سجال بين السلطة الفلسطينية والإدارة الأميركية

البحرين تؤكد دعمها للفلسطينيين... ورجال أعمال يعتذرون عن {الورشة الاقتصادية}

طفلان داخل كشك على شاطئ غزة (أ.ب)
طفلان داخل كشك على شاطئ غزة (أ.ب)
TT

سجال بين السلطة الفلسطينية والإدارة الأميركية

طفلان داخل كشك على شاطئ غزة (أ.ب)
طفلان داخل كشك على شاطئ غزة (أ.ب)

هاجم مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب للشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، السلطة الفلسطينية بعد إعلان مسؤولين فلسطينيين أن السلطة لن تشارك في ورشة العمل الاقتصادية في البحرين التي دعت إليها الولايات المتحدة لمعالجة قضايا اقتصادية كجزء من خطة صفقة القرن.
وقال غرينبلات: «من الصعب أن نفهم لماذا ترفض السلطة الفلسطينية ورشة عمل صُممت لمناقشة رؤيا مع إمكانية لتغيير جذري لحياة الناس ووضع الناس على طريق نحو مستقبل أكثر إشراقاً». وأضاف المبعوث الأميركي، أن «التاريخ سيحاكم السلطة الفلسطينية بقسوة لتضييعها فرصة يمكنها أن تعطي الفلسطينيين شيئاً مختلفاً جداً، وشيئاً إيجابياً جداً، مقارنة بما لديهم اليوم».
وجاء انتقاد غرينبلات رداً على إعلان رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتيه ومسؤولين آخرين بأن السلطة لن تشارك في المؤتمر الذي لم تستشر حوله؛ لأن أي حل اقتصادي يجب أن يكون نتيجة للحل السياسي. ورد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، على غرينبلات مستغرباً من استغرابه حيال الموقف الفلسطيني ومفنداً أسباب الرفض. وقال عريقات إنه «تم تنفيذ الجانب السياسي من الصفقة الأميركية، بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة، ثم إسقاط ملف اللاجئين، ثم إسقاط حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره (قانون القومية العنصري)، وإغلاق مفوضية منظمة التحرير في واشنطن، وإغلاق قنصلية أميركا في القدس، إضافة إلى إسقاط مصطلح (محتلة)، ناهيك عن قطع كل المساعدات، واعتبار الاستيطان شرعياً، والموافقة على ضم أجزاء كبيرة من الضفة».
وأضاف: «بعد ذلك يأتون الآن لعقد الصفقة من أجل تحديد الثمن الذي سيدفع للقدس والمسجد الأقصى وكنيسة القيامة؟». وأردف بأن «الجانب الفلسطيني سوف يرفض بالتأكيد».
وفيما يبدو رداً على الانتقادات الفلسطينية المتواصلة، أكدت البحرين أمس على دعمها المبدئي للقضية الفلسطينية. وشدد وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة في بيان على «موقف مملكة البحرين الداعم للقضية الفلسطينية وتطلعات الشعب الفلسطيني الشقيق».
وقال إن بلاده «ستقف بجانب كافة المساعي التي من شأنها أن تؤدي إلى الاستثمار في البنية التحتية والمرافق المطلوبة لتنمية الضفة الغربية وقطاع غزة، وتمكين الشعب الفلسطيني الشقيق من الازدهار». وأضاف: «إن الشعب الفلسطيني عزيز علينا جميعاً، وله مكانة كبيرة في نفوسنا، ونتمنى له دوماً العيش باستقرار وأمن بما يمكّنه من تحقيق تطلعاته».
وتستضيف البحرين ورشة عمل في المنامة يومي 25 و26 يونيو (حزيران) سيحضرها وزراء مالية الدول المعنية ومسؤولون تنفيذيون بقطاع الأعمال من أوروبا والشرق الأوسط وآسيا. وجاء في بيان أميركي - بحريني مشترك، أن ورشة العمل هذه «هي فرصة كبيرة لجمع الحكومة، المجتمع المدني، وقادة الأعمال لمشاركة أفكار، تباحث استراتيجيات، وبلورة الدعم للاستثمارات والمبادرات الاقتصادية المحتملة التي يمكن أن تتمكن نتيجة اتفاق سلام».
ويخطط مستشارو الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإعلان الشق الأول من خطتهم المنتظرة لحل النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني في هذا المؤتمر، وهو شق اقتصادي بحت، وسط تسريبات حول تأجيل طرح الصفقة بشكلها السياسي. ولم تكشف واشنطن بعد عن أهم النقاط في «صفقة القرن» المتعلقة بمسائل الحدود والقدس والأمن، وما إذا كان ستتضمن الخطة الأميركية إقامة دولة فلسطينية مستقلة. ويعتقد مسؤولون فلسطينيون وإسرائيليون أن الخطة السياسية قد لا ترى النور.
وقال موقع «واللا» الإسرائيلي إنه لم توافق أي دولة عربية كبيرة على الانضمام إلى الصفقة الأميركية. وصرح مسؤول فلسطيني للموقع: «في الوقت الحالي، يضطر الأميركيون إلى التعامل مع الجوانب الاقتصادية، لأن الخطة ليس لها موطئ قدم في العالم العربي».
وفي حين تستعد إسرائيل للمشاركة في ورشة العمل، لم يتضح شكل المشاركة الفلسطينية. وفي محاولة لتجنب غياب الفلسطينيين، وجهت الولايات المتحدة الدعوة لرجال أعمل فلسطينيين من أجل الحضور. لكن يعتقد أن يتجنب كثير منهم ذلك بسبب الموقف الفلسطيني الرسمي. وكانت السلطة هددت بشكل ضمني أي فلسطيني سيشارك، واتهم مجدلاني أي فلسطيني مشارك في المؤتمر بأنه عميل للأميركيين والإسرائيليين.
وأعلن رجل الأعمال الفلسطيني بشار المصري مؤسس مدينة «روابي»، وهي أول مدينة فلسطينية نموذجية يتم تصميمها في الضفة الغربية، رفضه دعوة للحديث أمام مؤتمر المنامة، وقال إنه لن يشارك فيه.
وقال المصري على «فيسبوك»: «لقد وُجهت لي دعوة للحديث بما يسمى مؤتمر (السلام من أجل الازدهار) في المنامة، كما متوقع توجيهها للكثير من الشخصيات الفلسطينية في مجال الاقتصاد والسياسة، لكنني لن أشارك في هذا المؤتمر، ولن يشارك فيه أي ممثل عن شركاتنا أو في أي من نتائجه وتوابعه».
وأضاف: «من جديد نؤكد موقفنا الواضح: لن نتعامل مع أي حدث خارج عن الإجماع الوطني الفلسطيني». وتابع: «نحن الفلسطينيين قادرون على النهوض باقتصادنا بعيداً عن التدخلات الخارجية. إن فكرة السلام الاقتصادي فكرة قديمة يتم طرحها الآن بشكل مختلف، وكما رفضها شعبنا سابقاً نرفضها الآن».
أما في إسرائيل فيستعد وزير المالية موشيه كحلون للمشاركة.
وقال مسؤول إسرائيلي بارز، إن الإدارة الأميركية وجهت إلى إسرائيل دعوة رسمية للمشاركة في المؤتمر المزمع عقده في البحرين الشهر المقبل. وأكد الناطق باسم حزب كحلون عمري شينفيلد، أنه ينوي المشاركة في ورشة العمل الاقتصادية للسلام.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.