تستقبل العيد في السعودية

تجمع ساحة قصر المصمك أهالي الرياض للاحتفالات في كل المناسبات (واس)
تجمع ساحة قصر المصمك أهالي الرياض للاحتفالات في كل المناسبات (واس)
TT

فعاليات ثقافية وتراثية تستقبل العيد في السعودية

تجمع ساحة قصر المصمك أهالي الرياض للاحتفالات في كل المناسبات (واس)
تجمع ساحة قصر المصمك أهالي الرياض للاحتفالات في كل المناسبات (واس)

احتفالات تحيي الموروث وتسترجع التاريخ وتعزز من الثقافة المحلية تقيمها وزارة الثقافة في عدد من المدن السعودية بمناسبة عيد الفطر، لإبراز ثقافة المجتمع السعودي، والعادات الاحتفالية الأصيلة المرتبطة به، وتجسيدها في قوالب إبداعية تستهدف جميع شرائح المجتمع.
«حي العيد» أحد هذا الاحتفالات التي تقيمها «الثقافة» في الرياض بدعمٍ من برنامج جودة الحياة - أحد برامج تحقيق «رؤية السعودية 2030» - حيث تقام في 3 مواقع بالمدينة، هي: ساحة المصمك، وسوق الزل، وشارع السويلم، وهي مناطق اعتاد سكان الرياض على التردد عليها؛ كونها تمثل جزءاً مهماً من تاريخ مدينتهم.
وأعدت الوزارة المهرجان بأسلوبٍ مميز يأخذ الزائر في رحلة ثقافية إبداعية تعكس عادات المجتمع السعودي بهذه المناسبة، تبدأ بمنطقة «عيدنا في البيت الكبير» التي تقدم طابع البيوت السعودية المفعمة بالحب والمودة، وممرات العيد التي تشهد «مسيرة العيد» لتُدخِل البهجة على قلوب الزوار، وتنشر الفرحة بينهم بأجوائها العائلية.

يهتم أهالي الطائف بوردهم بشكل كبير ويقيمون له مهرجاناً كل عام للاحتفال به  (واس)

لتنتقل الرحلة بعدها إلى منطقة «عيدنا في جمعتنا»، وهي عبارة عن ساحة خارجية تحتوي على جلسات مميزة بطابع المهرجان متضمنة عدة أنشطة، وهي حوامة العيد التي تقام في شارع السويلم 3 مرات باليوم وتوزع خلالها الحلوى؛ لتُحاكي في مشهدٍ تمثيلي عادة الحوامة القديمة في نجد، بحيث كان الأطفال يحومون انطلاقاً من مسجد الحي، ومروراً بالبيوت، منشدين خلالها أهازيج مختلفة مرتبطة بهذه المناسبة السعيدة.
وفي شمال السعودية، تقيم الوزارة مهرجان «أرض الخزامى» في نسخته الأولى بالتزامن مع العيد ولمدة 15 يوماً في مدينتي سكاكا، ودومة الجندل في منطقة الجوف، لإبراز التاريخ العريق للمنطقة والاحتفاء بعادات وتقاليد سكانها.
وسيتم إحياء المناطق المفتوحة حول قلعة زعبل بمعارض فنية مفتوحة بمشاركة فنانين من المنطقة ومن مختلف مناطق المملكة، إلى جانب إحياء شوارع القلعة بالألعاب الشعبية التي تُقدَّم بمشاركة أطفال المنطقة، كما ستوضع منصات لكبار السن لرواية قصص عن قلعة زعبل على المستوى الاجتماعي والنهضة التي تمت خلال المائة عام السابقة، التي أثرت بشكل عام على المنطقة.
كما سيوفر المهرجان فرصة التخييم للزوار ضمن أنشطة ثقافية مختلفة تتضمن السرد القصصي، والفنون الأدائية، والطهي الحي، في الوقت الذي سيقدم فيه شارع الفنون الشعبية كرنفالاً من الخزامى، يحوي مناطق لصناعة الزيتون وصناعات السدو.
وتحتضن بحيرة دومة الجندل عدة فعاليات، تشمل مقهى حديقة اللافندر، ومنطقة نزهة الخزامى، وسوق الخزامى لبيع مختلف المنتجات المستخلصة من نبتة الخزامى، وكذلك منطقة مخصصة لورش العمل التي تتناول صناعة مختلف منتجات الخزامى، والتعريف بها، وكيفية زراعتها.
كما يستضيف المسرح في مناطق المهرجان عروضاً موسيقية وأدائية لاستعراض تراث الخزامى في منطقة الجوف، والمعزوفات المختلفة باستخدام الناي والطبول والدفوف، إضافة إلى العديد من الأمسيات الشعرية التي ستستضيف نخبة من الشعراء.
وتسعى وزارة الثقافة إلى جعل مهرجان «أرض الخزامى» واحداً من أهم 10 مهرجانات ثقافية، عبر تقديم فعاليات بقوالب مبتكرة ومستوى عالمي، مع تأصيل التراث المادي وغير المادي، بما يضمن تغطية جميع الجوانب الثقافية، والتراثية، والإبداعية للمنطقة، مع إشراك الأهالي من ممارسين، ومثقفين، ومهتمين، في أنشطة المهرجان الرامية إلى إبراز نبتة الخزامى بوصفها هوية حضارية تمتاز بها المنطقة.
وفي غرب السعودية، تبدأ الوزارة بمهرجان «طائف الورد» الذي يهدف إلى تعزيز الهوية الثقافية للمدينة وإبراز مكتسباتها الطبيعية والتاريخية ونشر ثقافة أهاليها وتسليط الضوء على الورد الطائفي وأهميته.
ويصاحب المهرجان مسيرة استعراضية للورد، تضم مؤدِّين، ومركبات مزينة بالورود، ومجسمات ضخمة تعكس هوية المهرجان بالورود تجوب شوارع مدينة الطائف، وصولاً إلى متنزه الردف حيث تقام هناك فعاليات «جبل الورد»، ومعرض «ترانيم الورد»، و«سوق الورد».
وسيكون رواد الأعمال، والشركات المحلية والعالمية، والمنتجون المحليون والمزارعون، على موعد مع ملتقى «مهرجان طائف الورد» الذي يمثل منصة تجمع المزارعين مع رواد العلامات التجارية العالمية، مما يوجِد فرصاً استثمارية، واتفاقيات تعاون كُبرى مع العلامات التجارية العالمية؛ ليكون ورد الطائف ضمن أعمالهم المعتمدة.
وتأتي في مقدمة أنشطة متنزه الردف فعالية جبل الورد التي تعكس قصة ساحرة عبر عرض ضوئي على الجبل وممر الانطباعية الذي يعيد إحياء أعمال فنية بمشاركة فنانين محليين، كما يضم متنزه الردف، سوق الورد المتضمنة مجموعة من الأكشاك المصممة بطريقة عصرية تتلاءم مع طبيعة المهرجان؛ دعماً للعلامات التجارية المحلية والأسر المنتجة التي تحوي منتجاتهم مواد مصنوعة من الورد الطائفي، فيما يستضيف المسرح مجموعة من الفنانين، محليين وعالميين، وتقام عليه عدة عروض فنية وموسيقية ومسرحية تستهدف الأطفال والعائلات وأيضاً الشباب.
وعلى جانب آخر من متنزه الردف، تقام فعالية «الطعام والورد»، بمشاركة نخبة من الطهاة المحليين في أنشطة متخصصة للطهي، بهدف تعزيز المنتجات المستخلصة من الورد الطائفي في الطبخ وتعريفها للعالم، كما خصص مهرجان «ورد الطائف» منطقة للأطفال في متنزه الردف، صُمّمت بناءً على مبادئ التعليم بالترفيه، حيث يشارك المعهد الملكي للفنون التقليدية بمتنزه الردف بورشتي عمل، من خلال حفر نقوش الورد على الجبس، وتشكيل الورد بالخوص في الوقت الذي يقدم «شارع النور» رحلة ثقافية وعروضاً فنية حية تقام على امتداد الشارع بمشاركة فنانين محليين.
وتسعى وزارة الثقافة من خلال تنظيم مهرجان «طائف الورد» إلى إبراز مقومات الطائف الثقافية، والترويج لمنتجاتها الزراعية، وأبرزها الورد الطائفي، والاحتفاء بتاريخها وتراثها بشكلٍ عام، مما يعزز من قيمتها بوصفها وجهة ثقافية جاذبة.